تحديات المهنة الصحفية: ما بين استقلالية الصحافيين ووطأة ظروف العمل

يتمحور مضمون البحث حول المعطيات والإستنتاجات لحث نوعي مبني على مقابلات شخصية أُجريت مع 31 صحافي وصحافية عربا من الداخل، ويرمي الى الوقوف عند بعض المميزات الأساسية للصحافيين والصحافيات العاملين في حقل الإعلام المحلي والقطري كما العربي والعالمي.

تحديات المهنة الصحفية: ما بين استقلالية الصحافيين ووطأة ظروف العمل

- جانب من الحضور -

عقد مركز إعلام –المركز الإعلامي للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، اول أمس الاحد، ندوة تم من خلالها عرض ومناقشة أبرز نتائج البحث الجديد الذي أصدره المركز مؤخرا حول "تحديات المهنة الصحفية-بين استقلالية الصحافيين ووطأة ظروف العمل" والذي يتمحور حول أبرز التحديات والمعيقات التي تواجه الصحفيين الفلسطينيين في إسرائيل، والعاملين في مختلف وسائل الإعلام.

 

افتتحت الندوة سناء وتد، عضو إدارة مركز إعلام وميسّرة الندوة ، حيث رحبت بالحضور وأكدت على الدور الهام الذي يلعبه"إعلام" في الحيز الإعلامي العربي في البلاد، منوهة إلى ان استنتاجاتها من قراءة البحث تتلخص في أن الإعلام؛ أي إعلام في العالم؛ سيحظى بثقة الجمهور عندما يقوم بدوره كما يجب، وعندما يضع نصب عينيه المصداقية والمهنية.
 
- سناء وتد -
 
بدورها رحبت هيلين كورتلاندر ممثلة عن صندوق "فريدريخ ايبرت" الألماني الداعم للبحث، بالحضور وعبرت عن مدى رضا القائمين على الصندوق من العمل مع مركز إعلام للسنة الثانية على التوالي، مؤكدة على أهمية ما يقوم به المركز من فعاليات تثري الجانب التوعوي والتدريبي والبحثي لدى المجتمع الفلسطيني في البلاد.
 
يتمحور مضمون البحث حول المعطيات والإستنتاجات لحث نوعي مبني على مقابلات شخصية أُجريت مع 31 صحافي وصحافية عربا من الداخل، ويرمي الى الوقوف عند بعض المميزات الأساسية للصحافيين والصحافيات العاملين في حقل الإعلام المحلي والقطري كما العربي والعالمي.
 
وقام معدا البحث أمل جمّال ورنا عوايسة بعرض ملخص لأبرز نتائج البحث وتوصياته، حيث قدم جمّال شرحا مقتضبا حول سيرورة العمل وعملية إحصاء عدد العاملين في حقل الإعلام، كما قدم موجزا لكيفية اختيار عينة البحث ومنهجيته. 
 
- جمّال وعوايسة -
 
واوضح جمال، اننا امام  بحث نوعي مبني على مقابلات شخصية أُجريت مع 31 صحافيا وصحافية عربا، من الداخل، ويرمي الى الوقوف عند بعض المميزات الأساسية للصحافيين والصحافيات العاملين في حقل الإعلام المحلي والقطري، كما العربي والعالمي.
 
ونوه جمّال في حديثه، إلى أن هناك قصور ذاتي لدى الصحافيين ومعظمهم غير واعٍ لدوره، ولا يرون بدورهم دورًا قياديا في المجتمع. كما أن معظم الصحافيين قاموا بتحميل المسؤولية عن الوضع الذي آل إليه الإعلام العربي المحلي إلى أسباب عدة لكن أحدا منهم لم يحمل نفسه المسؤولية.
وأضاف: لا يصف الصحافيون الواقع المهني بشكل كامل، هناك واقع آخر لا يتحدثون عنه. ولا يخفى ان وضع الصحافة قطريا وعالميا ليس في أفضل أحواله، لكن علينا بالمقابل ان نفحص لماذا تتراجع قراءة الصحف العربية المحلية، فيما لا تزال صحف مثل "الجارديان" و "هآرتس" تحظى بنسبة قراءة عالية. يجب العمل من جهة على مهننة الصحافة والصحافيين ومن جهة أخرى على تنشئة أجيال قارئة وناقدة".
 
وإختتم جمّال حديثه بالقول "نطمح بترجمة هذه التحديات الى برنامج عمل في مركز "إعلام" من أجل العمل مع الصحافيين والإرتقاء بالعمل الصحفي وحل الكثير من المشاكل والقضايا العالقة".
 
إنتاج للمعرفة
افتتحت الندوة بمداخلة تغريد يحيى – يونس قالت في مداخاتها: " لا شك في ان البحث مهم جدا حيث انه الأول الذي تعرض لموضوع لم يبحث بعد، ومنهجيته الكيفية التي اعتمدت على المقابلات المعمقة تمنح الإمكانية للوقوف على التناقضات لدى كل شخص مشارك في العينة وداخل العينة ككل ومن المهم ان نعرف كباحثين وقراء ماهية المسؤولية التي نحملها للعاملين في الإعلام، خاصة وأنهم يقدمون منتجا يدخل كل بيت وهو مثار للكثير من النقاشات الجماهيرية. ومن حيث اللغة هناك أهمية خاصة لصدور هذا البحث باللغة العربية، عندما نصدر بحثا فإننا ننتج معرفة فنسأل دائما: من هو جمهور هدفنا ولمن نكتب؟ وان صدور هذا البحث باللغة العربية هو بالغ الأهمية لأنه يزيد من منالية الموضوع للقارئ العربي".
 
إعلامنا المحلي تمتع بحرية أكبر من الجزيرة
الكاتب الصحافي سهيل كيوان(محرر في كل العرب) قال في مداخلته حول أهمية البحث، أنها تكمن في توثيقه لكل ما يدور في فضاء الإعلام شفهيا، منبها في نفس الوقت من عملية جلد الذات كون إعلامنا المحلي وما يمر به من ظروف وخصوصية يستحق كل التحية.
واشار كيوان،الى ان  الإعلام المحلي يتمتع بحرية أكثر من وسائل الإعلام في الدول العربية فعلى سبيل المثال غطت صحيفة "كل العرب" جميع الثورات العربية بمصداقية ونشرنا ما لم تتمكن وسائل إعلام كبيرة وغنية من نشره خصوصا فيما يتعلق بالثورة السورية والبحرينية خلافا للجزيرة والعربية او المنار".
 
- من اليمين: هشام نفاع، وديع عواودة، تغريد يحيى يونس، سهيل كيوان وفاطمة البطش -
 
وتابع: " العامل الاقتصادي لا شك مهم جدا في العمل الإعلامي وفي مستوى المنتج الذي نقدمه لكننا ضعفاء اقتصاديا، نحن ملحق اقتصادي لإسرائيل، فكيف نتحرر مضمونا عندما نكون متعلقين اقتصاديا بطرف آخر، لذا أنا أتفهم مالكي الصحف بسبب محدوديتهم، واعرف أن عنوانا على الصفحة الأولى يمكن أن يؤدي إلى خسارة مئات آلاف الشواقل كما حدث معنا في صحيفة "كل العرب" أثناء الحرب على غزة عندما وضعنا عنوانا على الصفحة الرئيسية لعبد الباري عطوان مشبها الإحتلال الإسرائيلي بالنازية".
 
وأشار كيوان الى الحساسية في التعامل مع القضايا المتعلقة بالدين والطائفية وما يسمى "شرف العائلة" مشيرا الى انه في الكثير من الأحيان أصحاب القضية أنفسهم يرفضون التكلم حول الموضوع.
 
الجمهور العربي يؤمن أكثر بالرواية الشفوية
الصحافية ماجدة البطش، أشارت في بداية حديثها إلى أن الصحافة العاملة في القدس أكثر تعرضا للرقابة العسكرية من الإعلام العامل داخل أراضي 1948، ومن ثم تطرقت إلى العلاقة بين المجتمع العربي والإعلام قائلة: "مجتمعنا لا يزال مجتمعا عشائريا، عندما اكتب عن نتنياهو لن تأت عائلته لتحاسبني بينما يحدث هذا في مجتمعنا، لكن رغم كل الظروف والمعوقات يمكن أن أكون صحافيا محترفا، بالحنكة والمهنية يمكنني اختراق المحظورات، هناك أساليب صحفية كثيرة وعلى الصحافي أن يكون لماحًا وان يجمع المعلومات الأكيدة ويفحصها مليا قبل نشرها، لأنه يمكن أن يقع في فخ مصالح شخصيات معينة دون أن يشعر بذلك".
 
 
وأشارت البطش في معرض حديثها الى أن الجمهور العربي يؤمن أكثر بالرواية الشفوية "كوننا شعب غير قارئ، لذلك نرى أن التلفزيون يحتل مساحة أكبر من الصحف"، معتبرة أن الصحف بشكل عام لا تُحرض كما الفضائيات (ما عدا الصحف الحزبية) مضيفة الى أن الإعلام لوحده ومهما ارتقى لا يستطيع لوحده تغيير المجتمع.
 
وفي سياق المعوقات الأمنية قالت:" نحن نعتبر "عدو" في نظر إسرائيل، لذا فان طرق الموضوع الأمني حساس جدا، والمؤسسة الإسرائيلية تتبع أسلوب التضليل في توفير المعلومات أو التعقيب عليها، وعلى الرغم من ذلك فان المهنية الصحافية لها قواعدها أيضا، فالصحافة في العالم اجمع تنتهج التخصص، فلا يمكن لأي صحفي الكتابة عن القضية النووية مثلا".
 
وإختتمت البطش مداخلتها بضرورة إقامة جسم وحدوي للصحفيين العرب بعيدا عن كل الخلافات الفئوية.
 
ضرورة ذبح البقرات المقدسة
بدوره قال الكاتب والصحافي وديع عواودة،رئيس تحرير "حديث الناس" أن: " البحث يعكس صورة حقيقية لإعلام مأزوم يحتاج إلى الكثير من الإصلاح والعمل من اجل تطابق معايير المنشود مع الموجود. الصحافي اليوم هو جزء من المشكلة وليس جزء من الحل، وهم لا يستطيعون توفير الصورة الكاملة للوضع على الرغم من أنهم العامود الفقري للمجال، إلا أن مالكي الصحف لهم دور أيضا، فالاعتبارات المادية تقيد الإنتاج الصحفي". 
 
وعن دور الإعلام ودور الصحافي شدّد عواودة على ضرورة "ذبح البقرات المقدسة في المجتمع وتحدي الفساد والطائفية والقبلية والتخلف" مضيفا أن "قياداتنا غير متفقة وانشغالاتها تنحصر في قضاياها الشخصية، فلو كان هناك إعلام ناقد يقوم بالتحقيقات اللازمة لما كانوا يجرؤون على العبث بمصيرنا السياسي".
 
وفي سياق المعوقات الاقتصادية قال عواودة: " نتعرض لضغوطات اقتصادية لكننا جزء من المشكلة، علينا أن نواجه المالكين، وان نبني لأنفسنا مجال دخل آخر لا يجعلنا متعلقين بهم اقتصاديا. أما مهنيا فانا أؤكد بان صحافيينا يكتبون ولا يقرأون مما يجعل المحرر ومن ثم مالك الصحيفة يستخف بعملهم" مشددا في نفس الوقت. في ختام مداخلته نوه الى وجود العديد من الصحافيين والمحررين العرب الذي لا يقلون عن صحافيين ومحررين في وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية.
 
على مديري الصحف ومالكيها أن يقرؤوا البحث
المداخلة الأخيرة كانت للصحافي هشام نفاع، محرر في صحيفة "الاتحاد"  الذي إستهل حديثه بالقول: " عندما قرأت البحث شعرت ان هناك حالة نادرة لفهم هذا العالم الصغير. وشعرت بدفء لأن هناك من يهتم أخيرا لأمر الصحافيين".
 
ورفض نفاع  ما جاء في الاقتباسات عن تخوفات لدى الصحافيين، معتبرا أنه من الطبيعي أن يتعرض الصحفي لتهديدات وعنف، ومن غير المهني أن يقول الصحافي انه "يخاف" أو "يخشى"، بل يجب عليه أن يكون مسؤولا في كيفية تعاطيه مع "رزمة التخلف" التي تضم العنف وانفلات السلاح وغيرها من القضايا الاجتماعية".

وتابع نفّاع: " أحيانا اضطر لان أكون الصحافي والمحرر والمدقق اللغوي وحتى المصور، هذا غير طبيعي لكنه واقعنا المهني. وفي سياق الفروق بين الصحافة الحزبية والتجارية فإننا كصحافيين تفرقنا الولاءات، الولاء للحزب أو مالك الصحيفة، من نلوم في هذا الموضوع؟ علينا لوم أنفسنا فقط إذ لم ننجح قط بتشكيل نقابة، ونقابة الصحافيين الإسرائيلية لا تمثلنا – وأقول هذا عن تجربة. يحزنني أن هناك صحافيين مهنيين من الدرجة الأولى اضطروا لترك المهنة بسبب الظروف الاقتصادية وهذه جريمة بحق الإعلام".
 
وفرق نفاع في معرض حديثه ما بين الدين كنص و بين من أسماهم "تجار الدين" مشددا على ضرورة التعامل صحفيا مع كل من يحاول المتاجرة بعقائد الناس.
 
وختم نفاع مداخلته بالقول "هذا البحث قيم جدا ومن المهم أن يصل إلى أيدي مالكي الصحف ومديريها لقراءة النتائج ومناقشتها".
 
 وفي ختام الندوة تم فتح باب الأسئلة أمام الحضور وقام الباحثون والمتحدثون في الندوة بمناقشة الملاحظات والإجابة على الأسئلة.
 

التعليقات