التحرش الجنسي في المجتمع العربي... جرائم في طي الكتمان

خلال جائحة كورونا، سُجل ارتفاع في جرائم الاعتداءات والتحرش الجنسي في المجتمع العربي، وخلال عام 2021 وصل إلى مركز دعم ضحايا الاعتداءات الجنسية والجسدية 1,316 توجها، إذ لا تشمل هذه المعطيات توجهات وثقتها مراكز وجمعيات نسوية أخرى.

التحرش الجنسي في المجتمع العربي... جرائم في طي الكتمان

توضيحية (Getty Images)

أظهرت إحصاءات جميعة نساء ضد العنف أن عام 2021 سجل ارتفاعا بنسبة جرائم التحرشات والاعتداءات الجنسية في المجتمع العربي، حيث وصلت مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي 1,316 توجها لنساء وسيدات وفتيات حول تعرضهن لاعتداءات تحرش وعنف جنسي.

وكشف النقاب عن هذه الإحصاءات خلال يوم دراسي عقد في مدينة الناصرة، بعنوان "تغطية التحرشات الجنسية والاعتداءات الجنسية في الإعلام العربي"، يوم الجمعة الماضي، بمبادرة اتحاد مراكز دعم ضحايا الاعتداءات الجنسية، وجمعية "نساء ضد العنف" ومركز "إعلام"، وذلك بمشاركة مجموعة من الناشطات في جمعيات المجتمع المدني والقيادات النسائية المحلية، إلى جانب عدد من الصحافيات والصحافيين.

جانب من الحضور خلال فعاليات اليوم الدراسي ("عرب 48")

وافتتح اليوم الدراسي الذي تناوبت على عرافته كل من كاملة طيون والمحامية رغدة عواد، بكلمات ترحيبية من مديرة جميعة نساء ضد العنف، نائلة عواد، ومديرة اتحاد مراكز دعم ضحايا الاعتداءات الجنسية، أوريت سولتسيانو، ومديرة "إعلام"، المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث، خلود مصالحة،

ضحايا التحرش

وتحدثت عواد ومصالحة سولتسيانو، عن ضرورة تسليط الضوء على الاعتداءات والتحرش الجنسي، خاصة أن تهميش الملف خلال السنوات الماضي أدى إلى تعميق أزمة جرائم الاعتداءات "التي باتت في غاية الخطورة ومقلقة جدا وتهدد النسيج المجتمعي".

وشددت المتحدثات على أهمية ودور جمعيات المجتمع المدني والشراكة المجتمعية من أجل التوعية والإرشاد ومعالجة القضية بشكل معمق، وكذلك على دور وسائل الإعلام في صناعة المضامين والمحتوى والتأثير، وذلك لمواجهة التحديات التي تشكل عائقا أمام الجهود للحد من الجرائم والاعتداءات الجنسية التي تعتبر وجها آخر لآفة العنف والجريمة المستفحلة في المجتمع العربي.

خلال النقاش حول تغطية أخبار التحرشات والاعتداءات الجنسية ("عرب 48")

وحذرت المتحدثات من تنامي جرائم الاعتداءات والتحرش الجنسي عبر الفضاء الإلكتروني الذي يعتبر حافزا لاستفحال العنف والجريمة، إذ أن التحرش الإلكتروني الذي يترافق بجرائم ابتزاز وتهديد للضحايا في كثير من الحالات، يكون المسبب للعنف وجرائم إطلاق النار والاعتداءات واستهداف الممتلكات، وتصل إلى حد ارتكاب جرائم قتل.

فقدان الثقة

وخلال اليوم الدراسي تم استعراض عمل جمعية نساء ضد العنف ومركز دعم ضحايا العنف الجنسي والجسدي، حيث يقوم المركز بتقديم الدعم المعنوي لنساء وفتيات يتعرضن للعنف، وذلك عبر تشغيل خط هاتفي يعمل على مدار الساعة يوميا، إلى جانب مرافقة النساء والفتيات من قبل متطوعات في المحاكم ومراكز الشرطة والمستشفيات.

وتتجنب 83% من ضحايا العنف وجرائم الاعتداءات والتحرش الجنسي في المجتمع العربي، التوجه لتقديم شكوى رسمية للشرطة الإسرائيلية، حيث لا يثقن بالشرطة بسبب المماطلة في معالجة الشكاوى وعدم استنفاد الإجراءات الجنائية ضد الجناة.

مديرة مركز المساعدة في جمعية نساء ضد العنف، ليندا خوالد أبو الحوف

وتعمل الجمعية على التعاون مع مؤسسات وخدمات اجتماعية ونفسية لدعم المتوجهات، مع مرافقة النساء والفتيات في المسار الجنائي من أجل ضمان حقوقهن وتوفير المعلومات المهنية لكل خطوة في المسار، حسب قانون حقوق متضرري الجريمة من العام 2001.

المضامين الصحافية

وشمل اليوم الدراسي سلسلة محاضرات، كانت الأولى بعنوان "التحرشات والاعتداءات الجنسية"، كظاهرة اجتماعية في المجتمع العربي، قدمتها مديرة مركز المساعدة في جمعية نساء ضد العنف، ليندا خوالد أبو الحوف، بينما تحدثت مديرة اتحاد مراكز الدعم، سولتسيانو، في محاضرتها، عن منع المزيد من الأذى الذي تتعرض له الضحية وما يجب فعله وما لا ينبغي في التغطية الإعلامية.

وحول الصعوبات والتحديات في تغطية أخبار جرائم التحرش والاعتداءات الجنسية، استعرضت وناقشت المركزة الإعلامية في جمعية نساء ضد العنف، كاملة طيون، مع الصحافيات والصحافيين، التحديات في تغطية جرائم التحرش والاعتداءات الجنسية.

مسؤولة منع التحرش الجنسي في المجتمع العربي في اتحاد مراكز المساعدة، رغدة عواد ("عرب 48")

وخلال النقاش تم حث العاملين في وسائل الإعلام وجمهور الصحافيين والصحافيات على تغطية هذه الجرائم بتوسع والتطرق للجوانب الاجتماعية للاعتداءات وتداعياتها، إلى جانب الاستماع إلى الاحتياجات في تحضير وتناول المضامين الصحافية بموجب الأخلاقيات المهنية، وعرض قواعد تغطية هذه الجرائم وعدم المس بخصوصية الضحايا.

الجرائم الجنسية

كما تم التطرق خلال النقاش مع المشاركين في اليوم الدراسي، إلى المصطلحات السليمة للتغطية الإعلامية، وكذلك حق الضحية في الخصوصية، وما هو يقع بين المجالين القانوني والإعلامي، وذلك من خلال مداخلة قدمتها مسؤولة منع التحرش الجنسي في المجتمع العربي في اتحاد مراكز الدعم، المحامية رغدة عواد، بينما سردت الإعلامية شيرين يونس رسالة ناجية من جريمة اعتداء وتحرش جنسي، تضررت من التغطية الصحافية عندما قررت كسر حاجز الصمت.

وخلال جائحة كورونا، سُجل ارتفاع في جرائم الاعتداءات والتحرش الجنسي في المجتمع العربي، وخلال عام 2021 وصل إلى مركز دعم ضحايا الاعتداءات الجنسية والجسدية 1,316 توجها، إذ لا تشمل هذه المعطيات توجهات وثقتها مراكز وجمعيات نسوية أخرى تنشط في البلدات العربية، ولا تشمل كذلك شكاوى قدمت للشرطة حول اعتداءات وعنف أسري.

ويظهر من المعطيات أن 685 من المتوجهات أخطرن مركز الدعم أنهن تعرضن إلى عنف جسدي وتحرش جنسي، فيما بّلغت 631 من المتوجهات عن تعرضهن لجرائم واعتداءات جنسية واغتصاب، في ارتفاع يصل إلى 40% في نسبة التوجهات لمركز الدعم للضحايا للحصول على المساعدة والاستشارة.

"سُمّ الاغتصاب"

وبينّت المعطيات بشأن الاعتداءات والجرائم الجنسية في العام الذي شهد ذروة انتشار جائحة كورونا (2021) أن 8% من المتوجهات لمركز الدعم تم الاعتداء عليهن من خلال استعمال "سُمّ الاغتصاب"، بينما 7% من الاعتداءات سُجلت بين الأزواج، وفي جميعها أكدن المتوجهات أنهن تعرضن للاغتصاب على أيدي أزواجهن في المنزل.

وتشير التوجهات إلى أن 27% من هذه الشكاوى تظهر أنه تم تنفيذ اعتداءات وتحرش جنسي على أطفال ذكور، و73% على إناث، فيما يستدل أن 60% من المعتدين هم من أفراد العائلة، وأن 61% من الاعتداءات والجرائم الجنسية نفذت في بيت الضحية.

الإعلامية شيرين يونس تسرد رسالة ناجية من جريمة جنسية ("عرب 48")

وحول كل ما يتعلق في وقت ومكان وقوع الجرائم والاعتداءات الجنسية، فإن 70% من التوجهات لمركز الدعم، أظهرت تعرض أصحابها للاعتداء والتحرش الجنسي قبل جيل 18 عاما.

ووفقا للمعطيات المتوفرة لدى مركز الدعم، فإن 15% من الاعتداءات بلغ عنها وقدمت بها شكاوى خلال فترة تتراوح بين أسبوع وستة أشهر من وقوع الجريمة، علما بأنه في السابق كان يكشف النقاب عن الاعتداءات والتحرش الجنسي بعد سنوات طويلة.

"التحرش الإلكتروني"

أما بخصوص خصوصيات وميزات المتوجهات للمركز للحصول على الدعم والتوجيه بعد تعرضهن لجريمة تحرش واعتداء جنسي، فإن 14% من المتوجهات لديهن مخاوف من الحديث وتقديم شكوى رسمية للشرطة أو إمكانية التوجه للعلاج والحصول على الخدمات النفسية والاجتماعية.

المركزة الإعلامية في جمعية نساء ضد العنف، كاملة طيون ("عرب 48")

ويعود السبب في ذلك، إلى خوف المتوجهات إلى مركز المساعدة من إمكانية أن يقوم أحد أفراد العائلة بقتلهن، إذ أوضحن المتوجهات أنه يوجد في بيوت العائلة سلاح، وتم تهديدهن بالقتل في حال تقدمن بشكوى رسمية للشرطة حول تعرضهن لاعتداءات وتحرشات جنسية.

ويستدل من المعطيات أن 16% من جرائم الاعتداءات والتحرش الجنسي التي بلغ عنها، حصلت عبر الشبكة العنكبوتية أو ما يسمى بالتحرش الإلكتروني، عبر الابتزاز والتهديد والترهيب للضحية بنشر صور ومحادثات وفيديوهات منسوبة لها، تشمل مضامين وإيحاءات جنسية ومشاهد فاضحة.

التعليقات