الناصرة: جرحى غزيون يتحدثون لـ"عرب 48" عن حجم الدمار والمعاناة

يتواصل مشهد اللجوء في غزة في ظل العدوان الذي استهدف المدنيين، غارات جوية للسلاح الحربي يليها أصوات انفجارات، دمار شامل للمناطق المأهولة بالسكان رائحة الدم تفوح بالمدينة.

الناصرة: جرحى غزيون يتحدثون لـ

ضحايا العدوان وجرحى من غزة يتلقون العلاج بالمستشفى الإنجليزي بالناصرة

"لسنا بحاجة إلى مال أو طعام، نحن شعب يريد الحرية والاستقلال، إحنا شعب بدو يرتاح، بدنا دعم معنوي من الدول العربية".
بهذه الكلمات، بدأت السيدة رحمة محمد رشيد بيك، والدة المصابة منال جعفر، من قطاع غزة، التي شردها العدوان العسكري الإسرائيلي أسوة بأهالي غزة، لكن العائلة مع العديد من الجرحى والضحايا، عادت إلى الداخل الفلسطيني تلملم جراحها وتسردت معاناتها والكارثة الإنسانية التي تعيشها غزة بمواصلة العدوان وأحكام الحصار، لتحط بها رحلة العذاب والترحال إلى مدينة الناصرة لتلقي العلاج في المستشفى الانجليزي.

وتحدثت  الوالدة رحمة، إلى موقع "عرب 48" وقالت "أسكن في حي رضوان، وبناتي التسعة متواجدات معي بالمنزل، فليس لديهن بيوت، فمنازل عائلات بناتي تهدمت جراء القصف الإسرائيلي لقطاع غزة،  صدمت عندما علمت بقصف منزل ابنتي منال في معسكر جباليا، ذهبت لهناك، لكن استغرق وصولي لمخيم جباليا يومين  بسبب شدة القصف، واكتشفت أن منزلها ردم والعائلة أصيبت جراء القصف، همت على وجهي إلى مستشفى كمال عدوان حيث تواجدت ابنتي وعائلتها  لتلقي العلاج، لكن الكارثة كانت عندما علمت أن اطفال ابنتي استشهدوا".

شكرت أم خالد إدارة مستشفى الإنجليزي في الناصرة، على حسن الاستقبال والمعاملة الجيدة، واشادت بالقدرة المهنية للأطباء في العلاج

واثنت أم خالد على الطاقم  الطبي والأطباء في مستشفى كمال عدوان ووصفتهم بالأبطال، ولكن أكدت أن "ليس لديهم أية إمكانية طبية، خاصة مع نفاد الأدوية والمعدات الطبية اللازمة لعلاج المصابين والجرحى، من الصعب جداً أن يقدم الأطباء في المستشفى العلاج دون المستلزمات. ابنتي منال أخضعت لعملية جراحية بعد إصابتها بقذيفة في جميع أنحاء جسمهاـ وتحتاج لعمليات جراحية إضافية وقالت لي إدارة المستشفى أنهم سيقومون بتحويلنا  لدولة مصر لمعالجتها هناك، ولكنني رفضت ذلك كون النظام المصري الجديد لا يمت بصلة للعروبة ولا يعتبر دولة عربية شقيقة، عندها تم إرسالنا إلى مستشفى الناصرة".

بدورها، شكرت أم خالد إدارة مستشفى الإنجليزي في الناصرة على حسن الاستقبال والمعاملة الجيدة، وأشادت بالقدرة المهنية للأطباء في العلاج، كما وشددت أم خالد على  الحفاوة وحسن استقبال العرب الفلسطينيين في الداخل لهم، عبر مساعدتهم ومساندتهم والزيارات  للعائلات والجرحى في المستشفى.

دمار شامل، جرحى وضحايا واشلاء جثث متناثرة في الشوارع وبين الانقاض

أما الفتى رجب مسعود، من مخيم جباليا، الذي يخضع للعلاج في المستشفى بالناصرة، وذلك بعد أصيب برجليه جراء سقوط قذائف مدفعية على منازل الحي، سرد لموقع "عرب 48" اللحظات الحاسمة لمئات العائلات، وتحدث بالقول: "في الأيام الأخيرة من شهر رمضان ساعات قبل موعد السحور، كغيري من السكان نعيش لحظات خوف ورعب على أصوات القصف والمدفعية، الغالبية تتمركز قرب المنازل خوفا من قصفها، فجأة تعرض الحي لقصف عشوائي أوقع عشرات الضحايا من شهداء وجرحى، ونقلت إلى مشفى الشفاء وقدمت لي الإسعافات الأولية، لكن المشفى يعاني الاكتظاظ وشح الأدوية ومعدات العلاج، فنقلت كغيري من الجرحى إلى مستشفيات القدس ومن ثم حولت إلى مستشفى الانجليزي في الناصرة".

وأضاف مسعود قائلاً : "ما شهدناه في قطاع غزة جراء القصف والعمليات العسكرية، لم يشهده أي شعب، دمار شامل جرحى وضحايا وأشلاء جثث متناثرة في الشوارع وبين الأنقاض، لجوء وتشريد لآلاف العائلات التي تعيش الخوف وهواجس الصواريخ والقصف على مدارالساعة، لا يوجد أي بقعة في غزة آمنة، حرمنا من رمضان وسلبت منا فرحة العيد ونعيش كارثة إنسانية... ما يخف عنا هي التفاف الشعبي الفلسطيني في كل أمكن تواجده حول غزة وخاصة أهلنا في أراضي الـ 48، حيث نقدر موقفهم البطولي معنا في كل المجالات الطبية والاغاثية والسياسية".

استقبال إخواننا في مدينة الناصرة أراحنا نفسيا، كونهم يدعموننا ويساندوننا في قضيتنا التي هي قضية واحدة

ويتواصل مشهد اللجوء في غزة بظل العدوان الذي استهدف المدنيين والمنشآت الشعبية والإنسانية والبنى التحتية والمساجد والمدارس. غارات جوية للسلاح الحربي يليها أصوات انفجارات، دمار شامل للمناطق المأهولة بالسكان، رائحة الدم تفوح في المكان.

يقول الحاج محمد عبد الله، "أبو الحسن "، الذي يلازم ابنته الجريحة أمل في مستشفى الناصرة: "لقد كانت ابنتي وحفيدتي وزوجتي، ضحايا للعدوان يوم جرى قصف بيتي في غزة، شردنا بين المستشفيات لتلقي العلاج، مشافي غزة تعاني النقص بالمعدات ومهددة بالانهيار لانعدام المعدات الطبية والدوية".

ويعاني أفراد الحاج أبو الحسن من جراح متفاوتة. حفيدته تعاني جراح بالغة الخطورة وتتعالج في مشفى في غزة، فيما إصابة زوجته بليغة وتتلقى العلاج في مستشفى الشفاء ولا يعرف ما حل بها، فهو يرافق ابنته أمل البالغة من العمر 32 عاما، في رحلة العلاج في الناصرة، فعائلته شردت من المنزل بعد تدميره بالقصف، ولجأت إلى مدرسة تابعة للأونروا بغرض الحماية، لكن القصف طال المدارس واستهدف المدنيين العزل.

وعن الاستقبال لفلسطينيي 48 للجرحى من غزة والعلاج في الناصرة، قال أبو الحسن: " ما رأيناه حتى الآن هو خير دليل على أننا ما زلنا وسنبقى شعب واحد، استقبال إخواننا في مدينة الناصرة أراحنا نفسيا، كونهم يدعموننا ويساندوننا في قضيتنا التي هي قضية واحدة ، لقد جاءت النائبة حنين زعبي إلى المستشفى لزيارتنا والاطمئنان على أحوالنا، وأشكر أيضاً أطباء المستشفى فهم خير الأطباء، يهتمون بنا جيداً ويساعدوننا قدر الإمكان، وأثني على إدارة المستشفى التي استقبلتنا هنا واهتمت بنا".

 

التعليقات