"رايتس ووتش": سياسيات إسرائيل التمييزية بالأراضي تحاصر البلدات العربية

أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، تقريرا بعنوان "إسرائيل: سياسات الأراضي التمييزية تحصر الفلسطينيين بالداخل"، استرعضت من خلالها سياسيات مصادرة الأراضي وعدم توسيع مسطحات النفوذ للبلدات العربية وعدم المصادقة على الخرائط الهيكلية للبلدات العربية مقابل تكثيف عمليات الهدم.

محاصرة جسر الزرقاء وتوسيع البلدات اليهودية على حساب أراضيها (عرب 48)

أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، تقريرا بعنوان "إسرائيل: سياسات الأراضي التمييزية تحصر الفلسطينيين بالداخل"، استعرضت من خلالها سياسيات مصادرة الأراضي وعدم توسيع مسطحات النفوذ للبلدات العربية وعدم المصادقة على الخرائط الهيكلية للبلدات العربية مقابل تكثيف عمليات الهدم.

وأوضحت المنظمة في تقريرها الذي سلط الضوء على ما يعانيه المجتمع العربي من سياسات تميزية بالأراضي من خلال استعراض الواقع في جسر الزرقاء، وقلنسوة، وقرية عين ماهل، علما أن البلدات اليهودية تنمو على حساب البلدات العربية.

وقالت المنظمة في تقريرها إن سياسة تضييق الخناق على التجمعات السكانية الفلسطينية تتخطى الضفة الغربية وقطاع غزة، لتطال الفلسطينيين في البلدات والقرى العربية داخل إسرائيل. وتنحاز هذه السياسة إلى مصلحة المواطنين اليهود ضد مواطني إسرائيل الفلسطينيين، وتقيد بشدة إمكانية وصول الفلسطينيين الى الأراضي بغرض السكن وإتاحة نمو سكاني طبيعي.

وبينت المنظمة أنه بعد عقود من مصادرة الأراضي والسياسات التخطيطية التمييزية، يعيش اليوم العديد من المواطنين العرب محبوسين في بلدات وقرى مكتظة لديها مجال ضئيل للتوسع.

من ناحية أخرى، تدعم الحكومة الإسرائيلية نمو وتوسع البلدات المجاورة ذات الأغلبية اليهودية، والتي شيد كثير منها على أنقاض قرى فلسطينية دمرت عام 1948. كما توجد في العديد من البلدات اليهودية الصغيرة "لجان قبول" تمنع الفلسطينيين من العيش فيها.

وقال مدير قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش ، إريك غولدستين، إن "السياسة الإسرائيلية، على جانبي الخط الأخضر، تحشر الفلسطينيين في أماكن مكتظة، بينما تمنح أراضٍ واسعة للبلدات اليهودية. هذه الممارسة معروفة جيدا في حالة الضفة الغربية المحتلة، لكن السلطات الإسرائيلية تفرض سياسات الأراضي التمييزية داخل إسرائيل أيضا".

وأضاف غولدستين: "سياسات الأراضي الإسرائيلية تعامل البلدات داخل حدودها بغياب فاضح للمساواة، بناءً على ما إذا كان سكانها فلسطينيين أو يهود. بعد عقود من مصادرة أراضي الفلسطينيين، تحبسهم إسرائيل اليوم في بلدات مكتظة في حين تعزز ازدهار البلدات اليهودية المجاورة التي تقصيهم".

ويشكل مواطنو إسرائيل الفلسطينيون 21% من سكان البلاد، غير أن منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية قدّرت في العام 2017 أن الأراضي التابعة لإدارة البلديات العربية تشكل أقل من 3% من مجمل الأراضي في إسرائيل. يعيش معظم الفلسطينيين في إسرائيل في هذه البلدات، رغم أن بعضهم يعيش في "مدن مختلطة" مثل حيفا وعكا.

وقارنت هيومن رايتس ووتش بين بلدات فلسطينية وأخرى يهودية أو ذات أغلبية يهودية مجاورة في ثلاثة من الأقسام الإدارية الستة في إسرائيل تحضيرا لهذا التقرير، وقابلت 25 شخصا بين مسؤولي بلديات وسلطات محلية حاليين وسابقين، وممثلين عن مجالس التخطيط المحلية، وسكان، ومخططين.

وذكر التقرير أنه تواجه جسر الزرقاء مشكلة اكتظاظ كبيرة، وأزمة سكن، وتحديات اقتصادية واجتماعية خطيرة بسبب التضييق عليها من جميع الجهات ونموها السكاني السريع. بحسب دائرة الإحصاء المركزية، تبلغ الكثافة السكانية في جسر الزرقاء (9,178 نسمة/كيلومتر مربع) ثلاثة أضعاف كثافة بلدة أور عكيفا المجاورة ذات الأغلبية اليهودية (3,288)، وعشرة أضعاف قيساريا (807)، وأكثر من 30 ضعف معجان ميخائيل (304).

وأضاف أنه يزيد التضييق التحديات الاقتصادية والاجتماعية في جسر الزرقاء، فهي لا تضم أي منطقة صناعية، أو خدمات طوارئ صحية، أو مكتب بريد، أو مصرف، أو آلات الصراف الآلي التي تديرها المصارف، كما لا تضم سوى القليل من المنشآت أو المواقع العامة للترفيه. كذلك، تفتقر إلى البنى التحتية والخدمات الأساسية.

وأوضح التقرير أنه خسرت قلنسوة أكثر من نصف أراضيها نتيجة الأحداث التي رافقت قيام إسرائيل العام 1948 وفي العقدين التاليين. أظهر مسح للأراضي ورد في رسالة في 2017 من بلدية قلنسوة إلى وزارة الداخلية، واستعرضتها هيومن رايتس ووتش، أن مساحة الأرض تبلغ 17,249 دونم، في حين قال مسؤول في البلدية لـ هيومن رايتس ووتش إن المساحة الفعلية لحدود البلدة قبل عام 1948 كان أقرب إلى 30 ألف دونم.

استولت السلطات الإسرائيلية على جزء كبير من الأراضي غرب قلنسوة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كما هو موثّق في بحث لعام 1976 للمحامي والباحث صبري جريس، ، خلال فترة الحكم العسكري الإسرائيلي لمعظم السكان الفلسطينيين في إسرائيل، من ضمن الأدوات التي سمحت للسلطات الإسرائيلية بالسيطرة على الأرض، القوانين التي تصنف الأراضي على أنها "أملاك الغائبين".

وقال مهندس بلدية قلنسوة، بحسب التقرير، إن بين 600 و700 مبنى، بينها بعض البيوت، في المنطقة الزراعية تواجه أوامر هدم بسبب البناء بدون ترخيص. كما أن بعض السكان في مركز البلدة السكني لم يتقدموا بطلب للحصول على تصاريح البناء في كثير من الحالات لأن منازلهم لا تتوافق مع الأنظمة الإسرائيلية، في أغلب الحالات لأنهم توسعوا بما يخالف المخطط. تقدر اللجنة الشعبية أن حوالي 7,500 من سكان قلنسوة، أو 30 % من السكان، لا يمتلكون أراض في البلدة وبالكاد يكسبون لقمة عيشهم، بينما يمتلك 35 % آخرون أراضٍ، لكنهم بحاجة إلى التوسع لتلبية احتياجات أسرهم.

وأورد التقير مثالا بلدة عين ماهل، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 13 ألف فلسطيني، مساحتها حوالي 5,200 دونم قرب الناصرة ، ومحاطة من جميع الجهات بمدينة نوف هجليل ذات الأغلبية اليهودية، والتي كانت حتى العام 2019 تحمل اسم الناصرة العليا أو نتسيرت عيليت. يبلغ عدد سكان نوف هجليل حوالي 41,200 شخص ومساحتها نحو 33 ألف دونم، هاجر كثير منهم من أوروبا الشرقية في الثمانينيات والتسعينيات.

وأكد التقرير أن سياسات التخطيط تلزم السكان بالقرية بالبناء ضمن المركز السكني في القرية البالغة مساحته 2,000 دونم تقريبا. مخططا عين ماهل، الأول في 1982 والثاني في 1996، خصصا معظم أراضي البلدة للاستخدام الزراعي. قال سعيد أبو ليل، وهو مدرس متقاعد، إن الذين يعيشون في مركز البلدة السكني يواجهون مثله أزمة سكن، مع انتقال عديد من الشباب على مضض خارج القرية، بما فيه إلى نوف هجليل/ نتسيريت عيليت.

لقراءة التقرير: اضغط/ ي هنا

التعليقات