" هجرة الأدمغة بين دفع وجذب محليا وعربيا "

تقرير: اليزابيث نصار


شارك في الأعداد:


ميساء حايك ، بديعة عودة


هجرة الأدمغة ليست بظاهرة حديثة العهد محليا ولا حتى عربيا و ان اختلفت الظروف بين سياسية واقصادية ؤاجتماعية. فنزيف العقول سواء في الأقطار العربية او هنا في اوساط الأقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل ما يزال مستمرا الى ان تقوم الجهات المسؤؤلة وتضع استراتيجيات عمل لوقف هذا النزيف. ووفقا للبيانات فان دول اوروبا الغربية وامريكا تحتضن حاليا اكثر من 450 الف عربي من حاملي الشهادات والمؤهلات العليا .


وتعد الخسائر الأجتماعية العربية من جراء ذلك بحوالي 200 مليار دولار ,في حين يشكل الأطباء العرب في بريطانيا وحدها 35% من مجموع الأطباء العاملين فيها. دوافع هذه الهجرة تتلخص بعجز الأنظمة العربية عن توفير البيئة المناسبة للسيطرة على الكفاءات مما نتج عنه تزايد اعداد المهاجرين خاصة من الكوادر العلمية المتخصصة و ذلك لانعدام الاهتمام بتطوير البحث العلمي . اضافة الى ضيق الحريات الفردية و الجماعية ناهيك عن انخفاض مستويات الدخل . و بالمقابل هناك جاذبية الوسط العلمي في الغرب حيث يتم توفير معامل البحث العلمي و عروض العمل المضمونة و المغرية في آن .


المواطنون العرب في اسرائيل عهدوا الهجرة الجماعية منذ الحكم العثماني لفلسطين . كان القهر المتمثل بدفع الضرائب الباهظة اولا ثم قضية سفر برلك (تجنيد الشباب عنوة) اهم دوافع الهجرة حينها . اما المفارقة في قيام دولة اسرائيل , بالنسبة لموضوعنا, انها نفذت هجرة جماعية و قسرية بحق المواطنين – من جهة , وما زالت تمارس سياسة التمييز لتحريك و دفع الهجرة الطوعية في صفوف الاقلية العربية- من جهة ثانية .


في اطار جهودي لرصد ظاهرة هجرة الادمغة في وسطنا المحلي وجدت فراغا كبيرا و غياب لاي محاولات لمراقبة و تسجيل و احصاء هذه الهجرة الامر الذي يعيق اجراء الابحاث العلمية اكاديميا ففي اتصال اجريته مع الدكتور اسعد غانم اوضح لي انه خطط في السابق لطرق هذا الموضوع في اطار بحث الا انه اضطر للتنازل عن الفكرة تماما عندما اصطدم بالفراغ ذاته "حيث ان سلطاتنا المحلية لا توثق و لا تجري اي جرد يشمل الاكاديميين في كل مدينة و قرية و بما معناه سيكون وضعنا كمن يبحث عن سمك في بحر . حتى اني فكرت في اقامة مؤتمر للمغتربين ليسقط الموضوع مرة اخرى من اجندتي بسبب انعدام الامكانيات المالية لذلك ". و بما ان اليد قصيرة و العين بصيرة فاني اكتفيت بتطويق الظاهرة من خلال تحليلها الى عوامل و اجراء اتصالات مع مختلف الضالعين في الموضوع و اتضح ان العنوان الرئيسي و المحفز الاساس لهجرة الادمغة هو انعدام الفرص التشغيلية الملائمة لهذه التخصصات سواءا على مستوى جامعات او شركات اسرائيلية بين عامة و خاصة . كما تطرقت الى اهمية تعرض شبابنا في سن صغيرة (بعد الثانوية مباشرة) لموضوع الهجرة سعيا وراء العلم الذي تحصن وراء ابواب فولاذية هنا في اسرائيل ووضع له حارسا الا وهو البسيخومتري . بالمناسبة ووفقا لتقرير جمعية سيكوي فان 45% من مجموع الطلاب العرب الذين تقدموا للجامعات بالبلاد قوبلوا بالرفض مقابل 15% فقط من اليهود كما ان هنالك زيادة في عدد المتقدمين للقب الاول و الثاني و الثالث بين الاعوام 1985-2002 فمجموعة اللقب الاول ارتفعت من 7.9% الى 9.8% و في مجموعة اللقب الثاني من 3.2% الى 5% .


تقرير جمعية سيكوي يظهر لنا صورة قاتمة عن وضع المواطن العربي في الدولة وتحديدا الاكاديمي اذ يستنتج المحامي علي حيدر معد التقرير ان التمثيل الناقص للمواطنين العرب في سلك خدمة الدولة يعبر بشكل صارخ عن مكانتهم الهامشية في القطاع العام . على الرغم من القوانين التي تكفل تمثيل المواطنين العرب في المؤسسات الرسمية و قرارات المحكمة العليا التي شددت على اهمية توزيع الموارد و بضمنها وظائف القطاع العام بشكل متساو و حتى عندما يتم توظيف المواطنين العرب في الاجسام الرسمية يتم تعيينهم في المستويات المتدنية التي تغيب عنها قدرة التاثير و يلخص حيدر "يعتبر التمثيل الناقص للعرب في القطاع العام سببا في العقبات التي تواجه الاكاديميين العرب الذين ينهون دراستهم و يبحثون عن فرص عمل تتلاءم مع قدراتهم . و مهمة الدولة العمل على استيعاب هؤلاء الاكاديميين و المبادرة لخلق فرص عمل جديدة".


وفيما يلي نبذة عن الوضع القائم و المستند الى التقرير :


وصل مجمل عدد العاملين العرب في سلك خدمات الدولة في العام2002 الى 3,440 موظفا من اصل 56,362 موظفا . يعمل 3,209 من الموظفين العرب في ست وزارات حكومية فقط . و يعمل 2,207 من العاملين العرب- 64% - في وزارة الصحة بما في ذلك المستشفيات الحكومية . و ما زال تمثيل المواطنين العرب في باقي الوزارات هامشيا و يقترب في الكثير من الاحيان نحو الصفر . في السنتين الاخيرتين هناك ارتفاع ملحوظ في عدد العاملين العرب في وزارة القضاء , و يعزى الامر الى نقل جهاز المحاكم الشرعية من وزارة الاديان الى وزارة القضاء. ووفقا لمعطيات شهر ايار 2000 هنالك 27 قاضيا عربيا من اصل 484 قاضيا و يشكل هؤلاء نسبة 5% من القضاة في اسرائيل . و لا يوجد اي مدير عام عربي في اي من الوزارات الحكومية . و نائب المدير العام الوحيد يعمل في وزارة الثقافة و تم تعيينه من قبل الحكومة السابقة . لا يعمل في وزارة الاتصالات اي عامل عربي و في وزارة الامن الداخلي هنالك عامل عربي واحد و في وزارة البنى التحتية القومية يعمل مواطنان عربيان فقط . و يبرز غياب الاكاديميين العرب عن الوزارات ذات التاثير الكبير على مستقبل الدولة مثل وزارة الصناعة و التجارة و وزارة العلوم و وزارة المواصلات و جودة البيئة و البنى التحتية القومية و البناء و الاسكان و السياحة و الاتصال و في قسم الاشغال العامة و دائرة اراضي اسرائيل . واما بالنسبة للتمثيل النسائي فان 342 من العربيات اللواتي يعملن في سلك خدمة الدولة يحملن شهادات اكاديمية : 252 يحملن الشهادة الجامعية الاولى و 56 يحمان الشهادة الجامعية الثانية و تحمل 128 منهن شهادة الدكتوراة .


هذه الصورة القاتمة رصدتها لنا جمعية سيكوي و هي تمثل واقعا قاسيا يعيشه العربي و يضطر احيانا للهرب منه . ولا غرابة و الحال كهذه من تعاظم وتيرة الهجرة في صفوف الاكاديميين . خصوصا حينما تنضم الجامعات ايضا لتلعب دورا سلبيا باقصائها الاكاديميين العرب عن محافلها فابواب الجامعات موصدة منهجيا بوجه الاكاديميين العرب الراغبين في الانخراط فيها كمحاضرين و باحثين . و كانت تكتفي بقبول عدد محدود بمزايا استثنائية بل خارقة . الا ان الانفراج في سياسة الاغلاق هذه حصل في بداية الثمانينات في جامعة حيفا دون غيرها بفعل عدة عوامل ضاغطة منها ازدياد عدد الاكاديميين العرب من ناحية و حاجة الاكاديميا الاسرائيلية الى فكر جديد اكثر انفتاحا داخل اروقتها خاصة في العلوم الاجتماعية .


ومع ذلك تبقى نسبة المحاضرين العرب ضئيلة و خصوصا في المناصب العليا هذا ما اكده لي البروفيسور نديم روحانا مدير جمعية مدى ( المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية ) وهو احد الادمغة التي عادت لتسخر معرفتها و خبرتها لخدمة الاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل . "في مدى نصبو لان نستفطب عددا من علماء الاجتماع و العلوم الانسانية في المهجر و مهمتنا تفعيل الادمغة سواءا الموجودة او العائدة في اطار مختلف و بديل عن الاكاديميا الاسرائيلية فهذه الاخيرة تبقى مرتبطة بالشعور الصهيوني بشكل او باخر و نحن في المقابل نصوغ مشروعا بديلا مبنيا على الكرامة و التحرر و المساواة و انطلاق القدرات الفردية و هذا لا يمكن الحصول في جامعة صهيونية الفكر" .


البروفيسور عبد الله حاج يحي المحاضر في الجامعة العبرية في القدس بموضوع "تصميم الادوية" _هو احد الطاقات الاستثنائية و النادرة لكنه اكد لي انه اتم دراسته الجامعية بمعية اصدقاء لا يقلون كفاءة عنه , بشهادته المتواضعة , الا انه الوحيد الذي استوعبته جامعته ضمن فوجه بينما اضطر اصدقاؤه الى الهجرة و البحث عن العمل الذي يلائم تخصصاتهم لتحتضنهم اشهر و ارقى الجامعات في اوروبا و امريكا.و يضيف ان جميعهم يتمنون العودة ذات يوم الى بلادهم الا انهم يواجهون حالة ضغط مزدوجة تؤدي الى هجرتهم و احتجازهم في هجرتهم في نفس الوقت . فالمؤسسات و الشركات الاسرائيلية تبرر رفضهم بداية بقلة كفاءتهم و بعد ذلك تعتذر عن قبولهم بسبب فائض كفاءتهم !!


اما الدكتور قصي حاج يحيى المحاضر في كلية بيت بيرل بموضوع الا نتروبولوجيا فانه يؤكد بدوره على ان ابواب الجامعات مغلقة منهجيا امام الخريجين العرب حاملي شهادة الدكتوراة وان هناك ما يقارب 30 ملكة فقط مخصصة للعرب , فهو يشير الى 30 محاضرا (مثبتا) من اصل 6000 محاضر من اليهود. الدكتور قصي حاج يحيى هو نفسه خريج احدى الجامعات في المانيا وله بحث اجراه يتعلق بوضع الطلاب العرب اللاجئين اليها . و تعتبر المانيا اليوم اكثر الدول جاذبية للطلاب العرب فهي تعرض العلم مجانا و في هذا تمويه للحقيقة اذ لا تشمل تكاليف السكن و المعيشة و هي باهظة جدا الامر الذي قد يعيق دراسة الطالب لانخراطه في العمل مضيعا فرصة العلم الاكاديمي في حالات كثيرة تجعله يخشى العودة خوفا من الخزي و العار.المانيا كغيرها من الجامعات في الدول الأوروبية لا تفرط بالكفاءات فهي تخصص منحة كاملة لمن يدرس للدكتوراة لمدة ثلاثة اعوام وتفتح امامهم الفرصة للدراسة في امريكا حيث خطر الهجرة يبدو اكثر قربا بسبب طبيعة امريكا كدولة مهاجرين. .


ونسال مرة اخرى ما هو وضع الأكاديميين العرب في بلادنا؟ جزء من الأجابة نجده في الدراسة التي اعدها البروفسور ماجد الحاج . ووفقا للمعطيات الواردة فان 40% يعملون في سلك التربية والتعليم (في غير اختصاصهم) و10% يعملون بأعمال لاتستلزم اي تاهيل اكاديمي وهكذا تنبع هجرة التخصص تحديدا. لا يمكن لمن يرصد حركة هجرة الادمغة الا ان يتوقف عند جمعية الجليل و مركز الابحاث التابع لها .


جمعية الجليل و هي كالصرح تعتلي هضبة على مشارف شفاعمرو شقت دربها منذ 20 عاما قدمت خلالها للجماهير العربية خدمات صحية متنوعة احجمت عن تقديمها السلطات المختصة و على راسها وزارة الصحة . جمعية الجليل من خلال اقامتها لمركز الابحاث التابع لها مهدت عمليا لعودة الادمغة و هي خطوة مباركة من دون شك , تساهم في نهضة المجتمع العربي على اكثر من صعيد. تضم الجمعية في اقسامها المختلفة مجموعة من الباحثين الذين عايشوا الهجرة معايشة تامة لكن المركز نجح في اجتذابهم . مركز الابحاث يمتد على مساحة 600 متر مربع في المنطقة الصناعية في شفاعمرو وهو يضاهي مختبرات بمقاييس عالمية بشهادة الباحث الفخور بانتمائه لهذا المكان الدكتور عصام صباح وهو خريج التخنيون في مجال الهندسة البيئية عاش في امريكا سنتين كاملتين لاتمام دراسته المتخصصة بالمياه الجوفية وهو تخصص نادر. صحيح هو لم يعايش الهجرة بمعناها التام لكنه يؤكد فعلاعلى وجود كافة عوامل الجذب التي تثير عاصفة التخبط داخل اي باحث ينعم بالشروط المطلوبة لاداء عمله و تحقيق حلمه الا ان الحنين الى الوطن رجح الكفة .


اما الدكتور احمد يزبك فهوخريج التخنيون /حيفا في موضوع الكيمياء العضوية اقام في سان دييغو/كاليفورنيا مدة 4 سنوات, باطار دراسته , عاد الى بلده شفاعمرو وهو يعمل اليوم في شركة تابعة لجمعية الجليل تدعى" سينثيتيك " تختص بتحضير مواد اولية لشركة ادوية المانية باطار مشروع التعاون بين البلدين .


البروفيسور بشار سعد ابن ام الفحم هو حالة نموذجية حية لما يسمى بالهجرة المعاكسة او المضادة . فقد عاد من غربته في سويسرا التي طالت 20 عاما ليشغل منصب المدير العلمي لمركز الابحاث . تخصص بموضوع الكيمياء البيولوجية و حظي بتقدير اساتذته و عمل في كثير من الابحاث الا ان هاجسه بالعودة ظل حيا داخله الى ان حسم الامرموضوع المناخ التربوي الذي اراد توفيره لابنائه.وهو يعمل بالاضافة كمحاضر اكاديمي في الجامعة الامريكية في جنين .


د. حسن عزايزة تخصص بموضوع البيولوجيا و النباتات الطبية , عمل 5 سنوات في المانيا ثم توجه الى الولايات المتحدة لاعداد الدكتوراة و امضى فيها 5 سنوات اضافي.في عام1995جرى اتصال بينه و بين الدكتور باسل غطاس الذي كان يعد حينها لاقامة مختبرات مدعومة من قبل وزارة العلوم و تحظى برعاية اكاديمية من جامعة حيفا .كان القرار بالعودة حتميا فالدكتور حسن عزايزة كسائر زملائه الباحثين في المركز , يتحلى بروح وطنية تجلت بالعودة و التكيف لما هو موجود وهو غير كاف بالمقارنة بما توفر في الخارج من مختبرات مجهزة اضافة الى الدعم المضمون بينما هنا لاشيء مضمون , فمهمة الباحث تتعدى البحث العلمي ذاته الى تجنيد مصادر تمويل خارجية ليؤمن راتبه ورواتب مساعديه."لكني ارسيت مرساتي هنا في بلادي, وساتحمل الصعاب والتحديات".


الدكتور فوزي سلباق احد الكوادر المهنية اللامعة والعاملة في الأبحاث تخصص في "علم البكتيريا" و"بيولوجيا الذرة " انجز ابحاث عديدة في اوروبا وامريكا ,بارقى المختبرات , ومع ذلك فضل العودة الى الوطن والى مدينته شفاعمرو وهو يحث رجال الأعمال العرب وغيرهم من الأثرياء الى دعم البحث العلمي من باب الألتزام الوطني بحيث يصب الجهد الجماعي في نهاية الأمر في مصب تطوير البحث المحلي بشكل خاص الأمر الذي يضمن حوارا متناغما ومثمرا بين العلم والمجتمع. الدكتور صبحي بشير من اوائل الباحثين العاملين في الجمعية نجح في تأسيس شركة خاصة به,انطلقت من مركز الأبحاث واصبح مقرها اليوم في" مجدال هعيمق" يعمل فيها نحو ثلاثين باحثا من بينهم محاضرون في التخنيون رفضوا الدكتور صبحي بشير زميلا محاضرا ,وشاء القدر ان يعملوا هم في شركته..طبعا القدر هنا كناية عن الأرادة.


لم ينجح الدكتور بشير في استمالة المستثمرين العرب الأمر الذي سبب له الشعور بالأحباط لكنه سرعان ما جند احد اكبر المستثمرين اليهود "احيم عوفر"وكان رهانهم في محله ,فقد اثبتت الشركة نفسها من خلال نجاعة منتجاتها . و الحديث يدور حول منتوجين:الأول زيت حليب الام كمركب في طعام الاطفال الرضع و يشابه في تركيبته التركيبة الاصلية عند الام . و يباع في الاسواق الاوروبية و الامريكية , اما الثاني فهو مادة منشطة للذاكرة تعد على شكل كبسولات . كما يفتخر الدكتور صبحي بشير بكونه مثالا و محركا لباحثين حذوا حذوه و اطلقوا مشاريع تثبت نجاحها كل يوم , يذكر ان الجمعية حريصة على اطلاق باحثيها نحو التفرد و تصنيع البحث و تساهم من ناحيتها في هذه الشركات .


هذا اذا غيض من فيض _ سرب طيور عائدة بوجه اسراب مغادرة , تنقصنا حيالها كما ينقص العالم العربي الالية لضبط حركتها . قد تكون جمعية الجليل رائدة و طليعية و هي فعلا كذلك لكنها تبقى محدودة الامكانيات كما يقول الدكتور باسل غطاس المدير العام " لكننا نفخر بانجازاتنا نفخر ان نشكل نواة و دفيئة لهذه النخبة العائدة و نفخر ان نتمكن من تجنيد ثلاثة من المستثمرين الكبار في اسرائيل "احيم عوفر" و"صندوق ميلنيوم" اكبر صناديق الاستثمار اضافة الى" مصنع جلعام" مؤخرا بحيث تبلغ مجمل مساهمتهم في الشركة نحو 8.5 مليون دولار" .


نحو جامعات الاردن


التعلم في الاردن يكتسب مع مرور الوقت زخما و شرعية جماهيرية الامر الذي يؤكده الدكتور طه اماره مدير كلية غرناطة في كفركنا و المندوب الرسمي لجامعة البلقاء التطبيقية . امتحانات البسيخومتري هي المحفز للأنطلاق نحو الدراسة خارج الوطن وتحديدا الأردن الا ان المفارقة يقول الدكتور امارة تتجلى في النتائج التي حققها طلاب كلية نتانيا في امتحانات نقابة المحامين حيث تفوقوا على زملائهم الذين نالوا بركة البسيخومتري.والسؤال هو متى تنتهي هذه المهزلة؟! خصوصا واننا نعلم ان اكثر من يتعرض للغربلة في امتحانات البسيخومتري هم الطلاب العرب. الأمر الذي يضطرهم للبحث عن قنوات ومسارب جديدة.


والأردن هو بالفعل احد الأسواق التي تستوعب حركة العلم الوافدة من اسرائيل وقد تخرج منذ العام 1997 ولغاية اليوم ما يقارب 800 طالبا. يقبلون على مواضيع متنوعة على رأسها الصيدلة وعلاج النطق والسمع والتمريض والمحاماة بالأضافة الى اللغات وتحديدا الأنجليزية . و هكذا ينكشف اولادنا في سن صغيرة الى موضوع الهجرة , في البداية طلبا للعلم و من ثم طلبا للتخصص و بعدها طلبا للعمل , و كلما ارتفعت درجة العلم تقلصت فرص العربي بالبقاء في وطنه فماذا يفعل الاكاديميون و ابواب الجامعات و الشركات الاسرائيلية موصدة في وجوههم ؟ بحثت عن اجابة عند المحامية سهاد حمود و الضالعة ضمن هيئة فاعلة لتغييرهذا الوضع . "الفزع من العربي , قالت سهاد , و عدم نجاح المجتمع اليهودي في التعاطي مع العرب كاقلية لها حقوقها يجعلهم يوصدون الابواب بوجه الاكاديميين العرب. من هنا جاءت الحاجة للتغيير ضمن هيئة تبنت نموذجا امريكي الاصل يلاحق و يضبط خروقات مشابهة في المجتمع الامريكي . لكن بطبيعة الحال عملية السيطرة هنا اكثر صعوبة فاصحاب الشركات يبررون صدهم بالف مبرر و بالتالي يصعب ملاحقتهم قانونيا . و انا اخترت التركيز تحديدا على القطاع الخاص الذي يتمتع بحرية ادارية اكبر بالمقارنة مع القطاع العام الخاضع لقوانين تمنع انتهاج سياسة التمييزولو رسميا و تحديدا تلك الشركات التي في طريقها الى الخصخصة والفاعلة في المجتمع العربي و تجني منه ارباحا طائلة الا انها تتجاهله تماما وانا لا اقصد الاعمال الصغيرة قطعا وانما المناصب الرفيعة والادارية والتي تستلزم ثقافة اكاديمية و اقوم منهجيا بارسال سير ذاتية لاكاديميين عرب اوجهها لهذه الشركات اطالبها فيها منح هؤلاء فرصة عادلة لا اكثر . هيئتنا المكونة من عدة شخصيات عربية و يهودية بادرت لاقامة ورشات لتعليم الاكاديميين كيفية كتابة السيرة الذاتية حتى يسوقوا انفسهم بشكل افضل الا ان انقلابا لم يحدث ! اما خطوتنا التالية فهي تجنيد شخصيات يهودية لبرالية صديقة لدفع العجلة من خلال ارسالهم رسائل توصية لمختلف الشركات... على امل ان تلقى آذانا صاغية و للمثال لا للحصر اذكر حادثة اكاديمي لامع يحمل لقبين في المجال العلمي بعث بالف سيرة ذاتية , دعي لثلاث مقابلات و في النهاية لم يقبل لاي عمل !! و بالمناسبة جامعات الضفة المختلفة مثل جامعة النجاح و بير زيت و جنين و غيرها كانت تعج قبل اندلاع الانتفاضة الاخيرة باكاديميين عرب من اسرائيل عملوا كمحاضرين اما اليوم و الحال كهذه فقد فقدنا رئة تشغيلية من الدرجة الاولى و ما من بديل .... لتظل الهجرة هجرة الادمغة تحديدا موضوعا ملحا على طاولة المسؤولين .

التعليقات