مؤتمر "كيان": دور النساء العربيات وثقافة الانتخاب وتمثيلهنّ في الساحة السياسية

"النساء يتفوقن اليوم على الذكور في التعليم للألقاب الأكاديمية، وتصل نسبتهن إلى 64% مقابل 34% من الذكور، ورغم ذلك فإن المرأة في المجتمع العربي تواجه العديد من المعوّقات في الجانب البنيوي للمجتمع وليس على الصعيد الفردي"

مؤتمر

جانب من الحضور في المؤتمر السنوي لـ"كيان"

عقد في مدينة الناصرة، اليوم السبت، المؤتمر السنوي لجمعية "كيان" – تنظيم نسوي فلسطيني، بالتعاون مع منتدى "جسور" القطري، بالتزامن مع اقتراب الانتخابات للسلطات المحلية في البلاد.

وقد عقد المؤتمر تحت شعار "ثقافة الانتخاب وبذور الخراب" بمشاركة نسائية بارزة، قمن بإلقاء نظرة نقدية وتحليلية على انتخابات السلطات المحلية العربية، وثقافة الانتخاب في المجتمع العربي، ودورها في إعادة إنتاج ذات الواقع المجحف بحق المرأة، والبحث عن بدائل ووسائل في سبيل تغيير هذا الواقع.

وقد أقيم المؤتمر في قاعة فندق "رمادا – أوليفييه" وتولت إدارته الإعلامية، شيرين يونس، والتي أكدت في مستهل حديثها، عن ضرورة تسليط الضوء على قرار مقاطعة الانتخابات والإحجام عن التصويت ما لم تخاطب عقول النساء وتلبي احتياجاتهن وترفعن الغبن عنهن.

وكانت الكلمة الافتتاحية في المؤتمر للناشطة، رانيا دراوشة كيلاني، وهي عضو في مجموعة "قياديات يافة الناصرة" ومنتدى "جسور" القطري، دعت فيها إلى التصويت بالورقة البيضاء في الانتخابات المقبلة كتعبير عن الاحتجاج والاستياء من الوضع القائم. وقالت إن "المنظومة الانتخابية في المجتمع العربي لا ترانا في ميزان القوى بين المتنافسين، رغم أننا نشكل نصف المصوتين وقضايانا متلاحمة مع قضايا مجتمعنا، لذلك نحن نقاطع الفساد والمحسوبية ولا نقاطع الانتخابات لمجرد المقاطعة، وإنما بسبب مصادرة حق المرأة التي ما زالت تضرب وتعنّف فيما لو أرادت التصويت حسب رغبتها وقناعاتها".

رانيا كيلاني (عرب 48)

كلمة جمعية "كيان" ألقتها العاملة الاجتماعية، هاجر أبو صالح، وقالت "ننظر بمسؤولية للواقع، وأولوياتنا بعدة عن الشعارات الفضفاضة والمسلوخة من الواقع، فنحن لا نتردد في الرجوع إلى الوراء حين نتعرض للتهديد ويصوب الرصاص نحونا، لكننا لا نتردد أيضا في التقدم إلى الأمام، فنحن لاعبات فعالات، حتى لو تعذر علينا الترشح والتصويت. نحن نريد للمرأة الصوت الصافي ولا نريد المُرّ ولا الأمرّ، حتى لو تنازلنا عن الانتخابات. وموقفنا من الانتخابات هو دعم المرشح الذي يجيب على تطلعاتنا وإن لم يتواجد فإننا نطرح البديل بالتصويت بالورقة البيضاء".

وقد تم عرض فيلم قصير تم من خلاله استقطاب رأي الشارع حول ثقافة الانتخابات، والذي يظهر مدى قوة التصويت العائلي والحمائلي لدى الأشخاص حتى وإن كانوا غير مقتنعين بهذا التوجه لكنهم يختارونه في النهاية من أجل تعزيز الشعور بالانتماء.

وقدمت د. مها كركبي صباح، المحاضرة في موضوع علم الاجتماع وعلوم الإنسان في جامعة بن غوريون، محاضرة تحت عنوان "النساء العربيات في السلطات المحلية: ما بين قدرة التمثيل وقدرة التأثير"، تطرقت فيها إلى الأسباب التي أدت إلى زيادة تمثيل النساء في مجال السياسة في المجتمعات، وأبرزها التعليم العالي والاستقلال الاقتصادي، وربطت ما بين وجود المرأة في العمل السياسي ورفع مكانتها في المجتمع وما إذا كانت كل النساء المنتخبات يتبنين أجندة تعزيز مكانة المرأة؟! وهو ما أسمته بقدرة التمثيل مقابل قدرة التأثير، مشيرة إلى أن ليس كل امرأة سياسية تحمل الفكر النسوي، لذلك فليس مهم عدد النساء وإنما المهم هو التوجه.

د. مها كركبي صباح (عرب 48)

وتحدثت عن واقع المرأة في المجتمع العربي في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والوضع المركّب الذي يشير إلى أنه في الجانب التعليمي، النساء يتفوقن اليوم على الذكور في التعليم للألقاب الأكاديمية، وتصل نسبتهن إلى 64% مقابل 34% من الذكور، ورغم ذلك فإن المرأة في المجتمع العربي تواجه العديد من المعوّقات في الجانب البنيوي للمجتمع وليس على الصعيد الفردي، فما زالت الأجيال تتمسك بأفكار من الزمن البائد التي ترى أن مكان المرأة في البيت والمطبخ.

وما يعزز هذه الأفكار ذكورية المجتمع وكون المرأة العربية صاحبة الدخل المنخفض مقابل الرجل ومقابل المرأة اليهودية، والنسب المنخفضة للنساء العربيات في سوق العمل مقابل الرجال، ومقارنة بالمجتمع الإسرائيلي اليهودي.

ولفتت د. كركبي إلى أن المرأة العربية دخلت البرلمان بعد 60 عاما من النضال، ووصل تمثيل النساء ذروته في العام 2020 حين أدرجت الأحزاب العربية الأربعة نساء في مواقع مضمونة، وأدخلت الأحزاب العربية 4 مرشحات للكنيست، لكن سرعان ما تراجعت هذه المعادلة حتى على الصعيد العام فإن التمثيل النسائي في الدورة الأخيرة للكنيست قد انخفض، وذلك على الرغم من أن الأبحاث أثبتت بأن الحزب الذي يعطي مكانة مضمونة للمرأة يجتذب وبشكل تلقائي أصوات النساء.

وقالت رفاه عنبتاوي، مديرة جمعية "كيان" إنه "لا توجد حلول سحرية، ولا حلول قريبة الأمد، ولكن علينا أن نبدأ الآن في الوقت الذي هنالك إجماع على أن الواقع سيء وغير محتمل، وهو الشيء الوحيد الذي يتفق على الجميع".

وتطرّقت عنبتاوي إلى سياسات الحكومات المتعاقبة التي عملت على شرذمة وتفتيت المجتمع العربي. وقالت إنه ليس مفهوما ضمنا أن يكون هذا الشعب الذي أبدى صمودا وقوّة في وجه الاحتلال وقدم التضحيات الجمة، أن يكون بهذه الحالة المترهلة من التفكك لولا الدور الذي لعبه الاحتلال في زرع بذور الخراب والدمار فيه كلما وجد أرضية خصبة منذ النكبة وحتى اليوم.

المناظرة حول المشاركة أو مقاطعة الانتخابات المحلية (عرب 48)

وقد جرت في نهاية المؤتمر مناظرة بين فريقين أحدهما مؤيد للتصويت وآخر مؤيد للمقاطعة أو بالتصويت بالورقة البيضاء. وشارك في المناظرة من الطرف المؤيد للمشاركة في الانتخابات د. رنا زهر كريني، عضو بلدية الناصرة، ومحاضرة في كلية عيمك يزراعيل، وأسيل أيوب، ناشطة سياسية وطالبة بكالوريوس، ومن الجانب المؤيد للمقاطعة شارك الباحث أليف صباغ، والناشطة السياسية وطالبة الماجستير، سعاد أبو صالح. وفي ختام المناظرة قام الحضور بالتصويت على الرأي الذي كان أكثر إقناعا لهم.

التعليقات