هل اخترقت داعش الداخل الفلسطيني؟

القوى السياسية في الداخل تدين تهويل الإعلام الإسرائيلي وتجمع على أن الحديث ليس عن ظاهرة وإنما عن حالات فردية وأعداد ضئيلة جدا لا تتجاوز بضع عشرات

هل اخترقت داعش الداخل الفلسطيني؟

 تزايد عدد الشباب من عرب الداخل الملتحقين بصفوف تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق وسوريا"، وآخرها الحديث عن توجه شبان من يافة الناصرة ومنهم محمد كيلاني وحمزة مغامسة ومحمد كنانة إلى تركيا، ومن هناك إلى الحدود السورية، الأسبوع الماضي، ليصبح عدد الملتحقين بداعش من عرب الداخل، بحسب التقديرات، إلى أكثر من 30 شخصا.

وفي ظل ذلك، شنت وسائل إعلام عبرية وقوى يمينية حملة تحريض مصحوبة بموجة تهويل وتضخيم مستغلة حالات فردية لصبغ عرب الداخل بالإرهاب. وفي أعقاب ذلك عبرت قيادات عرب الداخل عن إدانتها للشباب المنزلق، واستنكارها وإدانتها لحملة التهويل والتحريض العنصرية، مؤكدة أن الحديث ليس عن ظاهرة، وإنما عن عدد ضئيل جدا لا يتجاوز الأفراد.

وقال رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي واصل طه: "قبل أن نتحدث عن هؤلاء الشباب علينا بداية أن نندد وندين تعامل وسائل الإعلام العبرية وجهات يمينية إسرائيلية من استغلال أحداث فردية للتحريض على العرب، وصبغهم بنزعة الإرهاب، وتناول المسألة وكأنها ظاهرة ملازمة ومتجذرة، علما أنهم جميعا يعلمون أن الحديث عن أفراد، وقد يكونون مندفعين بسذاجة أو لأسباب لا نعرفها، وهم لايمثلون أي جهة، وليس لديهم انتماءات سياسية، وبعضهم لم يثبت تورطهم بالدليل القاطع".

وأضاف أن "الحديث وكأنها ظاهرة هي محاولة مغرضة للنيل من صورتنا، ومكانتنا في النضال السلمي والمشروع. ونحن نستنكر هذا التحريض المغرض الرسمي وغير الرسمي، وننظر بعين الخطورة للأمر لأن هذا يؤلب رأي الشارع الإسرائيلي على المواطنين العرب، كما في حملات التحريض السابقة".

وقال النائب السابق واصل طه: "مع ذلك، يجب أن يعوا حقيقة أن داعش هي من صنيعة امريكا ودول غربية وشرق أوسطية، ويمولون هذا التنظيم، ولها أجندات جهنمية لتحقيق مصالح ومشاريع سياسية تستهدفنا جميعا، وبالتالي جميعنا مستهدفون، ويجب أن نوعّي شبابنا ونحن كقيادات عربية سنعمل على ذلك لحماية شبابنا من مغبة الانزلاق إلى مهاو لاتحمد عقباها".

أما أيمن عودة سكرتير الجبهة الديمقراطية فقد أكد على أن انزلاق بعض الشباب لا يشكل ظاهرة، بل إن الحديث عن بضع عشرات قليلة. وقال: إن هناك عددا ضئيلا من البائسين يلتحقون بتنظيم داعش، وليس كما تحاول جهات إسرائيلية تضخيمه، لكن من واجبنا نحن، كقيادات وكمجتمع، أن نطلق صرخة جماعية ضد الظاهرة الداعشية".

وأضاف عودة "توجهنا في لجنة المتابعة لإصدار بيان استنكار وتوضيح لمن أراد أن يلصق بنا هذه الوصمة بسبب نفر تاهت طرقه". وأضاف: "أنا أستغرب من الفلسطيني الذي يرى أن النضال في سوريا أو العراق بدلا من فلسطين ضد الاحتلال وليس بالطريقة الداعشية ضد الشعوب والأفراد. كيف يمكن لفلسطيني ذلك، وهو صاحب القضية الأولى والأولى بالنضال المشروع من أجل أجلاء الاحتلال؟".

وتابع عودة: "بالنسبة للمؤسسة الإسرائيلية الحاكمة فهي تعرف تماما أن الجماهير العربية في الداخل اتخذت موقفا إستراتيجيا واضحا من النضال السلمي الشرعي من أجل حقوقها، وتقيدت بهذا النهج وبهذه الأشكال من النضال، لكن المؤسسة الحاكمة تستغل أي حدث فردي لتهويله لتنقض علينا ولتأليب الرأي العام في الشارع اليهودي ضد المواطنين العرب، وهذا نابع من النهج والفكر الصهيوني الذي يرى أن العرب خطر مما يسهل عليها تجييش الرأي العام في أسرائيل ضد العرب".

واستعرض أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة حيفا، نهاد علي، بدوره بإيجاز العوامل المجتمعية والشخصية لاندفاع الشباب نحو هذا السلوك. وقال: أولا علينا التأكيد، أمام التضخيم والتهويل، أنه ليس هناك ظاهرة، لأن الظاهرة هي الشيء المتكرر وفي ظرف متشابهة، وهنا الحديث يدور عن عدد قليل قد يلتقي التشابه فيما بينها مع بعض النزوع الديني لأنه لو كان الدافع الديني هو السبب لانضموا إلى حماس أو الجهاد الإسلامي، لكن أعتقد أن الأسباب غالبا ما تكون مدفوعة بالإحباط والانكسارات الداخلية للفرد الناتجة عما نسميه بثقافة الفراغ والشعور بالاغتراب والبحث عن معنى، ويكون في هذه الحالة وهميا فيخطئ الطريق، لكن لا نستطيع اعتبار انضمام هؤلاء الشبان لداعش بأن هذا يميز مبنانا الاجتماعي أو الثقافي بل إن هناك أزمات مجتمعية وسياسية واقتصادية أيضا يعيشها المواطن العربي، بالإضافة إلى أن هناك أيضا معطيات شخصية قد تسبب هذا السلوك لبعض الشباب.

وقال أستاذ العلوم الاجتماعية: "على سبيل المثال فإن بعض من يدرسون خارج البلاد قد يعانون حالة من الاغتراب أو يعانون بعض الفراغ، مما يجعلهم لقمة سائغة لاستقطابهم لصفوف هذه التنظيمات، وهناك أيضا بعض الشباب يبحث عما نسميه البطولة المتخيلة في سعيهم لتحقيق "ملحميات" شخصية، متمثلين برموز أحيانا وهمية خصوصا أن شبابنا لم يخض معارك الجيش والحروب، وهذا يأتي غالبا إثر انكسارات نتيجة لفشل في حياتهم الشخصية وإحباطات".

وحول عوامل أخرى قال إن هناك أيضا تراخيا مقصودا للسلطات الإسرائيلية وأجهزة الأمن هي أيضا سبب لاستسهال الشباب مغادرة البلاد والالتحاق بهذه التنظيمات، فلو توجه هؤلاء الشباب إلى حماس أو الجهاد، على سبيل المثال، لكان التعامل مع الحالة سيتم بشكل مختلف ومغاير كليا، وهناك تجارب سابقة عديدة وجميعها عوامل وأسباب قد تزيد مثل هذه الأعداد ويجب التنبه للأمر.

التعليقات