لماذا تراجعت بلدات عربية في نـتائج «البجـروت»؟

نشرت وزارة التربية والتعليم مطلع السنة الدراسية الجديدة النتائج المفصلة لأداء طلاب مختلف التجمعات السكنية في البلاد في امتحانات شهادة الثانوية العامة "البجروت" للعام الدراسي المنصرم 2011. وأشارت المعطيات إلى استمرار التفاوت الكبير في أداء الطلاب، بما يتوافق غالبًا مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة في مدنهم وقراهم، إذ أنّ للعرب الحصة الأكبر في تدني مستوى التعليم ونسبة استحقاق ونيل شهادة البجروت.

لماذا تراجعت بلدات عربية في نـتائج «البجـروت»؟

صورة توضيحية

نشرت وزارة التربية والتعليم مطلع السنة الدراسية الجديدة  النتائج المفصلة لأداء طلاب مختلف التجمعات السكنية في البلاد في امتحانات شهادة الثانوية العامة "البجروت" للعام الدراسي المنصرم 2011. وأشارت المعطيات إلى استمرار التفاوت الكبير في أداء الطلاب،  بما يتوافق غالبًا مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة في مدنهم وقراهم،  إذ أنّ للعرب الحصة الأكبر في تدني مستوى التعليم ونسبة استحقاق ونيل شهادة البجروت.

 

 

 


وبينما تصدرت قرية المغار لائحة التجمعات السكنية العربية في البلاد من حيث استحقاق طلابها لنيل شهادة البغروت لتبلغ نسبة هؤلاء أكثر من %81،  تليها بيت جن والفريديس وكابول واعبلين،  بالمقابل رسبت عدد من المدارس العربية في قاع القائمة،  ومنها كفر قاسم 26.82%،  قلنسوة 35.12%،  وكفر مندا 36.43%،  جسر الزرقاء%37.65،  أبو سنان 36.92%.

أما المدن العربية فتميز طلاب أم الفحم في أدائهم إذ حصل %60 منهم تقريبًا على شهادة البغروت فيما بلغت هذه النسبة %55 في الناصرة،  %43 في شفاعمرو والطيبة و26.82%  فقط في كفر قاسم.

في اعقاب هذه النتائج،  استطلع موقع "عــ48ـرب" بعض الآراء من قبل مسؤولين محليين ومهنيين،  منهم من أوعز الأسباب لعوامل موضوعية ونزع المسؤولية عن الذات، ومنهم من نفى المعطيات وقدّم معطيات مختلفة، ومنهم من وازى بين الذاتي والموضوعي.

قلنسوة: الوضع الاقتصادي الاجتماعي للشرائح الضعيفة يتطلب موارد مالية وبشرية مضاعفة
محمد سلامة، مسؤول قسم المعارف في بلدية قلنسوة، أكّد على تدني مستوى التعليم في مدينته وقال: "إن التركيب الاجتماعي في المدينة هو تركيب معقد بحيث ان 25% من طلاب قلنسوة هم من "المهاجرين" الذين قدموا من خلفيات مختلفة من الجنوب ومن الضفة الغربية، وهذه تعتبر شريحة ضعيفة وتحتاج إلى ميزانيات خاصة ولها احتياجات خاصة، بحيث أنّ معظم الموارد توظف لهذه الشريحة التي تعاني أوضاعًا خاصة، بينما في الوسط اليهودي يوظف ضعف مانتلقاه من موارد، ولديهم اهتمام اكبر بالشرائح الضعيفة، وبالتالي هناك وضع اقتصادي اجتماعي يلقي بظلاله على النتائج المتوخاة".

ويضيف: "من أجل النهوض بالمشاريع التعليمية نحتاج إلى موارد خاصة لرفع مستوى هذه الشريحة لأن مواردنا شحيحة والبلدية تعاني من عجز كبير، واعتقد أيضا ان الانتماء للبلد ومستوى الوعي الاجتماعي يشكلان أيضًا عوامل هامة لدعم التعليم".

"من جهة أخرى" يقول المسؤول القلنسوي "الجميع على دراية تامة بأنّ مثل هذه الوضعية تحتاج إلى كوادر وطواقم تدريسية مهنية من حيث اختيار المدراء والمعلمين والمستشارين تعيد الرسالة الى نصابها الصحيح، وبالتالي علينا ان نعلن حالة استنفار قصوى من اجل انقاذ التعليم في المدينة وقد أعددنا بدورنا خططًا للنهوض، وعقدنا سلسلة اجتماعات مع المسؤولين في الوزارات المختصة، ونسعى للضغط لتوفير الميزانيات اللازمة والكوادر المهنية والمؤهلة لخوض التحديات، علما أن هناك اشكالية في البحث عن معلمين مؤهلين لمواضيع اللغة الانجليزية والرياضيات والفيزياء، وأشير ان رغم كل القصور من الوزارات ألا ان العامل الذاتي ودورنا نحن يبقى هو الأساس والمقرّر".

قسم معارف أبو سنان والمدرسة الثانوية: لم نتراجع، معطيات الوزارة غير دقيقةف
ي أبو سنان يشكّك المسؤولون في قسم المعارف في مجلس أبوسنان المحلي وادارة المدرسة الشاملة بدقة المعطيات التي نشرتها الوزارة عن نتائج تحصيل البجروت في القرية، وشدّدوا على أن المعطيات التالية هي التي تعكس الواقع الحقيقي لنتائج البجروت للعام الدراسي 2010-2011:
• عدد مواليد سنة 1993: (مواليد الفوج) – 274 مولودًا.
• عدد الذين درسوا حتى الصف الثاني عشر في قرية أبوسنان، في مدرسة أبوسنان الثانوية ومدرسة أبوسنان التكنولوجية هو 202 طالب.
•  عدد الطلاب الذين أنهوا الصف الثاني عشر في مدرسة أبوسنان الثانوية 156 طالب.
•  عدد الطلاب الذين استحقوا شهادة البجروت في مدرسة أبوسنان الثانوية لوحدها: 83 طالب، بحيث تكون نسبتهم 53.2%.
ونوّه المسؤولون إلى أنّ عدد المتقدمين لامتحانات البجروت من خريجي هذا الفوج 120 طالب, بحيث تم استيعاب باقي الطلاب في المدرسة في أطر خاصة بهدف منع تسربهم من المدرسة، وأنّ هذه النتائج تدل على ارتفاع ملحوظ في عدد المستحقين مقارنة بالسنوات الدراسية السابقة.

صرصور:الادعاء بالغش من قبل المراقبين كان سبب هذا التدني في مدرستنا..
عمر صرصور، مسؤول قسم المعارف في بلدية كفر قاسم، قال في توضيحه حول المعطيات ل"فصل المقال": "اكتفي بالقول إنّ مراقبي الامتحانات في مدرستنا كانوا هم سبب هذا التدني بنسبة الحاصلين على استحقاقات شهادة البجروت، عندما ادعوا أنّ هناك عمليات غش قام بها الطلاب، رغم أنّه عُرِف عنا دائمًا حرصنا للحفاظ على نزاهة الامتحانات"، وأضاف: "لقد توجهنا للمحاكم واللجان المعنية في الكنيست نطالبهم بنزع تهمة الغش عن طلابنا وإعادة علامات الطلاب كما صدرت أساسًا"، وتابع: "نحن من جهتنا سنزودكم بالنتائج الحقيقية لاحقا".

أبو عصبة: دراسة الواقع التربوي المحلي بعمق هو من مهمات الحكم المحلي الأولية
أ.د. خالد ابو عصبة، وبعد أن أشار إلى أنّ هناك بلدات ارتفع فيها مستوى التحصيل مقابل التدني في عدد منها، قال: يدلل هذا على أنه يوجد إلى جانب الأسباب العامة أسباب خاصة بكل بلدة وبلدة وهذه المعطيات تحتاج الى قراءة مستفيضة لواقع التعليم العربي بشكل عام وما هي الخصوصيات محليًا، بحيث أن الإشكاليات العامة في التعليم العربي معروفة وقمنا بدراسات كثيرة حول ذلك،  فمنها الميزانيات والموارد والمناخ الاجتماعي العام والخاص وكذلك المؤهلات والكوادر المهنية".

وأضاف أبو عصبة: "باعتقادي يتطلب الأمر قراءة ومسحًا من رياض الاطفال حتى الثانوية لدراسة الواقع المحلي في كل بلدة والوقوف على المشاكل والعوائق والاستثمار الجدي في جهاز التعليم،  وهذا من مهمات الحكم المحلي وعلى السلطات المحلية أن تأخذ دورها رغم الخلل البنيوي القائم فيها. على الاهتمام بالتعليم أن لا يقتصر على الدعاية الانتخابية كضريبة كلام يتبين لاحقًا أن لا رصيد لها في الواقع، كذلك يجب أن يترجم اعتبار التعليم أولوية قولا وفعلا، وان العامل الذاتي هنا هو الأهم في حال توفرت الرؤية الصحيحة، مدعمة بالمسؤولية والصدق والدراية بما نفعل وليس فيما نقول، إذ علينا ان ننتقل إلى ساحة العمل والمبادرة  وألا نتعامل بردود الفعل".

التعليقات