العمل التطوعي بين تطوير المجتمع والدوافع الذاتية

لا تنحصر قيمة العمل التطوعي في الجهد أو الوقت أو المال الذي يبذله الإنسان بصفة اختيارية في خدمة مجتمعه دون انتظار عائد مادي

العمل التطوعي بين تطوير المجتمع والدوافع الذاتية

حركة حاملات الطيب التابعة لكنيسة القديسة بربارة في البعنة كخلية نحل

لا تنحصر قيمة العمل التطوعي في الجهد أو الوقت أو المال الذي يبذله الإنسان بصفة اختيارية في خدمة مجتمعه دون انتظار عائد مادي، ولعل انعكاساتها تفوح طيبا في حياتنا اليومية ورسخ قيم التكافل الاجتماعي والتشبيك بين مختلف شرائح المجتمع.

الهدف من العمل التطوعي هو تطوير المجتمع بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة رئيسية على الرغبة والدافع الذاتي.

وتقول رئيسة حاملات الطيب في قرية البعنة، المربية جولييت بولص، لـ'عرب 48' إن 'مجتمعنا يحتاج تكافلا وعملا طوعيا بمعنى ممارسة إنسانية وسلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة، ولا يبغي منه أي مردود مادي. ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية، وغايته لا تقتصر فقط على المساعدات المادية، بل يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلك من الأمور الاجتماعية التي تهم الإنسان بصورة عامة، كالحفاظ على البيئة والاهتمام بالثقافة والتعليم والصحة ورفع مستوى المواطنين مادياً ومعنوياً ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة'.

طرود غذائية في رمضان وراحة نفسية كبيرة
 
وتتابع المربية بولص: 'لا أستطيع وصف السعادة والراحة النفسية والطمأنينة التي نشعر بها ونحن نقوم بتوزيع الطرود الغذائية لعائلات وأسر في قريتنا خلال هذه الأيام من شهر رمضان الكريم، فقد رأينا أن هنالك حاجة ماسة لهذا المشروع بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية لدى بعض الأسر والعائلات. طبعا هذا بالإضافة إلى مشاريع نقوم بها في مجموعة حاملات الطيب البعناوية والتي تضم نحو 30 سيدة،  وخاصة مشروعنا الكبير البازار الخيري الذي نظمناه مؤخرا في قاعة كنيسة القديسة بربارة بالقرية حيث عرضنا المنتوجات والأغراض المختلفة بأسعار شعبية ورمزية وذلك للتوفير والمساهمة بتمكين رب العائلة بالتزود بأكبر كمية ممكنة لعائلته'.

وأضافت: 'لم نكن نتوقع هذه المشاركة من مختلف أحياء وحارات القرية والشخصيات التمثيلية من رئيس وأعضاء مجلس محلي ومشايخ ورجال دين وقوى وطنية. وعبر الرجال والنساء عن إعجابهم بالبازار الذي عرضنا فيه معجنات مختلفة وحلويات متعددة من صنع نساء حاملات الطيب وأشغال يدوية وتراثية، شغل صوف، شالات، إكسسوارات، شموع وزينة لعيد الشعانين، أيقونات ومسابح، مخللات، زيتون، عسل طبيعي، وأقمنا زاوية هدايا لعيد الأم وملابس لكل العائلة والعديد من الأشغال اليدوية المختلفة'.

أهمية التطوع في أهمية الدور الذي يلعبه في بناء المجتمعات وتطورها

وترى المربية بولص أن أهمية التطوع في أهمية الدور الذي يلعبه في بناء المجتمعات وتطورها، فهو الركن الرئيس في قيام الجمعيات الأهلية ومنظمات التنمية الاجتماعية.

وتقول: 'تعمل نساء حركة حاملات الطيب التابعة لكنيسة القديسة بربارة في قرية البعنة كخلية نحل، بجهد ومثابرة، في مختلف مشاريعها وأعمالها ويعود ريعها للأهداف الإنسانية والخيرية في القرية'.

وتضيف: 'تحظى حاملات الطيب بثقة وتقدير أهالي القرية بسبب نشاطها الاجتماعي والخيري الدائم ونشر المحبة وروح العطاء والانتماء. نحن نساء متطوعات نعمل من أجل صالح المجتمع العام في البعنة والمجتمع العربي عامة حيث نقوم بالفعاليات الاجتماعية والثقافية وكسر الحواجز بالمجتمع والتعرف على الآخر لأن الإنسان أخ الإنسان وكلنا أبناء بلد واحد وشعب واحد. نعمل على نشر المحبة والتآخي بين الجميع. ومقر لقاء نساء حاملات الطيب هو في  قاعة المرحوم عبد الله بولص في كنيسة القديسة بربارة للروم الأرثوذكس ونجتمعن أسبوعيا بلقاء أخوي ونشارك بالفعاليات العديدة منها الاجتماعية والرسمية في القرية وكذلك على الساحة القطرية بالمجتمع العام. كما أننا ننظم الرحلات الهادفة للتعرف على التاريخ من خلال زيارة أماكن مقدسة وتاريخية والرحل الترفيهية وزيارة حركات نسائية أخرى'.

علاقات وتواصل

وتؤكد المربية بولص أن 'حركة حاملات الطيب تعمل بعلاقة رائعة وتواصل دائم مع جمعية رفيقات درب بالقرية والتي تقودها الحاجة سهام تيتي، وتتلقى جمعيتنا الدعم المعنوي الدائم من المجلس المحلي وإدارته، وتلمس التقدير من أبناء القرية ومؤسساتها جميعا. وتعمل حاملات الطيب على تعريف أبناء القرية على الفنانين والموهوبين من أبنائها وذلك من خلال عرض منتوجاتهم وأشغالهم اليدوية والحرفية'. وتشير إلى 'إننا في حاملات الطيب يهمنا تقوية النسيج الاجتماعي وتعزيز العلاقات الطيبة بين الأهالي ومحاربة الآفات والمظاهر السلبية في القرية'.

وترى أن'العمل التطوعي في مجتمعنا تحول إلى ركيزة أساسية في بنائه ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع، والعمل التطوعي ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجموعات البشرية منذ الأزل، ولكنه يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع إلى آخر، ومن فترة زمنية إلى أخرى، فمن حيث الحجم يقل في فترات الاستقرار والهدوء، ويزيد في أوقات الكوارث والنكبات والحروب، ومن حيث الشكل فقد يكون جهداً يدوياً أو مهنياً أو تبرعاً بالمال أو غير ذلك، ومن حيث الاتجاه فقد يكون تلقائياً أو موجهاً من قبل مؤسسات أو جمعيات في أنشطة اجتماعية أو تعليمية أو تنموية، ومن حيث دوافعه فقد تكون دوافع نفسية أو اجتماعية أو سياسية أو غيرها'.

التعليقات