شاهد عيان: بديعة شعبان تروي تفاصيل صراعها مع السفاح وبندقية المجزرة في شفاعمرو

بديعة تناشد اهالي شفاعمرو مساعدتها في العثور على كافة اغراضها الشخصية الثمينة التي احتوتها الحقيبة التي خلفتها في الحافلة ليلة المذبحة..

شاهد عيان: بديعة شعبان تروي تفاصيل صراعها مع السفاح وبندقية المجزرة في شفاعمرو

بعد اكثرمن اسبوع على جريمة شفاعمرو الارهابية تشارف ندوب بديعة شعبان على الشفاء ولكن يبدو انها ستحتاج شهوراً وربما سنوات لمداواة جراحها النفسية والإفلات من الصدمة المهولة بعد ان رأت زميلاتها يذبحن كالخراف داخل الحافلة. وبديعة هي طالبة كلية الهندسة في " التخنيون" والتي كانت انقضت على المجرم نتان زادة وعلى بندقيته الرشاشة الملتهبة كالجمر بيدين عاريتين ولها الفضل في وقف حمام الدم.

بالامس زرنا بديعة في بيتها داخل مدينة شفاعمرو حيث تواصل استعادة الكابوس امام زائريها لحظة بلحظة وبكثير من التواضع والذكاء وسرعة الخاطر..غير ان ما يقلقها انها لم تعثر حتى الان على كافة اغراضها الشخصية الثمينة التي احتوتها الحقيبة التي خلفتها في الحافلة ليلة المذبحة. وتناشد بديعة كل من وجد حقيبتها او اغراضها الشخصية ان يعيدها لها نظرا لاهميتها فهي تشمل حاجات خاصة وحيوية لها ولدراستها.

بديعة التي غادرت المستشفى الى منزلها حدثت عما جرى لافتة انه بعد انتهاء دورة الحاسوب في الجامعة وكالعادة استقلت في ذاك الخميس الاسود حافلة رقم 165 ولم تكن تتخيل في افظع كوابيسها ان ترى الموت يدهمها مسرعا على قدميه وعلى مسافة عشرات الامتار من بيتها. وعن ذلك قالت: “صعدت يومها الى الحافلة التي استقلها مرتين كل اسبوع. جلست وحدي في مقعد في وسط الحافلة وفي مفرق مسعدة على مشارف حيفا، صعد المجرم واستقر في احد المقاعد الخلفية وكان منظره الخارجي مريباً ومثيراً للاشمئزاز ما اثار مخاوفي”. وظلت الحافلة تسير في مسارها المألوف بين مدينتي حيفا وشفاعمرو الى ان بلغت الاخيرة وكان فيها نحو 20 مسافرا كما ترجح بديعة التي اوضحت ان سائق الحافلة استدعاه بصوت عال لكنه لم يستجب واضافت: “في المحطة الثالثة داخل شفاعمرو توقفت الحافلة كالعادة وعندها انتقل المجرم نحو الامام وهم بالخروج من الباب الخلفي، وفجأة استدار وافرغ عدة رصاصات في رأس السائق وقتل الشقيقتين هزار ودينا الجالستين قبالة السائق، اضافة الى نادر حايك وشرع باطلاق النار بشكل عشوائي”.

وافادت بديعة انها في تلك اللحظة سارعت الى الاختباء تحت مقعدها بصورة لا ارادية فيما كانت العيارات النارية تتوالى من حولهم وأجج تطاير النوافذ الزجاجية حالة الرعب واضافت “وفجأة خيم هدوء لبضع ثوان ولما رفعت رأسي وجدت القاتل قبالي يصوب بندقيته من نوع "ام 16" نحو عنقي لكن عطلا حال دون خروج الرصاص فاستوعبت انني اقف امام لحظة مواتية فنهضت مندفعة بقوة نحوه وامسكت ماسورة البندقية بيدي رغم سخونتها فيما اجتهد للافلات مني وهو يتراجع للخلف ويجرني معه لكنني كنت مصممة على التمسك بها”.

وفي هذه الاثناء نهض الشاب هايل جنحاوي الذي كان يجلس خلف بديعة ووجه لكمة قوية لوجه المجرم واخذ يتصارع معه داعيا بديعة للهرب حتى طرحه ارضا واخذ بندقيته واخذ من تبقى من المسافرين باخضاعه. في تلك اللحظة كانت بديعة أنهت مهمتها وفرت من الباب الخلفي بعدما وجدت الباب الامامي مغلقاً راعها مشهد القتلى الذين غرقوا في بركة دماء ولم تنتبه الى يديها المحروقتين إلا عندما سارع والدها الى المكان.

وردا على سؤال حول اصعب لحظات المجزرة اوضحت بديعة التي تحدثت بهدوء وسط جلبة الزائرين المهنئين اثر خروجها من المستشفى امس الاول، ان اكثر ما روعها صورة المجرم وهو يتقدم نحوها مصوبا بندقيته صوبها. وقالت: حينما رأيته شاهدت في الواقع الموت وقد ترجل في اول مرة في حياتي. كما اشارت بديعة الى انها منذ المجزرة لا تقوى على النوم الا بشكل متقطع لافتة الى ان ازيز الرصاص لا يفارق اذنيها اضافة الى اصوات المسافرين المختبئين تحت مقاعد الحافلة وهم يتلون الفاتحة على ارواحهم خلال اطلاق النار.

ونوهت بديعة الى انها ستعود لركوب الحافلة في ذات المسار وتقول: “اخاف ولكن بدي اعيش”.. فلا خيار امامنا سوى استئناف الحياة الا ان اشد ما يقلقني ان والدي عاطل عن العمل اليوم فجاءت هذه الجريمة لتثقل عليه اكثر فأكثر. وشددت بديعة ان الاحتلال وقادته هم المجرمون الحقيقيون واضافت اما نتان زادة فهو ليس سوى مسدس وهذا ما قلته لايهود باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق حينما زارها في مشفى “رمبام” في حيفا. وقالت شعبان انها لن تتنازل عن استكمال تعليمها العالي مشددة على ان العلم سلاح لا غنى عنه بالنسبة لكل الفلسطينيين وهو اكثر اهمية من بندقية المجرم ولفتت بحرقة الى ضياع اغراضها الشخصية وكتبها بعد ان تركتها في الحافلة.

وتعليقا على الإطراء عليها من قبل الناس الذين ينعتونها بالبطلة قالت بديعة انها لا تختلف عن اي فتاة اخرى وان تشبثها الفطري بالحياة وبإنقاذ حياة اهالي بلدها دفعها للانقضاض على المجرم ووقف برنامجه الدموي.


انظر أيضاً: غرفتهما متحف متنوع: الشهيدتان الشقيقتان تتركان وصيتهما على الجدران

التعليقات