أزمة السلطات المحلية العربية: معايير انتخاب القيادات المحلية ولامهنية غالبية مديري الأقسام..

مدير شركة استشارة وبناء خطط إشفاء للسلطات المحلية وعضو مجلس محلي قرية الرامة عبد القادر نصار يتحدث عن عمل وهيكلية السلطات المحلية العربية..

أزمة السلطات المحلية العربية: معايير انتخاب القيادات المحلية ولامهنية غالبية مديري الأقسام..
لازالت أزمة السلطات المحلية العربية الإدارية والمهنية والفساد والإفساد، وحلّ البعض منها واستقدام لجان معينة، تشغل الكثيرين في البحث عن مخرج يضمن استعادة الأمور المحلية إلى نصابها، وكذلك إيجاد أجوبة شافية تعيد للحكم المحلي هيبته وحيويته لخوض التحديات المنتصبة أمام العرب في هذه البلاد.

إذ يرى البعض أن بونا شاسعا بين الذاتي والموضوعي وبين العارض والبنيوي يطال العقلية وأدوات التشخيص السليم والعمل القويم، حيث الغالبية تلقي اللوم والمسؤولية كاملة على المؤسسة الرسمية في التمييز العنصري ضد العرب وتحويلها إلى شماعة، وبين من يشير بإصبع الاتهام إلى المسؤولين العرب وغياب الفعل الذاتي بالإشارة إلى بنيوية الأزمة في جذرها الاجتماعي والثقافي، ويؤكد البعض أنه في معايير انتخاب القيادات المحلية وغياب المهنية لدى الطواقم العاملة في السلطات المحلية تكمن الأزمات وتتفاقم إلى طرق مسدودة، وبالتالي يرى أن من بين أسباب الأزمة المستعصية إشكالية تحتاج إلى عقلية مغايرة ورؤية وفعل خاص واستثنائي.

وفي هذا السياق التقى مراسل عــ48ـرب المستشار لإدارة السلطات المحلية وبناء خطط الاشفاء وعضو مجلس محلي الرامة عبد القادر نصار.

لم يخف نصار في تجربته الغنية في الإدارة والعمل المحلي وإدارة إحدى فروع البنك العربي لم استياءه وامتعاضه بل واحباطاته مما يدور في السلطات المحلية حول العديد من القضايا في البلدات العربية، لاسيما الحارقة منها التي يعتبرها بنيوية، وليست عارضة كما يعتقد البعض.

يقول نصار إنه ليس بالضرورة أن يكون فرز الرؤساء وأعضاء المجالس المحلية تعبيرا عن الإرادة الحرة للناس في عملية ديمقراطية شكلية خالية من جوهرها، ويتم التعاطي معها بشكل قاصر ومشوه، لأن التجربة أثبتت أن إرادة الغالبية من الناس هي إرادة غير حرة بل أسيرة مفاهيم وسلوك قبلي لم يرق إلى مفاهيم عصرية وثقافة ديمقراطية حقة.

وبحسبه فإن لم تتم الاستفادة على مستوى الانتخابات المحلية من "الهامش الديمقراطي" المتاح، بل في كثير من الأحيان تحول إلى سلاح موجه إلى الرقاب، منوها إلى أن تجربة السلطات المحلية خير دليل على ذلك، ولك أن تلاحظ بعض تداعيات ذلك في بنية وهيكلية تلك السلطات.

وأضاف أن غالبية مديري الأقسام في السلطات المحلية هم غير مؤهلين، وتنقصهم الكفاءات المهنية، وهذا يعطل بدوره سير الإدارة السليمة ويفتح المجال واسعا أمام الرئيس بأن يقوم باتخاذ إجراءات وقرارات دون أن يكون لها ضمانات قانونية ومالية، مما يؤدي حتما إلى أزمات مالية وعجز في الموازنة السنوية، خصوصا أن قسم المحاسبة بمثابة العمود الفقري للسلطة المحلية، والذي بدوره يخضع لأهواء الرئيس ويقوم بصرف أموال غير مدرجة في الميزانية.

وحول انعكاسات ذلك على المستوى العملي وتداعياته أجاب أن هذا بدوره أدى ويؤدي إلى استقدام شركات محاسبة من خارج السلطة المحلية تتقاضى مبالغ طائلة لإدارة قسم المحاسبة في صلاحيات محدودة حيث أنها لا تملك حق التوقيع والمصادقة على المصروفات، ولهذا بالذات فرضت وزارة الداخلية على السلطات المحلية منذ سنوات وظيفة محاسب مرافق، تختاره وزارة الداخلية لردع التسيب المالي والتجاوزات الإدارية، ولكن بعد تجربة سنوات تبين أن هذا لا يحد من التجاوزات مما أدى إلى حلّ عدد كبير من السلطات المحلية العربية، وتشكيل لجان معينة من رجال سلطة متقاعدين لإيجاد فرص عمل لهم دون الاكتراث لظروف واحتياجات البلدات العربية، بل همهم الوحيد الحصول على امتيازات خاصة.

وحول أسباب تعثر الحكم المحلي في البلدات العربية وما تركه من وبال مجتمعي، أجاب أنه يعتقد أن الموضوع هو موضوع ثقافي وتربوي يتصل بعدم القدرة على التحرر من الانتماءات الضيقة مثل العصبيات القبلية والانتماءات العائلية والطائفية التي تستخدم وتوظف لخدمة المتنفذين داخل المجموعات التقليدية والمتخلفة، وهذا بدوره يفرز مرشحين للرئاسة والعضوية وفقا للمعيار العددي من منعدمي الكفاءات بل أحيانا يتربع على رأس السلطة ثلة من البلطجيين.

وتابع "لك أن تتخيل أن هؤلاء هم من يتخذون القرارات ويصوغون استراتيجيات العمل البلدي بما فيها الثقافي. ألا يكفي هذا لتفسير الحال المزري بل الكارثي لأوضاع السلطات المحلية؟".

وردا على سؤال إذا ما كان ذلك ينسحب على كافة المؤسسات التابعة للسلطة المحلية، أجاب بالتأكيد. وبحسبه فإن نفس الإدارة مدفوعة بنفس العقلية تسمح لنفسها بالتدخل مباشرة دون مراعاة التخصصات على قلتها والمسؤوليات في عمل رؤساء الأقسام، وقد تتخذ إجراءات، وأقلها الإقصاء، ضد كل من يحاول الوقوف والاعتراض في وجه هذا الدفع الإداري الهمجي.

أما حول إدارة الأقسام والمسؤوليات والأداء فيها فقال: "حدث ولا حرج حول انعدام المؤهلات وانعدام الخجل، فإن كانوا بالندرة مؤهلين فهم مقيدون ويائسون ولا حول لهم ولا قوة، علما أن الغالبية غير مؤهلة. ففي قسم الثقافة والرفاه الاجتماعي فإن التعيينات هي تعيينات انتخابية و تتم وفقا للمحسوبيات، وليست وفقا لمعايير موضوعية ومهنية، والميزانيات توزع بمخالفة تامة لما ورد في الميزانيات المقررة. وعلى سبيل المثال فإن توزيع حصص إدارة أكثر من مئة بالمائة من المستحق ينعكس بالضرورة على أداء تلك الأقسام التي تشكل عصب البلد، الأمر الذي يؤدي إلى شلل شبه تام في البرمجة والأداء.

وحول المقلع الأخير حول حال التربية والتعليم في هذا المعمعان، أكد نصار على أن ظاهرة سوق الخصخصة للمدارس الثانوية والحضانات هي الظاهرة الأخطر، ومن شأنها ضرب المقلع الأخير في إخضاع المدارس بأيدي مقاولين يبحثون عن الربح الرخيص ولا يفقهون سوى جمع المال، وأناس ليس لهم صلة بموضوع التربية والتعليم. والأسوأ من كل ذلك أن هؤلاء المقاولين التجار لا يدفعون استحقاقات ضريبية للسلطات المحلية بذريعة أنها مؤسسة تعليمية وبمؤازرة وزارة الداخلية،الأمر الذي يثقل بأعبائه الثقيلة على البلد.

واختتم حديثه بالقول إنه مع كل ذلك فان العرب لديهم قدرات وكفاءات، وباستطاعتهم إعادة وهيكلة إدارة السلطات المحلية من الناحية المهنية والإدارية، وبما أن الداخلية فشلت في إيجاد الحلول، فإن الدور الأساس يقع على عاتق اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية ولجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في الداخل في العمل على دفع الكوادر المهنية لتحل مكان رجال السلطة، والاعتماد على الذات. وأشار في هذا السياق إلى أن لجنة الرؤساء القطرية قد أخطأت حين وافقت في العام 2007 على أن تكون تغطية العجز مقرونة بنسبة الجباية، أي أن تغطية العجز تكون مشروطة برفع نسبة الجباية إلى 80%.

التعليقات