يافا: التّجمّع يناقش "ثنائيّة القوميّة" مع مجموعةٍ من اليهود اليساريين

عقد التجمع الوطني الديموقراطي في مدينة يافا، بداية الأسبوع الماضي، لقاء حواريا جمع بين ممثلي التجمع وأعضائه، وعدد من الاكاديميين والناشطين اليهود المؤيدين لطرحه، وذلك لمناقشة خيار الدولة "ثنائية القومية". افتتح اللقاء السيد سامي أبو شحادة، عضو اللجنة المركزية للتجمع الوطنيّ، وممثّله في بلديّة يافا، مرحّبًا بالمتحدّثين والمشاركين، ومبيّنًا أن اختيار موقع انعقاد اللّقاء، ألا وهو "مطعم أبو العبد" في يافا، لمالكه جريس سابا، لم يكن صدفةً، وإنما لأن هذا المطعم قد تمّ استهدافه من أشخاص مجهولين، قاموا بحرقه، وكان من الممكن أن تحصل كارثة لو وصلت النيرات إلى جرات الغاز وانفجرت، لأن هناك عائلة تسكن فوق المطعم، كما كتبوا على جدرانه من الخارج: "صدق كهانا"، ووقّعوا بعبارة "عصابة جباية الثّمن".

يافا: التّجمّع يناقش

عقد التجمع الوطني الديموقراطي في مدينة يافا، بداية الأسبوع الماضي، لقاء حواريا جمع بين ممثلي التجمع وأعضائه، وعدد من الاكاديميين والناشطين اليهود المؤيدين لطرحه، وذلك لمناقشة خيار الدولة "ثنائية القومية".

افتتح اللقاء السيد سامي أبو شحادة، عضو اللجنة المركزية للتجمع الوطنيّ، وممثّله في بلديّة تل أبيب - يافا، مرحّبًا بالمتحدّثين والمشاركين، ومبيّنًا أن اختيار موقع انعقاد اللّقاء، ألا وهو "مطعم أبو العبد" في يافا، لمالكه جريس سابا، لم يكن صدفةً، وإنما لأن هذا المطعم قد تمّ استهدافه من أشخاص مجهولين، قاموا بحرقه، وكان من الممكن أن تحصل كارثة لو وصلت النيران إلى جرات الغاز وانفجرت، لأن هناك عائلات تسكن فوق المطعم وحوله، كما كتبوا على جدرانه من الخارج: "صدق كهانا"، ووقّعوا بعبارة "عصابة جباية الثّمن".

وبيّن أبو شحادة أنّ هذا اللقاء واحدٌ من سلسلة لقاءات عقدت سابقًا، وستعقد لاحقًا، والتي تهدف إلى التعريف والتقريب بين أعضاء التجمع وممثليه، وبين اليهود اليساريين غير المنتمين لليسار الصّهيونيّ، من خلال بحث ومناقشة مفاهيم وموضوعات تتعلّق بالصّراع العربيّ الاسرائيليّ، ومستقبل وجودنا في هذه البلاد، والتّصدّي للمشروع الصّهيونيّ.

وقد تحدّث في اللّقاء على التّوالي، كلّ من الدكتور جمال زحاقلة، والأستاذ الدكتور أمنون راز، والأستاذ الدّكتور يهودا شنهاف، والسيدة حنين زعبي.

واختتم اللّقاء بنقاشٍ بين المتحدّثين والحضور، وبدعوةٍ إلى تنظيم لقاءٍ واسع قريبًا، يدعى إليه أكبر عدد ممكن من أعضاء التجمع واليهود اليساريين المؤيدين للتجمع وخطابه.

أمّا المداخلات، فقد كانت على النّحو التّالي:

د. جمال زحالقة: خيار الدّولتين في آخر مراحل احتضاره، ولا يمكن لأحدٍ إسقاط احتمال "ثنائيّة القوميّة"

الدكتور جمال زحالقة، رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديموقراطي، افتتح حديثه بالحديث عن أشكال حكم إسرائيل للفلسطينيين وتقسيمهم، فقال إن كلّا من فلسطينيي القدس، وفلسطينيي غزة، وفلسطينيي الضفة الغربية، وفلسطينيي الداخل، وفلسطينيي الشّتات، يتحكم بهم اسرائيليًّا بأشكالٍ مختلفة معقّدة في تركيبها، بحيث أن كل جزء من أجزاء الشعب الفلسطيني مفصولٌ عن الآخر.

وحول خيار الدولة ثنائيّة القوميّة في ظل هذه المعطيات قال: "تطرح دائمًا مسألة الدّولة "ثنائيّة القوميّة" كحلّ لهذا التّقسيم وهذه التّجزئة للشّعب الفلسطينيّ، إذ يذهب البعض، وبشكلٍ مفارق، إلى أنّ الطّريق الوحيدة لتوحيد الشّعب الفلسطينيّ لن تتمّ إلّا إذا أقيمت دولةٌ ثنائيّة القوميّة، وإذا أصرّ الشّعب الفلسطينيّ على دولةٍ ذات قوميّة واحدة في جزءٍ من الأراضي الفلسطيني تاريخيًّا، فإنه سيبقى مقسّمًا، ومثل هذا الرأي يتبناه أمنون راز على سبيل المثال لا الحصر."

وقال أيضًا: "وليس هذا الرأي بجديد تمامًا، فقد ظهر حتى قبل عام 1948 لدى عدد من الكتب اليهود والعرب، مثل الجبهة للتحرير القومي، والاشتراكيين العرب، وعارف العارف، وحانا آرينت، وماجنس، ومارتين بوبر، وغيرهم.. وقد عرف الشارع اليهوديّ قبل عام 1948 أصواتًا تنبأت بأنه في حال قامت دولة يهوديّة في فلسطين، فإن ثمن ذلك سيكون حتمًا باهظًا، وقد تحققت النبوءة."

وتابع: "إذًا فمقولة الدولة ثنائية القومية ليس أمرًا حديث العهد، بل قديمٌ قدم القضيّة الفلسطينيّة، ولكننا إلى الآن لم نر أيّ تعبيرٍ سياسيّ أو ترجمةٍ سياسيّة على أرض الواقع لهذه المقولة، وهي إلى الآن تقتصر على نقاشاتٍ وحواراتٍ بين نخبٍ من السياسيين والناشطين، ولهذا فهذه المقولة لا تجد أي تأييد على مستوى الشارع، وكثيرٌ من النّاس لا يعرفون شيئًا عنها، حتى الجانب الفلسطينيّ بجميع فصائله، يؤمن اليوم بخيار الدّولتين، ويدعو إليه."

خيار الدّولة "ثنائيّة القوميّة" فكرةٌ لا تعبير سياسيّ لها على أرض الواقع

وحول التعامل مع خيار الدولة "ثنائية القومية" أشار زحالقة إلى أنه لا يمكن لأيّ أحدٍ أن يسقط من حساباته هذا الخيار، "خاصّةً وأنّنا موجودون اليوم في حالة أزمة تتجلّى بعدّة أشكال، وعلى رأسها أنّ خيار الدّولتين وصل إلى نقطةٍ بعيدةٍ من الاحتضار، وأنّ إسرائيل بممارساتها تقوم فعلًا بقتل هذا الخيار، ولا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تصل الأمور."

وتابع: "بالمقابل فإن خيار الدولة الواحدة ثنائية القومية لم يولد بعد، وإلى الآن ما يزال فكرةً، وطالما أنه لا يوجد لهذه الفكرة تعبير سياسيّ، أو قوة سياسية تدعمها، فهي تبقى مجرّد كلامٍ نظريّ، محصورٍ في دوائر اللقاءات والندوات والمؤتمرات والمجتمعات الأكاديمية"، وأضاف: "ولكن وفقًا للمنطق الهنديّ لا الغربيّ، فإننا نطرح هذه الأفكار هنا لا لإلغائها مسبقًا، إنّما لنبحث في احتمال تجسيدها برنامجًا سياسيًّا، فهذا قد يحصل في أيّ لحظةٍ قريبة."

على كلّ برنامجٍ فكريّ سياسيّ أن يأخذ بعين الاعتبار موازين القوى

وتطرق زحالقة إلى السيناريوهات المحتملة في مستقبل القضية الفلسطيني: "يمكن أن تطرأ سيناريوهات عديدة محتملة، كأن تقوم دولتان فلسطينيتان في الضفة الغربية وأخرى في غزة، أو أن تتجه الأمور نحو الحل الأردني أو ما يسمى بـ <الوطن البديل>، فهذا محتملٌ أيضًا، وعلينا أن نكون جاهزين له على الأقلّ فكريًّا، وألا يصيبنا الكسل الفكريّ.. أعتقد أن التغيرات الاقيليمية سيكون لها أثر كبيرٌ جدا على مسار القضية الفلسطينية ودول الجوار، ولهذا فعلينا أن نأخذ الزمن الراهن وقضاياه عربيا وعالميا بعين الاعتبار في أي تحليل لنا."

وحول موازين القوى في تحديد الخيارات والبرامج السياسية قال زحالقة: "كما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار في كل برنامج فكري وسياسي، مدى عناد المؤسسة الاسرائيلية، وردة فعلها، والقوة الكبيرة للمؤسسة الصهيونية مقارنة مع الشعب الفلسطيني ومؤسساته، فإن أي تجاوز للرومانسية السياسية، وأي فهم لمعطيات الواقع، يحتم أن نأخذ بعين الاعتبار موازين القوى، وقد تتغير موازين القوى هذه سريعًا، وقد رأينا كيف أن التغيرات في العالم العربي أثرت ليس فقط في العالم العربي والفلسطينيين فحسب، وإنما أيضًا في تل أبيب والشارع الاسرائيليّ."

أمنون راز: واقعنا ثنائيّ القوميّة شئنا أم أبينا، وأيّ حلّ للصّراع يجب أن ينطلق من ذلك

أما الأستاذ الدكتور أمنون راز، مدرس التاريخ اليهوديّ في جامعة بنغوريون، فيرى أن واقع الفلسطينيين والاسرائيليين اليوم، هو "واقع ثنائي القومية، شئنا أم أبينا، وبالتالي فإن أيّ حل للصراع العربي الاسرائيليّ يجب أن ينطلق من هذه النقطة تحديدًا، وإنّ كل اتفاق يأخذ بعين الاعتبار حقوق الفلسطينيين والاسرائيليين معًا، لا يمكن أن يكون إلا ثنائيّ القوميّة."

وحول خيار الدّولة الواحدة قال: "هناك من يطرح خيار الدولة الواحدة كحل للصراع العربي الاسرائيليّ، لا بأس، ولكن التمسك بالشعار دون أن يكون محتواه ومضمونه معبّرًا عن دولةٍ ثنائيّة القوميّة، لا يؤدّي أبدًا إلى حلّ، وقد قامت مجموعة من النخب الفلسطينية والاسرائيليّة فعلًا بالاجتماع في لندن، وأصدروا دستورًا للدّولة الواحدة، ولكن أسوء ما في هذا الدّستور، أنّ كلمتيّ <عرب> و<يهود> لا وجود لهما فيه، وهما أصل الصّراع وسببه، ولا يمكن أن يصل أحدٌ إلى حلّ بمجرّد التّهرّب من هذه الحقيقة."

الصّهيونيّة صادرت "القوميّة الفلسطينيّة" لتسقط أيّ احتمالٍ لحلٍّ "ثنائيّ القوميّة"

وحول القوميّة وتعريفها بالنّسبة إليه قال راز: "البعض يتحدّث عن القومية كأنها أمر اشكاليّ ويجب تجاوزه، وهؤلاء يفوتهم أن القومية في أساسها تعريفٌ للحقوق، قبل أن تكون تعريفًا لجماعة معينة.. وإنّ الحلّ القائم على مبدأ ثنائيّة القوميّة، يعني بالضّرورة أن تكون الدولة قائمة على المساواة المدنية والقومية التامة، وعلى تعريف حقوق كلٍّ من القوميّتين."

وتحدّث راز عمّا أسماه "مصادرة الصّهيونيّة للقوميّة الفلسطينيّة"، فقال: "عندما نتحدث عن إسرائيل، فنحن نتحدّث عن عملية كولونياليّة لم تكتف بسرقة الأرض والوطن من الفلسطينيين، إنما تجاوزت ذلك نحو مصادرة القومية الفلسطينية على يد المشروع الصهيوني، الذي قام أيضا بتعريف هذه القومية وفقا لتصوراته، وهذه المصادرة للقومية الفلسطينية، تعني مباشرة إسقاط خيار الدولة ثنائية القومية."

وأضاف: "انطلاقا من هذا الفهم، فإن الصهيونية كرست نفسها ضدّ مبدأ <الثنائيّة القوميّة>، ورفضت أن تعترف يومًا بوجودها، وقد جعلتنا مضطرين متى أردنا أن نعرف القومية الفلسطينية، الذهاب إلى أنها ذلك الأمر الذي حذف وشطب على يد الحركة الصهيونيّة؛ وبالتّالي فإن القاعدة الوحيدة للنضال ضد كل ذلك، هو التأكيد على الحقوق القومية الفلسطينية."

التّجمّع هو من طرح "القوميّة الفلسطينيّة" بقوّةٍ أمام الشّارع الاسرائيليّ

وعندما نتحدث عن "قومية فلسطينية"، بمفهومها الحقيقيّ، فإنّها أحد أهمّ الأمور التي طرحها التجمع بقوة أمام الشارع الاسرائيليّ، فأثار حولها النّقاش، وقبل ذلك لم تكن مطروحةً أبدًا بهذا الزّخم وبهذه القوّة، مع أنّها كانت موجودةً، ولكن مغيّبة.

وحول مفهوم الدّولة "ثنائيّة القوميّة" وتطوّره والجدل حوله، قال راز: "لم يطرح في السابق خيار <الدولة ثنائية القومية> بشكل واضح، حتى ماجنس وآرنت عندما تحدثا عن المسألة طالبا بما يسمى "أتونوميا يهوديّة"، ثمّ إنّ الطروحات حول الدولة الواحدة منقسم بين رأي يرى بأنها يجب أن تكون علمانيّة على غرار دول الغرب، وبين من يقول إنها يجب أن تكون دولة عربيّة قوميّة وهو رأي من يميل نحو العرب أكثر، وكلّ ذلك لا يعبر عن المعنى الحقيقيّ لدولة <ثنائية القومية> بمفاهيم اليوم."

وأضاف: "يرى البعض أن النموذج البلجيكيّ، وهو نموذج ثنائي القوميّ، لم ينجح، وأنه يواجه الكثير من المشكلات، وأنا أتمنّى بأن نصل فقط إلى النموذج البلجيكيّ أوّلا، ثم ننتقل إلى الحديث حول المشكلات التي يمكننا أن نواجهها."

تحديد حقوق اليهود وتعريفها

وحول موقع اليهود ودورهم من كلّ ذلك، قال راز: "هناك من سيسأل بالتأكيد: ماذا عن اليهود؟ وهو سؤال يجب أن يسأل، ويجب أن نبحث جميعا عن إجابة له."

وأضاف: "بعض اليهود يقولون إنهم لا يبحثون عن هوية قومية يهودية لهم، ولا يهمهم ذلك، إنما يعتبرون أنفسهم مواطنين وفقط، ولكن أنا أقول لهم إنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع الكولونيالي الاسرائيلي، المجتمع الذي يحتل ويعيش على قاعدة نهب الأراضي والوطن، فقط لأنّهم يهود ولا شيء غيره، وبالتالي فعليهم تحمل المسؤولية، هذا بالإضافة إلى أنه لا يمكن لليهودي في إسرائيل أن يقول إنه ليس كذلك، فهو يهودي، عبر تعليمه، وهويته، وثقافته."

وقال أيضًا: "انطلاقا من ذلك، فإنه يجب <تحديد> حقوق اليهود من أجل إقامة نظام ثنائي القومية، وتحديد حقوق اليهود يتم عمليّا، عندما تحصل هناك مساواة في الحقوق.. يجب ألا نكون يهودا طيبين يشفقون على الفلسطينيين ويطالبون بحقوقهم، إنما أن نكون مستعدين لتحديد حقوقنا لتكون متساوية مع حقوق الفلسطينيين، وبهذا المفهوم، فإن خيار <ثنائية القومية> يعتبر التحدي الأكبر الذي ما من جواب له حتى الآن."

وحول تحقيق خيار "ثنائيّة القوميّة"، قال: "إن هذا الحل لا يمكن له أن يتم إلى في إطار أوسع، لا على مستوى إسرائيل فقط، إنما على مستوى الإقليم، حيث يتم الاعتراف بحق اليهود في تحديد مصيرهم جماعة قوميّة، وبالمقابل يتمّ تحديد حقوق اليهود وتعريفها لكي تكون مساوية لحقوق الفسلطينيين المدنية والقومية، دون امتيازاتٍ لأحد."

يهودا شنهاف: مزاوجة التّجمّع لطرح المواطنة والقوميّة مكّنه من تحدّي الصّهيونيّة وحيدًا

وتحدّث بعد ذلك، الأستاذ الدّكتور، يهودا شنهاف، المدرّس في قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة تل أبيب، قال: "لقد قام التجمع خلال سنوات الـ 90 بخطوة كبيرة جدًّا عندما طرح مبدأ "دولة المواطنين"، والذي تحدى به الفكرة الصهيونية، وقد استطاع التجمع أن يخوض هذا التحدي كحركة وحيدة، بسبب الطرح القومي الذي تبناه إلى جانب طرح المواطنة."

وحول موقع الإنسان اليهوديّ من طرح التّجمّع قال: "ولكن، متى أردت أنا بصفتي يهوديّ مؤيّد للتجمّع أن أبحث عن مكانٍ لي فيه، شعرت أن هناك شيئًا ناقصًا في هذا الطرح، وذلك لأن التجمع لا يجيب بشكلٍ حاسمٍ وواضح على الأسئلة المتعلقة بحقوقي كيهوديّ أنتمي إلى جماعة في فلسطين."

وحول ضرورة تطوير طرح التّجمّع ليلائم مرحلته الجديدة، قال: "إذا كان التجمع يسعى حقّا إلى تسوية تاريخيّة بين العرب واليهود في هذه البلاد، فعليه أن يطور طرحه حول هذه المسألة، لأن كل نظرية سياسية يجب أن تتطور وتتقدم من مرحلة إلى أخرى، ولا يوجد للتجمّع خيارٌ مستقبليّ سوى ذلك."

وتابع: "التجمع يمثل حاليّا عرب 48، أي الفلسطينيين في إسرائيل، ويمكن أن يتحول هذا التمثيل نتيجةً لتغييرات مستقبليّة إلى تمثيل لكل من هو في فلسطين، وبالتالي فعليه أن يكون جاهزًا لذلك."

احترام الحقوق القوميّة اليهوديّة، وليس الدّولة اليهوديّة

وأضاف: "إنّ طرح <دولة كلّ المواطنين> فرض نفسه في السّنوات الأخيرة، وفهم على أنّه حلٌّ سياسيّ محتملٌ من بين الحلول السّياسيّة الممكنة، ولكنّه ووجه بالقول في الشّارع الاسرائيليّ، إنّه يسعى إلى خراب دولة إسرائيل."

وتابع: "يجب أن تكون للتجمّع أجوبةٌ على تلك الادّعاءات، وأن يتمّ التأكيد في المرحلة الرّاهنة على أنّ التّجمّع لا يسعى إلى تخريب دولة اليهود، وإنما تغيير المبنى السيادي الصهيوني وتغيير طبيعة النظام.. وانطلاقا من هذا المفهوم، فإن الدعوة إلى تغيير النظام السياسي، يجب أن تترافق مع احترام الحقوق القوميّة اليهودية، وليس الدّولة اليهوديّة."

واختتم شنهاف حديثة بالقول: "أودّ أن أقول على ضوء واقعنا المعاش، إنّ اليسار واليمين في إسرائيل لا يختلفان، هما أمرٌ واحدٌ في حقيقة الأمر، وإنّ طرح "دولتان لشعبين" هو الطّرح نفسه الّذي يتمّ التّرويج له من الجبهة وحتّى ليبيرلمان، مع اختلافٍ في التّفاصيل، لكن هو الشّعار نفسه، والعنوان نفسه.

إنّ خيار "دولتان لشعبين" لم يكن كافيًا لحلّ الصّراع عام 1947، ويجب التّنبّه إلى أنّه عندما يطرح اليوم في عام 2011، فهو يتشابه فقط بالعنوان مع كان عام 1947، أمّا في التّفاصيل والمضمون فهو مختلفٌ تمامًا، وهو أيضًا غير كافٍ ولا مجدٍ لحلّ الصّراع اليوم."

حنين زعبي: قوميّتنا تعتبر تحدّيًّا للصّهيونيّة، وهي ليست معاديةً لليهوديّة بأيّ شكلٍ من الأشكال

أمّا حنين زعبي، عضوة البرلمان عن التّجمّع الوطني الدّيموقراطيّ، فتحدّثت عن البعد القوميّ في طرح التّجمّع، قالت: "يعتبر طرح التجمع الوطني الديموقراطي طرحًا قائمًا على المساواة التامة والحقيقية مدنيًّا وقوميًّا بين العرب واليهود، وينبع البعد القومي لديه من إيمانه بأنه من حقوق الانسان الأساسية تعريف نفسه في إطار جماعة، كما ينبع من واقع التمييز الذي يعاني منه العرب داخل إسرائيل على أساس قوميّ."

وأضافت: "إنّ التمييز يمارس بحق جماعة معيّنة دون غيرها، وبالتالي فإن مقاومة التمييز تكون مضطرة أن تأخذ طابعا قوميا، لا بل والتأكيد والإصرار على بناء الهوية القومية العربية الجديدة، والكفارقة أنه على الرّغم من عدم اعتارف إسرائيل بنا جماعةً قوميّة، إلا أنها تحددنا جماعة عندما تميز ضدنا، لأنه لا يمكن أن تميز ضد جماعة معينة إلا إذا حدّدتها."

ورأت زعبي أنّه لا تعارض بين طرح "دولة كل المواطنين" الذي يتبناه التجمع، مع منطلقاته القومية، وذلك "لأن منطلق التمييز والنضال ضدّ هذا التّمييز حقيقة وجود مجموعة قومية مضطهدة، وأخرى تقوم باضطهادها، ومع كل ما في هذا الطرح من أبعاد قوميّة، إلا أنه اكتفى فقط بالمطالبة بحكم ثقافي ذاتي للعرب لا سيادة، وذلك تعبيرا عن هويتنا القوميّة، ولكن ليس هذا أساس طرح التّجمّع وحسب، وإنّما هناك تأكيد واضح لا لبس فيه على ضرورة إيجاد نظام تحكمه المساواة المدنية والقيم الإنسانية والكونية، كما أن قوميّتنا تعتبر تحدّيًّا للصهيونية، وهي ليست بأي شكلٍ من الأشكال معادية لليهوديّة."

وقالت أيضًا: "إن ما يحدث واقعًا على الأرض، يفرض أن يكون فعل النضال اليومي ذو طابع قومي ظاهر، رغم أن طرحنا هو ليبيرالي قومي، ومن الصعب لدي في الوضع الراهن أن أمارس نضالي دون أن أعرف نفس تعريفا قوميّا، فأنا أجد نفسي مضطرة أن أكون أكثر قومية كلما فرضت علي ظروفٌ تدفعني إلى أن أكون كذلك، بسبب كلّ ما تضعه المؤسسة الصّهيونيّة من تحدّيّات قائمة على أساس قوميّ."

أدبيّات التّجمّع تمنح مدخلًا لخيار الدّولة "ثنائيّة القوميّة" أو "الدّولة الواحدة"

وحول موقف التّجمّع من خيار "ثنائيّة القوميّة" قالت زعبي: "من يبحث في أدبيات التجمع، سيجد أننا نمنح مدخلا أو منفذا نحو خيار الدولة ثنائية القومية أو الدولة الواحدة، رغم أن هذا ليس طرحنا الواضح في برنامجنا؛ كما أن طرحنا يتبنى خيار الدولتين، ولكن ليس معنى ذلك دولتان قوميتان، أو دولتان لشعبين، إنما أن تكون الدولتان دولتان لكل مواطنيهما."

وأضافت: "قد يتساءل البعض هنا قائلا: إن كان طرح التجمع هو طرحٌ قوميّ عربيّ، فما موضعي أنا اليهودي، وما دوري في ظل أو في إطار هذا الطرح؟.. بالنسبة لي، فإنه من البديهي أن يكون كل يهودي يعتبر نفسه ديموقراطيًّا حقيقيًّا مؤيدًا لطرح التجمع، لأنه لا يمكنك أن تكون ديموقراطيا حقيقيًّا دون أن ترى بصفتك يهوديٌّ أنك تتحمل مسؤولية تجاه القومية الأخرى."

واختتمت زعبي حديثها بالقول: "نعم، نحن لم نبين في طرحنا الحقوق الجماعية اليهودية، هذا نقص نعترف به، ولكن عندما نتحدث عن <حكم ذاتي ثقافي> للعرب داخل إسرائيل، فإنه يمكن الاستنتاج أننا نعترف بحقوق اليهود الجماعية، ضمن دولة لكلّ مواطنيها، ولا تعرّف نفسها على  أنّها دولة لليهود فقط."

التعليقات