23/10/2021 - 21:42

"أمل اسم امرأة": سردٌ لمعاناة المرأة الفلسطينية والمواطنين في النقب

تسلط د. أمل الصانع - حجوج من خلال كتابها "أمل اسم امرأة" الذي من المقرر صدوره قريبا باللغة الإنجليزية ثم العربية والعبرية و22 لغة أخرى كما يقضي الاتفاق مع دار النشر، الضوء على معاناة المرأة الفلسطينية والمواطنين العرب في النقب من

(توضيحية - أرشيف عرب 48)

تسلط د. أمل الصانع - حجوج من خلال كتابها "أمل اسم امرأة" الذي من المقرر صدوره قريبا باللغة الإنجليزية ثم العربية والعبرية و22 لغة أخرى كما يقضي الاتفاق مع دار النشر، الضوء على معاناة المرأة الفلسطينية والمواطنين العرب في النقب من خلال سيرتها الذاتية.

في تعريف الكتاب جاء "لحظة ولادتها نظر والدها إليها وقال أنا أرى أملا في وجهها أريد تسميتها أمل آملا من الله أن يرزقني أبناء بعدها. البنت الخامسة في مجتمع ذكوري أبوي وبدوية أصلانية في دولة يهودية؛ أتت أمل لتحارب من أجل وجودها كامرأة ومواطنة فلسطينية في دولة يهودية ومن أجل إحقاق حقوق المواطنين البدو في النقب".

وعرف عن الصانع أنها ناشطة اجتماعية وسياسية معروفة في النقب ومناطق الـ48، أنهت مؤخرا تعليمها الجامعي ونالت درجة الدكتوراة من جامعة مكجيل في كندا، حيث تعمل محاضرة وباحثة في نفس الجامعة وتتواجد في البلاد بصفة محاضر زائر في قسم العمل الاجتماعي في الجامعة العبرية في القدس.

وحول الكتاب وموضوعاته المختلفة أجرينا حوارا مع د. أمل الصانع - حجوج التي عرفناها كناشطة اجتماعية وسياسية.

"عرب 48": ما هو الأمل الذي يعطيه الكتاب للنساء وللنقب ولمجتمعنا الفلسطيني؟

الصانع - حجوج: الكتاب سيرة ذاتية أنسجها من خلال ثلاثة محاور أساسية وهي على النحو السياسي والشخصي والمهني وكيفية التعامل معها، وهي تسرد التحديات التي واجهتها كامرأة في مجتمع ذكوري وفلسطينية في دولة يهودية وكعاملة اجتماعية في مجال المهنة، وهل النظريات الغربية بمقدورها الاستجابة لقضايانا بدون توظيف المعرفة وخلق نظريات في العلم الاجتماعي والتنمية الاجتماعية نابعة من داخل المجتمعات نفسها.

التحديات الثلاثة تلك أتناولها من خلال سيرتي الذاتية ومن تجاربي الشخصية ولكن في كل جزء هناك الدروس المستفادة التي تأخذ القارئ للمنحى المهني، وكيفية الاستفادة من تلك التجارب. ونقطة انطلاقي كانت أنه في مجتمعاتنا العربية من المحيط إلى الخليج أدب السيرة الذاتية غير مطور بشكل كاف، بسبب التخوف من الاعتراف بالفشل وأحيانا من مواجهة نفسك.

السيرة الذاتية مطورة عند المسيحيين على سبيل المثال، لأنها ترتبط بعملية الاعتراف في الكنيسة، فنجد أنه لا أحد قام بدور معين إلا وكتب سيرة ذاتية ليعطي فرصة للناس أن تتعلم من تجاربه، أما نحن فلأن هذه التجارب، أحيانا، يوجد بها نوع من الاعتراف وأحيانا أخرى نوع من الإحراج ينعكس على حياتك الشخصية فنحن مجتمع يتجنب هذه الظاهرة ونخاف منها.

د. أمل الصانع - حجوج

لذلك نجد حتى وحيد سيف الذي كتب التغريبة الفلسطينية وكتب البيوغرافيا الخاصة به، يكتب في المقدمة، "أنا أتوقع أن هناك أناسا ستشهر سيوفها القبلية والعشائرية وتضرب بها وتنتقد"، وذلك لأن أدب السيرة الذاتية غير مطور وغير ناضج لدرجة أن الناس تقول، تعالوا لنرى ماذا تعلمنا من سيرتها الذاتية.

الدافع الثاني أن سيرتي الذاتية فيها زخم كبير من العمل يجب التعلم منه، ليس لأنني أعشق نفسي بل لأنني أعتقد أن التحديات التي مررت بها كامرأة في المجتمع العربي في النقب وكمواطنة في إسرائيل وكمنظمة جماهيرية وطريقة التعامل معها، هي تحديات يمكن الاستفادة منها من قبل الآخرين وهذا هو الهدف من السيرة الذاتية، نقل تجارب الآخرين والاستفادة منها، بدلا من أن يتخبط كل واحد منا في الظلام لوحده.

"عرب 48": ألمحتِ إلى الحاجة لجرأة معينة في هذا النوع من الكتابة ما يعني أنك لم تنحرجين من ذكر الإخفاقات ومواجهة المواقف والأسماء؟

الصانع – حجوج: أنا امرأة من اللقية في النقب كتبت عن معاناتي في المجتمع والدولة، ذكرت كيف تعاملت لجنة المتابعة مع قضايانا ولم أتورع من تسمية الشيء باسمه، فسميت القيادات بأسمائها، مثلما سميت أمي وأفراد عائلتي بأسمائهم.

"عرب 48": الكتاب سيصدر باللغة الانجليزية وبـ22 لغة أخرى عن دار نشر عالمية في لندن وسيسوق من قبل "أمازون"، ماذا لفت نظرهم في سيرتك الذاتية؟

الصانع- حجوج: في العادة أنت تكتب الكتاب كاملا ومن ثم يقرر الناشر فيما إذا سيصدره أم لا، ولكن في حالتي أنا كتبت الفصل الأول فقط وعندما سلمته تواصل معي الناشر بشكل مباشر من لندن وطلب أن أعدهم بأن لا أبعث الجزء الأول لأي ناشر آخر، وقالوا إنهم سيبعثون لي العقد لأوقعه فورا وعندما تأخرت في توقيع العقد كانوا يتصلون بي يوميا خوفا من أن أذهب إلى ناشر آخر، ناهيك عن أنهم أعطوني نسبة 15% عن أول 10 آلاف نسخة وهي نسبة لا يحظى بها سوى كتاب كبار.

أعتقد أن ما لفت نظرهم أنني نسجت القصة الشخصية بتداخل مع القصة السياسية والمهنية بحبكة، بحيث عندما يقرأها إنسان في لوس أنجلوس لا يقول هذه بنت بدوية مسكينة ضحية مجتمعها المتخلف، ولا يقرأها يهودي إسرائيلي فيقول هذه متطرفة فلسطينية، رغم كل ما قدمته لها الدولة أنظر ماذا تقول عنها، ولا يقرأها فلسطيني فيقول، هذه فلسطينية باعت هويتها لليهود أنظروا كيف تتحدث عن اليهود بشكل إيجابي.

كتابي يحير لأنه يظهر كل مركبات حياتنا بحيث يجعل القارئ يفكر ويصل إلى استنتاجات لوحده، لأن حياتنا ليست بهذه البساطة بل هي مركبة جدا، فأنا أحكي مثلا عن قتل النساء وتعامل المجتمع الذكوري مع قتل النساء وكيف أتعامل أنا مع قتل النساء وكيف تعامل معي المجتمع ووصفني بأنني غير محترمة لأنني وقفت إلى جانب المرأة التي قتلت، هذا إلى جانب تعامل الشرطة التي تقول لك هذه قضاياك مع قتل النساء، فأنا أظهر تعامل المجتمع مع هذه القضية وتعامل المؤسسة مع هذه القضية وأذنب الطرفين.

في نهاية الأمر الناس تبحث عن الأسود أو الأبيض وعندما تكون في المنطقة الرمادية فأنت تحير الناس، والناس لا تريد الحيرة، فإما أن تكون ضد هذه الدولة حتى النهاية، بمعنى أن تكون "وطنيا" أو أن تكون "خائنا"، وأنا قررت ألا أدخل من هذا الباب أو ذاك.

غلاف الكتاب "أمل اسم امرأة"

"عرب 48": أن يكون الإنسان وطنيا لا يعني أن يغطي على عيوب ونواقص وربما جرائم مجتمعه، كما أن التعامل مع الواقع من أجل تغييره ليس تواطؤا؟

الصانع - حجوج: هناك قضايا سجلتها في موضوع التطوع منذ العام 2003 أي قبل الإعلان عن مشروع الخدمة المدنية عام 2005، وحينها كان يخطر ببالي شبابنا الذين يتسكعون في الشوارع ويتجولون في المجمعات التجارية في بئر السبع، لأن ليس لديهم ما يفعلونه بعد إنهاء الثانوية ولم يدخلوا الجامعة، وكان هدفي جمع هؤلاء الشباب وتعليمهم كيف يبنون ذاتهم من خلال بناء روضة وإصلاح مدرسة وزراعة أشتال زيتون.

اقترحت على قياداتنا بناء مشروع تطوعي لاحتواء عشرات آلاف الخريجين من الثانويات سنويا، وأن نبني مشروعنا قبل أن تفرضه الدولة علينا فلم أجد أذانا صاغية، وبعضهم قال إن هذا المشروع ملائم للنقب فقط وليس لسائر المناطق، وربما استكثروا أن ينطلق مشروع من النقب ويعمم في الناصرة وحيفا وأم الفحم، خصوصا وأن من تقف وراءه هي امرأة، ولم يقتصر الأمر على الرفض بل تلته الانتقادات والتهجمات وبعد سنتين فقط خرجت علينا الدولة بمشروع الخدمة المدنية.

"عرب 48": ربما سبب الانتقادات للجمعية التي أسستها ونشطت فيها ومضامين عملها التي كانت مثار نقاش؟

الصانع - حجوج: جمعية "اجيك" التي أسستها كان من الطبيعي أن يكون عليها انتقادات لأنني استحضرت يهودا ليعملوا معي وليس اليهود هم من استحضروني لأعمل معهم، أنا قلت عمليا أنني كأقلية لدي دور أن أثقف الأغلبية وأستدعيها كي تتعامل معي وليس العكس، وهذا كان جديدا عليهم وكان من الطبيعي أن يصارعونني.

في الكتاب أوردت كيف تعاملت المؤسسة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام "الشاباك" مع هذه الظاهرة وكيف جاء موطي زاكين (مستشار رئيس الحكومة في حينه) ووقف إلى جانبي وأنا أشتري مسحوق غسيل، بعد أن نظمت نشاطا في يوم الأرض مع متطوعين من "اجيك"، وقال لي "أنت تنشرين التطرف بين البدو"، وقد تعمد أن يقف إلى جانبي لأنه قبل يومين نشرت إحدى الجرائد أنني خائنة وأعمل مع "الشاباك" وأراد تكريس هذه الشائعة.

زاكين وغيره يعرفون "خطورتي" على المؤسسة الإسرائيلية لأنني أربي وأعلم أولاد النقب على الهوية الفلسطينية وأعمل على إنشاء تنمية مجتمعية، وقد قلت له عد من حيث أنت قادم فأنت تريد تلويث سمعتي، وإذا أردت التحدث معي تستطيع أن تستدعيني بشكل محترم وأنا لا أخاف من المجيء إلى مكتبك، وعندما جرى استدعائي إلى مجلس الأمن القومي قلت لهم أنا لا أخافكم، وهذا كله وارد في الكتاب.

"عرب 48": هل تقصدين أن الجانب الوطني وليس الاجتماعي فقط بارز في الكتاب؟

الصانع - حجوج: نعم بارز جدا في قضية القرى غير المعترف بها وفي التعامل معنا كتهديد أمني وديمغرافي، من خلال قصص واشتباكات مع هؤلاء ومع شموليك ريفمان رئيس مجلس "رمات حوفاف" ومع غيورا ايلند رئيس مجلس الأمن القومي.

كما أن الجانب الاجتماعي بارز من خلال قضايا قتل النساء ومن خلال قصة زواجي خارج العشيرة، فأنا من الصانع وتزوجت شاب من الحجوج كان زميلي في المدرسة منذ صف البستان، وتخيل أنني لا أستطيع الزواج منه فقط لأنه يحمل اسم عائلة أخرى.

أنا أسميت الكتاب "أمل اسم امرأة" لأنني أؤمن أن كل امرأة عندها القدرة أن تصل وتتحدى وتمتلك الفرصة والدعم، وأبرزت دعم والدي وجدتي التي كنت أسمعها منذ صغري تقول "المرأة حرة" و"الحرة لا تخاف"، وهو ما رسخ في ذهني أن حرية المرأة مفهوم أصلاني ومفهوم وطني، مفهوم جدتي، فكيف أتهم عندما أتحدث عن حرية المرأة بأنني أستورده من الغرب.

هذا ما كتبته لكي يفهم الغرب أنني لم أناضل لأجل أن أكون غربية و"موديرن" وأعجب الغرب، بل قلت إن "المرأة حرة" و"الحرة لا تخاف" وهذه مفاهيم جدتي التي ربتني عليها، فأنا لست ممن يتحدثن عن مدى ظلم المجتمع العربي والدين الإسلامي لكي يصفق لهن الغرب، ويغذين بذلك فكرا استشراقيا، كما تحدث إدوارد سعيد، وفي نفس الوقت أنا لا أخفي عيوبنا الاجتماعية تحت السجادة لكي يصفق لي مجتمعي.

التعليقات