النائب زحالقة: نتحدث مع القوى الفلسطينية بلغة الأهل وليس الأصدقاء

ويضيف: نحن جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني.. هناك من يشعر باليتم وفقدان ولي النعمة بعد طرد دحلان من صفوف فتح..

النائب  زحالقة: نتحدث مع القوى الفلسطينية بلغة الأهل وليس الأصدقاء
بصوت هادئ يلقي د. جمال زحالقة، زعيم التجمع الوطني الديمقراطي، بعد عزمي بشارة، بدون مقدمات تشي بما هو آت بكلمات لها دلالات تاريخية وثورية، لم تصدر يوما عن أي حزب عرب ممثل في الكنيست. نحن جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني يقول جمال زحالقة ويؤكد إدراكه للدلالات والمعاني والتداعيات المترتبة عليها بقوله علاقتنا بالحركة الفلسطينية والفصائل علاقة أهلية أخوية وليست علاقة صداقة وتضامن.
 
يقذف د. زحالقة بقنابله بكل اتجاه، ليس بالضبط بل باتجاه محدد، اتجاه من يصفهم بأيتام دحلان، ومن حاولوا ويحاولون احتكار العلاقة بين القيادة الفلسطينية كمؤسسة للشعب الفلسطيني وبين العرب في إسرائيل.
 
يعترف زحالقة أيضا بإشكالية الحديث عن اليسار الإسرائيلي، ويقول إنه يريد تعاملا نديا مع اليسار الراديكالي، لا يسخر من جهود الجبهة الرامية لاختراق الشارع الإسرائيلي ولكنه يقول إن هناك فرق بين الجهود الجبارة التي استثمرتها الجبهة وبين الأوهام التي تنسجها حول وجود اختراق هائل وقوى يسارية تقدمية تقبل بالطرح العام لدولتين لشعبين.
 
عشية المؤتمر السادس للتجمع الوطني الديمقراطي، يرى جمال زحالقة أن الإنجاز الأكبر للتجمع هو في بناء الوعي بالهوية الفلسطينية وبالقومية العربية، يرى بعزمي بشارة اليوم، وفي ظل الثورات العربية ضمير الأمة العربية والشعوب التواقة للحر ية... ويقول إن حزبه يعول على الشباب.... حوار هادئ في نبرته لكنه حارق في مضامينه يدور كله في المكتب البرلماني لجمال زحالقة في كنيست مشتعلة بالعنصرية.
 
 
* عدتم من لقاء بين قيادة التجمع وقيادة السلطة....فماذا عدا مما بدا؟؟
 
 ** صحيح أن هذا اللقاء جاء بعد سنوات طويلة من عدم اللقاء لأنه كانت هناك خلافات سياسية عميقة جدا بيننا وبين السلطة، ونحن وجهنا انتقادات شديدة للسلطة وللرئيس أبو مازن شخصيا، نعتقد أن الظروف تغيرت اليوم من عدة نواح: أولا لا توجد مفاوضات التي عارضناها بشدة لأنها كانت مفاوضات عبثية برأينا، وثانيا توجد رياح تغيير عربية سيكون لها تأثير باعتقادنا على القضية الفلسطينية . طبعا حركة فتح ربما تكون أهم حركة سياسية فلسطينية داخليا وحاليا، ويوجد بيننا وبين هذه الحركة اتفاق في القضايا الفلسطينية وقضايا أخرى عربية، فنحن مع المصالحة الفلسطينية، وندعم الآن الذهاب إلى الأمم المتحدة، وندعم وقف هذه المفاوضات لأنها من دون مرجعية واضحة. اللقاء لم يؤثر على موقفنا ولكنه قد يؤثر على موقف السلطة. نحن نتعامل مع حركة فتح بمساواة، تعاون ونقاش جدي، فنحن لسنا تابعين لأحد.
 
* هل هذا يعني أن اللقاء لم يكن محاولة من التجمع لكسر احتكار بعض الأطراف للعلاقة مع السلطة وحركة فتح في ملف العرب في إسرائيل؟
 
** الحقيقة أننا لا نرى أنفسنا في منافسة مع أحد في هذا الموضوع. نحن نعتبر أنفسنا جزءا من حركة التحرر الوطني الفلسطيني خلافا لقوى أخرى قد تعتبر نفسها قوى ديمقراطية إسرائيلية وتتحدث مع السلطة، مهما كانت البلاغة واللغة التي يستعملونها، لكنهم في نهاية المطاف يتحدثون مع فتح ومع قوى أخرى كقوة ديمقراطية إسرائيلية، نحن جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني، لنا خصوصيتنا ولنا موقعنا ولنا مواقفنا، ونحن نتعاون معهم ونلتقي معهم.
 
* هذا التصريح لم يصدر في السابق عن أي حزب عربي ممثل في الكنيست ؟
 
** أنا أعرف معنى هذا الكلام، وأعرف أنه لن يعجب السلطة ولكن هذا هو موقفنا، ولهذا فأنا عندما أقول إننا نتحدث مع القوى الفلسطينية الأخرى فنحن نتحدث معها بلغة أننا أهل وليس بلغة الأصدقاء.
 
* أنا أريد أن أسأل عن الجانب الفلسطيني، ومن طرف أو وجهة نظر قيادة السلطة الفلسطينية هل يشكل هذا اللقاء مؤشرا على وجود تغيير في الموقف داخل قيادات فتح من العلاقة مع الأحزاب العربية في إسرائيل وكسر الانطباع، وأن هذه العلاقة والنظرة هي محصورة في طرف معين يحتكر حتى أمام فتح بقنوات الاتصال والعلاقة ليس فقط مع العرب في إسرائيل وإنما أيضا مع إسرائيل/ هل هناك تغيير وقراءة جديدة في فتح لهذه العلاقة وهذا الملف؟
 
** في اليوم الذي كنا فيه في رام الله، بالأمس (اللقاء عقد يوم الأحد) هو اليوم الذي طرد فيه محمد دحلان من حركة فتح، وهناك من سيشعر باليتم بعد ذهاب محمد دحلان، وباعتقادي فهذه ضربة لكل من اعتبر محمد دحلان ولي نعمته، طبعا لمسنا لدى قيادة فتح التي التقيناها ارتياحا كبيرا جدا من هذه الخطوة وعدم اكتراث بمصير من كان دحلان ولي نعمته.
 
* هل ترى أن هناك توجها جديدا في حركة فتح بالنسبة لكل ما يتعلق بالعلاقة مع العرب في إسرائيل وأحزابهم السياسية الفاعلة؟
 
** من الناحية الرسمية فإن حركة فتح تعلن أنها تقف نفس المسافة من كافة الأحزاب والحركات السياسية، هذا هو الموقف الرسمي، ولكن بطبيعة الحال فإن أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح هناك من يشعر بأنه أقرب إلى التجمع، وهناك من يشعر بأنه أقرب إلى آخرين. باعتقادي أن هناك من تلقوا ضربة، حتى عندنا في الداخل، أي من كانت له علاقة خاصة مع محمد دحلان فبالتأكيد فإن هذه الخطوة هي ضربة كبيرة له. لا أقصد شخصا بعينه، بل كان من كانت له علاقة بدحلان فقد كان هناك أكثر من شخص واحد مرتبط بمحمد دحلان.
 
* تطرقت إلى المصالحة الفلسطينية مع ذلك نجد أن الأحزاب العربية لا تبدي تنسيقا في نشاطها، ففي الذكرى لحرب النكسة كانت هناك نشاطات متفرقة لكل حزب، كما أن الإسلامية لم تشارك؟
 
 ** في المجمل من ينظم هذه النشاطات هو لجنة المتابعة، هذه المرة كان هناك ثغرة وخلل يجب إصلاحهما، نحن عموما نرى أن على لجنة المتابعة أن تبادر بنفسها لتنظيم مظاهرات ودعوة قوى يسارية إسرائيلية لا أن تنظم قوى اليسار الصهيوني النشاط ثم ننضم، طبعا هناك من يفضل أن ينسق ويشارك في فعاليات اليسار الصهيوني والإسرائيلي.
 
نحن من حيث المبدأ نوافق على التعاون ونسعى للتعاون مع قوى يسارية إسرائيلية غير صهيونية ومناهضة للصهيونية، وفي الكنيست مثلا يكون هناك تعاون عيني ومحدود حول قضية محددة، مثل مبادرتنا لحملة تواقيع بين أعضاء الكنيست ضد حملة القوانين الصهيونية، نحن بحاجة لهذه الأصوات لوقف هذا التشريع العنصري مع أن لنا نقاشات ومواجهات شديدة مع أعضاء كنيست من الأحزاب الصهيونية،.. ولكن في الوقت ذاته فإن تأييدنا للتعاون لا يعني القبول بزرع الأوهام وكأن المجتمع الإسرائيلي يشهد تحولا، وأن هناك تحولا كبيرا نحو السلام والتعاون، هذا الكلام ليس صحيحا، فنحن نرى كيف يضمحل اليسار ويضعف، وكان هناك تجربة فعضو الكنيست دوف حنين مثلا خاض المعركة في تل أبيب وكان خطابه خطاب ميرتس بل وإلى يمين ميرتس، وحصل على أصوات كثيرة وعندما جاءت الجبهة في الانتخابات العامة لم تحصل على 10% من هذه الأصوات، ولكن أنا أعلق أهمية كبيرة جدا على ما أسميه باليسار الراديكالي هو اليسار الذي لا يقبل بحيز سياسي مبني على توازن قوى، وإنما يريد حلا سياسيا يتجاوز مسألة توازن القوى ومبنيا على توازن الحقوق والمصالح، ولهذا السبب، تعاونا مع هذا اليسار في الماضي في عشرات المظاهرات، صحيح أنه كانت هناك في الآونة الأخيرة محاولات في اليسار الإسرائيلي إلى تجاهل التجمع وتهميشه ...
 
* يعني تقصد مظاهرة تل أبيب حيث لم توجه الدعوة للتجمع فتصرف على نحو أجت منك يا جامع؟
 
** ليس على هذا الشكل، نحن نعتقد أن الدعوة لمثل هذه المظاهرات يجب أن تأتي من لجنة المتابعة ومن ثم توجيه الدعوة لليسار الإسرائيلي، لأن الكتلة الكبرى هي من الجمهور العربي، هذا أولا، وثانيا هناك شعارات ترفع في مثل هذه المظاهرات غير مقبولة، فشبابنا مثلا يرفض المشاركة في مظاهرات يرفع فيها العلم الإسرائيلي، وهناك مثلا شعارات غير مقبولة على الشباب مثل دولتان لشعبين.
 
* يعني لنكن واقعيين فالتجمع مثلا يقرع الجبهة بأن أنصارها من اليهود التقدميين هم قلة، فماذا عن اليسار الراديكالي الذي تتحدث عنه هو أقل من تقدميي الجبهة اليهود؟
 
** الحقيقة أننا لم نقرع الجبهة في هذا الموضوع، فنحن نعرف أن بناء يسار حقيقي في المجتمع الإسرائيلي هو أمر في غاية الصعوبة . نقاشنا مع الجبهة حول مسألة بناء الأوهام، وليس لأنها لا تستطيع، فهي لا تستطيع لأن هذا هو الواقع، وهي غير مقصرة في هذا الموضوع، ليس تقصيرا من الجبهة فهي صرفت وتصرف على مدار عشرات السنين أكثر من ثلث ميزانيتها في الشارع اليهودي وهذا لم يؤد إلى نتائج... هذا الأمر استغرق الكثير من الوقت والطاقة من الجبهة، وموضوعيا فإن الوضع صعب جدا في الشارع الإسرائيلي...
 
 
* ولكن هذا الشق في المعادلة والنشاط المفقود في الشارع الإسرائيلي للتجمع مثلا يسهل كثيرا عملية التحريض ضد التجمع عبر إغفال شق المواطنة في برنامجه والتركيز على البعد القومي له الأمر الذي يترك "ظهر التجمع مكشوفا"؟
 
 
** هذا صحيح، وأنا أصارحك بأن الهجوم الحالي والتحريض المتواصل الآن على التجمع هو غير مسبوق، ولا يقّل إن لم يزد عن الذي كان خلال قضية د. عزمي بشارة، هذه أصعب أيام مر بها التجمع. هناك محاولة لتشويه لصورة التجمع من قبل السلطة والإعلام الإسرائيلي، فنحن مثلا تحدثنا عن المواطنة الكاملة، وكان الخطاب موجها بالأساس للعرب وليس لليهود، وأدخلنا خطاب المواطنة بين الجمهور العربي وماذا تعني المواطنة، وتعاملنا مع المواطنة بجدية، هناك كثير من تبنى هذا الموضوع، وخلق حالة جديدة من قلب الميزان، من التوجه الإسرائيلي عن العرب الفخورين والمواطنين الصالحين: فخر بهوية بدون مضمون: يعني عربي يحب اللبنة ويركب الخيل بدون أي مضمون قومي وسياسي في هويته، ومن جهة أخرى مواطن صالح يتنازل عن حقوقه. نحن قلبنا المعادلة وقلنا هوية قومية كاملة لها بعد سياسي، ومواطنة كاملة وهي عند تطبيقها تتناقض مع إسرائيل كدولة يهودية وصهيونية. ولكن نحن أصحاب مشروع سياسي يخص الجمهور العربي ويخص كل إنسان تقدمي.
 
* هذا يعني أنه قد يكون التجمع الوطني هو المذنب في الإصرار الإسرائيلي على خطاب يهودية الدولة، بعد أن التفت إلى خطاب التجمع، فهل هذا الخطاب هو الذي نبه الدولة إلى ما كان فاتها الالتفات إليه، أو ما كانت تعتقد إسرائيل أنه مفهوم ضمنا ففوجئت بأنه ليس مفهوما ضمنا؟
 
** العكس تماما: فمنذ أن قام التجمع وهو يقول إن لب المشكلة هو الدولة اليهودية، وكثيرون استخفوا بذلك وقالوا إن يهودية الدولة هي ليست القضية الرئيسية، وأنا أعرف أن معظم السياسيين العرب كانوا يقولون إن هذه ليست القضية الرئيسية. التجمع هو الذي قال بذلك وإن هذا هو لب المشكلة، وقد تحول الأمر الآن إلى موضوع النقاش الرئيسي، ولهذا فرضته إسرائيل بعد أن دخلت منذ كامب ديفد في دوامة الحديث عن معنى الوجود وهوية الدولة وكل هذه الأسئلة بدأت تطرح، وتوصلوا إلى أن الحل يكمن في طلب الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، لأن الدولة اليهودية تعني حلا بدون لاجئين، وبدون حقوق تاريخية، وطبعا الصراع على الرواية للصراع فمن يعترف بإسرائيل دولة يهودية يعترف عمليا بالرواية الإسرائيلية. يعني القول إن التجمع أيقظ "كلبا نائما" ليس صحيحا بكل الأحوال.
 
* على ضوء كل الطروحات التي قيلت وباعتبار الحزب وسيلة وليس هدفا ما الذي حققه التجمع في طرحه لدولة المواطنين للناس؟
 
** باعتقادي هناك أمور مادية وهناك أمور معنوية، أنا أبدأ بالقول إن الإنجاز الأكبر هو في المجال المعنوي، في مجال الوعي العربي والقومي، ففي داخل إسرائيل، في ظروف غاية في التعقيد والتركيب أكد التجمع على الهوية القومية العربية، في حين أنه حتى في العالم العربي كانت هناك دعوات متعددة، مثل الإسلامية، كانت تقول للجماهير العربية، حتى داخل العالم العربي، بانتهاء القومية العربية، ودعت العرب إلى الحديث عن هوية إسلامية، وأخرى عن هويات فينيقية وفرعونية وغيرها، والعودة للهويات القطرية. جاء التجمع وأعاد الاعتبار للبعد القومي والهوية القومية، وأصبح ذلك المحور السياسي الجذاب للشباب، وليس فقط في التجمع. وحدث نفس الشيء في قضية المواطنة والمواطنين، وهو اليوم فكر يحمله ليس فقط من يصوتون للتجمع. خطاب التجمع هو أكبر بكثير، فقد استطعنا أن نفرض هيمنة في الخطاب السياسي، فحتى عندما صدرت وثائق التصور المستقبلية نجد أن معظم من كتبوها ليسوا من التجمع بل إن قسما منهم معاد للتجمع، ولكن عندما تجلس مجموعة من المثقفين العرب للحديث عن المستقبل لا يجدون أمامهم أي مشروع لمستقبل الجماهير العربية سوى مشروع التجمع لأنه الحزب الوحيد الذي لديه مشروع لمستقبل الجماهير العربية، أما الأحزاب الأخرى فعندها مواقف وليس مشروعا.

التعليقات