ضراوة الرأسمالية بتطبيق خطة الإفقار والتجويع "فيسكونسين" في الناصرة /هاشم حمدان

-

ضراوة الرأسمالية بتطبيق خطة الإفقار والتجويع
( الشركات التي تطبق مشروع فيسكونسين في الناصرة استأجرت لها مركزين؛ الأول في حي بير أبو الجش، والثاني في مركز مدينة الناصرة مقابل فرن المحروم ويسمى بالمركز الأبيض، وهو ما أصبح ما يعرف الآن بلغة العاطلين عن العمل بالمركز الأسود، بل إن بعضهم يطلق على هذه المراكز إسم معتقلات غوانتانامو....!)


أكدت جمعية صوت العامل النقابية في الناصرة، والتي تعنى بشؤون العمال والعاطلين عن العمل أن تطبيق خطة فيسكونسين في منطقة الناصرة، والتي تم توقيع الاتفاق عليها بين وزارة المالية والشركات الأجنبية ستجلب دمارا وكارثة حقيقية ل 3500 عائلة في الناصرة وعين ماهل تعتاش على مخصصات ضمان الدخل، ويقول وهبة بدارنة مدير الجمعية أن الشركة الهولندية التي ستطبق المشروع سيكون أهدافها الربح وتوفير الأموال على الحكومة وليس إخراج العاطلين عن العمل إلى عمل حقيقي، وقد أشارت دراسات أمريكية أن ثلثي مستحقي مخصصات ضمان الدخل في الولايات المتحدة قد فقدوا مخصصاتهم خلال السبعة سنوات الأولى من تطبيقها في ولاية فيسكونسين الأمريكية.

خطة فيسكونسين، على اسم ولاية أمريكية، خطة أعدها الرئيس الأمريكي السابق ريغان ومجلس السنات الأمريكي في سنوات الثمانين هدفت إلى إخراج العاطلين في الولايات المتحدة من دائرة مخصصات ضمان الدخل إلى العمل. وقد طبقت هذه الخطة على الغالبية العظمى من السود في الولايات المتحدة وخاصة النساء والعائلات أحادية الوالدين أو النساء المطلقات. وقد لاقت هذه الخطة هجوما شديدا من قبل المنظمات الإجتماعية في الولايات المتحدة نظرا لاقترانها بالعنصرية ولأنها أخرجت الناس فعلا من دائرة مخصصات ضمان الدخل ولكن ليس إلى العمل بل إلى دائرة الفقر. وأشارت دراسات إجتماعية في الولايات المتحدة أن نسبة الفقر والبطالة كانت قبل تطبيق الخطة بنسبة 10%، غير أن تطبيق الخطة هناك قد زاد النسبة بنسبة 33% وزاد عدد الناس الفقراء بدون مأوى.، بعد أن قطعت عنهم الحكومة الأمريكية المخصصات الاجتماعية.

إنها خطة تهدف إلى إخراج العاطلين عن العمل من دائرة ضمان الدخل إلى دائرة العمل، وهي خطة طبقت في أمريكا ، بريطانيا، بلجيكا، هولندا والدانمارك وعلى الرغم من أن باحثين والعديد من أساتذة علم الإجتماع والإقتصاد في إسرائيل يؤكدون فشل هذه الخطة في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، ويؤكدون أن بداية تطبيقها في إسرائيل سيكون كارثة على رؤوس آلاف العائلات الفقيرة التي تعتاش على مخصصات ضمان الدخل، على الرغم من ذلك فان حكومات إسرائيل المتتالية ومنذ عام 1999 ووزراء المالية ظلوا يرسمون برنامج هذه الخطة وتطبيقه على أربع مناطق في البلاد، يتم من خلالها دمج 14000 ألف عاطل عن العمل ممن يتقاضون مخصصات ضمان الدخل أكثر من عامين، ومن اجل ذلك تم تشكيل لجنة حكومية برئاسة المدير السابق لمؤسسة التامين الوطني يوسي تمير ، وقد دارت بين أعضاء هذه اللجنة نقاشات حادة حول تطبيق هذه الخطة وخاصة أن الخطة يشرف عليها شركات أجنبية خاصة هدفها الربح، فكلما أخرجت هذه الشركات أكبر عدد من العاطلين عن العمل من دائرة ضمان الدخل ازدادت أرباحها أكثر .


الشركة الهولندية " كالدير" التي ستشرف على تنفيذ الخطة لمدة سنتين في منطقة الناصرة، والأرجح أن تستمر لسبع سنوات أخرى ستعمل على النحو التالي: بعد استئجار مبنى كبير في الناصرة كمركز تشغيل يستوعب 3500 عاطل عن العمل من مستحقي مخصصات ضمان الدخل، الذين يحصلون على مخصصات ضمان الدخل أكثر من عامين، وهؤلاء يتم تسميتهم وفق الخطة بـ"العاطلين المزمنين."، الذين أصابهم الإحباط وعدم الثقة بالنفس وبالمجتمع أو لان حظهم سيء في الحياة" كما جاء في وثائق الخطة التي وصلت إلى "صوت العامل".

تقوم الشركة بتوجيه رسائل خطية إلى العاطلين عن العمل الذين تم اختيارهم، ويقوم خبير في شؤون العمل والتشغيل بمرافقة وبناء برنامج عمل أو برنامج تأهيل تعليمي ل 60 عاطل عن العمل، إضافة إلى العائلات أحادية الوالدين أو النساء المطلقات أو العاطلة عن العمل التي تحصل على مخصصات النفقة.

عندما يصل هؤلاء العاطلين عن العمل إلى مركز التاهيل الذي تديره الشركة الأجنبية وبمشاركة شركة إسرائيلية أخرى، هؤلاء يكونوا قد خرجوا تماما من مكاتب العمل وأصبحوا تابعين لهذه الشركة وسيكون عليهم المثول كل يوم ولعدة ساعات في مركز التأهيل والتشغيل كي يتعلموا الطرق الناجعة في البحث ويتعلموا كتابة سيرة ذاتية من اجل القبول في العمل، هؤلاء العاطلين عن العمل يجب عليهم قبول أية فرصة عمل تفرض عليهم من قبل المسؤولين عن خطة فيسكونسين، أما إذا رفضوا العمل فإنهم سيحرمون من مخصصات ضمان الدخل لفترة طويلة.

وفقا لبرنامج الخطة والوثائق التي حصلت عليه جمعية صوت العامل النقابية في الناصرة من خلال الاجتماع الذي عقدته الشركات الأجنبية التي ستشغل الخطة، يوم 04\7\16، وبضمنها الشركة الهولندية التي ستشرف على منطقة الناصرة فان هذه الشركات ووزارة المالية والوزير اولمرت قد اعدوا قوانين صارمة وقاسية جدا بحق العاطلين عن العمل الذين سيتم دمجهم في هذه الخطة، وقد تم تخصيص ميزانية 80 مليون شيكل لهذا المخطط.

على سبيل المثال، مسموح للعاطل عن العمل التغيب عن المركز فقط ليومين خلال الشهر الواحد وهذا فقط وفقا لأسباب مقنعة جدا ، أما إذا تغيب عن المركز ثلاث مرات في الشهر الواحد فانه يحرم من المخصصات لمدة شهر واحد، وإذا تغيب في الشهر الثاني مرة واحد فان هذه المرة تضاف إلى الثلاث مرات من الشهر السابق ويحرم من المخصصات لمدة شهرين، إذا تكرر التغيب بشكل منهجي بدون أسباب مقنعة جدا فان العاطل عن العمل يحرم بشكل نهائي من مخصصات ضمان الدخل.

يقوم مركز التشغيل وبرفقة خبير مهني بناء برنامج عمل للعاطل عن العمل وفقا لقدراته المهنية والتعليمية والأكاديمية وهو ما يسمى ضمن الوثائق التي حصلت عليها جمعية صوت العامل النقابية "المسيرة نحو العمل"، فإذا ما نجح المركز بدمج العاطل عن العمل في أية مهنة أو لدى أي مقاول فان الشركة الأجنبية لا تتحمل أية مسؤولية عن ظروف العمل الجديدة للعاطل عن العمل وهي غير مسؤولة إذا ما قام صاحب العمل باستغلال العامل الجديد وعدم دفع الحد الأدنى من الأجور وباقي الحقوق الأخرى.

يقول وهبة بدارنة في هذا السياق:" إن هذه العملية ستفتح الباب على مصراعيه لأرباب العمل لاستغلال العاطلين عن العمل الذين أرسلوا للعمل من قبل الشركة، صاحب العمل يعرف انه " سيسرح ويمرح" ويتمادى بالاستغلال البشع للعمال لان هذا العامل الذي أرسلته الشركة إذا ما حاول الاحتجاج على ظروف عمله أمام المشغل فانه بجرة قلم يستطيع أن يسجله رافض عمل وعندما يعود إلى الشركة سيحرم من المخصصات ويخرج بتاتا من دائرة ضمان الدخل ومقابل هذا تجني هذه الشركة الأرباح، إخراج الناس من ضمان الدخل إلى الفقر".

أما إذا حاولت الشركة الهولندية بناء برنامج للعاطل عن العمل ولم تنجح في ذلك فان العاطل عن العمل ملزم بتطبيق ما بين 30- 40 ساعة عمل تطوعية في مؤسسات حكومية أو جماهيرية كشرط أساسي لحصوله على المخصصات. مثلا ، بإمكان الشركة أن تطلب من عاطل أو عاطلة عن العمل التطوع في مركز شرطة أو مستشفى ، إذا رفض أو رفضت التطوع فإنها تحرم من المخصصات بشكل نهائي.

إزاء تسجيل العاطلين عن العمل رافضي عمل وحرمانهم من المخصصات من قبل هذه الشركة، فان الشركة تعطي للعاطل عن العمل الاستئناف على القرار أمام لجنة استئناف مكونة من ثلاث أشخاص من بينهم خبير في شؤون العمل، ويتم تعيين هذه اللجنة بشكل مباشر من وزير العمل والصناعة والتجارة ايهود اولمرت. على العاطل عن العمل الذي يقدم الاستئناف دفع رسوم 50 شيكلاً للشركة، إذا رفضت اللجنة الاستئناف بإمكان العاطل عن العمل التوجه إلى محكمة العمل.

إضافة إلى هذه العقوبات الصارمة، فان العاطل عن العمل من الناصرة أو عين ماهل لن يستطيع التهرب من هذه " المصيدة" إذا ما حاول نقل مكان سكناه إلى قرية أو مدينة أخرى، حتى لو نقل عنوانه إلى قرية في النقب فسيكون ملزما بالاشتراك في هذه الخطة.

فكتور نرزني(52 عاماً) في حديث له مع مدير مكتب صوت العامل السيد وهبة بدارنة يقول:

"هذه شركات إحتيال مخفية، لقد بدأت العمل في هذه الشركات منذ 04/07/2005، وبصفتي مديراً مرافقاً لبناء برنامج عمل وتأهيل للعاطلين عن العمل بدأت باستقبال المئات من العاطلين عن العمل في مراكز شركات "أغام مهاليف" التي تطبق مشروع فيسكونسين في الناصرة.

وكما تدعي الحكومة فإن هذا المشروع قد جاء لتشغيل الناس وإخراجهم من دائرة ضمان الدخل إلى العمل، واعتقدت في البداية أنني أؤدي رسالة ما في هذا المجال، إلا أنه تبين لاحقأ أن المسألة ليست كذلك، فهي تنتهك حقوق الناس، وهذه المراكز أشبه ما يكون بالجيتو، وتعرضهم للمهانة والإذلال. لقد رأيت الناس وغالبيتهم العظمى يصلون بصعوبة إلى هذه المراكز، إنهم يعانون من عاهات وإعاقات جسدية. فهل هؤلاء الناس حقاً يستطيعون العمل؟ أعتقد أن العاطلين عن العمل من جيل 20-40 عاماً فقط يمكنهم العمل إذا كانت صحتهم تسمح بذلك.

لقد توجهت لمدراء الشركة المسؤولين منذ اليوم الأول وقلت لهم: ما هي المعايير لتشغيل الناس؟ فقالوا هذه خطة أو مشروع حكومي ويجب علينا تنفيذ الخطة فقط. ولقد فهمت فيما بعد أن أهداف هذه الشركات غير نزيهة ولا تهدف إلى تشغيل العمال. ولذلك فإن ضميري لم يسمح لي بمواصلة العمل في هذه الشركات، فاتخذت قراراً بالإستقالة من منصبي".


وتجدر الإشارة إلى أن جمعية صوت العامل كانت قد نظمت قبل ثلاثة أسابيع إجتماعاً شعبياً في الناصرة تحدث فيه المربي جهاد أبو العسل، سكرتير فرع التجمع الوطني الديمقراطي في الناصرة، وتطرق الى الاخطار التي تتربص بالناس نتيجة هذه الخطة الحكومية وقال ان حكومات اسرائيل المتعاقبة سرقت وصادرت الارض، وحتى العمل اصبح العامل العربي محروماً منه، وتأتي الآن هذه الشركات والخطط الحكومية لتضييق الخناق على الناس وسرقة لقمة عيشهم، وأكد الاستاذ ابو العسل على ضرورة التكاتف وتحدي هذا المخطط الذي سيحول حياة العمال والعاطلين عن العمل الى جحيم وفقر.

كما تحدث زاهر بولس، سكرتير الحزب الشيوعي في الناصرة، وشدد بولس في كلمته على ضرورة التكاتف في المدينة لمواجهة هذه الخطة الخطيرة والمصاعب القانونية التي تنشأ عبر هذه الخطة والشركات المرتبطة بها.

ومن جهته قال وهبة بدارنة:" حجم الكارثة لهذه الخطة هو كبير جدا، واذا لم نتحرك ونتنظم الان جميعا فان الناس ستنفجر غضبا في وجه المؤسسات والاحزاب، الناس التي تتوجه الان الى جمعية صوت العامل هي في حالة كبيرة من الغضب والغليان على هذه الخطة وسكوت اطراف مركزية في المدينة عليها، انني اناشد ممثلي الاحزاب والمؤسسات في الناصرة باتخاذ موقف جدي ومسؤول تجاه هذه المسألة المصيرية وعدم الاستهتار بقضية تتعلق بلقمة عيش الاف الناس".


بدأت السلطات الاسرائيلية في أول الشهر الحالي، صباح يوم الاثنين، بتنفيذ خطة "فيسكونسين" في مدينة الناصرة العربية، وسط اجواء مشحونة وحالة غضب عارمة في صفوف آلاف المواطنين العرب الذين اجبروا على التوجه الى مكتبين للشركة التي تدير هذه الخطة، والتي تهدف في الأساس الى حرمان الاف العائلات من ضمان الدخل وقذفهم الى دائرة الفقر المدقع.

وفي حديث مع النائب د. جمال زحالقة، (التجمع) الذي تواجد بين بين مئات المواطنين المحتشدين في ساحة المكتب المقام في حي الفاخورة في منطقة بير ابو الجيش في الناصرة، قال ان مئات المسنين والمرضى غير القادرين على العمل اجبروا على الحضور والانتظار في طوابير مهينة خاصة وانه تبين من حديث مع عشرات المواطنين الذين خرجوا من المكتب انه لم تعرض عليهم وظائف تتفق وأوضاعهم، وان الهدف من هذه الخطة هو تيئيسهم وحرمانهم من المخصصات، لأن ذلك يصب في النهاية في صالح الشركة التي تسعى الى تحقيق الأرباح على حساب الفقراء والمعوزين.

وقال زحالقة ان اسرائيل قررت تنفيذ هذه الخطة رغم ثبوت فشلها في الولايات المتحدة، وان كتلة التجمع الوطني الديموقراطي البرلمانية تقوم بجمع تواقيع على طلب سيوجه الى رئيس الكنيست لعقد جلسة خاصة لمناقشة هذا الموضوع.

وقال زحالقة انه وقف عن قرب على حالات انسانية قاسية اجبر اصحابها على المثول في طوابير الاهانة رغم انه لا تلوح في الافق اية بوادر لتوفير عمل لهم، ومن الواضح، قال زحالقة "ان الهدف هو التنكيل بالمواطنين وتيئيسهم وحرمانهم من ضمان الدخل كي تحقق الشركة الارباح الطائلة التي ستتقاضاها لقاء كل مواطن يحرم من المخصصات".

وقام اعضاء التجمع الوطني الديموقراطي والحزب الشيوعي وجمعية صوت العامل النقابية بتوزيع مناشير تدعو الى مقاومة هذه الخطة والغاء سياسة التنكيل الجديدة التي تستهدف العجزة والمرضى والامهات اللواتي لم توفر لهن الشركة حتى مآوى لأطفالهن واللواتي لا تستطعن استئجار حاضنات لأولادهن في وقت تدفع لهن السلطات مخصصات تكاد لا تسد رمق عائلاتهن.

ن. خوري: ( 48 عاما):" جئت الى هنا مع ثلاثة من اولادي الصغار، لا اعرف اين اذهب بهم، لا استطيع تركهم في البيت لوحدهم، ماذا افعل، اعاني من ضغط الدم والسكري والديسكات في الظهر والعنق، قالوا لنا يوجد حضانات للاولاد، اين هذه الحضانات."

وتضيف خوري قائلة:" دخلت الى احدى الموظفات وكانت متوترة ومضغوطة من كثرة الناس، اعطيتها اوراقي الطبية وحاولت فقط ان اشرح لها وضعي الصحي وحالتي التعبانة ، فقالت لي بصراخ:" حبيبتي انا مش دكتورة، امضي هون وخذي اوراقك واولادك وروحي على البيت."



ف. شحادة ( 62 عاما): " لا اعرف لماذا طلبوني الى هذه المراكز، صار عمري 62 سنة، انا مريضة بالسرطان، شوف يا خالتي هاي الاوراق الطبية، وعندي عجز 100%، هذا غير السكري، ووجبات الانسولين اللي باخذها يوم يوم."

السيدة شحادة حضرت الى مركز بير ابو الجش مع تاكسي خصوصي، انتظرها اكثر من ساعة. وعندما خرجت من مركز الشركات التقيناها مرة اخرى ، كانت منهارة وتبكي، وتسب وتشتم الشركات والموظفين، اعطيناها الماء وسالناها عما جرى لها ، فقالت:" دخلت الى موظف، يسكن عندنا في الحارة، اعرفه تمام المعرفة، قلت له : مش انت ابن فلان..........، فاجابني بفظاظة وصياح: اعطيني اوراقك فش عندي وقت، مش فاضي، قلت له، ما بقدر اجي على هاي الشركات، عندي مرض سرطان حرام عليكم، قام الموظف عن الكرسي متاففا، اعطاني الاوراق وقال لي: ما بقدر اساعدك ، هاي الاوامر والقوانين هيك.



ذ. مرشي( 31 عاما): اب لولدين ويعاني من عاهة جسدية منذ الولادة ولا يمكن باي حال من الاحوال ايجاد مكان عمل يلائم وضعه الصحي، وهو مطلوب بالمثول في مراكز هذه الشركات.
يقول مرشي:" انظر الى حالتي، ماذا يريدون مني، من سيشغلني، مش عارف شو هالحالة، روحوا فوتوا عالمراكز وشوفوا الاذلال والمذلة اللي بعملوها مع الناس والنسوان."

ج. ابو احمد (53 عاما): خرجت ابو احمد غاضبة من مراكز الشركات، وهي تسب وتشتم الجميع، وقد حاولنا التهدئة من روعها، وبعد ذلك قالت وهي لا تتوقف عن شتم الجميع:" فش زلام بهاي البلد، شوفوا شو بعملوا فينا، زوجي مريض، انا مريضة، قالولي الساعة 8 لازم اكون هون، والان يقولون لي مكانك مش هون ، مكانك في المركز الابيض في وسط المدينة، زوجي دعوه لهون الساعة 4، شو هاي الشحشطة والتعذيب، المصعد الكهربائي لا يعمل، المكيفات معطلة والموظفين بعاملونا كانوا احنا مش من هاي البلد، عيب على هاي البلد ، اللي بصير."
شهد مركز حي بير أبو الجش في الناصرة، يوم الثلاثاء، يوماً حافلاً من الغضب والغليان الشعبي في صفوف المئات من العمال والعاطلين عن العمل في المدينة والذين توجهوا إلى هذه المراكز، والتي تعتبر مركزأ لتجارة العبيد كما أصبح رائجاً في أوساط سكان المدينة. وهي مراكز تديرها شركات هولندية وإسرائيلية.

وفي حديث لعرب 48 مع مدير جمعية صوت العامل النقابية في الناصرة، السيد وهبة بدارنة، وهي جمعية تعنى بشؤون العمال الفلسطينيين في الداخل، قال:
" لقد كنت أتواجد بالقرب من المكان حين إتصل بي عدد من النشطاء والأعضاء في "صوت العامل" وهم عاطلون عن العمل يتواجدون في هذه المراكز وأبلغوني بأن عدداً من النساء قد أغمي عليهن نتيجة التدافع والضغط الكبير في هذه الشركات. وأكدوا لي أن المصعد الكهربائي والمكيفات معطلة ويتعرضون للمعاملة المهينة من قبل موظفي الشركات، وأن هناك عدداً من نساء قد إرتمين على الأرض فاقدات للوعي، ورفضت مديرة الشركة إستدعاء سيارات إسعاف".

ويتابع بدارنة:" وصلت إلى المكان على التو بمعية أعضاء اللجنة الشعبية ووجدت حالة تقشعر لها الأبدان، العشرات من الأطفال، الذين إضطرت أمهاتهم إلى إصطحابهم لصغر سنهم لأن الشركات تجبر الأمهات على الحضور إلى هذه المراكز، في حالة من الخوف الهلع، بالإضافة إلى عدد كبير من النساء يبكين ويصرخن بسبب ما تعرضن له من إساءة وإذلال. ولعل أشد الأمور إيلاماً حالة الفوضى والإرتباك، وخاصة الأطفال الذين يبحثون عن أمهاتهم، نتيجة المواجهات التي حدثت داخل المركز".

وتجدر الإشارة إلى أن العشرات من العمال والعاطلين عن العمل قد أثارتهم حالات الإذلال التي يتعرض لها العمال وخاصة العاملات، والإكتظاظ الشديد، مما أدى إلى حالة من الغليان والغضب والتدافع نجم عنها إلحاق الأضرار في المكاتب.
وكانت حالة الغضب العارم، لا سيما في صفوف النساء، قد استمرت منذ ساعات الصباح وحتى ساعات ما بعد الظهر، حيث توصلت اللجنة الشعبية لمناهضة خطة فيسكونسين، إلى إتفاق بين إدارة الشركات، بحضور مدير شرطة الناصرة، على إغلاق مراكز الشركات في الناصرة حتى صباح الإثنين المقبل، وأن تلتزم الشركات بعدم تسجيل أي عاطل عن العامل كرافض عمل وبالتالي عدم حرمانه من المخصصات بسبب الأحداث التي شهدتها المراكز.

وأصر أعضاء اللجنة على إقالة مديرة المركز السيدة رابعة عدوي، نظراً للشكاوى المتكررة عليها. وعلى الرغم من أن هذه القضية لا تزال عالقة بين جمعية صوت العامل النقابية واللجنة الشعبية من جهة، وبين الشركات، فإن هذا المطلب لن يتزحزح وتصر عليه اللجنة الشعبية.


في أعقاب المواجهات العنيفة التي وقعت اليوم بين المئات من العمال والعاطلين عن العمل من جهة وبين الشرطة من جهة أخرى، في مركز شركات "أغام مهاليف" في حي بير أبو الجش في الناصرة، من المتوقع أن تعقد اللجنة الشعبية لمواجهة مخطط فيسكونسين في الناصرة إجتماعاً طارئاً لبحث آخر المستجدات التي وقعت وما رافقها في الساعات الأخيرة من إعتداءات وإنتهاكات لحقوق وكرامة المئات من العمال والعاملات العرب ولا سيما كبار السن في هذا المركز.


وعلى صعيد آخر وضمن الحملة الهوجاء التي تشنها أطراف عديدة على اللجنة الشعبية لمقاومة خطة فيسكونسين في الناصرة وعلى جمعية صوت العامل في الناصرة، فقد تلقى وهبة بدارنة تهديدات عدة مجهولة محذرة أياه من مغبة الإستمرار في مناهضة مخطط فيسكونسين، ووصلت التهديدات حد التهديد بالقتل!

التعليقات