بدارنة: ازدياد العنصرية ضد العمال العرب في ظل الحكومة الجديدة

في تعقيب عن التصريحات الصادرة عن رئيس اتحاد المقاولين في قطاع الترميمات الإسرائيلي، النقابي وهبة بدارنة يؤكد أنه لا غنى عن الأيدي العاملة العربية في سوق العمل، رغم تعاظم تفشي العنصرية في المجتمع الإسرائيلي.

بدارنة: ازدياد العنصرية ضد العمال العرب في ظل الحكومة الجديدة

ورشة بناء في تل أبيب، توضيحية (Getty Images)

في أعقاب عملتي إطلاق النار في مدينة القدس المحتلة، يومي الجمعة والسبت الماضيين، وفي ظل حملة التحريض التي يشنها وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة ضد العرب، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، كشف رئيس اتحاد المقاولين في قطاع الترميمات، أن الاتحاد تلقى المئات من التوجهات من قبل المواطنين اليهود، الذين يرفضون التعامل مع عمال من المجتمع العربي، الأمر الذي اعتبر عضو نقابة العمال العرب، وهبة بدارنة، مؤشرا على مدى تعاظم وتفشي العنصرية في المجتمع الإسرائيلي، بعد ما أفرزته الانتخابات الأخيرة للكنيست وتشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية.

وكان رئيس اتحاد مقاولي الترميمات الإسرائيلي، قد حذّر، في بيان، من "ارتفاع عدد الاتصالات التي وصلت من أصحاب البيوت الذين قالوا إنهم يرفضون دخول عمال عرب من المجتمع العربي للعمل في منازلهم". مشيرا إلى أن "هذه أول مرة تسجّل فيها طلبات لإلغاء وصول عمال عرب يحملون الهوية الإسرائيلية، إلى منازل مواطنين يهود للعمل".

وقال رئيس اتحاد مقاولي الترميمات إن "هذه الطلبات من المواطنين اليهود تأتي على خلفية أحداث نهاية الأسبوع في القدس، وأنها تعيدنا إلى جولات سابقة من التصعيد، لكن الأمر هذه المرة يبدو مختلفا، حيث كان المواطنون في السابق يعارضون دخول العمال الفلسطينيين ممن يحملون تصاريح عمل في البلاد إلى منازلهم، لكن هذه المرة الحديث عن عمال عرب من حملة الهوية الإسرائيلية".

وتحدث رئيس اتحاد مقاولي الترميمات عن "مئات الاتصالات والبلاغات التي تلقاها المقاولون اليهود" والتي سجلت في مكاتب اتحاد المقاولين في نهاية الأسبوع الماضي، طالبوا من خلالها بتغيير طواقم العمال، أو تأجيل أعمال الترميم إلى أن "يسود الهدوء وتتبدد حالة التوتر".

عضو نقابة العمال العرب، وهبة بدارنة

كما حذر رئيس اتحاد المقاولين من أن "هذا الأمر قد يعيق الأعمال في مجال الترميمات، وبالتالي فإن الأمر سيؤخر تسليم الشقق إلى أصحابها، وقد يترتب عليه خسائر مادية كبيرة للمقاولين وللزبائن أيضا (أصحاب المنازل)".

وأضاف أنه "إذا كنا في الأزمات الأمنية السابقة نتلقى هواتف من زبائن قلقين من وجود عمال فلسطينيين يعملون بتصاريح عمل في إسرائيل، فإننا هذه المرة نواجه مطلبا لم نعهده في السابق وهو القلق من العمال العرب الذين يحملون الجنسية والهوية الإسرائيلية، وهو ما يشير إلى أن قلق الإسرائيليين قفز إلى مستوى أعلى".

ويرى رئيس اتحاد المقاولين أن "الاستجابة لهذه الطلبات هي مهمة مستحيلة. لا يمكن استبدال كل طواقم العمل في مجال الترميمات في غضون أيام قليلة".

وفي حديث لموقع "عرب 48" قال عضو نقابة العمال العرب، وهبة بدارنة، إن بيان اتحاد مقاولي الترميمات ليس دقيقا، وأضاف أنه "تاريخيا وعلى مدار عقود مضت، كانت هنالك مواقف لمقاولين إسرائيليين رافضة لتشغيل عرب من الداخل (من مناطق الـ48) ويمكن ملاحظة ذلك منذ أحداث يوم الأرض سنة 1976 مرورا بأحداث هبة أكتوبر 2000 التي تم بعدها طرد مئات العمال العرب من مواقع العمل، وأصحاب العمل قالوا بشكل واضح وصريح: لا نريد عمالا عرب يعملون لدينا، سواء من المناطق الفلسطينية أو من الداخل".

وأوضح بدارنه أنه "في كل الفترات التي شهدت أزمات أمنية ومظاهرات وتحديدا في الداخل، رافق ذلك تصريحات لمشغلين وأرباب عمل بأنهم لا يرغبون بتشغيل عرب من الداخل لديهم"، وشدد على أن بيان اتحاد مقاولي الترميمات ومضمونه " يشير إلى مستوى تعاظم وتفشي العنصرية في المجتمع الإسرائيلي، وما أفرزته الانتخابات الأخيرة للكنيست يشير بكل وضوح إلى ظاهرة تعاظم وتفشي العنصرية في إسرائيل".

وقال إن "هذا لا يفاجئنا نحن كفلسطينيين وكطبقة عاملة، فإن العمال الفلسطينيين اعتادوا دائما على أن يدفعوا الثمن سواء في الداخل أو في الضفة الغربية أو القدس. وما يحدث اليوم للعمال في مخيم شعفاط دليل على ذلك، فهم يتعرضون اليوم لعقاب جماعي إذ تم سحب تصاريح معظم العمال الذين يعملون في إسرائيل".

واعتبر أن "الجانب الأهم في هذه المعادلة، هو أن موجات العنصرية والفاشية قائمة ومستمر وسوف تستمر، لكن أصحاب العمل والمشغلين والمقاولين الكبار منهم والصغار وحتى أي صاحب شقة صغيرة يرغب بطلاء بيته، فإن أيا من هؤلاء لا يستطيع الاستغناء عن الأيدي العاملة الفلسطينية في الداخل ولا عن الأيدي العاملة الفلسطينية من الضفة الغربية. هذا الأمر يجب أن يكون واضحا للجميع. لا غنى عن الأيدي العاملة العربية والفلسطينية".

وأكد بدارنة أن "هنالك الكثير من الأمثلة والنماذج من الماضي والتي تم خلالها طرد عمال من شعفاط بسبب عملية نفذها شاب من المخيم ضد جنود إسرائيليين، وقام على إثرها المشغلون الإسرائيليون بطرد العمال من مخيم شعفاط الذين يعملون عن طريق شركات الأيدي العاملة، وقالوا حينها إنهم لا يريدون عمالا عربا، لكنهم بعد ثلاثة أيام أعادوهم إلى العمل، ليس محبّة بهم أو رغبة بتشغيلهم وإنما لأنهم لن يجدوا أيدي عاملة مهنية وبتكلفة رخيصة".

ورأى بدارنة أن "جوهر الموضوع هو ما كان وما سيظل يرافق ‘الأزمات الأمنية‘ منذ عام 1976 إبان يوم الأرض، أصدرت الغرف التجارية في منطقتي حيفا وكرميئيل بيانا – لا زلت أحتفظ به وأجريت بحثا حوله – جاء فيه أن كل عامل عربي شارك في إضراب يوم الأرض لن يعود إلى عمله، وسيتم طرده".

وأضاف أنه "كذلك فعل أرباب العمل وحتى الهستدروت (الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية)، عمم بيانا على عمال المصانع في حينه يحذر العمال العرب من المشاركة في الإضراب، وكانت النتيجة في حينه أنه بعد أيام قليلة أعيد العمال إلى أماكن عملهم بسبب عدم توفر بدائل لهؤلاء العمال".

كما أوضح أن "هذا ما حدث في أكتوبر 2000 كذلك، وهو ما سيحدث في الأيام المقبلة. ففي المحصلة هي قضية سياسية ولا يمكن عزل قضية الطبقة العاملة سواء في الداخل أو في مناطق السلطة الفلسطينية عن الصراع القائم والموجود، والذي سببه الغطرسة وسياسة العنصرية والفاشية التي نعيشها يوميا".

التعليقات