استقبال الأسيرين المحررين غسان وسرحان عثاملة يتحول إلى عرس وطني في الرينة

المتحدثون يؤكدون على ضرورة الالتزام بالإضراب الشامل والمشاركة في المسيرة في ذكرى هبة القدس والأقصى * غسان عثاملة: الفرح منقوص.. أيام أجمل قادمة على شعبنا

استقبال الأسيرين المحررين غسان وسرحان عثاملة يتحول إلى عرس وطني في الرينة
لا يمكن لمن حضر المهرجان إلا أن تنطبع في مخيلته صورة الأسيرين المحررين مرفوعين على أكتاف الشباب وهما يلوحان بالعلم الفلسطيني في وسط جمهور تفاعل بشكل جلي مع كلمات الأغاني الوطنية التي أنشدتها فرقة العودة.

فقد تحول المهرجان الاحتفالي الذي نظمته الحركة الوطنية في الداخل في قرية الرينة الجليلية، مساء الثلاثاء، بمناسبة تحرر الأسيرين غسان وسرحان عثاملة، إلى عرس وطني شارك فيه المئات من أهالي القرية، وشاركهم فيه المئات من أبناء الحركة الوطنية القطرية في الداخل، بالإضافة إلى وفد الجولان العربي السوري المحتل، وبرز بوجه خاص العدد الكبير من الأسرى المحررين الذين أمضوا سنوات طويلة وراء القضبان.

وعلى وقع كلمات أغنية "وين الملايين"، وفيما ترفرف الأعلام الفلسطينية والحناجر تصدح "حرية حرية.. لسجناء الحرية"، دخل الأسيران المحرران ساحة الاحتفال ليعانقا أبناء شعبهما الذين احتشدوا لتحيتهم. وكان من بينهم الحضور رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في الداخل محمد زيدان، والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح، ورئيس التجمع واصل طه، والنائب د.جمال زحالقة، والشيخ رائد صلاح ممثلا عن لجنة متابعة شؤون الأسرى المنبثقة عن لجنة المتابعة، ورئيس لجنة ذوي الشهداء حسن عاصلة، وأمين عام أبناء البلد محمد كناعنة، والأسير المحرر ورئيس جمعية أنصار السجن منير منصور.
افتتح المهرجان الناشط السياسي ونائب الأمين العام للتجمع، مصطفى طه، مرحبا بالحضور وبالأسيرين غسان وسرحان. وبعد الوقوف دقيقة حداد إجلالا لذكرى شهداء أبناء شعبنا، ابتدأ بقراءة كلمات أغنية "هي يا سجان.. هي يا عتم الزنزانة" مشيرا إلى أن هذه الكلمات دأب على سماعهما من الأسيرين، معتبرا أنه "بهذه الروح طردا عتم الزنزانة، بنور شمعة وقودها التحدي، وزيتها كبرياء الانتماء".

وقال موجها حديثه إلى الأسيرين: "يا من تحديتم قهر الجلاد بالصمود.. يا من قهرتم عقلية السجان بالتحدي.. يا من تخطت روح العز فيكم زنزانة مظلمة ضاق الجسد بها، فحولتها الروح من أغنية عذاب إلى نشيد حرية، وجعلت من القيد وسام شرف، وإكليل غار".

وقال: "نستمد مخزون الإرادة الحية منكم كلما حاول اليأس أن يتسلل إلى قلوبنا، فننتصب واقفين تحديا، شامخين كبرياء حين نستذكر صوتا من وراء القضبان يناجينا.. هو صوت أسرى الحرية والضمير.. القلب النابض لشعبنا الحي بعدل قضيته.. نسمعكم فتزداد قوة الصمود فينا صمودا، فنردد معا "هيهات منا الذل".

وبينما أشاد بصمود الأسرى وعزيمتهم، سخر من السجان مؤكدا على انتصار قضية عادلة بقوله: ما أغباك يا سجان، وما أقصر هامتك أمامنا.. قد تكبل الأيدي بالسلاسل، وقد تحتجز الأجساد وراء القضبان، ولكن روح التحدي عملاقة فينا فلا تظهر أمامها إلا قزما وحبيس عقلية لا تعيش إلا على الدمار ولا تطرب بغير رائحة الدم والدمع.. تقاتلنا بفائض القوة.. نعم.. ونقاتلك بفائض الحق، والحق منتصر حتما وإن طال الزمن".
وفور الانتهاء من نشيد "موطني" الذي قدمته فرقة "العودة"، صعد السيد محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة إلى المنصة، مرحبا بتحرر الأسيرين ومهنئا باسم لجنة المتابعة وباسم شعبنا. كما وصف المناسبة بأنها مناسبة طيبة لأهلهم وبلدهم وأبناء شعبهم.

ولفت السيد زيدان إلى أن تحررهما يتزامن مع استحضار شعبنا لقوته لإحياء ذكرى شهداء هبة القدس والأقصى الخميس القادم. وتمنى الحرية لجميع أسرى الحرية، بقوله "نتمنى المزيد من هذه الاحتفالات بتحرر الأسرى من أبناء شعبنا".
وبدوره تقدم الشيخ رائد صلاح رئيس لجنة متابعة الأسرى بالتهنئة للأسيرين، ووجه التحية للأهل وأبناء الرينة وحزب التجمع بشكل خاص، وكل الشعب الفلسطيني. وأكد على ثقته بأنهما خرجا من السجن أقوى عزيمة لنصرة قضايا شعبنا.

وفي رسالة وجهها إلى المؤسسة الإسرائيلية أكد على أن "هجوم المؤسسة على بعض أبناء التجمع هو هجوم علينا، ولن نسمح بأن تستفرد المخابرات بأي حر أو حرة منا، فنحن شعب واحد وإن تعددت الرؤيات السياسية".

وأكد في نهاية كلمته على المشاركة في المسيرة القطرية عرابة البطوف في ذكرى هبة القدس والأقصى وإحياء لذكرى الشهداء.
وفي كلمته أكد رئيس التجمع، واصل طه، على أن الحركة الوطنية في الداخل يصلب عودها يوما بعد يوم. مشيرا إلى أنه في سنوات الستينيات والسبعينيات كانت مصافحة الأسرى المحررين وتهنئتهم تتم سرا، ولكن الحركة الوطنية التي اشتد عودها وتجذرت تحيي الأسرى اليوم، وتنظم المهرجانات الاحتفالية والأعراس الوطنية للمحررين، وتقول "أهلا وسهلا لغسان وسرحان وكل الأحرار".

وبعد أن وجه التحية إلى جميع أبناء الحركة الوطنية الأسيرة، أشار النائب السابق واصل طه إلى الهجمة الشرسة الموجهة ضد أبناء الحركة الوطنية، وضد التجمع بوجه خاص، وفي الوقت نفسه أكد على أن الحركة قد شبت عن الطوق وستظل حاملة لمشروعها إلى أن ينتصر. ولفت في هذا السياق إلى وقوف التجمع مع الحركة الإسلامية وأبناء البلد في مواجهة هجمات المؤسسة الإسرائيلية.

وفي ظل التصفيق الحار من الحضور نقل طه تحية المفكر د.عزمي بشارة إلى الأسيرين المحررين غسان وسرحان، وإلى جميع أبناء الحركة الوطنية الأسيرة.

وقال أيضا إنه على أبواب ذكرى الانتفاضة فإن المؤسسة الإسرائيلية تراهن على ألا يكون إحياء الذكرى كما تتوقع القيادات العربية، إلا أن الرد على المؤسسة الإسرائيلية يكون بالالتزام بالإضراب الشامل في الأول من أكتوبر في كافة المدن والقرى العربية.

كما تطرق في كلمته إلى ضرورة التصدي للقوانين العنصرية، وفضح إسرائيل وديمقراطيتها محليا وعالميا، وأكد على ضرورة رفع شعارات إسقاط القوانين العنصرية محليا وعالميا أيضا.

وتحدث في ختام كلمته على أهمية دعم أسرة كل أسير، وتوزيع العبء على الجميع من باب أن "الأسير يضحي بحريته والشهيد بحياته لكي يعيش شعبهم حرا في أرض وطنه".

وبعد أن قدمت فرقة العودة أغنية "هي يا سجان" و"يا الجولان يا اللي ما تهون علينا"، ألقى فارس الشاعر كلمة الجولان السوري، مرحبا بأسرى الحرية.

وقال: "جئناكم من الجولان السوري المحتل، من جولان الصمود، ومن سورية قلب العروبة النابض وعاصمة الثوار والمقاومين.. جئناكم لنفرح معكم، ونهنئ أهلنا في فلسطين".

وفي حين أشار إلى عدد من أسرى الداخل، بالإضافة إلى أسرى الجولان صدقي المقت وعاصم الولي وبشر المقت، وباقي الأسرى، أكد الشاعر على أن فجر الحرية آت حتما.
وكانت الكلمة قبل الأخيرة للأسير المحرر ورئيس جمعية أنصار السجين منير منصور، حيث بدأ حديثه بالقول:
يا ظلام السجن خيم.. إننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل إلا.. فجر مجد يتسامى

وهنأ الأسيرين المحررين باسم الحركة الأسيرة والأسرى المحررين وذوي الأسرى، معربا عن أمله في أن يواصلا مسيرة العطاء لشعبهم.

وأكد الأسير المحرر منير منصور على ثلاثة رسائل؛ "الأولى موجهة إلى سلطات الاحتلال تقول إننا هنا باقون.. على صدوركم باقون.. على أرض الآباء والأجداد، ولن يهدأ لنا بال حتى يتحرر جميع الأسرى".

أما الرسالة الثانية فقد توجه بها إلى شعبنا الفلسطيني مؤكدا على ضرورة احتضان الأسرى المحررين، مشيرا إلى أن معاناتهم لا تنتهي فور تحررهم من السجن. وفي رسالته الثالثة أكد على تجديد العهد والوفاء لقضية الأسرى والمعتقلين.
وقبل أن يبدأ الأسير المحرر غسان عثاملة كلمته، قدمت فرقة العودة عددا من الأغاني بينها "إن عشت فعش حرا" و"رمانة" و"لو يوم تنادينا يا الوطن" و"اشهد يا عالم علينا وعا بيروت"، رفع خلالها الأسيران على الأكتاف ورفرفت الأعلام الفلسطينية في ساحة المهرجان.

وبعد أن رحب بجميع الحضور أكد على أن الفرح بالتحرر من القيود والأغلال يبقى منقوصا. وقال "بلا شك أن لحظة التحرر من القيود والأغلال هي لحظة الانتصار على الجلاد، وهي لحظة انتصار الجسد على القيد، وهي لحظة فرح حقيقي انتظرناها ست سنوات، كنا خلالها بشوق للحرية وللأهل والأحباب ولاستنشاق رائحة التراب والهواء ورؤية الشمس، إلا أننا نشعر بغصة في الأعماق وفرحتنا غير مكتملة، فقد تركنا هناك خلف الأسوار العالية والأسلاك الشائكة أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني موزعين في السجون والمعتقلات من الجبلوع وشطة شمالا وحتى نفحة في أقصى الجنوب".

ولفت في كلمته إلى حقيقة وجود أسرى أمضوا في زنازين الاحتلال أكثر من 33 عاما، مثل الأسير نائل البرغوثي. كما أشار إلى الأسير علاء الدين بازيان الذي أمضى 30 عاما في السجون، وقال إن هذا الأسير "رغم كونه فاقد البصر إلا أنه يمتلك بصيرة تكفي كل الأمة". وهنا يشير إلى وفاة والد الأسير بازيان في الأيام الأخيرة، علما أن الأسير كان قد طلب منه التحقق من الوضع الصحي لوالده الذي كان يمكث في المستشفى.

وتابع أن الفرح يظل منقوصا بسبب وجود أكثر من 20 أسيرا من أسرى الداخل الفلسطيني وقد مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاما، بل وأكثر من 25 عاما. وذكر من بينهم "الرفاق الأبطال وليد دقة وصالح وإبراهيم أبو مخ، ومخلص برغال، ومحمد منصور، وإبراهيم إغبارية، ومحمد إغبارية، ومحمد جبارين، وأبو جامع، وإبراهيم بيادسة، وكريم يونس، وماهر يونس، وسامي يونس، وحافظ قندس، وأبو حلمي، وأبو أدهم، وعلي عمرية، وسمير سرساوي، وبشير الخطيب، بالإضافة إلى عشرات آخرين من ذوي الأحكام العالية المختلفة التي تتراوح ما بين عدة سنوات وعدة مؤبدات من أبناء الداخل. وبالإضافة إلى مئات الأسرى من أبناء القدس مثل أبو عزام وأبو كاظم وأبو جابر عسيلي وفؤاد الرازم ومحمود عطول وعدنان مراغة ومروان رميلي وأبو صالح وناصر عبد ربه وأبو ناصر وإبراهيم مشعل ويوسف الخالص، وغيرهم الكثيرون ممن أمضوا عقدين وأكثر في سجون الاحتلال".

وأضاف "كيف لنا أن نفرح وأبطال الجولان العربي السوري المحتل صدقي وبشر المقت وعاصم الولي مازالوا يقبعون منذ 25 عاما وراء القضبان، وأبطال آخرون من أبناء الجولان مثل وئام وشام وأبو صالح وعطا وحسين".

"كيف لنا أن نفرح وقد سقط خلال فترة الأسر التي لم تتجاوز 6 سنوات أكثر من 11 أسيرا من أبناء الحركة الوطنية الأسيرة، أمثال محمد أبو هدوان ومحمد أبو إسماعيل وجمال السراحين وفادي أبو الرب، وكان قد سبقهم على درب الشهادة الأسير المحرر هايل أبو زيد ابن الجولان العربي السوري، بالإضافة إلى آلاف الشهداء من أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده".

وفي إشارته إلى محاولة اقتحام المسجد الأقصى، قال إن جماهير الداخل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تدنيس مقدساتها الدينية والوطنية، ولن تسمح أيضا بإعادة أي فصل من فصول النكبة، مرددا "نموت واقفين ولا نركع" و"هيهات منا الذلة".

وقبل أن ينهي كلمته ارتأى أن يوجه نداءين؛ الأول التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود من أجل وحدة الصف الفلسطيني والتعالي فوق الخلافات وتفويت الفرصة على الأعداء من أجل الوصول إلى الوطن الواحد المنشود.

أما النداء الثاني فقد كان موجها إلى الجهات ذات الصلة بالمفاوضات لعقد صفقة تبادل أسرى، وقال "إن التوصل إلى أي اتفاق للتبادل لا يضمن إطلاق سراح آخر أسير من أسرى الداخل والقدس، وخاصة الذين مضى على اعتقالهم أكثر من 10 سنوات، هو بمثابة إطلاق النار على هؤلاء الأسرى وإعلان واضح وصريح بأننا لسنا جزءا من الشعب الفلسطيني، كما يعني أن الفرق شاسع بين الشعار والممارسة".

واختتم كلمته بمقولة للمناضل الشاعر التركي ناظم حكمت "إن أجمل أيامنا هي تلك التي لم نعشها بعد"، وأضاف "أنا أقول إن أياما أجمل قادمة على شعبنا، وإن الغد لنا وإن طال اليوم، وإن النهار لنا وإن طال الليل، وإن الفجر قريب قريب".

واختتمت فرقة القلعة الشفاعمروية للدبكة الشعبية المهرجان بعدة عروض. وقدم عريف المهرجان مصطفى طه الشكر لجميع الحضور، مكررا التهنئة للأسيرين المحررين.
..............................

التعليقات