"التجنيد الصامت" يغزو المجتمع العربي عن طريق السلطات المحلية

التجنيد الصامت "للخدمة المدنية" يدخل إلى المجتمع العربي من خلال السلطات المحلية والمدارس والمركز الجماهيرية وصناديق المرضى وغيرها؛ الإغراء هو منح حقوق وكأنها امتيازات!

بغية الالتفاف على الحراك المناهض لمشاريع "الخدمة المدنية"، يلاحظ في الفترة الأخيرة الشروع في تنفيذ مشاريع تجنيد صامت. ومع بدء العام الدراسي الجديد، في شهر أيلول الجاري، تم توسيع تفعيل مشاريع وفعاليات التطوع في المدارس، خاصة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وكذلك في الروضات، النوادي، المراكز الجماهيرية، وحتى تقديم خدمات للجيل الذهبي عن طريق نوادي المسنين، وصناديق المرضى. وكل ذلك يتم تحت مسمى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والسكان في المجتمع العربي.

وعلم موقع "عرب 48" أن هذا "التجنيد الصامت" يغزو جميع البلدات العربية في المثلث عن طريق جميع المجالس والبلديات وبعلم ودراية رؤساء السلطات المحلية، الذين يغضون الطرف عن تفاعل ونشاط مشاريع "الخدمة المدنية"، وذلك مقابل الحصول على ميزانيات إضافية من الوزارات الحكومية المختلفة.

ويعي بعض الرؤساء جيدا أن مشاريع التطوع والخدمات المجتمعية التي يتم تفعيلها، هي بالأساس مشروع "الخدمة المدنية" لكنه مبطن ويروج له بسرية. فهناك الكثير من المشاريع التي تم تفعيلها في المجالس العربية بدءا من الروضات وجيل الطفولة المبكرة والمدارس بمختلف المراحل.

وفي هذا السياق، شرعت المؤسسة الإسرائيلية ومنذ مطلع العام الدراسي الحالي، في تنفيذ مشروع التجنيد "للخدمة المدنية" في جميع البلدات العربية، من خلال الصفوف الدنيا وجيل الطفولة المبكرة، وتم البدء في توظيف مساعدة ثالثة - بحسب ما أعلنت عنه وزارة التعليم للحضانات والروضات والبساتين والتعليم الخاص، على أن تكون هذه الموظفة متطوعة ومجندة في إطار "الخدمية المدنية".

وبحسب ما أعلنت عنه وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، فقد تم تنفيذ مخطط "الخدمة المدنية" في جهاز التعليم العربي، وبموجب ذلك تم منذ مطلع العام الدراسي الحالي، إدراج طالبات في المعاهد الأكاديمية وكليات إعداد المعلمين للتطوع والخدمة في المدارس.

وضمن مشروع الخدمة المدنية، ألحقت المدارس الابتدائية والإعدادية في كل قرية ومدينة عربيه بعشرات الطالبات من الكليات للعمل والتطوع في المدارس ومنهن من يقمن بتدريس الطلاب والأطفال في الصفوف الأولى بحال تغيب المعلم أو المعلمة.

وعدا عن الامتيازات التي تحصل عليها المتطوعة أو المجندة كمن خدمت في مشروع "الخدمة المدنية"، يتم احتساب معاشها من قبل وزارة المعارف أو أي وزارة حكومية معنية وذات صلة وذلك بالتنسيق مع السلطة المحلية التي استفادت أيضا بزيادة وتوسيع سقف الملكات والتوظيفات.

ويلاحظ وجود تفاوت بين البلدات من حيث تسارع تنفيذ المشروع في المؤسسات التربوية والفعاليات اللامنهجية في المراكز الجماهيرية، إلا أن بعض القرى تتجهز لتوسيع نطاق التطوع وتوسيع دائرة التجنيد ليس فقط لمن أنهى الدراسة الثانوية، بل للشباب وحتى النساء والجيل الذهبي وتفعيل برامج للمتقاعدين من مختلف الأجيال.

*مشاريع التجنيد عبر غطاء التطوع في خدمات الرفاه*

إلى ذلك، تقوم وزارة الرفاه الاجتماعي في تفعيل حوالي 114 وحدة تطوع في السلطات المحلية في البلاد وبضمنها في البلدات العربية، ومعظم هذه الوحدات تنشط في أقسام الخدمات الاجتماعية، من خلال تجنيد وتصنيف وتفعيل المتطوعين، وذلك بحسب توصيات وإرشادات الوزارة المبادرة إلى برامج ومشاريع التطوع، وتقديم خدمات للجيل الذهبي عن طريق نوادي المسنين، وصناديق المرضى، حيث ينفذ كل ذلك تحت مسمى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والسكان في المجتمع العربي.

وتشير إحصائيات صادرة عن وزارة الرفاه إلى أنه يتم من خلال هذه الوحدات تنشيط وتفعيل أكثر من 40 ألف شخص بصورة مباشرة في جميع أرجاء البلاد، ونسبة عالية منهم في القرى والمدن العربية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تفعيل أكثر من 100  ألف متطوع آخر بواسطة الجمعيات والمنظمات من خلال ربطهم بنشاطات السلطة المحلية.

وبحسب المعلومات المتوفرة، يتم أيضا تفعيل مشاريع تطوع تخصص للطلاب والطالبات الجامعيات مقابل الحصول على المنح الدراسية، ويتم ذلك عن طريق صناديق تابعة للحركة الصهيونية وبتمويل بعض السفارات الأجنبية في تل ابيب وأبرزها السفارة الأميركية.

ويتم الإشراف على إدارة وحدات التطوع في كل سلطة وبلدية من خلال مدراء التطوع ومركزي التطوع في أقسام الرفاه الاجتماعي في السلطات المحلية العربية أيضا، والتي أضحى فيها طاقم الموظفين رهينة لمشروع "الخدمة المدنية" رغما عنهم وخلافا لإرادتهم، إذ يتم استغلال الوظيفة وتفرض عليهم إملاءات مبطنة لتوسيع مشاريع الخدمة المدنية، تحت مسمى وظيفي تشخيص الاحتياجات في أوساط الأفراد والمجتمع العربي، بما في ذلك أُطر بإشراف الوزارة والمبادرة إلى برامج ومشاريع تلبي هذه الاحتياجات من خلال تجنيد وتصنيف وتفعيل المتطوعين.

ويتم الترويج للخدمة المدينة تحت غطاء التطوع المجتمعي والنهوض في المجتمع، وانخرطت في غضون الأشهر الماضية مئات الفتيات من قرى ومدن المثلث في هذه الأطر الناشطة في مجالات مختلفة، مع التركيز على أن الأهداف هي مساعدة المحتاجين وتحسين جودة حياة المواطنين في المجتمع العربي، بيد أن الجوهر الأساسي هو تنفيذ وتكريس مشروع التجنيد "للخدمة المدنية".

ومن خلال تلقي خدمات الرفاه الاجتماعي، تعمل مراكز التطوع على التجنيد، حيث يتم التسجيل وتعبئة النماذج وطلب للمتطوع الذي يتم لاحقا دعوته لمقابلة شخصية لفحص قدراته وملاءمته لأي مجال وظيفي وخدماتي سيتم إدراجه وتفعيله، وضمن الإغراءات، وعدا عن المخصصات المالية التي تدفع شهريا للمتطوع والتي قد تصل إلى 2000 شيكل.
 
ويتم تأهيل المجند أو المجندة من خلال دورات تأهيلية وتعليمية مجانية لمختلف المجالات والقطاعات الخدماتية، إلى جانب توفير طواقم مهنية تتخصص في الإرشاد والمرافقة للمتطوعين والمتطوعات الذين يتم تجنيدهم . 

*أسباب مبدئية لرفض "الخدمة المدنية"*

هناك أسباب مبدئية عديدة أقرتها لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينية في الداخل في سياق قرارها مناهضة "الخدمة المدنية"، وبين أهم هذه الأسباب ما يلي:

أولا: أن الحقوق ليس مقرونة بالواجبات.

ثانيا: "الخدمة المدني" هي مقدمة للخدمة العسكرية، وخصوصية الأقلية الفلسطينية لا تسمح بالانخراط في الجيش الإسرائيلي خاصة وأنه جيش احتلال. والهدف من "الخدمة المدنية" هو كسر الحاجز المعنوي والنفسي لدى من يؤدي "الخدمة المدنية" وبين المؤسسة الحاكمة، وخاصة المؤسسة العسكرية، تمهيدا لتجنيدهم للجيش.

ثالثا: "الخدمة المدنية" تستخدم كأداة لمنح حقوق، التي تسمى "امتيازات"، وحرمان من لا يؤديها أو يرفض أداءها من هذه الحقوق، الواجب على الدولة منحها لكل مواطن.

رابعا: الترويج لأفكار صهيونية في صفوف من يؤدون "الخدمة المدنية" من الشبان والشابات العرب، سعيا إلى محو الوعي الوطني العربي.

خامسا: "الخدمة المدنية" لن تعود بأية فائدة على العرب كمجتمع وكأقلية قومية، وإهمال السلطات المتزايد للقرى العربية الدرزية لهو أوضح دليل على عدم فائدة أي نوع من من هذه الخدمة.
    

التعليقات