عكا: أوامر إخلاء وإرادة بقاء

أوامر إخلاء لاثنتي عشرة عائلة عربية تسكن في محيط خان العمدان في مدينة عكا القديمة. واعتبر العديد من أهالي مدينة عكا العرب

عكا: أوامر إخلاء وإرادة بقاء

أرسلت شركة الإسكان الحكومية "عميدار"، الأسبوع الماضي، أوامر إخلاء لاثنتي عشرة عائلة عربية تسكن في محيط خان العمدان في مدينة عكا القديمة. واعتبر العديد من أهالي مدينة عكا العرب أنّ هذه الأوامر تشكّل بداية لتنفيذ الحملة التهويدية لإخلائهم  من منازلهم وتهجيرهم من مدينتهم والتي وصلت مرحلة حاسمة، مما يستدعي الاستنفار لإنقاذ المدينة.

وعزا السكّان هذه الأوامر بصفقة بيع (تأجير) منطقة خان العمدان (التي تشمل أيضًا خان الشونة والحمام الشعبي وبيوت سكنية ومرافق صناعية خفيفة)، حيث قامت شرطة تطوير عكا القديمة بسنة 2008 بتأجير المبني لشركة خاصة لمدة 49 سنة مقابل 12 مليون شيكل، واشترطت ضمن اتفاقية التأجير  أن يقوم المستأجر بإخلاء 36 عائلة منه خلال 5 سنوات وإلا سيقوم بدفع غرامة تصل إلى 7 مليون شيكل. ويجدر التذكير أنّ خان العمدان والمباني المحيطة فيها هي أملاك تابعة للوقف الإسلامي، وانّه مبنى تاريخيّ شيّده أحمد باشا الجزّار والي المدينة أوائل القرن التاسع عشر.

جميلة سعدي: لا تتركوا عكا وحيدة

تسكن جميلة سعدي (60 عامًا) وعائلتها في منزلهم الواقع بين الشونة وخان العمدان منذ ولادتها، ولم تتركه ليوم واحد، وتحمل في يديها المستندات الثبوتية التي تثبت أنها ورثت المنزل عن المرحوم والدها. تقول جميلة: "صعقت عندما دخلت المنزل قبل قرابة الأسبوعين ووجدت أمرا يطالبني بإخلاء المنزل خلال 30 يوم، بادعاء أنني استوليت على المنزل،علما أن لدي طابو تركي استلمته من حياة والدي احمد حسين"، وتضيف "أصبح واضح لنا اليوم أن الهدف من ذلك هو تهجيرنا لحساب تهويد المدينة، وفي نفس الوقت يدور حديث بين الأهالي أن الحي تم بيعه لأحد المستثمرين على حساب بقائنا"، وناشدت سعدي كلّ القيادات والجماهير العربية والمؤسسات الحقوقية قائلة: "لا تتركوا عكا وحيدة!".

خالد سليمان: لسنا ضد الترميم، بل ضد التهويد

تلقى خالد سليمان، صاحب ورشة عملٍ في الحي ذاته تشكّل مصدر معيشته، أمرًا بالإخلاء بهدف الترميم، رغم أنّ البناية كانت قد رمّمت منذ أربع سنوات بإشراف مهندسين مختصين، ويقول: "تفوح رائحة عنصرية من هذه الأوامر، التي لم يذكروا فهيا حتى تاريخ الشروع بالعمل أو إنهائه"، ويؤكد سليمان أن "هجمة التهويد اشتدت مذ العام 2001 عندما اعترف اليونسكو بمدينة عكا كمدينة سياحية عالمية، الأمر الذي جذب المواطنين اليهود إليها وكذلك بعد تولي لانكري رئاسة البلدية، وتصريحاته المتكررة بتهويد عكا وإقامة مشاريع لاجتذاب يهود محليين ومن الخارج بالتعاون مع جهات صهيونية دولية، وبالتالي فان كل هذه الإجراءات إنما تستهدف الإخلاء والتهجير بمساعدة جهات صهيونية".

 سامي هواري :خصخصة البيوت والعقارات والآثار، الحلقة الأخطر في مسلسل التهويد

وفي إطار العمل على الدفاع عن الوجود العربي في عكا، قام ممثلو مشروع البيت العكي للتخطيط وحقوق السكن، برفقة المحامية سهاد بشارة والمحامية حنين نعامنة من مركز "عدالة" بجولة ميدانية في عكا للإطلاع على وضع المنازل المهددة بالإخلاء.

وتبيّن إثر الجولة أن هناك نوعين من القضايا: الأولى تتعلق بطلب شركة "عميدار" من السكان إخلاء بيوتهم بهدف إجراء ترميمات فيها، بعد أن أعلنت بلدية عكا أن المباني تمثل خطرًا على الجمهور بسبب خطر الانهيار، أما الثانية فتتمثل بادعاء شركة عميدار أن عائلة/ عائلات معينة تسكن بصورة غير قانونية وتطالبها بإخلاء البيوت فورا وألا سوف تتعرض للملاحقة القضائية.

بالنسبة إلى طلب الإخلاء بادعاء دخول البيت بغير وجه حق والسكن فيه بشكل غير قانوني، فقد تم فحص الوثائق المحفوظة لدى السكان والتي تثبت حقهم في البيت الذي تسكنه العائلة على مدار عشرات السنين.

أما بالنسبة للحالة الأولى، والتي طلب فيها من السكان الإخلاء بهدف الترميم، فيجب التوصل إلى اتفاقية واضحة للحفاظ على حقوق السكان وعدم مماطلتهم والانتهاء من الترميم خلال فترة معلومة.

وذكر الناشط سامي هواري، مدير جمعية الياطر ومنسّق مشروع "البيت العكي"، أنه من المعروف وجود قرابة 250 بيتا مغلقًا على مدار عشرات السنين، منع العرب من استئجارها أو شرائها لحل أزمة السكن التي عانوا منها، أما اليوم فيتم ترميم هذه العقارات وبيعها في المزادات العلنية لمن يدفع أكثر، وبالطبع لا يملك العرب ما يكفي من أموال لشراء هذه البيوت، بينما يقتنيها رجال أعمال وشركات استثمارية، لا تمت للسكان بصلة. إضافة تعرض شركة تطوير عكا القديمة بيع الآثار التاريخية في عكا، مثل خان العمدان، وكل الأبراج على الأسوار للبيع والاستثمار، واعتبر هواري هذه الخصخصة أخطر حلقة في مسلسل التهويد.

التعليقات