رام الله والبيرة تحتضنان أيّام التجمع الطّلابي الدّيمقراطي الدّراسيّة..

-

رام الله والبيرة تحتضنان أيّام التجمع الطّلابي الدّيمقراطي الدّراسيّة..
احتضنت مدينتا رام الله والبيرة المكبلتان بأغلال الحصار، أياما دراسيّة للعشرات من أعضاء التجمّع الطّلابي الديمقراطي ممّن يدرسون في الجامعات والكليات الأكاديمية الإسرائيلية المختلفة.

كانت أيامهم الأربعة من 16 – 19 تشرين أوّل، 2008، عامرةً بالتّواصل والثقافة والحوار والنّقاش والتّنظيم والاستماع إلى نخبة أكاديمية مهمة من أساتذة فلسطينيين وغير فلسطينيين، أبدى الطّلاّب خلالها تفاعلاً ومشاركةً كبيرين لم يشهدا في مشاريع سابقة مشابهة، ممّا أضفى حيويّة ونشاطا وروح مبادرة على أجواء أيّامهم الدّراسيّة.

استمع الطّلاّب وحضروا 10 جلسات تثقيفيّة وتنظيميّة وحواريّة استغرقت 20 ساعة أكاديميّة، غطّت مجمل المضامين والقضايا محلّيًّا وإقليميّا وعالميًّا وحزبيًّا، فكان الفكر والثّقافة حاضرين، والتّنظيم والسّياسة والأدب والاقتصاد والتّاريخ والقضايا الطّلاّبيّة والخ..
في اليوم الأوّل (16-10-2008م)، كانت د. روضة عطا الله، مسؤولة الدائرة الطلابية في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، في استقبال الطلبة المشاركين في مقرّ مؤسسة " إنعاش الأسرة "، مطلعة الشباب على برنامج الأيام الدراسيّة، مبينةً أهداف المشروع ومتناولةً للأمور التنظيميّة والتّدبيريّة، معرّفةً بمؤسسة " إنعاش الأسرة " التي ضمّت قاعاتها ومرافقها مجمل المحاضرات والفعاليّات طيلة الأيام الأربعة.

تناولت محاضرتنا الأولى مع السيد عبد المنعم وهدان "العملَ الشّبابيّ الفلسطينيّ وتاريخ الحركة الطّلابيّة الفلسطينيّة "، فبحثنا تشكّلها وتطوّرها منذ ما قبل عام 1948 وحتى أيامنا هذه، لنعرف مدى تأثير الحركة الطلابية الفلسطينية على العمل السياسي ومواقع صنع القرار وتوجيه دفّة النّضال الفلسطينيّ الطّلابيّ والجماهيريّ عبر عقود وعقود.

ثمّ كان معنا د. جمال زحالقة، قائد حزب التّجمّع الوطني الديمقراطي ورئيس كتلته البرلمانيّة في الكنيست، ليقدّم لنا محاضرته تحت عنوان: "بيان سياسي – مهام التّجمّع السّياسيّة"، فتناول الأوضاع السياسيّة الإقليميّة والعالميّة مشخّصًا ومحلّلاً، مبيّنًا الفرصة المتاحة أمام العرب في ظلّ الأوضاع السّياسيّة الرّاهنة لاستغلالها والتّحرّك نحو استقلاليّة أكثر لا تبعيّة وانبطاحيّة غير مشروطتين لصالح المصالح الأمريكيّة والغربيّة، معالجًا مسألة نضوج إسرائيل أو عدمه، ما يمكّنها من تحقيق تسوية سلميّة عادلة، وهذا ما لا يعتقده زحالقة.

ودارت جولة من الحوار والنّقاش ما بين د. زحالقة والطّلبة المشاركين حول أهم القضايا الطّلابيّة الطّارئة، وعن عمل الحركة الطلابيّة والتزاماتها ودورها المرجو منها وعلاقة الحزب بها وصيغ دعمه لها.

وكانت معنا في محاضرةٍ ثالثة د. إصلاح جاد، أستاذة الدّراسات الثقافيّة والجندر في جامعة بير زيت، متناولةً " المقارنة بين العلمانيّة والحركات الإسلاميّة في الإطار الفلسطينيّ "، رافضةً الانشطاريّة الّتي تقسم المجتمع والخطاب السّياسي الفلسطينيين إلى قوى متنوّرة علمانيّة وقوى دينيّة ظلاميّة، معتبرةً إيّاها وهميّةً وغير حقيقيّة ولا تؤدّي إلى للمزيد من الصّراعات والتّناحرات، ناعتةً إيّاها بالانشطاريّة المزيّفة، كما وتحدّثت عن تجربة المرأة الفلسطينيّة في منظمة التّحرير، إذ ترى أنّ نموذج ليلى خالد ودلال المغربي لا يصلح أن يعكس حقيقة دور المرأة ووضعها في منظّمة التّحرير، فالمرأة كانت أيضًا في إطار المنظّمة مهمّشة ولم تمنح الحقّ الّذي تستحقّ بالمشاركة في الفعل السياسي.

وبعد الانتهاء من محاضرة د. إصلاح جاد وجلسة الحوار معها، عقد الطّلاّب جلسة تنظيميّة خاصّة، أداراها كلّ من عوني بنّا، مركّز الدّائرة الطلابيّة، وممدوح اغباريّة، الرّئيس السّابق لاتّحاد الطلاّب العرب القطري في الجامعات والمعاهد الإسرائيلية، فدار الحوار حول دور الحركة الطلابيّة، العقبات الّتي تواجهها، الهرميّة فيها، سلوكها في الانتخابات، خيارات التّحالف ما بين التّجمّع وما بين حركات أخرى وسيناريوهات هذه التّحالفات، الالتزام والانضباط الطّلابي، آليّات العمل الطّلابي وإنجاز المشاريع، سبل رفع شأن العمل الطّلابي، المعيقات الّتي تواجهها الحركة الطّلابية، ودور الطّلاب في انتخابات السّلطات المحلّية، آليّات العمل الإعلامي لإيصال خطاب التّجمّع فيما يتعلّق بالتّحالفات وموقفه منها وما إلى ذلك...

أمّا في اليوم الثّاني (17-10-2008م) كنّا على موعد مع د. محمود محارب، أستاذ العلوم السّياسيّة في جامعة القدس، ليستعرض لنا تاريخ " الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة 1920 – 1948 "، فرسم لنا مشهدا كليّا شاملا عن تطوّر الحركة وتشكّلها، مشيرًا إلى دور العرب والجيوش العربيّة التي لم تبذل أي شيء في سبيل تحرير فلسطين، والتي لم تأت إلى فلسطين عام 1948 بأعدادها القليلة جدًّا وتضحياتها الأقل بكثير إلاّ في سبيل فرض نفوذها وحصولها على ما أمكنها من أراضي الجزء العربيّ من فلسطين وفق قرار التّقسيم، إذ لم تدخل تلك الجيوش إلى المناطق المعلن أنها للجانب اليهودي الصّهيوني المغتصب، مطلعًا الطّلاّب على حجم المؤامرة العربيّة والعالميّة على فلسطين وأهلها ممّا أدى إلى نجاح المشروع الصّهيوني، الّذي ما كان لينجح وفق رأيه لولا تعاون حكّام العرب وانخراطهم ضمن أجندته، ولفشل حتّى وإن كان الفلسطينيّون في أسوأ حالاتهم التّنظيميّة والمعيشيّة والمعرفيّة.

وكانت معنا في المحاضرة الثّانية من اليوم الثّاني، الأخت حنين زعبي، رئيسة مؤسّسة إعلام، متناولةً " فكر وبرنامج التّجمّع "، فحاورتنا حول مبادئ التجمّع وخطابه السّياسيّ وأهمّ ما يميّز رؤيته ورؤاه لوضع الأقليّة العربيّة في الدّاخل، والقضيّة الفلسطينيّة، وطبيعة الدّولة العبريّة ومفهوم " دولة جميع مواطنيها "، والتّمييز ما بين حزب وحركة وطنيّة ونقاط التّقاطع ما بينهما وما إلى ذلك...

ومن جامعة بير زيت، شاركنا د.عبد الرّحيم الشّيخ، أستاذ الفلسفة والدّراسات الثّقافيّة فيها، فقدّم لنا محاضرةً حول " السّياسات الثّقافيّة الفلسطينيّة بعد أوسلو "، مشيرًا إلى أنّ وعي فلسطين الجديدة ما بعد أوسلو هو وعي الاستشراق، ووعي قوارض، فنحن نتحدّث عن دولة تربط بين أجزائها الجغرافية شبكة من الأنفاق والجسور.. ونوّه إلى أنّه لا فلسطين واحدة في الواقع وإنّما ثلاث، فهناك فلسطين الاستعمار وفلسطين الاحتلال وفلسطين السّلطة، وتحت كلّ مسمّى تندرج لائحة طويلة من الميّزات والفروقات والبرامج والمصالح والمشاريع والأهداف والسّياسات.

وقد تناول نصًّا لكلّ من درويش والطّاهر وطّار، محاولاً أن يبرهن انعكاس السّياسية من خلال الأدب وكيف أنّ ثقافة أوسلو أثرت في الشعر والشعراء والخ...

وفي اليوم الثّالث (18-10-2008م) كان معنا د. سمير عوض، رئيس دائرة العلوم السّياسيّة في بير زيت، متناولاً " الوضع السّياسي الفلسطينيّ والسّيناريوهات المستقبليّة "، فتحدّث عن أزمة القيادة فلسطينيًّا وعن ضرورة إيجاد المتحدّث المناسب باسم الفلسطينيين والّذي يلقى استجابةً من قبلهم، وتحدّث عن سياسة " الحياة مفاوضات " وعن استمرار المفاوضات خيارًا لا بديل له من قبل السّلطة الوطنيّة حتّى وإن فشلت المرة تلو المرة، ناعتًا إيّاها بأنّها سياسة انهزاميّة، ومشيرًا إلى ضرورة اللّجوء إلى الخيار ( لا ) مع كلّ مرّةٍ وجدنا أنّه من المناسب استخدامه، وقد أوجز الوضع الفلسطينيّ بقوله إنّ الفلسطينيين ينتظرون كما انتظروا دائمًا موافقة إسرائيل على صفقة ليس من الممكن أن نوافق عليها نحن أنفسنا، وإن لم نوافق، ويجب ألاّ نوافق على صفقةٍ تريدها إسرائيل، فلن يحصل شيء أكثر ممّا حصل على يد الاحتلال وجنوده..

وبين أنّه من باب أولى لشعبٍ محتلّ أن يقاوم، منوّهًا إلى أهميّة الانتفاضة الفلسطينيةّ الأولى في تغيير وجهات النّظر عالميًّا وبإظهار فلسطين على أنّ فيها شعبٌ يقاوم تحت احتلالٍ مغتصِب غاشم..
وأشار إلى أنّ السّلطة تحوّلت إلى منظّمة إغاثة اجتماعيّة لتوزيع الأموال وتشغيل النّاس لا أكثر، وبالتّالي إذا ما استمرّت السّلطة بفشلها في إدارة شؤون الفلسطينيين وقضاياهم، فإنّ خيار حلّها يجب أن يكون واردًا.

وعن " القوميّة وثنائيّة القوميّة والصّراع السّياسي الحالي " حدّثنا د. أمنون راز، أستاذ التّاريخ في جامعة بئر السّبع، مشيرًا إلى أنّ السّلام من وجهة نظر إسرائيليّة يعني التّخلّص من العرب، وأنّ الحلّ للصّراع السّياسي كامنٌ في قبول اليهودي فكرة أنّ من حقّ العربيّ أن يكون شريكًا له في تحديد الحقوق والواجبات وأن يمارس العربيّ بالتّوافق حقّه في منح الحقوق لليهود من خلال المؤسّسات ومعاقل صنع القرار، وأنّه لا يمكن الحديث عن أيّ حلّ ممكن إذا تمّ تهميش حقّ العودة وإلغاء الحديث عن هذا الحقّ كما كان الأمر قبل عشر سنين، وأشار إلى أنّ حديث د. عزمي بشارة عن " دولة كلّ موطنيها " يأتي من منطلق اعترافٍ بقوميتين مختلفتين عربيّة وإسرائيلية، أمّا بالنسبة لليساريين من الإسرائيليين فالحديث عن دولة لكلّ مواطنيها لديهم يأتي من عداونيّة وضدّيَة لليهودي المتديّن دون الالتفات حتّى إلى وجود العربيّ كشريك حقيقي وكصاحب حقّ...

وقد عقد الطّلاّب المشاركون جلسةً تنظيميّة ثانية أدراها كلّ من د. روضة عطا الله، مسؤولة الدائرة الطلابيّة في حزب التجمع، والطّالب عوني بنّا، مركّز الدّائرة الطلابيّة في الحزب، حيث أدلى المشاركون خلالها بآرائهم ومقترحاتهم حول قضايا الانتخابات الطّلاّبيّة والعمل الطّلاّبي وعلاقة الحركة الطلابيّة بالحزب، وما يرجوه الحزب ويطلبه من الحركة الطّلابية، ومضامين الورقة المتضمنة لاقتراح برنامج عمل للجان الطّلاب في الجامعات وكيفية صياغتها وكتابتها.

وعن " الأزمة الاقتصاديّة الأخيرة وتأثير العولمة " حدّثنا د. باسل غطاس، رئيس تحرر مجلة "مالكم" الاقتصاديّة، معرفًا الطّلبة بأهم المصطلحات الاقتصادية المتداولة ومبينًا سريان العمليات الاقتصادية وقوانين السوق والآليات الاقتصادية المتبعة في النظام الرأسمالي، وكيفية حصول الأزمة المالية ومدى تأثيرها في السياسة والثقافة العالمية والأوضاع الإقليمية والقضية الفلسطينية.
على هامش الأيّام الدراسية، استقبل الطلاب المشاركون في اليوم الثاني الشاعر الفلسطيني مراد السوداني في سهرة تواصلية ممتعة، وهو مدير بيت الشعر الفلسطيني الكائن في رام الله، حيث أنشد على مسامعهم شيئًا من قصائده، كما وفتح المجال أمام بعض الطلاّب لإلقاء شيء من نتاجاتهم الأدبية.

وقدّم لنا اتحاد الشبيبة الفلسطينية وصلة فنيّة موسيقيّة على آلتي الكمان والناي، فشدا الطلاب على وقع ألحانها الأغاني الوطنية والإنسانية الملتزمة، وأنشدوا كلاّ من النشيد الوطني الفلسطيني والنشيد القومي العربي.
إلى جانب المحاضرات الأكاديميّة والجلسات التّنظيميّة المكثّفة، كان لا بدّ وأن يتواصل المشاركون ويتعارفوا، وأن يزوروا معالم مدينة رام الله في أوقات حرّة مخصصة لذلك، فزاروا بعد انتهاء جلسات اليوم الثّالث (18-10-2008م) ضريح الرّئيس الشّهيد ياسر عرفات وصلّوا له، وزاروا كذلك قصر الثّقافة وضريح الشّاعر الكبير محمود درويش وتجوّلوا في شوارع مدينة رام الله ليتعرفوا على معالمها.

كما ونظّمت في اليومين الثّاني والثّالث سهرات عشاءٍ وغناء في مطعمين مختلفين من مطاعم مدينة رام الله، استغلّت لخلق جوّ من الألفة بين الطلاب والتعرف إلى بعضهم البعض، فغنوا وشدوا عذب الأغاني وأجملها معًا.
زار المشاركون في اليوم الرابع والأخير (19-10-2008) مدينة بيت لحم الأسيرة ومخيم عايدة للاجئين، فشاهدوا جدار الفصل العنصريّ وتعرفوا إلى" قبر راحيل" الذي نزع بالجدار من جسد مدينة بيت لحم، وشاهدوا المستوطنات المحيطة المتربصة بأراضي بيت لحم وقراها، وشاهدوا عن قربٍ كيف يعيش الفلسطيني في مخيم عايدة، والأعمال الفنية التي أنجزها فنانون من مختلف العالم مناهضةً للجدار، وزاروا كنيسة مهد المسيح وباحتها، واستمعوا إلى قصة حصارها خلال عمليات اجتياح الانتفاضة الثانية، وتعرفوا إلى مسجد عمر بن الخطّاب، وتجوّلوا في أسواق المدينة وتبضّعوا منها..

وقد رافقهم في كلّ ذلك، مرشد سياحيّ شارحًا تاريخ المنطقة ومتحدّثًا عن الجدار ومصادرة الأراضي وسياسات الاحتلال وما إلى ذلك...

وبعد الانتهاء من زيارة مدينة بيت لحم، حيث عاش الطلاب تجربة المرور بالحواجز التي تحولت إلى روتين يوميّ في حياة الفلسطينيّ في الجزء المحتلّ من فلسطين عام 1967 وفي مخيمات اللجوء، بعد ذلك غادر الطلاب المدينة إلى مدنهم وقراهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وهم يحملون ألف سؤالٍ وألف همّ وألف أملٍ بلقاءٍ قريب..
.........

التعليقات