قلنسوة في المثلث تنضم للجزر البشرية العربية المحاصرة بشوارع التفافية..

-

قلنسوة في المثلث تنضم للجزر البشرية العربية المحاصرة بشوارع التفافية..
تخطط دائرة الاشغال العامة ووزارة المواصلات للبدء في العام المقبل بشق مقطع جديد من شارع 444 في منطقة مدينة قلنسوة أو كما تسميه «شارع التفافي قلنسوة»، أو كما يسميه الأهالي في قلنسوة «خانق قلنسوة»، إذ صادرت الحكومة نحو 400 دونم من اراضي المدينة في المنطقة الشرقية المحاذية للبلدة اليهودية شاعر افرايم.

وتعتبر الأراضي السهلية المصادرة نصف مساحة الاراضي التي يمكلها اهالي قلنسوة في المنطقة الشرقية والمعروفة بسهل «أبو خروبة» و»وادي الصفير»، أما نصفه الآخر فيحظر البناء فيه بسبب خط الكهرباء القطري الذي يمر من فوقه..

قبل عشر سنوات في حين انهت شركة الكهرباء انشاء خط الكهرباء القطري بموازاة شارع عابر اسرائيل، الذي وضعت غالبية مولداته الكهربائية «بالصدفة» على اراض عربية، بدءًا من الطيرة ومرورا بالطيبة وحتى قلنسوة، باشرت دائرة الاشغال العامة (ماعتس) بالتخطيط لتشييد مقطع جديد من شارع 444.

المقطع الجديد الذي يبدأ بالقرب من مدخل بلدة شاعر افرايم اليهودية ليتجه شمالاً مرورا باراضي قلنسوة ليرتبط بما يسمى شارع «طولكرم - نتانيا». وعلى الرغم من ان شارع 444 الحالي يمر من اراضي مدينة قلنسوة، إلا ان الهوس الديمغرافي والرغبة بمحاصرة التجمعات السكنية العربية، ولّدا هذا المخطط الذي ضحاياه بغالبيتهم إن لم يكن بكاملهم هم العرب، وهذه المرة اهالي مدينة قلنسوة، لتصبح المدينة جزيرة بشرية محاصرة من اربع جهات، ثلاث منها محاصرة بالكيبوتسات، أما الرابعة فمحاصرة بخط الكهرباء القطري وشارع عابر اسرائيل ومؤخراً «التفافي قلنسوة» لتنضم الى اخواتها الطيرة والطيبة المجاورتين.

أما الاراضي التي يمر منها خط الكهرباء القطري فممنوع البناء فيها وحسب تعليمات الوزارات المختلفة يحظر على المواطنين البناء في الاراضي التي يمر من فوقها خط الكهرباء القطري لأسباب صحية، إذ تصدر عنه اشعاعات خطيرة تسبب السرطان.

يقول احد المتضررين من هذا الشارع وهو محمد لداوي الذي صادرت الحكومة من اسرته 28 دونما: «منذ ان وعيت على الدنيا وانا وعائلتي نزرع الارض، بالتوت والورود والزيتون، وهي مصدر رزقنا الوحيد، والآن بعد المصادرة اصبحت عاملا أجيراً»، ويضيف «كانت لدي دفيئة بلاستيكية في الأرض المصادرة ولكن خوفا من أن تأتي الجرافات بين ليلة وضحاها وتهدمها قررت انا بنفسي ان اتدارك الخطر وفككتها اضافة الى الاضرار الصحية التي سببها لي خط الكهرباء القطري الذي يمر من فوق ارضي».

كذلك الحال لدى فهمي لداوي، شقيق محمد، الذي قال: «كنت افلح الأرض طوال سنين وفجاة تلقيت أمر المصادرة لصالح شق شارع 444 فتوقفت عن فلاحة الأرض، لأن الجرافات قد تداهم الارض في اي لحظة وتخرب المحاصيل الزراعية... بعد المصادرة اصبحت عاطلاً عن العمل وسخرية القدر انني اعتاش الآن من مخصصات التأمين الوطني التي اتلقاها شهرياً بسبب حالتي الصحية، وبعد المصادرة اصبحت لا املك ارضًا فكلها صودرت او غير قابلة للزراعة بسبب خط الكهرباء القطري».

ويضيف السيد فهمي: «بعد ان تلقينا اوامر المصادرة، توجهنا لمحامٍ من تل ابيب الذي بدوره اتصل بالدوائر المسؤولة، وبعد اتصالات ومراسلات عدة لم نتلق حتى الآن أية ردود واكتفوا بارسال اوامر الهدم».

وعن هذا المخطط يقول عادل جمل الذي صودر نحو 15 دونما كان يزرعها إن «هذا الشارع لا يخدم أهالي قلنسوة، ولا حتى الطيرة او الطيبة، وانما يخدم بالاساس البلدات اليهودية المنتشرة بمحيط المدينة، لكن العرب هم الخاسرون من هذا المخطط على كافة الاحوال، فحاليا الشارع الحالي المعروف بشارع الطيبة - نتانيا سبب في السنوات الأخيرة حالة انتعاش اقتصادية للمدينة، وازدهرت التجارة فيها وفتحت عشرات المحلات من مطاعم ومقاهٍ وورشات عمل، أما بعد المخطط الجديد فالحال ستختلف راسا على عقب...».

ويضيف جمل: "توجهنا الى المحكمة للاعتراض على المخطط وبعد جلسات ومماطلات من الجهات المعنية اقترحنا ان تناصفنا البلدات اليهودية المجاورة الاراضي المجاورة بدلاً من ان تصادر اراضي قلنسوة فقط، لكن الاقتراح رفض من قبل الدولة والبلدات اليهودية وبالتالي اقتراحنا رفض وها نحن ندفع ثمن شارع لا يخدمنا ولسنا بحاجة اليه".

من ناحيته يؤكد محمد لداوي الذي هو الاخر نصبت شركة الكهرباء اعمدة كهرباء ضخمة ومولدات كهرباء مرعبة بمحاذاة ارضه: "ليس بامكاني استيعاب هذه المخططات، فلماذا دائما العربي هو الذي يدفع ثمن هذه المشاريع، فمولدات الكهرباء التي وضعت بمحاذاة ارضي صوتها يصم الاذنين وممنوع تشييد حتى مخزن بقربها، بينما بلدة شاعر افرايم المجاورة والتي تبعد عن ارضي عشرات الامتار لم تخسر شيئاً على الرغم من ان هذه المخططات بالاساس لخدمتها ولخدمة الكيبوتسات المجاورة... بعد ان مدوا خطوط الكهرباء تركت اجزاءً كبيرة من ارضي المزروعة خوفاً على سلامتي، فالاشعاعات يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، لذلك غادرت الارض... والآن يصادرون لي ما تبقى من الأرض".


لا تتوقف خطورة مخطط شارع 444 الجديد الذي وضع في عهد حكومة حزب «العمل» في اواسط التسعينيات عند مصادرة الاراضي، بل انه يتجاهل حتى وجود مدينة قلنسوة التي يقام على اراضيها، إذ أن الشارع سيحاط بجدران اسمنتية من دون معابر قريبة من المدينة فيما ستكون غالبية المعابر في البلدات اليهودية المجاورة، اضافة لذلك فسيجزئ الشارع الاراضي التي لم تصادر، إذ سيصبح جزء منها شرق الشارع والجزء الأخر غرب الشارع، وبذلك قد تصل اضرار الشارع لتتجاوز الـ400 دونم المصادرة.

سكرتير التجمع الوطني الديمقراطي في قلنسوة، جبر لداوي، يقول إن «المخطط جاء لخنق قلنسوة وهو يهدد مستقبل البلدة ويكمل حصارها من الجهات الاربع، والبلدية موافقة على هذا المخطط، إذ أن بعض المقربين من السلطة يفيدهم المخطط بعدم مصادرة اراضيهم، كما يفيدهم مشروع الكهرباء القطري، لذلك قرر التجمع الوطني الديمقراطي الاتصال بالمتضررين وجمعهم للتباحث والتشاور في إمكانيات التصدي لهذا الشارع الخطير، وسنقترح إقامة خيمة إعتصام على الاراضي المحاصرة على غرار الخيمة التي اقيمت في الطيرة قبل عدة سنوات للتصدي لعابر اسرائيل، لأن لدى كوادر التجمع خبرة وتجربة وسجل نجاحات في مقاومة المخططات التي تريد جعل بلداتنا العـربية جـزرًا بشـرية ومعزولة عن محيطهـا...».

ودعا جبر لداوي كافة المتضررين من المخطط التواصل والتكاتف مع بعضهم البعض لمواجهة المخطط ويقول: "البعض من المتضررين يطالب ارضا مقابل ارض والبعض يطالب بتعويض مالي، والاغلبية منهم ترفض هذا المخطط، لأنه لا يبقي اراضي لأهالي المدينة من الجهة الشرقية، لذلك علينا تنظيم المتضررين وتنبيههم الى ان من يطالب بتعويضه بأرض بديلة لن يتم ذلك من دون نضال جماعي ومتواصل، اما الذين يطالبون بتعويض مالي، فالتجربة تثبت ان التعويضات بخسة، إذ ان سعر الدونم في المنطقة الشرقية يفوق الخمسين الف دولار، بينما التعويض عادة لا يتجاوز بضع الاف الدولارات، والحديث يدور عن مخطط رهيب والتعويضات المالية مهما تكن لن تعوض عن الخسارة الى المدى البعيد".

التعليقات