في أجواء اللقاءات الحميمة: التجمع الوطني الديمقراطي يحتفل بذكرى 23 يوليو/هاشم حمدان

د.بشارة: تقسيم العالم العربي إلى طوائف يجعل إسرائيل أحدث وأقوى طائفة في المنطقة والأكثر تنظيماً، ويعني حرباً أهلية دائمة مثل حمام الدم في العراق والمؤامرة على لبنان من نفس النوع

في أجواء اللقاءات الحميمة: التجمع الوطني الديمقراطي يحتفل بذكرى 23 يوليو/هاشم حمدان
شارك آلاف الفلسطينيين في الداخل، أعضاء وأنصار التجمع الوطني الديمقراطي، في المهرجان الحاشد بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لثورة 23 يوليو المجيدة، الذي اقيم يوم امس السبت، في قرية كابول الجليلية.

وقد غص منتزه "السندباد" بالجمهور الذي بدأ يتوافد منذ التاسعة صباحاً من مختلف المناطق في الجليل والمثلث والنقب للمشاركة في إحياء ذكرى الثورة للمرة الأولى بهذا الشكل، حيث كان التجمع قد دأب على إحيائها من خلال المحاضرات والندوات على مستوى مناطق وفروع التجمع، إلا أن التجمع يؤكد على أن هذه المناسبة تكتسب الآن أهمية كبيرة لمواجهة الهجمة على الهوية العربية والإنتماء القومي وتسهم في تحصين شعبنا وأجيالنا الشابة التي تتعرض لخطر الأسرلة والضياع، وتعزيز هويتها الوطنية والقومية في مواجهة مخططات تفتيت الإنتماء القومي الجامع إلى إنتماءات عشائرية وطائفية ومحلوية وجهوية.

وفي أجواء اللقاءات الحميمة بدأ الإحتفال الذي إشتمل على برامج متنوعة في المضامين والفقرات.

ومنذ أن بدأ يتوافد الجمهور خصصت للأطفال عدة برامج هادفة منها خيمة للألعاب وورشات الإبداع. كما قامت الفنانة دلال غطاس برسم مختلف الأشكال على وجوه الأطفال، بالإضافة إلى فعاليات ترفيهية أخرى، رافقتها الموسيقى المصرية القديمة من الخمسينيات والستينيات والأغاني الرحبانية الخاصة بالأطفال.

كما غنت رباب دادا ورانية سبيت وطلعت سبيت، بمرافقة الفرقة الموسيقية بأصوات خلابة مجموعة أغان قديمة للمطربين محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد.واختتم الاحتفال الخاص بمحاضرة سياسية شاملة قدمها النائب د.عزمي بشارة الذي وجه تحية حارة الى الحضور، مشيراً إلى أن مشاركة آلاف التجمعيين في إحياء ذكرى 23 يوليو تدعو التجمع الوطني الديمقراطي إلى إتخاذ قرار بتحويل المناسبة إلى تقليد سنوي، ليس كمحاولة لخلق رموز، وإنما في إطار خلق تقاليد ذات مغزى للحركة الوطنية.

وقال "نحن لا نحيي الذكرى كنوع من الحنين الناجم عن فشل وعجز في الحاضر بل لأنه من الضروري الإحتفال بهذه المناسبة نظراً للمؤامرات التي تطبق ضد الهوية العربية وطرح سؤال حول مجرد وجودها، ونحن ندرك اخطاء وقصورات نظام 23 يوليو. ولكنها على الاقل طرحت في سياقها التاريخي مشروعا حديثا يستحق الذكر والتذكر.

وأكد د.بشارة على البعد الديمقراطي لـ23 يوليو بمعنى فتح المجال أمام الجماهير الواسعة للمساهمة في بناء الدولة، رغم أن قادة الثورة لم يكونوا ديمقراطيين بالمعنى الذي نفهمه نحن الآن للكلمة، فنحن لبراليون ديموقراطيون. ومع ذلك تم في حينه التآمر عليها فضربت عسكريا عام 1967.

وحول مغزى إحياء الذكرى في هذه الأيام، قال د.بشارة هناك عمليتان جاريتان تصبان في صالح المخطط الاستعماري وعملائه في العالم العربي:وأضاف: "في ظل حملة الإحباط الإعلامي الممنهج التي تطرح السؤال حول وجود هوية عربية، من المهم أن نسأل لماذا مجرد طرح هذا السؤال؟ فإذا قسمنا العالم العربي إلى طوائف، فمن جهة تصبح إسرائيل أحدث وأقوى طائفة في المنطقة والأكثر تنظيماً، ومن جهة أخرى فإن حل المنطقة إلى طوائف يعني حرباً أهلية دائمة مثل حمام الدم المستمر في العراق مثلاً، والمؤامرة على لبنان هي من نفس النوع عبر محاولة السؤال عن عروبة البلد وتقسيمه إلى طوائف.".

وفي هذا السياق أكد بشارة على أن مربط الفرس في عروبة لبنان هو علاقة لبنان بذاته ثم بسورية. كما حذر من أن "الغرب يبيع هوية طائفية في المنطقة وليست ديمقراطية، في حين أن رد الفعل يسوق أصولية دينية، وفي هذه الحالة لا يمكن طرح ديمقراطية بدون تماسك وتجانس المجتمع. والديمقراطيات التي قامت في الغرب اعتبرت الطائفية عائقاً أمام الديمقراطية، أي أن ما يجري تسويقه في المنطقة ليس ديمقراطية وإنما ما يحاربونه في بلادهم".

كما أكد على أن واجب التيار الديموقراطي أن ينطلق من منطلق أن الهوية مهددة ويتوجب إعادة إنتاجها ضد الهيمنة الاسرائيلية والامريكية ولا يوجد حلول وسط في ذلك، وهنا تكمن أهمية تثقيف الأجيال في أجواء الحركة الوطنية. فثورة 23 يوليو ورغم الأخطاء التي وقعت فيها (بيروقراطية وفساد وما إلى ذلك) يبدو أنها كانت عظيمة الأهمية إلى الدرجة التي استدعت شن الحرب عليها عام 67!

وأضاف أن النظام الإستيطاني يعمل على أن ننشغل بالإنتخابات المحلية والتقسيمات إلى هويات عشائرية لأن ذلك يسهل عملية التحكم بنا وإبعادنا عن القضايا السياسية والإنشغال بعيداً عن السياسة في إطارات محلوية ضيقة غير سياسية.

وتابع أنه بدلاً من الإنتماء القومي الواحد يجري تسويق التخلف والتعددية الطائفية كأنها تعددية سياسية، بمعنى أن المؤامرة كبيرة ومن الممكن أن تتأثر الجماهير بتكرار وسائل الإعلام التي تهدف إلى خلق تطابق بين الطائفة والسياسة!بعد ذلك عرض فيلم "ناصر 56" للمثل المرحوم أحمد زكي والذي يشتمل على مقاطع توثيقية عن الثورة. وبعد العرض قدم الفنان ألبير مرعب مجموعة أغان للشيخ إمام لاقت إستحسان الحضور، كما قدم مجموعة أغان أخرى لمرسيل خليفة.

وقدمت الفنانة دلال أبو آمنة بصوتها الجذاب وحضورها المميز مجموعة أغان من الخمسينيات والستينيات لمحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وأغان وطنية وفلسطينية أخرى. وقد رافقها الموسيقيون إياد أسدي وبشير أسدي وعادل خوري.

وتجدر الإشارة إلى أن شبيبة التجمع قد أشرفت على تنظيم فعاليات المهرجان كما أشرفت على تنظيم معرض كتب ومعرض لرسومات الفنان الفلسطيني الشهيد ناجي العلي ومعرض للأشغال اليدوية الفلسطينية، بالإضافة إلى توزيع بطاقات للفنان ناجي العلي وكتاب عن الرئيس الخالد جمال عبد الناصر.
المستوى الأول هو تقسيم العالم العربي إلى عملاء للإستعمار أو أصوليين دينيين، هذا التقسيم مرفوض من القوميين أصحاب المشروع العربي ويدعم هذا الموقف أن غالبية الجماهير العربية هي جماهير 23 يوليو وجماهير الثورات التي اندلعت في العالم العربي قبل بضعة عقود.
المستوى الثاني الأشد خطراً وهو طرح السؤال حول مجرد وجود هوية عربية.

وهنا يشير د.بشارة إلى السؤال الذي وجه له من قبل أحد الإعلاميين اللبنانيين أثناء زيارته للبنان في الأسبوع الماضي، وهو: "أنت تتحدث عن الهوية العربية والبلد ينقسم طائفياً، فماذا تقصد بالهوية العربية؟

ويتابع أنه كان بإمكانه الرد على السؤال بإجابة أكاديمية، إلا أنه فضل الإجابة بالتساؤل "لماذا تعتقد أن هناك محاولة لطرح السؤال حول الهوية العربية في الوقت الذي يتم فيه تثبيت هوية كردية مثلا، ونحن نرى أن إسرائيل قامت بصنع هوية قومية يهودية من ما يقارب 150 هوية وحضارة مختلفة؟".

كما أشار إلى المطالبة بأن يتم إحترام الأقليات القومية في العالم العربي، وأن هذا المطلب هو مطلب عادل لا شك في ذلك، ولكن من يطالبون هم أنفسهم من يطرحون الإتحاد الطائفي الشيعي السني الكردي في العراق وليس العربي الكردي، بمعنى أنه في الوقت الذي يعترف فيه بالكردية كقومية لا يعترف بالعرب كقومية بل يتم تقسيمهم إلى سنة وشيعة!وتابع إن الثروات في العالم العربي منهوبة من قبل الغرب الذي عمل على تقسيم المنطقة بالمسطرة إلى دويلات، فنتج أنه "مقابل كل بئر نفط هناك دولة وهوية وطنية" وهذا وضع غير طبيعي، وقد كان المشروع القومي هو الطبيعي وكان هو الحلم العربي الذي يشمل العدالة الإجتماعية وتقسيم الثروات في إطار الوحدة القومية، ولذلك فنحن نؤكد أن الرد هو نظام عربي ديمقراطي أيديولوجيته الرسمية هي السعي الى اتحاد بين دول ديموقراطية على المدى البعيد. و هذا هو استمرار المشروع الذي من أجله شنت كل هذه الحروب على العرب، وتم تطوير السلاح النووي في إسرائيل لمحاربته!

"لا يمكن الرد على ما يحدث في العراق وفلسطين بالولولة والندب، الرد هو في تقوية التيار القومي الديموقراطي. ويجب تجاوز أخطاء التيارات القومية حينما طرحت حلولاً لكافة أقطار الوطن العربي وكافة قضاياه ولم تطرح حلولا لبلدانها ولم تطور برامج سياسية واقعية لهذه البلدان، وعلى التيار القومي أن يتعامل مع الواقع وألا يترفع عن الواقع السياسي والإجتماعي".

كما أكد د.بشارة على رسالة التجمع الوطني الديمقراطي المتمثلة في طرح خيار ديمقراطي للجماهير العربية في الداخل، وهو طرح مضاد للتخطيط الصهيوني، وذلك من خلال التشديد على الفكر الديموقراطي اذ قال لسنا قوميين ايديولوجيا، ولا توجد ايديولوجيا قومية وفكر قومي عندنا، فكرنا هو فكر ديموقراطي، والقومية هي هوية، انتماء. والفكر الديمقراطي يتطلب التمسك بالهوية القومية، لأن محاولة نفي الهوية القومية استعماريا يؤدي إلى تخلف وتقسيم عشائري وطائفي وهو عكس الديمقراطية".

كما أكد على أهمية دور العضو في الحزب من جهة طرح البديل للوضع الإجتماعي القائم في سلوكه الشخصي، وإلا سيعاد إنتاج التخلف القائم. وفي هذا الإطار تأتي المناقبية والحداثة والتربية الديمقراطية والسمعة الإجتماعية الحسنة والإقبال على التعليم والثقافة.

واختتم د.بشارة كلامه بالقول ان المشروع القومي الديموقراطي ليس مجرد موقف سياسي، بل مشروع شامل سياسي ثقافي أدبي فني إجتماعي من أجل المجتمع نفسه ومن أجل أفراده على المدى البعيد.

التعليقات