شفاعمرو: حي قائم قبل قيام الدولة مهدد بالاقتلاع

علي حجيرات بعد هدم منزله والذي ورثه عن أجداده قبل قيام الدولة يؤكد أن البيت قائم منذ عهد الأتراك وبمحاذاته قائمة مقبرة العائلة التي نجت من التجريف..

شفاعمرو: حي قائم قبل قيام الدولة مهدد بالاقتلاع

حي "مقبل" يقع في منطقة الكسارات شرق مدينة شفاعمرو، ويضم عشرات المنازل، منها ما بني حديثا، ومنها ما هو قائم قبل قيام الدولة. ويؤكد بعض ساكنيه أنهم يقيمون في الحي المذكور، وورثوا المكان أبا عن جد منذ عهد الأتراك، ويؤكدون في نفس الوقت أنهم يئنون تحت وطأة الغرامات الباهظة التي أنهكتهم وتستنزف قواهم المعيشية، ناهيك عن الشعور بالتهديد وعدم الاستقرار والإعياء والإقامة المؤقتة التي تنتظر الاقتلاع، لاسيما وأن هناك عشرات الإخطارات بالهدم بذريعة البناء غير المرخص ومزاعم "السيطرة على أراضي الدولة".

ويؤكد علي حجيرات بعد هدم منزله، فجر يوم الأحد، والذي ورثه عن أجداده قبل قيام الدولة، أن البيت قائم منذ عهد الأتراك وبمحاذاته قائمة مقبرة العائلة التي نجت من التجريف.

وعن عملية الهدم، يقول: "استيقظنا فجر ليل الهدم مذهولين على هدير الجرافات التي تحميها الشرطة المعززة دون سابق إنذار بحيث تم تجريف البيت وتسويته بالأرض، إضافة إلى تجريف مساحة 15 دونما من أشجار الحمضيات واللوزيات والزيتون المزروع منذ أكثر من 80 عاما وتحويلها إلى خراب".

وهنا تتدخل زوجة حجيرات، أم محمد، فتقول إن "الوقاحة والحقد على العرب بدا من خلال استفزازهم وتصرفاتهم غير الإنسانية، وهم يحاولون أكل الثمار عن الأشجار التي جرفوها نكاية واستفزازا لنا امام الاطفال".

ويتابع حجيرات أنه "عندما وصل بعض الشباب لنجدتنا، حصلت مواجهات بيننا وبين موظفو حماية الطبيعة، واعتدوا مع قوات الشرطة علينا بالهروات والغاز المسيل للدموع، واحتجزوا ثلاثة شبان من الجيران إلى حين استكمال الهدم. وليس هذا فحسب بل أصدروا لنا أمرا بإخلاء البيت الذي نسكنه، ومنحونا مهلة حتى نهاية الشهر الجاري حزيران/ يونيو. ولا ندري ماذا سيكون مصيرنا، وحول ماذا يمكن أن يفعل".

ويضيف: "لن نترك المكان. سنفترش الأرض ونلتحف السماء. نحن باقون هنا، ولا مكان آخر ولا بديل لنا عن المكان. نحن لسنا هواة مشاكل ولا مخالفة القانون، بل إن المخالف هو من يمارس العنصرية، ويدعي بأننا نقيم على أرض الدولة إلى جانب التضييق المقصود على العرب، وعدم توسيع المسطحات وإقرار خرائط هيكلية مما يدفع الكثيرين إلى البناء بدون تراخيص، ليوفروا أبسط حق بمأوى لأبنائهم".

وقال أيضا إنه لا يعقل أن يعرض حي بأكمله للهدم وللزوال، وترك الناس في العراء، مشيرا إلى أن هناك قرابة 45 منزلا مهددا بالإخلاء والهدم.

ويضيف: "هذه المشكلة هي مشكلة عنصرية ضد كل العرب، وعلى المسؤولين التعامل معها كذلك، ولا يعقل أنهم بعد أن صادروا كل الأراضي ولم يتبق لنا أي مكان لسكن أبنائنا أن يهدموا آخر ما تبقى، ويمنعوا أبناءنا من أبسط حق إنساني. وهذا التصرف والحقد الظالم هو فقط ضد العرب".

ودعا حجيرات الى المشاركة في المظاهرة الاحتجاجية يوم السبت على المفرق الشرقي لشفاعمرو.

وأنهى حجيرات حديثه بالقول إنهم يطالبون العرب بالخدمة العسكرية والمدنية من أجل الحقوق، وهذه فرية وكذبة كبرى، وبالتالي فإن التطوع والخدمة مرفوضان رفضا تاما، وأنهم في كل الحالات لم ولن يتعاملوا معنا كمواطنين بل كأعداء.

من جهته أكد أنور حجيرات أيضا على المعاناة والكوابيس من الشعور بعدم الاستقرار والتهديد المتواصل بالاخلاء الذي يواجهونه. وقال: "نحن نسكن هنا من قبل العام 1948. والبيت قائم على ارض بملكية، ومسجل في دائرة تسجيل الأراضي (الطابو)، وفي أواسط الثمانينيات وبسبب التزايد الطبيعي أقمنا بيوتا لأولادنا، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نعاني من الملاحقة والغرامات المنهكة التي وصلت مبلغ 130 ألف شيكل. وكل سنتين يتم تجديدها. وبما أنني أتقاضى مبلغ زهيد كضمان دخل من مؤسسة التأمين ولا أتمكن من تسديد الغرامات، تتم محاكمتي بالسجن أو بالعمل في خدمة الجمهور".

ووجه حجيرات لومه وغضبه أيضا على المسؤولين في البلديات المتعاقبة في بلدية الشفاعمرو، وذلك لتقصيرها في العمل من أجل توسيع المسطح، وإقرار الخرائط الهيكلية، وضم الحي ليتسنى إصدار التراخيص إلا "أنها كانت جميعها وعودات تبين لنا بعد الفحص بالبلدية أن الرؤساء السابقين لم يطرقوا مشكلتنا".

سعيد حجيرات هو أيضا صاحب منزل مهدد بالهدم. استعرض نفس المعاناة وقال: "البلدية تطالبنا بدفع الضرائب، في حين أن كل ما يقومون به هو جمع النفايات ولا أي خدمة أخرى نتلقاها، فنحن من شق الطرق، وهي أصلا غير معبدة، ونحن من مد شبكة الكهرباء والهواتف. فكيف نحن نكون مطالبين بدفع الضرائب والاستحقاقات للبلدية، بينما لا نشعر أننا مواطنون في مشاكل السكن".

علي مقبل يؤكد من جهته على عراقة وقدم الحي منذ عهد الأتراك. وقال: منذ تلك الفترة ونحن ثابتون بالمكان، حيث أقاموا كسارة بمحاذاة الحي على 120 دونما من أراضي العائلة، مستغلين بساطتهم ومقايضة أرض الكسارة بآبار مياه لري المواشي، وفيما بعد لم نتمكن من إحضار المستندات الثبوتية لتاكيد ملكيتنا لأرض الكسارة".

ويتساءل في هذا السياق: "كيف تم ترخيص هذه الكسارة التي لوثت البيئة والمنطقة، ولم يمنحونا تراخيص للسكن على أراضينا وهي مسجلة  في الطابو، ونقيم عليها منذ أكثر من مئة عام".

ويضيف: "اليوم لدينا أبناء وأحفاد ونحتاج للتوسع، وليس فقط ترخيص المنازل القائمة وإبعاد شبح الهدم والتهديد. وهنا يطرح السؤال الأكبر: إلى أين يذهب أبناؤنا؟ وبالتالي أقول على المسؤولين العرب والبلدية أن يتحركوا لأنها مشكلة وأزمة عامة خانقة".

وأكد حجيرات أن رئيس البلدية الحالي وعد بطرح ومتابعة القضية، ويضيف أنه حان الوقت لوضع حد لهذه المعاناة وهذا الكابوس الذي يعانيه أهالي الحي ومثله الآلاف بالبلدات العربية.

التعليقات