متاحف التراث والمشروع المفقود: متحف "بيت التراث" في عيلبون نموذجا

لكل شعب من شعوب العالم تاريخ وحضارة وتراث، ويسعى كل شعب للحفاظ على هذا الموروث من اجل بناء هويته الوطنية اذ يقع على عاتق الدولة عبر مؤسساتها أساسا والمجتمع المدني الدور في هذه المهمة من خلال مناهج التعليم والنشاطات والفعاليات المختلفة والمسرح والسينما والمتاف، وفي حال واقعنا كأقلية فلسطينية بقيت في وطنها بعد مشروع التطهير العرقي في فلسطين، يقع على عاتق الحركة الوطنية هذا الدور في ظل غياب دولة أو هيئة تشرف على الحفاظ على هذا الموروث ليس في متاحف فقط بل في وجدان شعبنا وأجياله الشابة.

متاحف التراث والمشروع المفقود: متحف

 لم يكن السيد نايف سمعان متحمسا جدا للقاء الصحفي الذي رتبناه معه حول متحف "بيت التراث" في قرتية عيلبون الواقع في الطابق الارضي من منزله، فهذه ليست المرة الاولى التي يعدون فيها تقارير صحفية معه عن متحفه الذي بدأ بجمع محتوياته منذ نعومة أظفاره، كما يحدثنا أذ كان يجمع كل اداة وقطعة يقوم احد أهالي القرية بالتخلص منها ورميها حتى أصبح لديه مخزون كبير من أدوات التراث التي يصل عمر بعضها عشرات السسنين والبعض الاخر مئات السنين.

"في عام 2005 قالت لي زوجتي أنه يجب علي أن اختار بين العائلة وبين ادوات التراث التي تملأ البيت، فكان الأقتراح من أبنتي التي تدرس علم الاثار بأن أقوم ببناء متحفا للتراث في الطابق الارضي منزلنا من أجل الحفاظ على هذا الموروث" يقول نايف سمعان عن بداية مشروعه ويضيف " وتم أفتتاح المتحف عام 2006 أذ قمت بتجميع كل ما أملك من أدوات ورتبتها حسب أقسام وزوايا مختلفة ومن ثم بدأت بالتوجه لعدة جمعيات ورؤساء مجالس محلية ومدارس من أجل زيارة "بيت التراث"  والمشاركة في الأفتتاح.. لكن لك ان تتصور تجاوب مجتمعنا مع مثل هكذا مشروع".

هاوي الفن نايف سمعان رجل في الخمسينات من العمر عرفته قرية عيلبون في العديد الفعاليات الفنية والتراثية في البلدة من رسم ونحت وفسيفساء كما وقام ببناء نصب تذكاري لشهداء عيلبون عام48، سعى منذ البداية الى تطوير مشروعه اذ اراد ان يحوله الى مكان ممتع يستطيع الزوار ان يلمسوا بعض الادوات مثل طحن القهوة وبعض الألعاب القديمة وغيرها، كما وأصبح يقدم الطعام العربي للراغبين وبعض الحلويات وطبعا القهوة العربية ايمانا منه بأن "بيت التراث" هو ليس مخزانا للأدوات بل حياة شعب له حضارة وتاريخ.

كما وتوجه سمعان لوزارة السياحة علها تساعده في تسويق "بيت التراث"، فأن تملك متحفا ولو بسيطا مقارنة مع متاحف اخرى ليس بالأمر السهل من الناحية المادية خصوصا عندما تكون والدا لخمسة أبناء يدرسون في الجامعات، الا ان وزارة السياحة في "دولة اليهود" تضع العربي على الهامش خصوصا في القضايا المتعلقة بهويته القومية.

"انا أتبع المثل الذي يقول من ليس له ماض يكون حاضره بلا مستقبل" يقول سمعان بمرارة عن تجاوب الناس مع مشروعه ويضيف "هذا تراث شعبنا الفلسطيني، علينا أن نرسخه لدى أبنائنا.. فنرى اليوم العائلات وحتى المدارس يأخذون الطلاب الى المجمعات التجارية وغيرها من الأماكن بينما لا نذهب الى أماكن مثل بيت التراث.. انا أتفهم ان جيل اليوم  هو جيل عصر السرعة ولا يشعر بالأرتباط مع ما قد يراه في المتحف، لكن يجب علينا الحفاظ على هذا التاريخ في وجدان أبنائنا".

ويعزو سمعان عزوف الناس عن التراث الى تراجع الوعي ويشدد ايضا على ان "متطلبات الحياة اليوم تختلف عن الماضي. فالسباق اليوم نحو التطور والسرعة والأنتاج السريع، وحياتنا قديما كانت عبارة عن أنتاج بطيئ، كما والوضع السياسي والأقتصادي يؤثر سلبا ايضا".

ويعتبر سمعان ان تقصير الأحزاب والجمعيات والمؤسسات المختلفة ليس ببسيط كون الشعارات التي يطلقونها يجب أن تُطبق على أرض الواقع في هذا الموضوع حسب قوله.

وفي ختام اللقاء قمنا بجولة في المتحف الذي يعتني به بشكل شبه يومي وختم بالقول "هذا مشروع حياتي بالنسبة لي ولن أتنازل عنه، قد لا أنجح به كما أردت لكن سوف تبقى الرسالة للأجيال القادمة".

أقسام المتحف:

زاوية الخبز ، زاوية الأثاث ، زاوية التوابل والأعشاب الطبية ، زاوية الديوان ، زاوية الحرفية ، زاوية المخزن وبيت المونة ، زاوية المطبخ ، زاوية الضوء ، زاوية الألعاب وغيرها..

أدوات قيمة في المتحف:

سرير أطفال عمره 380 سنة .

جاروشة (حجر الرحى) عمرها 280 سنة.

صندوق العروس عمره 180 سنة.

التعليقات