شبح هدم البيوت يخيم فوق مدينة الطيرة في المثلث

-

شبح هدم البيوت يخيم فوق مدينة الطيرة في المثلث
عاد شبح هدم البيوت هذه المرة فوق مدينة الطيرة، بعد ان كشفت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في الرملة اخيراً عن نيتها هدم عشرات البيوت في المدينة، ثلاثة منها على الأقل في الايام القريبة المقبلة (اذا لم تصدر المحكمة المركزية في تل أبيب امر الغاء مؤقتا) بحجة البناء من دون تراخيص اقيمت منذ سنوات عدة.

وفي اعقاب ذلك أعلن تسعة أعضاء من المعارضة والائتلاف في بلدية الطيرة في بيان مشترك اقامة لجنة شعبية تشمل مهندسين ومحامين وأعضاء بلدية للعمل على ايقاف حملة الهدم، كما ناشدوا أهل الطيرة للتكاتف والوقوف معاً لتجاوز خطر الهدم.

وأفاد البيان: «لقد بلغنا ان اللجنة اللوائية سوف تقوم في الايام القليلة المقبلة بحملة واسعة لهدم البيوت غير المرخصة وقد اصدرت اوامرها للشرطة بهدم عدد من البيوت كمرحلة اولى على ان يتبعها هدم عشرات البيوت الاخرى.

بناء على ذلك تم تشكيل لجنة شعبية تتكون من مهندسين ومحامين واعضاء بلدية للعمل على ايقاف هذه الهجمة التي قد تتعرض لها الطيرة قريباً. كما تناشد هذه اللجنة أهالي الطيرة التلاحم والتكاتف والوقوف صفا واحدا لمنع وقوع هذه المأساة... فالجميع يعلم ان هناك عشرات الآلاف من البيوت غير المرخصة المبنية في الوسط العربي... فهل سيتم هدمها جميعها؟؟ألم يدرك المسؤولون في وزارة الداخلية واللجنة اللوائية مدى الضائقة السكانية التي يمر بها الوسط العربي؟؟ اننا ندعوهم ان يكثفوا الجهود من اجل توسيع مسطح البناء وعدم وضع العراقيل امام المصادقة على المخططات اللازمة لانقاذ هذه البيوت».

واضاف البيان: "تتوجه اللجنة الى رئيس البلدية خليل قاسم، الذي نحمله مسؤولية التأخير في إنهاء الخارطة الهيكلية والتسبب في وقوع عشرات البيوت تحت تهديد الهدم، نتوجه اليه أن يؤدي واجبه وأن لا يقف مكتوف اليدين وأن يعمل بكل حزم على ازالة هذا الخطر الداهم وأن يبدأ فورا بخطوات جدية ومهنية لتوسيع مسطح البناء في الطيرة".

وعلى الصعيد ذاته قال سامر التيتي صاحب احد البيوت المهددة بالهدم والواقع شمال المدينة:" بنيت منزلي منذ 3 سنوات في قسيمة وحيدة ورثتها من والدتي المرحومة تقع على حدود مدينة الطيرة. وفقط بعد موافقة الجيران بالاجماع باشرت بناء منزلي في ارضي الخاصة وليس في ارض ملك عام، وبعد نحو سنتين من بدء البناء غرمتني المحكمة بـ23 الف شيكل بسبب عدم وجود "التراخيص" لا ازال اسددها حتى اليوم لكنها أمهلتني سنة لتقديم الخرائط والمستندات اللازمة للجنة اللوائية في الرملة للحصول على الترخيص، إلا ان جواب اللجنة كان معروفاً وواضحاً سلفاً وهو الرفض، رغم انني استوفيت كافة المتطلبات".

ويستغرب التيتي لماذا الآن بالذات قررت اللجنة اللوائية هدم عشرات المنازل في الطيرة بعد ان اصبحت غالبية المنازل في مراحلها النهائية من البناء، قائلاً: "لقد كلفني بناء البيت قرابة 480 الف شيكل خلال الثلاث سنوات الاخيرة عملت انا واخوتي جاهدين لتوفيرها بشق الانفس والبيت الان وصل مراحله الاخيرة"!

ويضيف: "ليست لدي قسيمة أرض غير التي بنيت فيها منزلي ولم يكن لدي أي خيار لذلك انا مستعد لعدم السكن في المنزل خلال عشر السنوات المقبلة في انتظار توسيع الخارطة الهيكلية للمدينة".

إلا ان التيتي لا يزال متفائلاً رغم خطر الهدم لأنه قام بالاجراءات القانونية المطلوبة حسب قوله، ويتساءل لماذا تتذكرنا اللجنة اللوائية فقط في ما يخص اوامر الهدم ولم تتذكر ضائقتنا السكنية وتوجهاتنا لها بتوسيع الخارطة الهيكلية.

بناء غير مرخص ام تجاهل التكاثر والتوسع السكاني للعرب؟

المحامي سائد قاسم، الذي يمثل عددا من اصحاب البيوت المهددة بالهدم، توجه أخيراً الى محكمة الصلح في مدينة كفر سابا لاستصدار اوامر الغاء لأوامر الهدم، إلا ان المحكمة رفضت البت في طلبه من دون استدعاء الاطراف المعنية، موكليه واللجنة اللوائية، ما حدا به التوجه الى المحكمة المركزية في تل أبيب للاستئناف على رفض محكمة الصلح ولا يزال بانتظار قرارها، في حين ان ناقوس خطر الهدم يدق.

ويقول قاسم ان اوامر الهدم صدرت بعد مرور سنوات على البناء وبعض البيوت اصبحت في مراحلها النهائية في حين ان القانون ينص على ان اوامر الهدم هدفها الرد السريع والفوري على من اخترق القانون وليس بعد 3 سنوات او اربع سنوات من البناء، فلا يعقل ان يتم الهدم بعد مرور كل هذه الفترة.

ويؤكد اصحاب البيوت المهددة بالهدم على ان الضائقة السكنية التي تعيشها الطيرة مثل باقي البلدات العربية هي التي اجبرتهم على البناء في اراض زراعية.

ويقول قاسم ان هناك حاجة ماسة لتوسيع الخارطة الهيكلية للطيرة منذ سنوات، لكن وزارة الداخلية تضع شروطاً تعجيزية ولا يبدو في الافق حل لهذه الضائقة ما يضطر المواطنين الى البناء في اراض زراعية لعدم توفر اراض معدة للبناء والخرائط الهيكلية التي صودق عليها في الماضي اصبحت لا تستجيب للتكاثر والتوسع السكاني في الطيرة، وفي المقابل الدولة لا توفر الحلول خصوصاً الازواج الشابة ولا توفر لها مساكن عمومية ولا توزع قسائم بناء بملكيتها او بملكية ما يسمى "دائرة اراضي اسرائيل" على المواطنين كما هو الحال في الوسط اليهودي.

وفي هذا السياق يقول قاسم إن القانون يطبق بحذافيره في الوسط العربي في ما يخص البناء غير المرخص بينما في الوسط اليهودي وخصوصاً في الكيبوتسات والموشافيم تغض السلطات الطرف عن التجاوزات القانونية والتنظيمية.

** فصل المقال: لكن المحكمة امهلتكم سنة لاستصدار التراخيص اللازمة وانتهت هذه المهلة؟

قاسم: المهلة التي منحتها لنا المحكمة في بعض الحالات لا تكفي في ظل البيروقراطية المؤسساتية، وما فاجأنا هو انه بعد انقضاء المهلة القصيرة التي تمت باتفاق مع اللجنة اللوائية لتأجيل اوامر الهدم قررت اللجنة تنفيذ الاوامر ، وعلى ما يبدو فإن وزارة الداخلية اتخذت قرارين؛ الاول عدم توسيع الخارطة الهيكلية للطيرة، والثاني عدم البت مطلقاً بطلبات المواطنين لاستصدار تراخيص بناء، وعلى ما يبدو فإن هذين القرارين هما استراتيجيان، ولا ارى حلاً قانونيا لهذه المسألة، فالمحكمة المركزية قد تصدر امراً مؤقتاً لمنع الهدم وقد ينفذ الحكم، لكنه في الحالتين لم تحل المشكلة وستتزايد وتتفاقم.

وتبين من خلال فحص قامت به "فصل المقال" للبيوت التي صدرت ضدها اوامر الهدم تبين ان غالبية هذه البيوت اقيمت على اراض زراعية لعدم امتلاك أصحابها أراض معدة للبناء ويقع قسم كبير منها على حدود الخارطة الهيكلية الحالية، إضافة إلى ان اصحاب هذه البيوت هم من الشباب الذين تتجاهلهم الدولة وتتجاهل مطالبهم بتوفير مبان للازواج الشابة والبحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة التي يعاني منها الوسط العربي عموماً.


عن صحيفة "فصل المقال"

التعليقات