النقب ليس للمقايضة لإنعاش الائتلاف الحكومي

تحولت أراضي النقب إلى مادة للمقايضة في محاولة لإنعاش الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وساحة صراع حزبي صهيوني، في ظل الهجمة المتواصلة على المنطقة، مقابل تصعيد نضال الأهالي في مواجهة المخططات الحكومية والمزايدات الحزبية.

النقب ليس للمقايضة لإنعاش الائتلاف الحكومي

صور خاصة بـ"عرب ٤٨" (وليد العبرة)

تحولت أراضي النقب إلى مادة للمقايضة في محاولة لإنعاش الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وساحة صراع حزبي صهيوني، في ظل الهجمة المتواصلة على المنطقة، مقابل تصعيد نضال الأهالي في مواجهة المخططات الحكومية والمزايدات الحزبية.

وأظهرت تصريحات قادة الأحزاب الإسرائيلية في الائتلاف والمعارضة على حد سواء، مساء الثلاثاء، تأييدا واضحا لمخططات تجريد سكان النقب العرب من أراضيهم الزراعية وتحريشها بأشجار حرجية، لمنع الأهالي من دخولها واستعمالها.

واقتصر التباين في المواقف التي عبّر عنها وزير الخارجية الإسرائيلية، يائير لبيد، ورئيس المعارضة ورئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، على توقيت تنفيذ المشاريع التي تستهدف الأرض العربية في النقب، لتتحول المنطقة إلى ساحة صراع حزبي صهيوني.

خاصة بـ"عرب ٤٨" (وليد العبرة)

وفي بيان صدر عنه، شدد لبيد على أنه يمكن تأجيل هذه العمليات، على غرار الخطوة التي أقدم عليها نتنياهو نفسه في العام 2020 حين جمد أعمال التجريف وذلك بعد أن رضخ لنضال الأهالي الذين حاولوا التصدي بكل الوسائل المتاحة لعمليات التجريف والتحريش.

وقال لبيد إن "على دولة إسرائيل أن تزرع الأشجار في أراضي الدولة، ولكن يجب ألا تضر بسبل عيش سكان المنطقة"، معتبرا أن "12 عاما من التخلي عن النقب وإهمال مشكلة البدو، لن تحل في يوم واحد".

وأضاف "مثلما أوقفت حكومة نتنياهو عمليات الزراعة في عام 2020، من الممكن أن نوقف ذلك الآن أيضًا، ليتم الاستعداد لاستئناف هذه العمليات" لاحقا، مشيرا إلى أن "حكومة التغيير ملتزمة بحل مشكلة البدو والتوصل إلى تسوية في النقب".

ودعا لبيد السياسيين الإسرائيليين من جميع الأطراف "إلى الهدوء بدلًا من إشعال النار"، مشددا على أنه "يدين العنف ويدعم أنشطة الشرطة لاستعادة النظام العام".

من جانبه، قال نتنياهو: "لن يوقف أحد غرس الأشجار في أرض إسرائيل. إنني أقدم الدعم الكامل لقوات الأمن وأطالب بينيت على الفور بإدانة تحريض القائمة، شريكته في الحكومة".

وفي ظل الأهمية التي تشكلها منطقة النقب "انتخابيا" للقائمة العربية الموحدة، فإنها تجد نفسها في موقف محرج، إذ كيف يتقبل أهالي النقب أن الحكومة اليمينية التي ترأسها نتنياهو، وافقت على تعليق عمليات التجريف في العام 2020، خاضعة لنضال الأهالي، في حين تشن "حكومة التغيير" التي تضم قائمة عربية متمثلة بالقائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، هذا الهجوم المتواصل والمتصاعد على النقب.

خاصة بـ"عرب ٤٨" (وليد العبرة)

وفي هذه الأثناء، أفادت التقارير الصادرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بأن القائمة الموحدة أخطرت شركاءها في الائتلاف أنها عازمة على مقاطعة جلسات الهيئة العامة للكنيست، وبالتالي، عدم التصويت لصالح القوانين الحكومية، إلى حين وقف عمليات التجريف في النقب.

ويخشى المراقبون من التوصل إلى تسويات مؤقته داخل الائتلاف الحكومي، يدفع ثمنها أهالي النقب وقد تشكل مخرجا للموحدة من أزمتها مع أهالي النقب، لتستأنف المخططات الحكومية لاحقا، في ظل الضغوطات التي تمارسها الأطراف اليمينية في الائتلاف الحكومي.

من جهتها، أصدرت قائمة "الصهيونية الدينية" اليمينية المتطرفة، بيانا، اعتبرت من خلاله أن التراجع عن عمليات التحريش المزعوم للأراضي العربية في النقب، في ظل الاحتجاجات التي شهدها النقب مساء الثلاثاء، "ختم نهائي على صك بيع دولة إسرائيل لمنطقة النقب وفقدان السيادة عليه".

وعلى صعيد ميداني، أكدت مصادر محلية لـ"عرب 48" أن حالة من التوتر تسود النقب، وسط ترقب لتصعيد أكبر إذا ما تواصلت الهجمات الإسرائيلية وتم تمديد احتجاز المعتقلين، الأربعاء، فيما يتصاعد الغضب في ظل مواصلة احتجاز المعتقلين في ظروف صعبة.

ومساء الثلاثاء، تجمع الشبان في النقب عند تقاطعات الطرق الرئيسية وأغلقوا الطرقات وأشعلوا الإطارات المطاطية، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين ووقف سياسة نهب الأراضي والتضييق على الأهالي.

وادعت الشرطة الإسرائيلية، إصابة اثنين من عناصرها في مواجهات اندلعت على مدخل قرية شقيب السلام، كما حاول المحتجون إغلاق شارع 25 وشارع 40 وشارع رقم 31 بالقرب من حورة، بواسطة الحجارة والإطارات المطاطية.

وأسفرت المواجهات التي اندلعت صباح الثلاثاء، إثر فض الاعتصام في سعوة - الأطرش بالقوة، عن إصابات في صفوف الأهالي، وحملة اعتقالات طاولت، بعد ظهر الثلاثاء، نحو عشرين شخصًا، بينهم أطفال وقاصرون، وسط توثيق اعتداءات على المعتقلين.

وقبيل انتصاف ليل الثلاثاء، قال المحامي ناصر العطاونة في تصريحات أدلى بها لصحافيين، إنّ 18 معتقلا لا يزالون محتجزين، موضحا أن "كثيرا منهم موجودون في ظروف صعبة جدا".

وفي الصدد ذاته أوضح أنه "لم يتمّ نقلهم (المعتقلون) إلى المحكمة من جهة، وكذلك لم يتمّ نقلهم إلى مكان اعتقال طبيعي، بحسب القانون".

وذكر العطاونة أن "ما تقوم به الشرطة اليوم، ليس تطبيقا للقانون، بل اعتقالات تعسفية قمعية هدفها الأول والأخير ترويع الناس لثنيهم عن المشاركة في الاحتجاجات".

وقرر المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها ولجنة التوجية العليا لعرب النقب تصعيد النضال في مواجهة المخططات الإسرائيلية؛ بما في ذلك تنظيم تظاهرات في أرض نقع بئر السبع صباح الأربعاء، ودعت إلى المشاركة في مظاهرة جماهيرية حاشدة من المقرر تنظيمها يوم الخميس الساعة 15:00 على مفرق سعوة - الأطرش.

كما أعلن المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، عن الإضراب الشامل بما يشمل جميع المدارس في القرى غير المعترف بها والمجالس الإقليمية في النقب، الأربعاء، وذلك "تضامنا مع الأهل الذين تُصادر أرضهم ويُعتدى عليهم".

وقررت لجنة التوجية رفع سقف مطالبها "بحيث تجاوزت وقف التحريش إلى الاعتراف الفوري بقرى منطقة النقع"، الواقعة شرقي مدينة بئر السبع وبلدة تل السبع، في المنطقة المسماة تاريخيا "منطقة السياج".

وتشمل القرى غير المعترف بها في أراضي النقع التي تمتد مساحتها على 45 ألف دونم، ويعيش عليها 30 ألف فلسطيني من بدو النقب، قرى: خربة الوطن، والرويس، وبير الحمام، وبير المشاش، والزرنوق.

وفي محاولة لاحتواء التصعيد الذي أعلنت عنه الجهات القيادية في النقب، حاول نائب وزيرة الاقتصاد الإسرائيلي، يائير غولان ("ميرتس")، إقناع القيادات العربية بـ"التريث"، و"العد لغاية عشرة قبل اتخاذ القرارات".

وصوّر غولان، قضية النقب على أنها "مسألة ميزانيات"، معتبرًا أن هذه الحكومة تشكل "فرصة" لاستخلاص الميزانيات اللازمة لتحسين ظروف الحياة في النقب، محاولا تحجيم الإجماع الصهيوني وموقف المؤسسة الإسرائيلية التي تسعى جاهدة إلى تركيز العرب على أقل مساحة من الأرض في النقب.

التعليقات