الأسيرة المحررة مريم زايد رحلة عذاب ومعاناة لا تنتهي ..

رحلة النضال والعذاب منذ ريعان صباها داخل السجون الإسرائيلية مرورًا بالسجن المؤبد للشقيق محمد زايد واعتقال الوالد معها ووفاة شقيقها خليل (28عامًا) ومن ثم وفاة الوالدين وسط عاصفة من الحزن ومرارة الأسى

الأسيرة المحررة مريم زايد رحلة عذاب ومعاناة لا تنتهي ..

الأسيرة المحررة مريم زايد، (46 عاما) من حي "الغيتو" في مدينة الرملة، ساقتها رحلة النضال والعذاب منذ ريعان صباها داخل السجون الإسرائيلية مرورًا بالسجن المؤبد للشقيق محمد زايد واعتقال الوالد معها ووفاة شقيقها خليل (28عامًا) ومن ثم وفاة الوالدين وسط عاصفة من الحزن ومرارة الأسى. ومرت مريم محطات أخرى مؤلمة على أعزائها، والملاحقة التي طالت لقمة العيش إلى أن أصيبت بالكفاف وأقعدت على كرسي متحرك، واليوم ترعاها ابنتها هند التي كبرت وتقف إلى جانبها إلا أن رحلة المعاناة لم تتوقف.

اعتقلت زايد في عز صباها، وهي أم للطفلة هند التي لم تتجاوز الخمس سنوات في العام 1988 بتهمة حيازة أسلحة وذخيرة والانتماء لحركة فتح بهدف خطف جنود لمبادلتهم بالأسرى، وأصدرت المحكمة حكمها بالسجن الفعلي مدة سبع سنوات، وأطلق سراحها في العام 1994بعد أن قضت مدة محكوميتها كاملة دون تخفيض ثلث المدة.

مريم زايد تتحدث..

تستعرض مريم زايد بمزيج من الكبرياء والألم رحلتها مع المعاناة، وتستذكر الأسرى المضربين عن الطعام متضامنة معهم، وتستعيد شريط الذكريات المرّ.

قالت:اعتقل شقيقي محمد في العام 1988بتهم "أمنية"، وحكم عليه بالسجن المؤبد، الأمر الذي صدم العائلة. وفي أعقاب صدور الحكم أصيبت والدتي بالشلل، وبعد أسبوعين من حكم محمد اعتقلت أنا ووالدي، وكان في سن 81 عاما، وصدر الحكم علي بالسجن الفعلي لمدة ست سنوات ونصف، وحكم على والدي بنفس التهمة سبع سنوات. وبعد تقديم استئناف تم تخفيض المدة لأسباب صحية صعبة ليقضي مدة سنتين، وبعد 11 يومًا من تحرره توفي دون أن ألقي عليه النظرة الأخيرة.

وتابعت مريم: "بعد الحكم المؤبد على شقيقي محمد، توفي أخي خليل في جيل 28عاما بشكل مفاجئ. وبعد خروجي من السجن توفيت والدتي. واصلت تحدياتي مع ابنتي هند التي أصبحت بعد خروجي من السجن في جيل 13 عاما، واليوم هي من يرعاني ويتابعني.

واستذكرت مريم محطة أخرى من الألم، وقالت: في بداية أسري علمت أن مؤسسة الشؤون حاولت أن تأخذ ابنتي هند إلى ملجأ حيث كانت في سن السادسة، بحجة أن والدتي لم تكن أهلا لاحتضانها. ولم يسمح لأمي باحتضانها وتربيتها إلا بعد تدخل"مجموعة نساء من أجل الأسيرة" وبعمل طاقم من المحاميات وتقديم تقرير بإيجاز أهلية احتضان أمي لطفلتي هند وتربيتها.

الملاحقة وتحديات المعيشة..

لم تكن الحياة خارج السجن أقل وطأة بكثير من السجن نفسه، بل واجهت مريم تحديات المعيشة والتضييق والملاحقة. وقالت: كنت أبحث عن عمل في سبيل العيش الكريم، وعملت في عدة أماكن، لكن في إحداها وأنا أقوم بعملي في مستشفى "تل هشومير" عن طريق مقاول عربي شاءت الصدفة أن ألتقي بنفس المكان بضابطة عملت في قسم السجن، الذي قبعت فيه بحيث علمت أنها أخبرت المسؤولين المشغلين لي بأنني سجينة أمنية، فتوجهوا للمقاول وطالبوه بإقصائي من العمل، وأعلموني أنني مرفوضة، ذلك بالإضافة لتكرار مداهمة البيت بحجة التفتيش عن أسلحة، هذا إلى جانب الظروف المعيشية القاسية، لكني خضت التحديات بكرامة وشرف.

الإعاقة وآثار التعذيب...

مريم مقعدة اليوم وشبه كفيفة، وتعتاش على مخصصات التأمين، لكنها تؤكد أن هناك مؤسسات خيرية بعضها تخلى عنها وأخرى تثمن دورها عاليا، وخصت بالذكر مؤسسة "بيت الرحمة"، وقالت: أنا أصبحت مؤخرا مقعدة بعد أن أصبت بجلطة دماغية، وفقدت بصري أيضا، وأنا متأكدة أن ذلك جراء التعذيب القاسي الذي تعرضت له في التحقيقات القاسية، ولا عنوان لتقديم دعوى قضائية لأن المحققين لا يعرفهم أحد من المعتقلين، وليس من اليسير أن نثبت ذلك أمام جهاز بحجم أجهزة المخابرات.

وقالت مريم: "أنا أعيش اليوم مع أبنائي، لدي بنتان وثلاثة من الأبناء. وهند التي تركتها طفلة ترعاني وتتابعني، والتحدي الأكبر اليوم أن أحافظ على عائلتي وبيتي المهدد من الدوائر والبلدية.

الشرطة تداهم البيت بحثا عن أسلحة..

واستمرارًا لمسلسل الملاحقة والمعاناة، داهمت قوات كبيرة من الشرطة والوحدات الخاصة يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع منزل مريم زايد في الرملة، بحجة البحث عن أسلحة وذخيرة. وقالت: "داهموا البيت أثناء وجودي في محكمة للنظر في أمر هدم جزء من بيتي، وعاثوا في البيت فسادًا وترهيبًا".

وأضافت "هذه ليست المرة اﻷولى التي تقوم بها الشرطة بمثل هذه اﻹجراءات، لكن عملية التفتيش هذه المرة تزامنت مع عقد جلسة للمحكمة في ملف هدم منزلنا، والذي يقطنه أكثر من عشرة أنفار".

واعتبر الأسير المحرر محمد منصور زايد، شقيق الأسيرة، أن هذه اﻷفعال تتواصل في ظل تردي الأوضاع السياسية، وهي استمرار لما قامت به عصابات "الشتيرن" و"الهاجاناه" عام النكبة من طرد وتشريد ﻷبناء شعبنا في اللد والرملة والجليل، وكما يحدث في مدينة عكا ويافا يحدث في باقي ربوع الوطن.

وأضاف: "نحن نقول لهم خسئتم، أنتم ومخططاتكم، ومثلما لم نترك بيوتنا ومنازلنا عام 1948 لن نتركها اليوم".

التعليقات