ترابين الصانع في النقب تواجه مخطط الترحيل الثالث منذ النكبة..

الشرطة تنصب الحواجز على المداخل والتفتيش والتدقيق في البطاقات الشخصية والمركبات، وتقوم بأعمال تفتيش متواصلة في بيوت القرية، ومساءلة المارة "لماذا لا ترحلون؟"..

ترابين الصانع في النقب تواجه مخطط الترحيل الثالث منذ النكبة..
مرة أخرى يتأكد للمرة الألف أن إسرائيل لا تزال تواصل سياسة تركيز أكبر ما يمكن من العرب على أصغر ما يمكن من الأرض من أجل سلب أكبر مساحة ممكنة من الأرض لمنحها للمستوطنين. ففي إطار مخطط ترحيل أبناء قرية ترابين الصانع في النقب للمرة الثالثة منذ النكبة، لا تزال القرية تعاني الأمرين من ممارسات الشرطة الإسرائيلية ومجلس مستوطنة "عومر"، وذلك بسبب إصرار أهلها على البقاء في منازلهم، أو العودة إلى أراضيهم التي تم تهجيرهم منها عام النكبة.

وضمن ممارسات الشرطة المشار إليها، قامت الشرطة بنصب 3 حواجز على مداخل القرية، وتقوم بتفتيش كل من يدخل إليها والتدقيق في البطاقات الشخصية وحمولة المركبات. كما تقوم دوريات الشرطة باقتحام القرية بشكل شبه يومي، وتفتيش المنازل بدون أي مبرر. الأمر الذي يؤكد وجود مخطط لترهيب أهالي القرية ودفعهم إلى ترحيلهم عن قريتهم.

في المقابل، يقوم مجلس مستوطنة "عومر" المحاذية للقرية في هذه الأيام بأعمال تطوير، وافتتاح حي جديد على حساب أراضي القرية، حيث يقوم بأعمال تجريف للأراضي، وتتواصل عمل الجرافات ليل نهار، يرافقها عواصف رملية
.

وكان قد أقدم مجلس "عومر" المحلي، الذي يرأسه العنصري بيني باداش، قبل أكثر من شهر بقليل، على إغلاق بوابة يستعملها سكان قرية ترابين الصانع كممر مركزي للحافلات التي تقل طلاب المدارس من والى قرية ترابين الصانع، كما يستخدمها سكان ترابين الصانع كممر رئيسي.

وفي حينه كان قد أكد رئيس اللجنة المحلية نوير ترابين الصانع أن عملية الإغلاق تأتي للمرة الثانية، حيث جرى تعطيل الدراسة في المرة الأولى. وبعد أن تم فتح البوابة جرى إغلاقها مرة أخرى ووضع حواجز عملاقة من الإسمنت.

وفي حديثه اليوم مع موقع عــ48ـرب، يؤكد السيد نوير أحمد الصانع، رئيس اللجنة المحلية، أن الشرطة كانت قد نصبت في الآونة الأخيرة ثلاثة حواجز، أزيل منها إثنان اليوم، وذلك بهدف مضايقة سكان القرية من خلال توقيف المركبات والتدقيق في البطاقات الشخصية وتفتيش المركبات وتحرير المخالفات، الأمر الذي يمتد إلى مدة تصل إلى نصف ساعة لكل مركبة.

وتابع أن دوريات الشرطة تقوم بعدة جولات يومية في داخل القرية، وتقوم بمساءلة المارة وإجراء أعمال التفتيش في المنازل وبحوزتها أوامر تفتيش معدة سلفا. كما لفت إلى أنه يتم تحرير المخالفات للمركبات التي تقف في داخل القرية وأمام ساحات البيوت فيها.

ويؤكد رئيس اللجنة المحلية أن الهدف من التضييق على أهالي القرية هو دفعهم إلى الرحيل مرة أخرى من أجل ضم أراضيها إلى مستوطنة "عومر". وفي هذا السياق يشير إلى التساؤلات التي يواصل أفراد الشرطة طرحها على سكان القرية، والتي مفادها "لماذا لا ترحلون من هنا؟".

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن أهالي القرية هم من مهجري الداخل وكانوا يسكنون، ضمن عشيرة ترابين الصانع، في منطقة جبيبات أو الخصيف أو وادي غزة، والتي تقع بين بئر السبع وغزة، والتي تصل مساحتها إلى ما يقارب 70 ألف دونم. وتم ترحليهم عام النكبة إلى عرعرة النقب وثم إلى شقيب السلام. وبعد 10 سنوات، أي في مطلع سنوات الستينيات تم ترحيلهم مرة أخرى إلى المنطقة الواقعة بالقرب من عمرة، وهي قرية عربية مهجرة أقيمت على أنقاضها مستوطنة "عومر"، وتم إسكانهم على مساحة لا تتجاوز 800 دونم.

وقبل العام 2005 كان عدد البيوت في القرية، المسماة اليوم ترابين الصانع، يصل إلى 220 بيتا. أما اليوم فلا يزيد عدد البيوت فيها عن 50 بيتا، يسكنها ما يقارب 450 شخصا، وذلك بعد ترحيل قسم من سكانها باستخدام وسائل شتى.

وكانت قد وقعت في العام 2006 مواجهات بين الشرطة وبين سكان ترابين الصانع الجديدة، وذلك بعد أن شرعت جرافات السلطة بالبدء بأعمال تطوير لإقامة حي جديد لاستيعاب من تبقى من أهالي ترابين الصانع القديمة. وقد وقعت المواجهات نظرا لمعارضة السكان في القرية الجديدة تطوير أية حارة في القرية أو ادخال أي سكان جدد الا بعد ان تلبي وتنفذ ما تسمى بـ"مديرية النهوض بالبدو" وعدها بمنح السكان أراضي زراعية.

وفي حينه، أكد سكان القرية أن ما حدث كان سببه الكذب الذي تنتهجه "دائرة النهوض بالبدو" بالتنسيق مع جهات أخرى من اجل استدراج الناس واخراجهم من أراضيهم ومن ثم تتنصل من الاتفاقيات.

ويؤكد السيد نوير الصانع أن الهدف من التضييق على أهالي القرية هو دفعهم إلى الرحيل مرة أخرى إلى موقع آخر قرب بئر السبع، جنوب رهط، لا يبعد عن مزبلة "دودائيم" سوى بضع مئات الأمتار بكل ما يعني ذلك من أوبئة وأجواء ملوثة وغير صحية.

كما يلفت أيضا إلى أنه منذ ترحيلهم إلى قرية ترابين الصانع لم يتم الاعتراف بالقرية، وبالتالي لم يتم ربطها بشبكة الكهرباء والماء، علاوة على عدم وجود بنى تحتية بتاتا.

ويؤكد الصانع أنه يرفض الرحيل من المكان الذي ولد فيه، ويؤكد أيضا أنه على استعداد للعودة إلى أراضي عشيرة ترابين الصانع بعد استعادة أراضيها، التي لا تزال غير مسكونة، الأمر الذي ترفضه ما تسمى بـ"دائرة أراضي إسرائيل"، كما يتم رفض مجرد فكرة ضم القرية إلى السلطة المحلية في مستوطنة "عومر"، وذلك إصرارا من السلطات على ترحيلهم من المكان وضم الأراضي إلى المستوطنة.

كما يشير إلى حقيقة أن أراضي العشيرة، التي تصل مساحتها إلى أكثر من 70 ألف دونم قد تم نهبها ومحاصرة سكانها في هذه القرية الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 800 دونم، وبالتالي يجري اتهام عرب النقب بنهب أراضي الدولة.

ومن جهته يؤكد السيد عبد الكريم عتايقة، وهو ناشط سياسي واجتماعي في النقب، على أن كل ذلك يأتي في إطار مخطط شامل يهدف إلى تركيز عرب النقب في غيتوات صغيرة محاصرة، من أجل إعادة توزيع أراضي النقب على المستوطنين اليهود ضمن خطة تشجيع الاستيطان.

ويلفت إلى أن هناك مخططا قد وضع في مجلس محلي "عومر" يشتمل على توسيع المستوطنة باتجاه أراضي القرية، دون الأخذ بعين الاعتبار أن هناك مواطنين يسكنون في هذه الأرض.

ويشير إلى أن الشرطة تبدو مجندة لتنفيذ هذا المخطط الذي يخدم المستوطنين في "عومر" من أجل ترحيل ترابين الصانع. كما يلفت إلى أن المستوطنة ذاتها قد أقيمت لاحقا في مطلع سنوات السبعينيات. ومن خلال تشجيع الاستيطان فيها يصل عدد سكانها اليوم إلى ما يقارب 6 آلاف مستوطن.

كما يشير العتايقة إلى أن المخططات الإسرائيلية تعتبر التجمعات السكنية العربية حجر عثرة أمام تطوير البلدات والمستوطنات اليهودية، وبينما يتم ترحيل العرب يجري تشجيع الاستيطان اليهودي.

التعليقات