الطبيعة تكشف عن طبيعة التمييز في وادي عارة

-

الطبيعة تكشف عن طبيعة التمييز في وادي عارة
لا تزال اثار الفيضانات التي غمرت منطقة وادي عارة والدمار الذي خلفته الاحد الماضي باينة. "تسونامي مر من هنا" قال احد اصحاب المحال التجارية في الشارع الرئيسي في أم الفحم. عشرات السيارات المعطوبة جراء الفيضانات بقيت على حالها على جنبات الطرقات، فيما اصحاب البيوت المتضررة يعملون ليل نهار لاعادة إعمار ما هدم. أما حال عائلة الشاب سمير محاميد (27 عاماً) من أم الفحم الذي فقد زوجته سحر (23 عاماً) فهي اشد ايلاماً.

وروى زوج المرحومة لصحيفة "فصل المقال" بكثير من الحسرة والالم: «حوالي الساعة الحادية عشرة وصلت مفترق ام الفحم، وحاولت عبور الشارع الذي يؤدي لمنطقة العرايش، لكن بسبب التيار القوي للمياه تعطل محرك السيارة وجرفت المياه السيارة...فاعتليت انا وسحر سطح السيارة وبقينا فوقها دقائق معدودة، لكن سحر لم تستطع مقاومة التيار ورغم محاولتي الإمساك بها بكل قواي الذاتية، إلا انها صاحت غرقنا وإختفت... بعدما نجحت في الوصول الى البر بما تبقى لي من قوة ركضت ابحث عن سحر إلا ان سرعة التيار اخذتها بعيداً وفقط بعد خمس ساعات عثر عليها وقد فارقت الحياة".

وفي ساعة متأخرة من مساء يوم الاحد شارك أكثر من خمسة الاف من أهالي أم الفحم والمنطقة في تشييع جثمان المرحومة التي مر على زواجها من سمير خمسة أشهر فقط وكانت في الاشهر الاولى من الحمل.

وقال فايز محاميد عم المرحومة: " انقذنا سمير ولكن اختفت سحر داخل المياه، ومن هذه اللحظة بدأنا في البحث عنها بمساعدة الأهالي وبمساعدة قوات من الشرطة وطواقم الاطفاء وطائرة تحلق في الجو وتقوم بتوجيهنا... لكن بعد مرور خمس ساعات وعلى بعد حوالي خمسة كيلومترات تم العثور على جثمان المرحومة بعد أن كان مصابا باصابات شديدة... لم أفكر في حياتي أن أكون أنا شخصيا الذي يعرفها منذ يوم ولادتها أن أكون ذلك الشخص الذي سيرافق جثمانها الى مثواه الأخير. انا عم للإثنين ولا أستطيع أن أستوعب كيف يمكن لمثل هذا الحادث المأساوي أن يحدث لقد كانت شابة متعلمة وذات ابتسامة ساحرة وكانت ملتزمة ومتواضعة منذ الصغر. أنا لا أتمنى لأي شخص أن يرى ما رأيته اليوم".

وأضاف محاميد: "قدمت قبل سنة تحذيرا إلى البلدية بأنه يمكن أن يحدث حادث مأساوي في هذا الشارع ولكني لم أفكر مرة واحدة بأن الحادث سيصيب عائلتي. الحديث يدور عن احد مداخل أم الفحم والذي تتجمع فيه مياه كثيرة في الأيام الماطرة بغزارة. حذرت بأنه من الممكن أن يحدث حادث مأساوي...".


في الاحصاء الاولي الذي اعدته بلدية أم الفحم للاضرار التي تعرضت لها شوارع ومنشآت وبيوت المواطنين في أم الفحم فقط، تبين في التقدير الاولي ان الاضرار تصل الى 4 ملايين شيكل فيما يبقى المبلغ مرشحا للارتفاع ليفوق 6 ملايين شيكل.

وقال المحامي مصطفى سهيل، القائم باعمال رئيس بلدية ام الفحم، إن الشارع الرئيسي تعرض لاضرار شديدة، وعلى الرغم من ان الشارع هو من مسؤولية دائرة الاشغال العامة (ماعتس) إلا ان البلدية شرعت بتعبيده وصيانته لاعادة حياة المواطنين الى مجراها الطبيعي.

وأكد سهيل في حديثه لـ"فصل المقال" إن "الشارع الرئيسي لم يعبد من قبل كما يجب من قبل ماعتس والفيضانات كشفت ان الشارع هش ولم يعبد بصورة ملائمة...".

وفي السياق ذاته قال عضو البلدية عن التجمع الوطني الديمقراطي، خليل جوابرة، إن "البلدية رغم حجم الاضرار الكبير إلا انها تعمل على مدار الساعة لتصليح الاضرار وفتح الشوارع، لكن هناك اضراراً جمة تعرضت لها بيوت المواطنين ويجب تعويضهم من قبل الحكومة... فهذه الفيضانات كشفت حجم التمييز في انشاء البنى التحتية في البلدات العربية وكيفية التعامل مع هذه الكارثة من قبل مؤسسات الحكومة".

من جهته بعث النائب جمال زحالقة من التجمع الوطني الديمقراطي رسالة مستعجلة إلى رئيس الحكومة بالوكالة، ايهود اولمرت، مفادها بأنه يتوجب على الحكومة الاعلان عن الفيضانات الاخيرة في وادي عارة كارثة طبيعية وتقديم التعويضات للمتضررين فورا.

وجاء ذلك عقب الزيارة التي قام بها زحالقة للقرى المنكوبة مصمص ومشيرفة ومدينة أم الفحم والتي اطلع خلالها على الاضرار الجسيمة التي لحقت بالمنطقه جراء الفيضانات التي اجتاحتها.

وإجتمع زحالقة مع رئيس بلدية ام الفحم، هاشم عبد الرحمن، يوم الثلاثاء الماضي للوقوف إلى جانب البلدية والمتضررين من الفيضانات. وقال زحالقة في الإجتماع: "يجب على الحكومة اتخاذ قرار رسمي بتعويض الاهالي والسلطات المحلية وعدم ترك الموضوع لقرارات الوزارات ذات الصلة مثل وزارة المواصلات، الداخلية والمالية لأن ذلك يعني المماطلة في الموضوع وحرمان أصحاب البيوت من التعويضات، ومن الافضل الاعلان عن وادي عارة منطقة منكوبة لتعويض الاضرار وتحسين البنى التحتية".

وكان الرد من مكاتب السلطات ورئيس الحكومة على رسالة زحالقةأنهم سيقومون بمعالجة الموضوع لايجاد الحلول الملائمة ولكن لم تتخذ أي قرارات بعد.

هذا وطرح زحالقة القضية أمام رئيس الدولة خلال لقائه الاخير مع كتلة التجمع يوم الثلاثاء الماضي وطلب منه التدخل السريع والضغط على الحكومة لتقديم التعويضات فوراً وتطوير البنى التحتية في منطقة وادي عارة لحمايتها من أضرار الفيضانات في المستقبل.

وأثنى رئيس بلدية أم الفحم والطاقم الاداري على الاهتمام الخاص الذي يوليه النائب زحالقة للموضوع، فيما أكدوا ان الحكومة لم تول البلدات العربية المنكوبة إهتماماً، سوى زيارة قامت بها نائبة وزير الداخلية روحاما ابراهام لبلدية ام الفحم وعدت خلالها ان الوزارة ستخصص قرضا ماليا يصل الى 4 ملايين شيكل للبلدية.

أما النائب زحالقة، فقد طالب الحكومة بعدم منح البلدية قرضا ماليا لأن المواطنين سيضطرون تسديده لاحقا من ضريبة الارنونا، وإنما منح البلدية تعويضات اضافة لتعويضات اصحاب البيوت.

وقد زار زحالقة عشرات البيوت المتضررة للوقوف مع أهلها والتشاور معهم ومساندتهم للحصول على تعويضات مادية من الحكومة حتى من دون الاعلان عن وادي عارة منطقة منكوبة.

وقال محمد شفيق قحاوش، تاجر سجائر ومواد عذائية، إن "الاضرار المادية التي تسببت بها الفيضانات التي غمرت المخازن تصل إلى 250 الف شيكل". واضاف:"المياه تسربت الى المخازن واتلفت المواد الغذائية والسجائر واضطررنا الى الاستغناء عنها وهذه خسارة باهظة جدا".

كذلك الحال لدى حسين محاميد، تاجر مواد بناء، الذي غمر مخزنه هو الآخر بمياه الامطار الغزيرة وقال لـ"فصل المقال": "خسارتي المادية حسب تقدير اولي تصل الى 100 الف شيكل، والمخزن مغلق منذ 3 ايام متتالية حاولنا فيها قدر الامكان اعمار ما هدم وتضرر... فالمياه وصلت داخل المحل الى ارتفاع نصف متر والاضرار ما زالت لكن احداً لم يصل الى المحل من طرف المؤسسات الحكومية للاطلاع على الاضرار سوى عمال قسم الصيانة في البلدية...".

نبيل جبارين من قرية المشيرفة المجاورة لأم الفحم، اسعفه الحظ هو واطفاله الذين نجوا من كارثة عندما انهار جدار بارتفاع 5 امتار على منزله بسبب الفيضانات.

يقول جبارين: "الجدار انهار على البيت الذي كاد ينهار بدوره بعد ان تحطم احد اعمدته، فخرجت انا واطفالي خارج البيت لنجد السيول تغمر الحي باكمله، فاتصلت بالشرطة والاسعاف والاطفاء لإنقاذنا أكثر من عشرين مرة، إلا انها لم تصل ولا حياة لمن تنادي، وحتى موظفي ضريبة الاملاك لم يصلوا لتخمين حجم الاضرار، فالبيت كاد ينهار عليّ واضطررت الى ترك البيت إلى اجل غير مسمى حفاظاً على حياتي وحياة أطفالي... تصليح الاضرار قد يستغرق اسابيع والاضرار تفوق المئة الف شيكل وحتى الآن لم يزرنا احد سوى النائب جمال زحالقة ومندوبين عن السلطة المحلية...".

اما في مصمص، التي تعرضت بيوتها وشوارعها الى اضرار بالغة قد يستغرق تصليحها وإعمارها من جديد أشهر. وكادت الفيضانات تودي بحياة 3 مواطنين إلا ان قوات الاطفاء تمكنت يوم الاحد الماضي من تخليصهم بعد ان غمرت المياه منزلهم اضافة إلى ثلاثة مواطنين آخرين نجوا باعجوبة بعد ان انهار البيت الذي كانوا بداخله جراء الفيضانات..



عن صحيفة "فصل المقال"

التعليقات