"ثناء وعتاب ورجاء من منطلق الأمل في الأحباء"..

-

لقد دعينا يوم 08/6/5 إلى حفل تكريم للسجناء الذين مضى على إعتقالهم ووجودهم في السجن أكثر من ربع قرن. وفي العام الماضي أيضاً دعينا لتكريم السجين المناضل الذي مضى على إعتقاله حينها 30 عاماً، وأنا أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في هذا التكريم لأناس يستحقون كل التكريم والإحترام من أناس يقدرون التضحيات والعطاء الذي لا يقدر عليه إلا من آمن بقضيته إيماناً حقا عميقا، إيماناً أنساهم أنفسهم وأمهاتهم وحتى زوجاتهم وأولادهم.

في حالات كثيرة نسوا كل شيء إلا كرامتهم وعزتهم وعزة أوطانهم ومواطنيهم وواجبهم الذي تبنوه ولم يتخلوا عنه مع كل العذاب الوحشي الذي يلاقونه سواء في التحقيق أو في مدة السجن التي تفرض عليهم.

دعينا وجئنا وكرّمنا السجين البطل الذي أمضى ثلاثين عاماً في السجن، ولم يحرك ساكناً في أمره. واليوم جئنا لنكرم كوكبة من الرجال الأبطال الذين أمضوا أكثر من ربع قرن في السجون.

ومن المؤكد أننا سنجد من نكرمه في العام القادم إلا إذا سعينا بإصرار وقوة.. قوة من يشعر أنه على حق وأنه مظلوم. نجتمع ونتحدث ونلقي الخطب ونشيد بصبرهم وصمودهم وثباتهم ونشاهد الدبكات ونسمع المواويل المؤثرة، وفي نهاية الحفل نذهب إلى المطعم لنأكل ما لذّ وطاب، ونعود لبيوتنا لننام.

والسؤال الذي يطرح نفسه هلا تخيل من نظم هذا الإحتفال كيف تشعر أم سجين دخل السجن كالبرعم الفضي وهي ترى خطوط الزمن ترسم على وجهه وهو بين الجدران، ويحيط به زبانية العذاب الذين يملأ قلبهم الحقد والكره وحب الإنتقام، إذا وضعت رأسها على الوسادة لتنام؟ ماذا يكون حالها وهل يزورها النوم المريح في تلك الليلة؟

قد يقول قائل إن مثل هذه الإحتفالات تشحذ الهمم وتقوي المعنويات، وأنا ليس لي إعتراض على هذا ولكن! هل هذا يكفي؟ بالطبع لا وألف لا. إننا تحتاج لأكثر من هذا بكثير. نحتاج لمن لا ينساهم ولا ينسى قضيتهم على مدار الساعة.

كان هذا مقبولاً لو أننا ننظم مثل هذه الإحتفالات من جهة، ونسعى بخطى حثيثة ومتواصلة لخلاصهم، خاصة وأن من ينظم هذه الإحتفالات ليس حزباً أو مؤسسة أو حركة شعبية لا تملك أي صلاحية، وإنما هم من بيدهم مصير هذا الشعب المغلوب على أمره، فلا أقل من أن نثير هذه القضية في كل موقف وفي كل مناسبة وفي كل مكان سواء داخل البلاد أو خارجها.. لنحرك هذا الجمود الذي أصبح في نظر الكثيرين منا أمراً واقعاً وليس لنا ما نفعله إلا إنتظار رحمة من يتلذذ بقهرنا ويسعى دائماً لذلنا وإضطهادنا وتعذيبنا.

وأخيراً أرجو أن أكون قد إستطعت رسم الصورة التي تشعر بها كل أم، وأن أكون أيضاً قد إستطعت أن أذكّر زعماءنا أن لنا عليهم حقا، لأن كل راع مسؤول عن رعيته، والحكم مسؤولية وأملنا كبير في زعمائنا أن يتجاوبوا معنا ويضعونا بين الأفضليات ولا أبالغ إن قلت أولها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أم محمد برغال
والدة السجين مخلص برغال

التعليقات