محاولات لإزالة قبور ومصادرة أجزاء من مقبرة القسام في بلد الشيخ

تتعرض مقبرة الشيخ عز الدين القسّام في بلدة الشيخ، قضاء حيفا، لهجمة شرسة تهدّد جزءًا كبيرًا من المقبرة، وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المقبرة لمحاولات طمس وتشويه، فسابقًا، تعرّضت المقبرة للعديد من الهجمات من قبل جماعات "دمغة ثمن" الصهيونية

محاولات لإزالة قبور ومصادرة أجزاء من مقبرة القسام في بلد الشيخ

 تتعرض مقبرة الشيخ عز الدين القسّام في قرية بلد الشيخ المهجرة، قضاء حيفا، لهجمة شرسة تهدّد جزءًا كبيرًا من المقبرة.وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المقبرة لمحاولات طمس وتشويه، فقد تعرّضت المقبرة في الماضي للعديد من الهجمات من قبل جماعات "دمغة الثمن" الصهيونية، لكن الهجمة الحالية تنفّذ على يد شركة خاصة، وبدعم كامل من قبل الحكومة وبلدية نيشير، التي تقع أراضي المقبرة تحت إشرافها.

وتشكّل مقبرة الشيخ عز الدين القسّام، معلماً إسلامياً ووطنياً لرمزيتها وتاريخ الشهيد الشيخ القسّام، ومكانها الواقع على أراضي قرية بلدة الشيخ المهجّرة، والتي أقيمت مدينة نيشر على أنقاضها. وقد اشترت شركة إسرائيلية خاصة قسائم أرض مجاورة للمقبرة، من سلطة التطوير التي حصلت على قسيمة الأرض من القيّم على أموال الغائبين.

واستأجرت شركة "كيرور أحزاكوت" الإسرائيلية، بحسب مستندات اطلع عليها "عرب ٤٨"، القسيمة في العام ١٩٦١ لمدة ٩٩ عاماً، مما يعني أن العقد ينتهي في العام ٢٠٦٠ وقابل للتجديد. وقرّرت الشركة، مؤخرا، استغلال القسيمة لبناء مخازن خاصة في الأرض. وتبين بعد الفحص أن هذه القسيمة تشكّل جزء من مقبرة القسّام، وتشمل ما يزيد عن ٣٠ قبراً تابعا للمقبرة وقرية بلد الشيخ وتشكّل امتداد للمقبرة الإسلامية.
وقدّمت الشركة دعوى قضائية جاء فيها أنها تطلب من المحكمة إصدار أمر يمنع أي عملية دفن في المقبرة. وجاء في أحد بنود الدعوى القضائية أن الشركة تطلب من المحكمة الإذن بإزالة القبور من القسيمة التي تنوي إقامة مشروع عليها، أي ما يعني فتح القبور وإزالتها من المقبرة لتقوم الشركة ببناء مشروعها.
وقال محامي وقف الإستقلال، وعضو لجنة الأمناء على الوقف، خالد دغش، لـ"عرب ٤٨"، إن "هذه الدعوى التي قدّمت هي محاولة لاستباق أي رد فعل سنقوم به في المستقبل ضد إزالة جزء من مقبرة القسّام".
وتابع دغش: "لا تقوم سلطة التطوير ببيع أملاك اللاجئين التي تحصل عليها من القيّم على أملاك اللاجئين بشكل مباشر، بل تقوم بعمليات تأجير لفترة طويلة جداً، وبعدها يتم التجديد أو البيع. والحديث لا يدور عن كامل المقبرة، بل عن جزء منها وهو يحوي قرابة الثلاثين قبراً تريد الشركة إزالتهم وبناء مشروع مخازن على أراضي المقبرة والوقف،  وكلا الجهتين، القيّم على أملاك الغائبين وسلطة التطوير، هي جهات إسرائيلية تحاول العبث بالمقدّسات وأملاك اللاجئين".
وأضاف: "لنا الأولية في إدارة أملاك اللاجئين وأملاك الوقف ومقدساتنا على المؤسسات الإسرائيلية، وحربنا الحالية للحفاظ على مقبرة القسّام هي حرب على شيئ لا يمكن تعويضه، ونستند إلى الفتوى التي تقول إنه ممنوع علينا قبول التعويض، حتى في حال مصادرة وقف معين فاستعمال التعويض ممنوع ولا نقبل به".
 
أما عضو لجنة أمناء وقف الإستقلال، ومسؤول الحركة الإسلامية في حيفا، الشيخ فؤاد أبو قمير، فقال لـ"عرب ٤٨": "هنالك ادعاء أنه أبرمت صفقة على مساحة كبيرة من مقبرة الشيخ عز الدين القسّام، وكانت هنالك العديد من المحاولات لانتهاك حرمة المقبرة من خلال بلدية نيشير بحجة إقامة شوارع وتوسيعها ممّا اضطر المسلمين في حيفا والقرى المجاورة لاتخاذ بعض التدابير والوقوف بحزم ضد تنفيذ أي من المشاريع التي ذكرت سابقا وتمثّل انتهاكاً صارخاً ضد مقدّساتنا وبحق الأموات في هذه المقبرة التاريخية والمس بشكل مباشر بالأحياء، والحمدلله قد لاقينا تجاوباً من قبل الجميع إسلاماً ومسيحيين حيث مثلّوا جسداً واحداً دفاعا عن هذه المقبرة مما استدعى منا الإقامة والإعتصام ضد شق هذا الشارع لفترة استمرت قرابة تسعة أشهر حتى توصلنا إلى اتفاق بأن يتم بناء جسر يمر فوق المقبرة".
وتابع أبو قمير: "في معركتنا السابقة مع بلدية نيشر ضد إقامة شارع على أرض المقبرة ونبش قبورها التحم حولنا العديد من الشخصيات من كافة الفئات كالشيخ رائد صلاح وكان له باع طويل في مساعدتنا، وقاضي المحكمة ورئيس محكمة الإستئناف حينها القاضي أحمد ناطور وأعضاء الكنيست العرب عامة. وهذا كان جزء من معركة سابقة خضناها للدفاع عن هذه المقبرة ونتوقع وقفة مماثلة وأكبر منها للدفاع عن مقدساتنا التي تعاني كغيرها من القضايا الكثيرة في فلسطين".
وعن المعركة الحالية، قال أبو قمير، إن "‪هنالك نية مبيتة من قبل بعض الشركات لإقامة مشروع على أرض مقبرة القسّام، وهو عبارة عن مخازن من عدة طوابق على ما يقارب ١٠ دونمات من الجهة الشمالية لأرض المقبرة. وبعد فحص المقبرة تبين أنها مليئة بالقبور التي أقيمت قديماً، فقدمت هذه الشركة دعوى قضائية ضد بعض الجهات التي تعنى بالدفاع عن المقبرة من أجل إقامة وتنفيذ المشروع".
وتابع أبو قمير: "لا نستبعد أن تقوم هذه الشركة بعد الحصول على إذن، بإزالة القبور ونبشها بحجة أنها تقف بوجه المشروع. والنظر إلى هذه المقبرة هو من البعد الإنساني والأخلاقي والديني والوطني، فهي تشكّل رمزاً وشاهداً على تاريخنا".
واختتم أبو قمير حديثه لـ"عرب ٤٨" بقوله إن "هذه المقبرة تشكّل تاريخ وحضارة حيفا، وهي من أهم معالم هذه المدينة والشاهد على تاريخ بلد الشيخ، وحيفا والشهيد عز الدين القسّام، وسنتصدّى لأي مشروع يضر بها بأي ثمن".


 

التعليقات