عشية المؤتمر السادس للتجمع؛ مصطفى طه يضع الإنجازات والإخفاقات على كفتي ميزان

"المؤتمر السادس، هو مؤتمر عادي وليس استثنائيًا؛ لكنه يأتي في ظرف استثنائي، وهو ظرف ربيع الشعوب العربية، والتي لو نظرنا إلى جوهرها لرأيناها عروبية الطابع والدوافع"

عشية المؤتمر السادس للتجمع؛ مصطفى طه يضع الإنجازات والإخفاقات على كفتي ميزان

مصطفى محمد طه (48 عاما)

نائب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي

رئيس الدائرة التنظيمية

 زوج لـديما وأب لعلاء وعلا

 

في خضم الاستعدادات للمؤتمر السادس، التقت صحيفة "فصل المقال"، نائب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، ورئيس الدائرة التنظيمية، مصطفى طه، في مكتب الحزب في الناصرة. يدخن بكثرة، يجيب على الأسئلة بترو وإسهاب.. لا يهادن حين يتعلق الأمر بقناعة أو موقف، يتسم بالشفافية، لكنك تكتشف أنه مرهف الحس. يتهمه البعض بأنه شديد الانفعال، فيعترف، ولا يتوانى عن تقديم الاعتذار لمن أخطأ بحقهم.

 

 كيف تقيم أداء الدائرة التنظيمية التي تقف على رأسها؟ ودورك كنائب للأمين العام؟

منصب نائب الأمين العام، ورئيس الدائرة التنظيمية هو منصب مستحدث أقره المؤتمر الخامس قبل اربع سنوات. والمنصب هو المهم وليس الشخص، كونه حلقة الوصل الأساس مع الفروع وهيئاته المختلفة.

 

خرج الحزب بعد انتخابات 2006، بإنجازات، لكن أيضا بجروح كثيرة على المستوى المالي حيث خرج بديون بلغت حوالي 3 مليون شيكل، اضطر الحزب لجدولتها على مدار سنة ونصف، وانعكس ذلك على أداء ونشاط الحزب، حيث اضطررنا لإعفاء جهاز الحزب المتفرغ، وإغلاق بعض المقرات، وإلغاء نشاطات هامة ومركزية كالمخيمات الصيفية ومعسكرات الشباب والطلاب الجامعيين، إضافة إلى البعد القاتل على المستوى الأخلاقي والتعامل مع عناوين الفروع كمدينين.

 

ظروف قاسية

 

في هذه الظروف بدأت الدائرة التنظيمية عملها، وكانت السنة الأولى مركزة على إعادة ثقة أبناء الحزب بقيادته وبمشروعهم الوطني، ووضعنا جل اهتمامنا لبناء حزب على الأرض لا على الورق. رأت الدائرة أن الحزب لا يقاس بعدد أعضائه على الورق بل بمدى فاعلية الحزب وتفاعلهم معه على الأرض كمشروع وطني، كما حاولنا التمييز بين الميزانية كأرقام جافة وبين السياسة المالية التي تخضع لسلم أولويات واضح، كمشروع مقاوم، لا مقاول، وربط المالي بالتنظيمي بالسياسي في آن. وأولينا أهمية للنشاطات الوطنية وحرصنا على إنجازها، رغم الظروف المالية القاسية.

 

تكريس الموارد لبناء حركة وطنية على أرض الواقع

 

استطعنا بعد 4 سنوات أن نوازن وضع الحزب ماليا، مما أتاح لنا الاستثمار الجدي لبناء حركة وطنية على أرض الواقع. افتتحنا 31 مقرا بدل 13، وأعدنا ثقافة المخيمات الصيفية والمعسكرات من جديد وعززنا دور الجهاز الحزبي المتفرغ، وصحيفة فصل المقال وموقع عرب48، إلى جانب النشاطات المختلفة وإحياء المناسبات الوطنية، والتفاعل مع الأحداث الجارية.

 

ومقارنة بوضع الحزب الانتخابي بين مؤتمرين، رأينا أن الحزب زادت قوته عام 2006 انتخابيا في 11 موقعا فقط وبالمقابل تراجع في 37 موقعا وحافظ على قوته في 22 موقعا.

 

في انتخابات عام 2009 زادت قوة الحزب في 41 موقعا، في عشر مواقع منها زادت قوته بنسبة ما بين 100-600%. وزادت قوة التجمع في المدن والبلدات الكبيرة في 14 موقعا من بين 18 بـ 12 ألف صوت، وتراجعنا في أربعة فقط وهي سخنين وشفاعمرو وراهط وحيفا (1100 صوت في حيفا وحدها).

 

إضافة لذلك رأينا بعد انتخابات 2006 ظاهرة إيقاف الأوامر البنكية للكثير من رفاق الحزب للأسباب الواردة أعلاه وتعدت المئات. بعد انتخابات 2009 أضيف للحزب حوالي 700 عضو جديد، والأهم من ذلك انتخابيا، استطاع الحزب أن يفاجئ الخصوم والكثير من الأصدقاء الذين انطلت عليهم أجواء التشكيك بقدرة الحزب على البقاء، وخاصة من قبل بعض الصحف العربية ووسائل الإعلام وبعض الأحزاب من أبناء جلدتنا. فحصل الحزب على 84 ألف صوت واجتاز نسبة الحسم بفارق 17 ألف صوت وبفائض عن العضو الثالث، وأضاف لرصيده 12 ألف صوت عما حققه في انتخابات 2006.

 

 كرئيس للدائرة التظيمية تقديراتي أشارت منذ اللحظة الأولى حينها أن قوة التجمع ستفوق الـ 80 ألف صوت بناء على جرد تام للفروع والمناطق التي نعرفها بدقة، وبهذه النفسية خضنا الانتخابات، وأسهمنا بتواضع في تعزيز ثقتنا بنفسنا، و"راهنا" مراهنة لكنها محسوبة. كنا واثقين فيها وبقدراتنا وبحجم العزيمة الكامنة فينا كحزب يملك الكثير من الطاقات الجبارة إذا استثمرت بالشكل الصحيح.

 

 تحدثت عن إنجازات. أين أخفقتم؟

 

من الطبيعي أن هناك إخفاقات، وهنا يأتي دور المؤتمر الذي سيقيم تجربة الحزب بين مؤتمرين، ويضعها على كفتي ميزان، ساعيا لتعزيز الإيجابي منها وتقليم الشوائب التي علقت بهذه المسيرة. والهدف في نهاية المطاف تعزيز دور التيار القومي الديمقراطي الذي أصبح –وبتواضع- رقما صعبا، إن لم يكن الرقم الأصعب في معادلة فلسطينيي الداخل.

 

كما قلنا سالفا إحدى أهم مهام المؤتمر هي تلخيص تجربة الحزب بإنجازاته وإخفاقاته. هناك إخفاقات بلا شك كان يمكن تفاديها. مثلا: أخفق الحزب في تفعيل كامل طاقاته على مستوى القيادات والفروع. كما أخفق بالربط بين معادلة القومي واليومي كما يجب، فرغم أن خطابنا السياسي كان مهيمنا سياسيا، غير أنه لم ينجح في أن يكون عنوان هموم المواطن العادي بالشكل المطلوب، كما هو حال الحركات الإسلامية، التي استطاعت بناء مؤسسات، كالعيادات والمكتبات ودعم العائلات المستورة وكفالة الأيتام وغيرها. لكن لا يغيب عن بالنا أن حجم الإمكانات المالية محدودة لدينا قياسا لتلك القوى والحركات.

 

ألا تعتبر أن التحالف مع عباس زكور وعوني توما شابههما أخطاء؟

 

التحالف مع الشيخ زكور أثبت صحته في النهاية إذا قسنا الأمور بمقياس النتائج لا النوايا، وانعكس ذلك واضحا على نتائج الانتخابات الأخيرة. نقدي هو حول فحوى وصيغة الاتفاق الموقع الذي لم يُذكر فيها سعيد نفاع بالاسم للاستقالة هو لا غيره للشيخ زكور، رغم التزام سعيد نفاع أمام جميع الهيئات الحزبية، وهذا الالتزام الأخلاقي هو جزء أساسي من الاتفاق، وتبقى المشكلة في الأساس لا في من يضع الثقة بل بمن يخونها. إنني أرى أن الاتفاق مع توما شابه بعض الشوائب الإجرائية بسبب ضغط الساعات الأخيرة قبل الانتخابات رغم اتفاقي مع جوهره.

 

كيف تقيم التعامل مع "الحركة التصحيحية"؟

 

 أرفض تسمية "الحركة التصحيحية". كل نقاش داخل الحزب هو نقاش مشروع وصحي بل ومطلوب، ويبقى السؤال أين يطرح هذا النقاش. لا ننكر أن النقاش قائم دائما، لكن آلية الاحتكام الوحيدة هي الحسم الديمقراطي داخل هيئات الحزب، والاجتهاد يبقى شرعيا ودستوريا إلى حين اتخاذ القرارات بالاحتكام إلى الحسم الديمقراطي، وحين تصدر قرارات ينتهي دور الاجتهادات لأن القرار حين يصدر يصبح ملزما لمن كان مع أو ضد القرار على حدّ سواء.

 

 أليس هناك نية لإجراء مراجعة؟

 

على المستوى العاطفي، لا أنكر أننا نتألم كثيرا عندما يضطر الحزب لاتخاذ إجراءات مثل فصل بعض رفاق الدرب ممن ضحوا ووقفوا في أحلك الظروف مع الحزب، خصوصًا ونحن نعرف أنهم عناصر أصيلة من أبناء الحركة الوطنية، ولكن النقاش هنا تنظيمي بحت بغض النظر عن الجانب الشخصي العاطفي، والوطني يخطئ تنظيميا أحيانًا، وأذكرك أن د. وديع حداد "أسطورة" الجبهة الشعبية فصل من الجبهة الشعبية بدوافع تنظيمية رغم نقائه الثوري. لكننا وضعنا كحزب في مواقف لا خيارات فيها، سوى الدفاع عن الحزب وهيبته.  ونستغل هذه المناسبة لدعوة جميع الرفاق إلى العودة إلى مشروعهم الوطني من جديد بعد نقد الذات، وهذا ليس عيبًا.

 

 هل هناك جهود لإعادتهم؟

أتوقع أن تبذل بعد المؤتمر جهودًا في هذا الصدد.

 

ما الذي يميز المؤتمر السادس للحزب وما هي أهميته؟

المؤتمر السادس، هو مؤتمر عادي وليس استثنائيًا؛ لكنه يأتي في ظرف استثنائي، وهو ظرف ربيع الشعوب العربية، والتي لو نظرنا إلى جوهرها لرأيناها عروبية الطابع والدوافع من حيث الشكل والمضمون، وتطالب جميعا بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهذا جوهر برنامج التجمع الوطني الديمقراطي.

وتأتي أهمية المؤتمر لكونه يلخص تجربة حزب تعتبر قصيرة نسبيا- 16 عاما، لكنها بالمقابل زاخرة بالإنجازات قياسا بالإمكانيات المتوفرة من ناحية، وبحجم التحديات، من ناحية أخرى.

 

 

مصطفى طه الإنسان

 

خطأ ارتكبه ونادم عليه؟

نحن بشر، والبشر لحم ودم ومشاعر وأحاسيس. نعمل ننجز ونخطئ في آن، نفرح ونحزن، نضحك ونبكي، ونغضب. وحين نغضب نخطئ بلا شك. ربما يجب أن نعد للألف كي لا نخطئ، وكلما كان العد ساعة الغضب أكثر نخطئ أقل والعكس صحيح. فكلنا بشر خطاؤون، وخير الخطائين التوابون.

نعم أخطأت كثيرًا في حياتي، لكن السؤال، هل عندما تخطئ تتعلم أم لا. أحاول قدر الإمكان، عندما أخطئ أتعلم من خطئي والدموع تمسح الآثام. وكثيرا ما تدمع عيوني بعد الخطأ، لكنني أحرص أن تكون تلك الدموع بيني وبين نفسي دون أن يراها أحد، وفي الساعات المتأخرة من الليل، وقد تكون زوجتي هي شاهد العيان الوحيد.

 

لو عادت عجلة الحياة إلى الوراء ماذا كان سيغير في مسيرته؟

أولاد أكثر.. والخط السياسي ذاته

أولا كنت سأزيد عدد أولادي لأربعة.

على الصعيد السياسي: شكل اجتياح بيروت عام 1982 نقطة تحول في اهتماماتي، كنت حينها في الثانوية، أبكاني كثيرا مشهد خروج المقاومة من بيروت، وحركت مشاعري ودفعتني فيما بعد الى الالتحاق الجاد بالحركة الوطنية.

كان حلمي أن أعيش حياة عادية، في بيئة أسرية عادية كباقي أبناء شعوب الأرض، لكن حكمت علينا الظروف أن تكون قضيتنا استثنائية كفلسطينيين.

لو كنت مواطنا في بلد عادي، همه الحياة فقط برفاهيتنها، لكنت أختار تربية الطيور والعيش بينها.

 

صفة موجودة فيك وتحبها؟

 

1-    العناد في الرأي؛ وصيتي لولديّ التي وجهتها لهم، في بداية عمرهما: إذا اقتنعت بقضية أو موقف بقناعة تامة، إمض بها حتى لو كان كل الناس ضدك، وإن لم تقتنع لا تتحرك حتى لو كل الناس تحاول دفعك للأمام.

صفة متعبة جدا لكنها صحيحة بوجهة نظري. أحترم قناعات الناس حتى لو احتلفت عن قناعاتي أو حتى كانت نقيضة، والأيام وحدها هي التي تثبت صحة او عدم صحة الموقف، وحين يتبين أنني أخطأت لا أجد حرجا بالاعتذار.

 

2-    صفة أخرى أحبها: استقلالية الموقف

أنا على استعداد لتحمل كل ظرف، الجوع والفقر وشظف الحياة، دون أن أشتكي. استقلالية الموقف خط أحمر لا أسمح بتخطيه مهما كانت الظروف.

 

صفة موجودة في مصطفى يود التخلص منها؟

لحظات الفراق تثير انفعالاتي وتؤثر علي كثيرا، وأود لو أنني كنت مختلفا في هذا الجانب. مثلا: خروج العروس من بيت أهلها، يبكيني حتى لو لم أكن أعرفها.. حتى لو كانت خارجة إلى بيت جيرانها .. وتتساقط دموعي رغما عني. ويتناقض ذلك مع الصلابة التي أتحلى بها في الدفاع عن القناعات والمواقف.

 

أجمل اللحظات؟

سقوط نظام حسني مبارك العميل

 

شعارات تحبها

ارفع رأسك يا أخي (عبد الناصر)

أينما وجد الظلم فذاك وطني (جيفارا)

الثورة قامت لتحقق المستحيل لا الممكن (جورج حبش)

نحن لا نمشي الى الثورة، نحن نخلقها أينما نكون (غرامشي)

إن عشت فعش حرًا أو مُت كالأشجار وقوفًا.. وقوفًا كالأشجار

 

مقولات تكرهها؟

شعارات أدلجة الهزيمة أو الانتهازية أو الجبن كـ:

حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس

مية أم تبكي ولا أمي تبكي

بوس الكلب من ثمّه حتى تاخذ حاجتك منه...

ومقولة لا أتحملها حتى من باب المزاح: عرب ونظام بلتقوا؟! فمن أين هذه الثقافة الدخيلة؟! عدم الالتزام بالمواعيد أو غيرها يقتلني في الصميم.

 

أحداث مؤثرة

-         وفاة خالتي في لبنان في مخيم عين الحلوة وحيدة بعيدة عن أهلها ووطنها لا زوج لها ولا أولاد، وحيدة حتى في الممات، مأساة فلسطينية صعب تخيلها.

-         التخريج الوشيك لإبني علاء من الثانوية.

 

كتب أعجبتنك

- العروبة أولاً – ساطع الحصري

- أن تكون عروبيًا في أيامنا – د. عزمي بشارة

- معنى النكبة – قسطنطين زريق

- النبي- لجبران خليل جبران

- النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية لـ حسين مروة.

-اللاز- للطاهر وطار

 

أي شعر تحب؟

شعر المتنبي بكبريائه وخصوصًا:

يرى الجبناء أن العجز عقل                وتلك خديعة الطبع اللئيم

وكل شجاعة في المرء تغني               ولا مثل الشجاعة في الحكيم

 

أفضل صفة في القائد؟

حين تجتمع فيه الحكمة والشجاعة معًا.

التعليقات