جمعيّة الثّقافة العربيّة: تعديل قانون الجمعيّات يمسّ باستقلاليّة مؤسسات المجتمع المدنيّ

"ويمسّ بإمكانيّة توفير حلول وبدائل للقضايا المجتمعيّة التي تعمل هذه المؤسّسات المدنيّة على حلّها من خلال نشاطها ومشاريعها، وهي قضايا نتجت أصلاً عن سياسات الدولة وقصورها وإخفاقاتها"

جمعيّة الثّقافة العربيّة: تعديل قانون الجمعيّات يمسّ باستقلاليّة مؤسسات المجتمع المدنيّ
عمّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة ورقة تلخيصيّة حول تعديل بند 36 من قانون الجمعيّات، المتعلّق بواجب الجمعيّات الأهليّة تقديم كشف عن كلّ دعم تتلقاه من كيان أجنبيّ، والذي أقرّت لجنة القانون والدستور البرلمانيّة تقديمه للقراءة الأولى خلال الدورة الحاليّة للكنيست، حيث شملت الورقة شرحًا عن خلفيّة هذا التعديل ومركباته وعدّدت إشكالياته العديدة وبالأخصّ مسّه باستقلاليّة مؤسّسات المجتمع المدنيّ.
 
وجاء في الورقة أنّ اقتراح تعديل القانون ينصّ على "تغييرات في مجال سريان واجب الكشف على كل دعم تتلقّاة المؤسّسة أو الجمعيّة حتى لو كان مبلغا ضئيلا جدّا، كما تلزم الجمعَّة بتقديم كشف خلال فترة زمنيّة قصيرة وليس من خلال التقرير السنويّ فقط".
 
وعرضت الورقة التلخيصيّة أن اقتراح تعديل القانون يشمل النقاط التالية:
1. يسري القانون على كل "جمعيّة" أو "شركة تعمل لصالح الجمهور" تتلقّى دعمًا ما من كيان أجنبيّ أو من شركة يملك معظم أسهمها أجانب.
 
2. يجب التصريح عن: كلّ دعم ماليّ من كيان أجنبيّ. (في القانون الحاليّ يجب التصريح عن دعم يتعدّى 20,000 شيكل).
 
3. الحدّ الأقصى للفترة الزمنيّة التي يحب أن يتمّ تقديم الكشف عن الدعم خلالها هي أسبوع من نهاية الفصل (كل فصل 3 شهور) الذي استلمت فيه الجمعيّة التمويل، وذلك من خلال استمارة إلكترونيَة خاصّة موجودة على موقع وزارة القضاء. (وفق القانون الحالي يتمّ تقديم الكشف عن أيّ تمويل من خلال التقرير السنويّ المقدم لمسجّل الجمعيّات).
 
4. ينصّ اقتراح التعديل على أن كلّ جمعيّة تتلقّى دعمًا لتمويل مشروع إعلانيّ يترتّب عليها نشر تفاصيل عن مصدر الدعم خلال كلّ فعاليّة أو نشاط يتعلق بهذا المشروع.
 
5. على التقرير المقدّم حول الدعم أن يجيب عن الأسئلة التالية:
1. هويّة المانح.
2. مبلغ الدعم.
3. الهدف من الدعم وغايته.
4. الالتزامات التي قدمت للمانح مقابل تلقّي الدعم، كتابيّا أو شفويّا، وبشكل مباشر أو غير مباشر. (في القانون الحاليّ مطلوب الإشارة إلى شروط تلقّي الدعم إن وجدت).
6. النشر والإعلام: يقوم مسجّل الجمعيّات بنشر قائمة بأسماء الجمعيّات التي حصلت على دعم أجنبيّ، وقامت بتقديم تقريرٍ فصليّ، على موقع وزارة القضاء لتكون في متناول الجميع، يشمل النشر أيضًا كلّ التفاصيل التي قدّمتها الجمعيّة حول الدعم. في حالة وجود موقع إلكترونيّ للجمعيّة عليها نشر تقرير تلقّيها الدعم بشكل بارز وواضح في موقعها الإلكترونيّ، أما إذا تلقّت الجمعيّة دعمًا ماليّا مرصودًا بالأساس لتمويل مشروع إعلانيّ عليها الإشارة إلى ذلك خلال حملة الإعلان التي تلقّت دعمًا عليها ( ينصّ القانون الحاليّ على أن تقوم الجمعيّة بنشر معلومات في موقعها الإلكترونيّ، وفي حال عدم وجوده، ينشر مسجّل الجمعيّات المعلومات في موقع وزارة القضاء).
 
وحول إشكاليات التعديل جاء في الورقة أنّ اقتراح تعديل قانون يمسّ استقلاليّة مؤسّسات المجتمع المدنيّ، القائمة على أساس الدعم الماليّ الأجنبيّ، وهو بالتالي يمسّ بإمكانيّة توفير حلول وبدائل للقضايا المجتمعيّة التي تعمل هذه المؤسّسات المدنيّة على حلّها من خلال نشاطها ومشاريعها، وهي قضايا نتجت أصلاً عن سياسات الدولة وقصورها وإخفاقاتها، ويأخذ هذا المسّ أبعادًا أخطر في سياق الأقليّة القوميّة العربيّة التي توفّر هذه المؤسّسات المدنيّة مجالا مركزيّا لها للعمل المدنيّ والجماهيريّ على مختلف الأصعدة والقطاعات في ظلّ التضيّيق السياسيّ وانحياز الإعلام والقضاء الإسرائيليّ ومؤسّسات الدولة ضدّها وتفشّي العنصريّة.
 
كما جاء فيها أن الاقتراح يسعى لتوسيع "مدى شفافية المعلومات" حول كلّ ما يتعلّق بمصادر دعم الجمعيّات، ويضع على كاهل الجمعيّة مسؤوليّة تحضير وتقديم مستندات وتقارير، دون أن يأخذ بعين الاعتبار حجم الدعم أو حجم مشاريع الجمعيّة وعملها، الأمر الذي سيكون على حساب موارد الجمعيّة ووقتها.
 
وأشارت ورقة جمعية الثقافة العربية إلى أن الاقتراح يفرض نشر معلومات عن المانح والدعم المعطى على صفحات موقع رسميّ للدولة بشكل يجعل الجمعيّة مكشوفة تمامًا، ويمسّ خصوصيّة عملها في إدارة تمويل مشاريعها التي لا تتعارض مع القانون. إنّ البند الذي يتطرّق إلى واجب نشر معلومات عن دعم مرصود لحملة إعلانيّة هو بندٌ فضفاض لا يحدّد بوضوح ما هو المقصود بكلمة حملة إعلانية وماذا تشمل، من ناحية ثانية فإن القانون يسعى لشفافية واسعة بشكل يضرّ ويقلص من الدعم المالي للجمعيّات دون وجود أسباب كافية تعلّل هذا المسّ الواسع بخصوصيّة الجمعيّات.
 
كما أشارت إلى أن تعديل القانون المقترح يتعامل مع الجمعيّات والشركات التي تعمل لصالح المجتمع على حدّ سواء، وذلك بالرغم من وجود اختلاف في الالتزامات وفي طريقة عمل كل واحدة وفي المرجعيّة القانونيّة التي تنظّم وتحدّد مجال عمل كلّ واحدة.
 
كما يلقي الاقتراح على عاتق الجمعيّة مسؤولية التحقّق من مصدر أموال الكيان الأجنبيّ الداعم، ويلزمها بالالتزام بالقانون في حال عرفت مصدر تمويل المؤسّسة الداعمة، أو في حال كان عليها أن تعرف المصدر، مما يجعل كلّ عرض تمويل لمشاريع عاديّة مشروطا بأن تقوم الجمعيّة ببحت موسّع حول مصادر المانح إن كانت من دولة أجنبيّة.

التعليقات