واصل طه: الربيع العربي أعاد الأمل والكرامة للأمة

التجمع حزب شاب وفتي ومتجدد، قيادته تعمل ليل نهار من أجل توسيع صفوفه، غالبية المنتسبين الجدد إليه من الجيل الشاب، جيل المستقبل من المثقفين والأكاديميين والعمال والفلاحين. حزبنا متحرك دائمًا نحو الأفضل، نسبة الجيل الشاب فيه عالية جدًا

واصل طه: الربيع العربي أعاد الأمل والكرامة للأمة
مع انعقاد المؤتمر السادس للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي يفتتح في السابعة من مساء اليوم، الخميس، أجرت صحيفة فصل المقال مقابلة مع رئيس التجمع والنائب السابق واصل طه.
 
فصل المقال: في مناخ عربي يتنفس عبق الثورة التي حولت الساحات العربية إلى ساحات صراع بين إرادة الشعب والأمة وإرادات القوى المعادية للشعب والأمة، تختلط الصور والأدوار في كل ساحة وأخرى من ساحات الوطن الكبير التي باتت تشكل مسرحا لأحداث دامية في كثير من الأحيان، وتلتبس على المواطن العادي وغير العادي الأمور ضمن المخاض العسير الذي سيغير حتما خارطة المنطقة العربية، ويعيد للأمة حريتها وكرامتها التي سلبت على مدى عقود طويلة. يعقد مؤتمركم في ظرف يطغى فيه البعد العربي على الفلسطيني، يهمشه مؤقتاً ليخرجه لاحقا من التهميش ويعيد له مكانته التي فقدت في السياق العربي، في ظروف تسحب الأضواء كلها عن الفلسطيني عامةً إلى ساحات العواصم العربية وميادينها ربما لإعادة الاعتبار لمقولة علاها الغبار – تحرير فلسطين يمر عبر القاهرة وعمان ودمشق وغيرها من العواصم العربية، في هذه الظروف ينعقد مؤتمركم السادس الذي تحتل الثورات العربية أحد أبرز عناوينه، يتبادر السؤال ما هو وقع الثورات العربية، وأقصد ما حسم منها في تونس ومصر تحديدًاعليك، وما  موقع التجمع كحزب قومي منها؟!
 
طه: بانتصار الثورة المصرية، وسقوط قلعتين هامتين لمعسكر ما يسمى "الاعتدال" وخاصة سقوط حسني مبارك؛ قد وضعت الأمة على الطريق الصحيح، أي أن تحول مصر وتونس إلى دولة مواطنين ديمقراطية، تكون المواطنة فيها هي الأساس في التعامل بين الدولة ومواطنيها، وليس قرابة الدم، مع الحاكم أو مع شلته أو حزبه هو ما يحلم به كل عربي. نحن نرقب هذا التحول ونتمنى للثورتين في تونس ومصر تحقيق وإنجاز طموحات شعبيهما.
 
لقد زرت في شهر أيار الماضي مصر، والتقيت مع العديد من شباب مصر، وقيادات أحزابها، وشعرت من خلال ذلك التغيير الفوري الذي حصل في نمط حياة الناس، وارتفاع معنوياتهم المنعكس على سلوكيات الشباب والناس، حتى أن سائقي السيارات العمومية يشعرونك بالتغيير من خلال نقاشاتهم وقول رأيهم في كافة المواضيع دون محاذير.
 
التجمع كحزب قومي، أعلن دعمه لثورة تونس وثورة مصر منذ اليوم الأول، وقد احتفلنا بنجاح الثورة المصرية، وكان احتفالاً مهيبًا عبرنا فيه عن دعمنا وفرحتنا بهذا التحول الذي سيعيد لمصر دورها الريادي الذي تميزت به أيام عبد الناصر، وتقديري أن الربيع العربي، ربيع الشباب، أعاد وسوف يكرس الكرامة الفردية والجماعية للأمة. سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ناهيك عن التأثير الإيجابي على قضية فلسطين قضيتنا وقضية العرب والمسلمين عمومًا.
 
فصل المقال: هل تلمس تأثيرًا معنويًا للثورات العربية على شباب الحزب وكوادره، هل هناك ارتباك وترقب؟
 
طه: أحدثت الثورات العربية في تونس ومصر واليمن تأثيرًا كبيرًا على معنويات شبابنا وكوادرنا، فالمراقب لاحظ ذلك في عيونهم وسلوكياتهم وكتاباتهم ونشاطهم، وبالتالي فإن انتصار العرب أياً كان هو انتصارنا، وتقدمهم وإنجازاتهم هي إنجازاتنا، لأنها ترفع من معنوياتنا، وتزيد من إصرارنا على النضال من أجل حرية شعبنا الذي يعاني من الظلم والقهر واللجوء منذ أكثر من ستة عقود، وكان أول ثمرات هذه الثورات المصالحة الفلسطينية التي انتظرناها وعملنا من أجلها سنوات. وكذلك فتح معبر رفح كخطوة أولى لكسر الحصار عن غزة.
 
أما ما يحصل في سوريا فقد أحدث ارتباكًا لدى كوادرنا، فكانت الآراء والاجتهادات متضاربة كوننا نعتبر سوريا قلعة للممانعة، وأن هناك من يسعى لإسقاطها، كي يحدثوا توازنًا في المنطقة بين تياري الاعتدال والممانعة بعد سقوط حسني مبارك.
 
نحن في التجمع نحتمل مثل هذه الاجتهادات، ونؤكد أن الإصلاحات والديمقراطية هي درع يحمي هذه القلعة من المؤامرات، على القيادة في سوريا الاستجابة والإسراع في تنفيذ الإصلاح من أجل حماية هذه القلعة والحفاظ على الوحدة الوطنية فيها. لأننا على يقين أن أعداء سوريا والممانعة، يسعون لاستغلال المطالب المشروعة للشعب السوري، كي يمزقوا سوريا ويهدموها كما حدث في العراق. وفي نفس الوقت نحن نعرف أن الفاسدين في تونس ومصر واليمن وسوريا والبحرين وغيرهم من الدول العربية لا يستطيعون قيادة الممانعة والمقاومة وبناء الدول الحديثة الديمقراطية بل ما يحسنون عمله هو زيادة ثرائهم على حساب الناس المستضعفة.
 
فصل المقال: فلسطينياً، هل تنتظرون أيلول الذي يحمل (الدولة) على طبق الأمم المتحدة ولماذا حثثتم الخطى للقاء أبو مازن؟
 
طه: يدور الحديث عن أيلول واستحقاقه المنتظر في الأمم المتحدة.. نعم.. الرأي العام مهم جدًا، والأمم المتحدة هي أيضًا هامة جدًا.. ولكن الأهم هي الوحدة الوطنية الفلسطينية المبنية على الثوابت التي يجمع عليها شعبنا، الممثلة بالدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة في حدود 1967، والقدس عاصمتها والتأكيد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين بموجب قرارات الأمم المتحدة، باعتقادي هذا هو الأهم وهذا هو الموقف..
 
لذلك جاءت زيارتنا لرام الله، ولقاؤنا مع أبو مازن بعد أمرين هامين حدثا على الساحة الفلسطينية؛ الأمر الأول هو المصالحة بين حماس وفتح وإعادة اللحمة لشعبنا الفلسطيني بعد انقسام ألحق ضررًا كبيرًا بقضيتنا المقدسة، فكانت المصالحة والدعوة للحوار من أجل الوحدة الوطنية. حجر الزاوية في موقفنا وتلخيصنا في مؤتمرنا الخامس. دعونا وعملنا من أجلها في كل المناسبات واللقاءات. لأننا نعتبر الانقسام خدمة مجانية للمحتل الإسرائيلي. أما الأمر الثاني فهو الموقف الصحيح والصلب للقيادة الفلسطينية من الاستيطان.
 
فصل المقال: محلياً، التجمع ثبّت نفسه كقوة جماهيرية وأسقط مقولات حزب الشخص بعد أن خيّب أمل الذين راهنوا أن يغيب بغياب الشخص والمقصود مؤسسه وزعيمه د. عزمي بشارة؟
 
طه: لم يكن التجمع يومًا حزب الرجل الواحد، كما ادعى خصومنا، وقد أثبتنا ذلك على أرض الواقع، بعد الغياب القسري خارج البلاد لأخي وعزيزي الدكتور عزمي بشارة، علمًا أن دوره وقيادته وتميزه كان وما زال ليس فقط على مستوى التجمع بل على مستوى المثقفين في الوطن العربي كله، فالدكتور عزمي هو مفكر قومي عربي يؤخذ برأيه عربيًا وإقليميًا، قد يختلف معه البعض وقد يوافقه الكثيرون، ولكنه يبقى في طليعة المفكرين القوميين ونموذجًا تستحق اجتهاداته التفكير الجدي بعيدًا عن النزوات الشخصية التي تحط من قائليها، والخوض فيها تضييع للبوصلة وللوقت.
 
فصل المقال: اخليت مكانك في الكنيست لحنين زعبي (علماً ان الأمكنة ليست حكراً لأحد) وأنت ترى أداءها اليوم هل ينتابك شعور بالرضا؟
 
طه: المواقع سواء كانت عضوية الكنيست أو سواها هي تكليف في الحركة الوطنية وليست تشريفًا، فنحن نعتز بالقيادات الوطنية ونتشرف بدورها وتضحياتها فالتنازل عن عضوية الكنيست في نظري ليست تضحية، لأنها تتقزم أمام قيادات الحركة الأسيرة القابعين في زنازين إسرائيل وأمام دماء الشهداء الذين قضوا في سبيل القضية الكبرى، دفاعًا عن شعب يناضل من أجل الحرية والعيش الكريم في وطننا الذي لا وطن لنا سواه.
 
أما بالنسبة للأخت والرفيقة حنين زعبي، فأنا أعتز بها وبعملها ونشاطها وقد كان لها دور بارز جدًا في أسطول الحرية في فضح الممارسات الإسرائيلية الإجرامية ضد العزل من المتضامنين مع شعبنا العزل من السلاح الذين جاؤوا لكسر الحصار الظالم عن غزة.
 
فصل المقال: كنت في الحركة التقدمية وكنت نصيراً لابناء البلد كرئيس مجلس محلي والجميع يذكر لك ذلك، ثم أحد مؤسسي وقادة التجمع وعضو كنيست عنه ثم رئيسه، ما هو طموحك القادم وهل ستعاود ترشيح نفسك لرئاسة المجلس المحلي ؟
 
طه: كنت جنديًا في الحركة الوطنية منذ نعومة أظافري، ومواقفي في دعم أطراف الحركة الوطنية هي ترجمة لهذه القناعة قبل تأسيس التجمع وبعده وسأظل جنديًا أمينًا لهذه القناعات، حتى إنجاز أهدافنا، أو حتى نسلم شبابنا والجيل الشاب الراية ونحن منتصبو القامة من أجل الاستمرار في المسيرة.
 
أما فيما يتعلق بالسلطة المحلية، فقد خدمت فيها عشرة سنوات تقريبًا، وقدمت من إنجازات على الأرض يتحدث بها أهالي كفركنا حتى يومنا هذا، وهناك ضغوط محلية كبيرة من أجل أن أعود لأقود العمل البلدي في كفركنا جوابي "بكير" على هذا الكلام فأنا لم أبلور موقفي حتى هذه اللحظة.
 
فصل المقال: محلياً، هناك مشروع دولة المواطنين (حتى لو كان اعتراضيا) ضرب بالضربة التي وجهت لعزمي بشارة، نهضتم بالحزب لكن لم تستطيعوا ترميم المشروع ماذا انتم فاعلون؟
 
طه: نهضنا بالحزب ورسخنا جذور دولة المواطنين كمشروع، لم ينته دوره بعد، ما زال جزءًا من خطابنا السياسي حملة الحزب منذ البدايات، وما زال يحمله، لأن الظروف السياسية المحلية والإقليمية غير ناضجة بعد لإعادة النظر بمشروعنا، فهو ما زال منسجم مع صراعنا ورفضنا بأن إسرائيل هي دولة لليهود فقط.
 
فنحن المواطنين الأصليين، وخطاب المواطنة ودولة المواطنين هو درع واقً، ورمح للهجوم على المشاريع السياسية الهادفة إلى تذويبنا وأسرلتنا، بدليل أن المؤسسة الإسرائيلية تعادي هذا المشروع وتحاربه بحجة أنه ينسف أساس المبنى الصهيوني ونظريته في ان إسرائيل دولة لليهود فقط. وفي هذا السياق يجب أن لا ننسى الشق الآخر للمشروع، وهو الحفاظ على هويتنا القومية وانتمائنا الوطني. لذلك فإن شعارات مؤتمرنا السادس تركزت على قضايا هامة تهمنا كمواطنين أصليين صامدين كزيتونة بلادنا الخضراء.
 
فصل المقال: هناك من يقول إن التجمع يراوح مكانه على هذا الصعيد، هل من جديد؟
 
طه: التجمع حزب شاب وفتي ومتجدد، قيادته تعمل ليل نهار من أجل توسيع صفوفه، غالبية المنتسبين الجدد إليه من الجيل الشاب، جيل المستقبل من المثقفين والأكاديميين والعمال والفلاحين. حزبنا متحرك دائمًا نحو الأفضل، نسبة الجيل الشاب فيه عالية جدًا.. هي الأعلى بين الأحزاب العربية مما يسرنا ويفرحنا ويجعلنا واثقين بالمستقبل. مؤتمرنا السادس سيحدث انطلاقة جديدة للتجمع رغم أن الظروف التي يعقد فيها هي ظروف عسيرة وصعبة. ولكن التجمع هو جمل المحامل.

التعليقات