سكة حديد بطول 12 كيلومترا تقطع وادي عارة لتصل إلى الاردن!!

-

سكة حديد بطول 12 كيلومترا تقطع وادي عارة لتصل إلى الاردن!!
طالما اثارت المخططات التنظيمية الحكومية طويلة المدى شكوك وتخوفات المواطنين العرب في مختلف مناطق تواجدهم، بدءاً بمخططات المصادرة في السبيعنات وإنتهاء بشارع عابر اسرائيل في نهاية الالفية. واخيراً كشف النقاب عن مخطط لمد سكة حديد قطرية تمر من منطقة وادي عارة ضمن مخطط تاما 23. وحسب التخطيط الأولي فإن السكة الحديدية ستمر بنفق تحت سطح الارض من منطقة البيار قرب عرعرة وحتى مفترق مجيدو، والمقطع الثاني الذي يمتد من منطقة البيار إلى منطقة الخضيرة فستمر السكة الحديدية فوق سطح الارض، فيما ستكون محطة واحدة للركاب في منطقة نفوذ مدينة ام الفحم تخدم المسافرين في البلدات المجاورة.

وقد اثارت المعلومات التي تم تداولها مؤخراً بين المواطنين حول المخطط في وادي عارة تساؤلات عديدة خشيةً ان يكون هدف المخطط غير المعلن هو مصادرة المزيد من الاراضي في وادي عارة، فيما يرى البعض ان المخطط يهدف لتجاوز السفر من شارع وادي عارة الأمر الذي سيكون له مردود اقتصادي سلبي على الحركة التجارية في المنطقة، أما المتفائلون فيرون ان السكة الحديدة ستسهل على المواطنين في وادي عارة الوصول إلى منطقة المركز خصوصاً وان القطار لا يقتصر على نقل المسافرين بل أيضاً على نقل البضائع.

بين مخاوف المواطنين من المخططات الحكومية وتفاؤل البعض الآخر، يبقى السؤال الى أي مدى سيؤدي المخطط الجديد الى خنق البلدات العربية في وادي عارة الذي سيمر بمحاذاتها مثل برطعة وعرعرة ووادي القصب وأم الفحم ومصمص؟
حسب مخطط تاما 23 الذي حصلت «فصل المقال» على نسخة منه فإن السكة الحديدية ستمر بمحاذاة شارع وادي عارة من الجهة الجنوبية مع خط ارتداد يحدد استعمال الاراضي الزراعية التي من المفترض ان تكون اراضي للبناء مستقبلاً، خصوصاً وأن مقطعا اخر من السكة الحديدة الذي سيربط منطقة حيفا بمنطقة المروج قد يؤدي الى مصادرة اراض لمواطنين عرب في منطقة الكرمل والياجور.

ووفق تاما 23 يحظر البناء في المقطع الذي يقع بين خط الارتداد الذي يحدد سلفاً وبين سكة الحديد إلا المباني التي تخدم سكة الحديد مثل محطات ركاب وممرات للمسافرين.
يؤكد المهندس محمد يونس، عضو اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في الشمال، انه «بشكل عام مشاريع السكك الحديدة لها اثر بالغ على المناطق التي تمر بها، مثل شق اي شارع رئيسي الذي بالطبع يؤثر على المنطقة التي يمر منها، لكن التأثير ذو وجهين، قد يكون إيجابياً للبعض وسلبياً للبعض الآخر، فاصحاب الاراضي القريبة من سكة الحديد من الواضح انهم سيتضررون، فسكة الحديد الممتدة من منطقة البيار إلى مفترق مجيدو ستصادر بتقديري 150 دونماً تقريباً اضافة إلى 150 دونماً ستصادر لهوامش سكة الحديد و500 دونم ستتضرر جداً رغم عدم مصادرتها إلا انها ستبقى محصورة بين سكة الحديد وشارع 65 وسيصعب مستقبلاً استعمالها ما يعني هبوط قيمتها بشكل حاد».

ويشير يونس إلى انه «من جهة شارع وادي عارة القريبة من عرعرة وحدها هناك 400 دونم سيقيد استعمالها ناهيك عن مشكلة البيوت القائمة في المنطقة ذاتها، لأن السكة الحديدية ستمر بمحاذاة منازل في القرية لا نعرف عددها حالياً. في منطقة ام الفحم على سبيل المثال سيكون تقييد من ناحية البناء والحفر رغم ان سكة الحديد تمر من تحت سطح الارض. هذه قضية هامة جداً يجب فحصها جيداً وتقليص الاضرار قدر الامكان».

من جهته يقول المهندس شريف هندي، المهندس الرئيسي في اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في وادي عارة، إن «اقامة سكة الحديد في وادي عارة تقررت ضمن مخطط قطري لسكك الحديد الذي صودق عليه من قبل الحكومة منذ سنين مع تعديل رقم 18 على المخطط الذي يخص منطقة وادي عارة، وبموجب هذا التعديل تقرر ان تمر سكة الحديد من تحت سطح الارض تفادياً للاضرار من منطقة عرعرة- البيار الى مفترق مجيدو. فسكة الحديد التي ستكون بمحاذاة شارع وادي عارة حسب طلب اللجنة المحلية وبالتفاهم والتنسيق مع اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء، أما في المنطقة التي تكون سكة الحديد من فوق سطح الارض فلا توجد حالياً قيود ولا ابعاد سلبية على البلدات العربية».

واردف هندي قائلاً: «بموجب طلب اللجنة المحلية وبالتنسيق مع السلطات المحلية في المنطقة خصص مقطع خاص يشمل سكة الحديد والبنية التحتية (خط كهرباء ومياه والصرف الصحي) في آن معاً وفي مقطع واحد محدد تفاديا للخسائر في الارض، ومن خلال ذلك تقلصت المصادرات الى مساحة لا يتعدى طولها 100 متر. من ناحية اخرى فإن السكة الحديدية ستكون تحت سطح الارض وعبر انفاق لذلك، الاضرار في الاراضي ستكون بسيطة جداً ولن يكون تقييد على استعمال الاراضي ولن نحتاج الى مصادرات اضافية بمحاذاة شارع وادي عارة».

رغم عدم الحاجة لمصادرة اراض جديدة على حد تعبيره، يشير هندي إلى أن "خط الارتداد لسكة الحديد سيكون بعرض 80 مترا من وسط السكة الحديدية وفي بعض المناطق قد يكون اقل من ذلك وقد يصل الى نصف المسافة المذكورة، فحتى الآن التخطيط هو اولي ومبدئي ولم يتم وضع الخرائط النهائية من قبل مصلحة سكة الحديد في اسرائيل المسؤولة عن وضع التخطيط النهائي للمقطع الذي يمر بمحاذاة شارع وادي عارة، لذلك لا يمكن التحديد عينياً اين ستقع المصادرة ولكن يمكن تقدير المساحة التي قد تتضرر".

إلا ان هندي يؤكد انه "لا شك ان الاراضي الواقعة ضمن خط الارتداد ستحدد إمكانيات تطويرها أو استعمالها"
وفق المعلومات التي توفرت لدى "فصل المقال" فإن المخطط تاما 23 قبل اجراء التعديلات عليه في ما يخص منطقة وادي عارة (تعديل رقم 18) فإن الاراضي التي تمر بمحاذاتها سكة الحديد لن تكون مفتوحة امام اصحابها، إلا انه بموجب التعديل الغيت بعض القيود التي كان لها تأثير سلبي جداً على البلدات العربية في وادي عارة. فقبل التعديل كان من المخطط ان تمر سكة الحديد من وسط قرية زلفة لتحد أي تطور مستقبلي للقرية، إلا ان التعديل الذي تقدمت به اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في وادي عارة وصودق عليه في اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء أبطل ذلك، وبدلاً من ان تفصل السكة الحديدية قرية زلفة الى قسمين، تقرر تمرير السكة الحديدية بمحاذاة شارع وادي عارة من تحت سطح الارض.

ويؤكد هندي، الذي يعمل في اللجنة المحلية منذ 23 عاماً ومطلع على كافة تفاصيل المخطط، ان "سكة الحديد تمر في نطاق خط الارتداد لشارع وادي عارة، لذلك الاضرار ستكون قليلة جداً، لأنه من الأساس يحظر على المواطنين البناء في الاراضي التي تقع ضمن ارتداد شارع وادي عارة".

يهدف مخطط سكة الحديد القطرية الى ان يصل الى العفولة ومن ثم الى بيسان والى الأردن مستقبلاً مع ابقاء المجال مفتوحاً ليصل الى مناطق اخرى، وستباشر اعمال البناء في مقطع العفولة - بيسان في السنتين القريبتين لينتهي بفترة اقصاها 2010 وفق قرار الحكومة، فيما لم يحدد بعد موعد المباشرة في بناء المقطع الذي يمر من منطقة وادي عارة، خصوصاً ان سكة الحديد ستصل الى منطقة المروج والعفولة علما ً ان سكة الحديد تربط منطقة المركز (تل-ابيب) موصولة بحيفا، ما يعني ان مقطع وادي عارة ليس ضرورياً في المرحلة المقبلة، إلا ان هناك من يرى ان النوايا الحقيقية لسكة الحديد في وادي عارة هو تجاوز السفر عبر شارع وادي عارة، الذي اصبح احد الشوارع الحيوية في البلاد ويعتبره اهالي المنطقة العرب شريان اكسجين اقتصادي وتجاري لمصالحهم التجارية. أما في حال تشغيل السكة الحديدة فإن الأمور قد تنعكس رأساً على عقب، إذ ان القطار سيتوقف في محطة واحدة في المنطقة ليستمر الى العفولة وبيسان، ما يعني ان حركة السير ستخف تجزيئياً عبر شارع وادي عارة وبالتالي تجفيف المنطقة اقتصادياً اضافة لشارع عابر اسرائيل الذي يجري شقه على قدم وساق في المنطقة وهو الاخر يتجاوزها، وقد يحدّ في المستقبل القريب من أهمية شارع وادي عارة.

في السياق ذاته يقول المهندس محمد يونس إن «حيوية شارع وادي عارة ستخف مستقبلاً، لأن السلطات المحلية كانت قد خططت قبل عدة سنوات لشق شارع مواز لشارع وادي عارة لخدمة التجار والمستهلكين لتنشيط الحركة التجارية في المنطقة، وقد باشرت بلدية ام الفحم بشق الشارع الموازي إلا ان مخطط تاما 23 سيمنع الاستمرار به لأنه سيحل محله، ما يعني ان المنطقة قد تتأثر اقتصادياً سلباً، ويجب على السلطات المحلية في المنطقة المطالبة باقامة مرافق اقتصادية ومناطق صناعية إلى جانب السكة الحديدية حتى تكون مجدية، وإذا اكتفينا بسكة حديد فقط من دون مناطق تشغيل وصناعة فإن المشروع سيكون ليس في صالح سكان المنطقة تماماً».
ازاء ذلك هناك من يظن العكس تماماً ويرى ان المخطط يهدف الى انعاش المناطق المهمشة اقتصادياً وإجتماعياً وتسهيل السفر من وإلى منطقة المركز.

ومن بين المتفائلين المهندس هندي الذي قال: "من دون شك أن سكة الحديد ستخدم منطقة وادي عارة وستكون بمثابة رافعة لتطور المنطقة. ففي اللحظة التي يتم فيها التخطيط التفصيلي لسكة الحديد في المنطقة ستكشف لنا النوايا الحقيقية للتغيير الى الافضل، وحالياً لم يعد بعد مخطط مفصل للمنطقة رغم توجهاتنا المتكررة للجهات المعنية لتحديد بدقة اين ستمر سكة الحديد".

ويشير هندي إلى انه "عادة يكون التخطيط علنياً وبتشاور مع لجنة التنظيم والبناء المحلية، إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار كل طلبات اللجنة المحلية. نحن في اللجنة المحلية في وادي عارة ننظر الى المخطط كمشروع إيجابي لتطوير المنطقة وابدينا استعدادنا لتقديم المساعدات لمعدي المخطط لتطويره وفق مصالح المنطقة والسكان، لذلك في حال المباشرة في وضع مخطط تفصيلي لسكة الحديد في وادي عارة ستعقد جلسات تنسيق مع اللجنة المحلية والسلطات المحلية في المنطقة، وأتوقع انه ستؤخذ بعين الاعتبار كل طلبات السلطات المحلية. فعلى سبيل المثال كان من المفترض حسب التخطيط الأولي ان تكون محطة الركاب مقابل مركز شرطة وادي عارة، لكن بلدية ام الفحم طلبت ان يكون المخطط ضمن منطقة نفوذها واستجابت اللجنة القطرية لهذا الطلب وجرى تعديله".

في المحصلة، يقول المهندس محمد يونس:" السكة الحديدية تقرب منطقة وادي عارة الى منطقة المركز، لكن على السلطات المحلية متابعة المشروع والعمل على ان يرافق المشروع مشاريع تطوير صناعية، ولكن على الاغلب المنطقة قد تتضرر لأن موازين القوى في دوائر القرار والتأثير ليست لصالح وادي عارة في الاغلب".


"فصل المقال"

التعليقات