سخنين: مشاركة واسعة في المسيرة المركزيّة لإحياء الذكرى الـ47 ليوم الأرض

أحيا المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني الذكرى السابعة والأربعين لـ"يوم الأرض" في مدينة سخنين، عبر مسيرة حاشدة جابت شوارع المدينة وصولا إلى النصب التذكاري لـ"شهداء يوم الأرض".

سخنين: مشاركة واسعة في المسيرة المركزيّة لإحياء الذكرى الـ47 ليوم الأرض

جانب من المشاركين في المسيرة (Getty Images)

شارك الآلاف، مساء الخميس، في المسيرة القطرية والمركزية، لإحياء الذكرى السابعة والأربعين ليوم الأرض الخالد، والتي نُظّمت في مدينة سخنين.

وانطلقت المسيرة من شارع الشهداء في المدينة، وذلك تحت لواء العلم الفلسطيني؛ ردا على سياسات وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف، إيتمار بن غفير. وجابت المسيرة شوارع المدينة، وصولا إلى مقبرة الشهداء، حيث أقيم المهرجان الخطابيّ، ختاما لفعاليات إحياء الذكرى.

وقال رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطيّ، سامي أبو شحادة، لـ"عرب 48"، خلال المسيرة، إن "القضية الأساس وصراعنا مع الحركة الصهيونية كان وما يزال وسيبقى قضية الأرض، ولا زلنا نعاني من السياسات العنصرية في كل ما يتعلق بالأرض والمسكن، وإن مشهد انضواء الجميع موحدين تحت لواء العلم الفلسطيني، هو مشهد جميل، وهي الرسالة الأقوى في الذكرى الـ47 ليوم الأرض".

وفي ختام المسيرة في سخنين، قال رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، في كلمة له: "نجدد العهد لأرض الوطن ولشعبنا الفلسطيني عموما في القدس وفي الضفة وفي غزة وفي الشتات، نجدد العهد لحوارة والخان الأحمر ولمسافر يطا ولجنين العزة ونابلس جبل النار، ونجدد التمسك بروايتنا ولغتنا وبحقنا الذي لا يتزعزع على وطن لا وطن لنا سواه".

وأضاف "عيوننا على أهلنا في النقب في مواجهة الهدم وإتلاف المزروعات وتحريش الأرض، وسلب الاعتراف والتحريض والتهديد اليومي. عيوننا ووجداننا في القدس للقيام مع أبناء شعبنا في القدس بحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المسجد الأقصى المبارك، الذي يتعرض لتدنيس واقتحامات يومية".

وتابع "عيوننا على أبناء شعبنا في المدن التاريخية يافا واللد والرملة وحيفا وعكا، الذين يتعرضون لتحريض يومي بهدف تغريبهم خارج مدنهم أو تغريبهم خارج انتمائهم. عيوننا على وحدة شعبنا في مكافحة الجريمة التي ترعاها إسرائيل رسميا، وفي قطع دابر الفحيح الطائفي وفي مواجهة العمالة والاسقاط السياسي والأخلاقي".

وأضاف "عيوننا على الأسرى الذين يواجهون خطرا على إنسانيتهم في داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية. عيوننا على بقائنا الذي لم ولن يتزعزع بفضل قيادة وطنية وديمقراطية مسؤولة، وشعب أصيل، وشباب أشاوس في الميادين وفي الجامعات".

وتابع "نحن في وطننا وإسرائيل تدفع بنا إلى الحائط، ونحن نقول لهم من ظهره إلى الحائط لا مكان ليتراجع اليه، ونحن باقون والظلم زائل، نحن باقون والاحتلال زائل. نحن باقون والعنصرية زائلة.

وقال بركة "إننا نتابع حركة الاحتجاج في إسرائيل على الانقلاب القضائي، وحريّ بنا أن نوضح ما يلي: نرى أهمية كبيرة لهذا الحراك الكبير لمنع التوغل في نظام الفاشية والأبارتهايد ولزعزعة حكومة الفاشية والأبارتهايد"، موضحا "نحن لا نقبل أن تكون خياراتنا هي الخيارات السائدة في إسرائيل فنحن لم نرَ عدلا في محكمة العدل العليا، ولا في النظام القضائي القائم على مدار 75 عاما".

وأضاف "نحن ندرك في الوقت ذاته الخطورة البالغة علينا من تشريعات حكومة الفاشية والأبارتهايد، التي تضم عناصر هي الأقرب إلى النازية الجديدة. نحن نحذر حركة الاحتجاج من الوقوع في فخ مناورات نتنياهو، لكسب الوقت وتمييع مقاومة الانقلاب القضائي".

وقال: "نحن ندعو إلى طرح أسئلة الديمقراطية الحقيقية وعدم المراوحة في ديمقراطية الإجماع القومي الصهيوني، لنؤكد أنه لا ديمقراطية مع احتلال ولا ديمقراطية مع العنصرية ضد جماهيرنا الفلسطينية ولا ديمقراطية مع وجود قانون القومية اليهودية".

وشدد على أن "اتفاق نتنياهو بن غفير بإعطاء الصفة الرسمية والتحويل الرسمي من قبل الدولة لميليشيات فاشية مسلحة، هو تطور خطير للغاية وبالأخص أن الإرهابي إياه يقول بصريح العبارة إن هذه العصابات موجهة للعمل ضد أبناء شعبنا في الداخل وفي القدس المحتلة".

هذا، وبدأت فعاليات إحياء يوم الأرض، منذ صباح اليوم الخميس، في بلدات مثلث يوم الأرض، وفي الطيبة، والتي شملت زيارة أضرحة الشهداء، وعوائلهم، إذ أُجريت زيارة محلية لوفد عن بلدية سخنين واللجنة الشعبية والحركات السياسية لبيوت عائلات شهداء يوم الأرض.

وفي سخنين، تمت زيارة أضرحة شهداء يوم الأرض؛ الشهيدة خديجة شواهنة، والشهيد خضر خلايلة، والشهيد رجا أبو ريا، ومن ثمّ، تمّت زيارة ضريح الشهيد خير ياسين في عرابة.

واستقبلت سخنين الوفود من عرابة ودير حنا ومن البلدات العربية لوضع الأكاليل على النصب التذكاري ليوم الأرض، ومن ثم التوجه لعرابة لوضع الأكاليل على ضريح الشهيد خير ياسين.

وقال رئيس بلدية سخنين، د. صفوت أبو ريا إن "47 عاما مرت منذ استشهاد شهداء يوم الأرض في محطة فارقة في تاريخ شعبنا الذي سطر فيه تضحيات كبيرة دفاعا عن أرضه وهويته، الشهداء هم منارة نقتدي بها، فهؤلاء من سطر لنا طريق التمسك في الأرض والوطن".

من جانبها، قالت جليلة أبو ريا ابنة الشهيد رجا في كلمتها إن "تواجدكم هنا اليوم وفي كل عام، هي رسالة وفاء للشهداء، ونحن عائلة الشهيد نؤكد إننا على طريق الشهيد باقون أبدا، فهو الذي قال إن التضحية واجبه دفاعا عن الأرض والكرامة".

بدوره، قال أحمد خلايلة شقيق الشهيد خضر خلايلة إن "إحياء الذكرى واجب علينا في كل عام، وهذا العام تحديدا تحت راية العلم الفلسطيني في مواجهة هذه الحكومة التي تحاول سلبنا كل شيء، والشهداء كانت لهم رسالة تضحية حافظوا من خلالها على أرضنا وحقوقنا".

وقالت وفاء شواهنة، قريبة الشهيدة خديجة شواهنة إن "هذا اليوم يعيدني إلى طفولتي التي عايشنا فيها الآليات العسكرية، القمع والتنكيل، فاستشهاد خديجة هي رسالة النساء اللواتي ناضلن تماما كالرجال، واليوم نحن هنا لنؤكد على رسالة الشهيدة للتضحية والثبات في أرضنا".

وتحدث رئيس بلدية عرابة، عمر نصار، قائلا إن "الأسباب التي أدت إلى اندلاع يوم الأرض الأول ماثلة، وذات السياسات التي تستهدف الأرض ماثلة في النقب، ولكن في أساليب أكثر خبثا، وكذلك ما يحدث من حصار لبلداتنا من خلال مناطق النفوذ، وكل السياسات التي تستهدف الأراضي الزراعية التي تحولها الدولة من ذخر إلى عبئ، وكما كانت رسالة الشهداء سنبقى نحافظ على رسالتهم وطريقهم الذي خطوه لنا".

وصرح رئيس مجلس دير حنا، قاسم سالم، بالقول إن "يوم الأرض الخالد، هو يوم مشهود ومفصلي في حياة شعبنا، هناك من يراهن على قمع هويتنا الفلسطينية، ومحاولات شطب ذاكرتنا الجماعية، ونحن نؤكد أننا سنواصل إحياء أيامنا الخالدة؛ يوم الأرض، وهبة الأقصى، وهبة الكرامة، وتبقى أياما خالدة كما هو يوم تأميم القناة في مصر".

إحياء ذكرى يوم الأرض في الطيبة

وأحيت مدينة الطيبة، منذ صباح اليوم ذكرى يوم الأرض الخالد، بوضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري للشهيد رأفت علي الزهيري وهو من سكان مخيم نور شمس، حيث استشهد في يوم الأرض الأول في الطيبة.

وتلت وضع الأكاليل، الوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء يوم الأرض تمجيدا وتخليدا لذكراهم، حيث جرت المراسم بمشاركة اللجنة الشعبية والقوى الوطنية في مدينة الطيبة ولجنة المتابعة.

ويقع النصب التذكاري للشهيد رأفت علي الزهيري من مخيم نور شمس قضاء طولكرم، في الحارة القديمة في الطيبة، حيث استشهد. وشهدت الحارة القديمة في يوم 30 آذار/ مارس 1976، مواجهات عنيفة مع قوات الأمن الإسرائيلية.

وقالت الناشطة ألمازة جبارة، "هناك ضرورة لإحياء يوم الأرض بسبب العنصرية التي تتفشى في الآونة الأخيرة. توجد حاجة لإحياء الذكرى تربويا وثقافيا لدى الأجيال القادمة، كي نواجه الغزو الفكري الذي يتعرض له هذا الجيل".

وقال أمجد شبيطة، إن "يوم الأرض يعتبر حدثا تاريخيا ولكن أيضا هر معركة مواتية على الأرض والوعي والرواية، هناك مخططات واضحة لتهويد الأراضي العربية، ويحب أن نتصدى لها، نحن شعب وقف لرابين أمام الدبابات، ولن نخاف من مواجهة بن غفير، ولكن يحب أن نتخلص بداية من مشاكلنا الداخلية، وخاصة الجريمة".

بدوره، قال المحامي شاكر بلعوم: "لسنا هنا للكلمات، بل لنؤكد على صمودنا، فلا أرض لنا إلا هذه الأرض، ولمواجهة سياسة الحكومة المتطرفة والعنصرية الفاشية، يتطلب منه وقفة موحدة حول خط نضال موحد، والصمود دون كلمات رنانة، لأن أمامنا تحديات كثيرة، نحنا أصحاب الحق والأرض، نحن نرى ما يجري الآن في النقب من مصادرة للأراضي، فالمصادرة لم تتوقف".

وتحدّث رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، قائلا: "عمليا اليوم ظهرنا إلى الحائط ولا مكان للرجعة، مهم أن يكون عمل شعبي... ويجب عدم تغييب العمل الشعبي، فالمشاركة الشعبية في الفعاليات الوطنية هي أمر في غاية الأهمية، لأن العدد سيشكل موقف شعب".

وأضاف بركة: "منذ يوم الأرض الأول، ومسطحات بلداتنا العربية تتقلص، أصبحنا اليوم في وضع أسوا مما كنا عليه في يوم الأرض الأول".

وكانت لجنة المتابعة العليا الجماهير العربية، قد دعت لإحياء الذكرى الـ47 ليوم الأرض الخالد، من خلال المشاركة الشعبية الواسعة في مسيرة يوم الأرض المركزية، تحت العلم الفلسطيني في سخنين، والمشاركة في المسيرات والنشاطات المحلية، لتأكيد التمسك بالأرض والوطن والبقاء.

كما دعت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في البلاد إلى أوسع مشاركة جماهيرية وشعبية في فعاليات ونشاطات إحياء الذكرى السنوية ليوم الأرض الخالد.

وتنظم نشاطات شعبية وحوارية على شرف يوم الأرض من قبل مركبات المتابعة واللجان الشعبية، وتخصيص ساعة دراسية تثقيفية حول يوم الأرض، في كل جهاز التعليم العربي لتوعية الطلبة حول هذه المحطة النضالية الهامة.

ويعود تاريخ الحدث المفصل إلى فجر 30 آذار/ مارس 1976، حيث اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي بلدات سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل، وأطلقت النار بشكل عشوائي على السكان العرب.

وهدفت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من إطلاق النار ترويع وردع العرب عن المشاركة في الاحتجاجات والإضراب الشامل ضد مصادرة الأراضي العربية، الذي أعلنت عنه لجنة الدفاع عن الأراضي، رفضا لمخطط التهويد والاستيطان في الجليل على حساب الوجود الفلسطيني.

وتؤكد الفعاليات الفلسطينية في الداخل أن "يوم الأرض هو محطة مركزية، ونقطة تحول في نضال جماهيرنا العربية، المترسخة في وطنها، لمواجهة كل السياسات العنصرية المستمرة، وسياسات مصادرة الأراضي. وفي هذا اليوم الخالد نستذكر شهداء يوم الأرض، خديجة شواهنة وخضر خلايلة ورجا أبو ريا، وخير ياسين من عرابة، ومحسن طه من كفر كنا، ورأفت زهدي من مخيم نور شمس، واستشهد في مدينة الطيبة".

وتعود أحداث يوم الأرض الفلسطيني لعام 1976 بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي العربية ذات الملكية الخاصة، تحت غطاء مرسوم جديد صدر رسميا في منتصف السبعينات، أطلق عليه اسم مشروع "تطوير الجليل" والذي كان في جوهره الأساسي هو "تهويد الجليل"، وبذلك كان السبب المباشر لأحداث يوم الأرض هو قيام السلطات الإسرائيلية بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد.

التعليقات