هل إسرائيل دولة فاشية؟

توجّه إسرائيل، على المستويين السياسي والشعبي، نحو اليمين بات واضحا منذ بداية العقد الماضي. وفي أعقاب عودة حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو إلى الحكم، في العام 2009، صعدت معه وتحت جناحه إلى الحكم، قوى ذات نهج سياسي فاشي

هل إسرائيل دولة فاشية؟

توجّه إسرائيل، على المستويين السياسي والشعبي، نحو اليمين بات واضحا منذ بداية العقد الماضي. وفي أعقاب عودة حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو إلى الحكم، في العام 2009، صعدت معه وتحت جناحه إلى الحكم، قوى ذات نهج سياسي فاشي.

وفي السنوات الأخيرة، أخذت هذه القوى تطرح قوانين موغلة في العنصرية والعداء للديمقراطية. وتصاعدت هذه الممارسات والتصريحات مؤخرا، في أعقاب الهبة في القدس، وذلك بدءا من تشجيع وزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهرونوفيتش، على الإعدام الميداني للمشتبهين بتنفيذ العمليات في القدس، ومرورا بدعم قيادات إسرائيل لأفراد الشرطة الذي نفذوا جريمة قتل الشهيد خير الدين حمدان، واستمراراً بـ'قانون القومية'، وانتهاء بالخطة التي تقدّم بها رئيس لجنة الكنيست اليوم الأربعاء، ياريف ليفين، لقمع الاحتجاجات في القدس.

ومع هذا الانحدار في العنصرية والمعاداة للديمقراطية أصبح نعت إسرائيل بالدولة الفاشية، يسمع كثيراً في العديد من المحافل، في البرلمان وأوساط السياسيين والأكاديميين.

والتقى 'عرب 48' عددا من الأكاديميين والسياسيين، للحديث عن ما إذا كان نعت إسرائيل بالدولة الفاشية يفي بالغرض ويعبر عن حالها، وهل تستوفي إسرائيل فعلاً، ظروف الدولة الفاشية، وهل تتوجه لأن تصبح دولة فاشية؟

جمال زحالقة: الحالة الكولونيالية الاستعمارية هي أصعب من الفاشية

قال النائب ورئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية، د. جمال زحالقة لـ”عرب ٤٨” إن “الحديث عن إسرائيل كدولة فاشية يخطئ الهدف. إسرائيل هي حالة كولونيالية استعمارية ونظامها هو نظام توأم لنظام الأبرتهايد العنصري، ولا ننفي وجود مظاهر فاشية فيها'.

وتابع: “الحالة الكولونيالية الاستعمارية هي أصعب من الفاشية. والادعاء أن اسرائيل دولة فاشية يسهل النقاش الذي تحاول اسرائيل تفاديه، ألا وهو التركيز على كونها منظومة كولونيالية استعمارية، فهي تريد أن يكون النقاش حول ما إذا كانت فاشية أم لا، ولا تريد أن يكون النقاش حولها كونها كولونيالية'.

وعن ديمقراطية اسرائيل، قال زحالقة: “في إسرائيل ما يسمى ديمقراطية المستوطنين، على نسق نظام الابرتهايد في جنوب أفريقيا، وحتى أن الحال في إسرائيل مركّب أكثر، فقسم من الشعب الفلسطيني له الحق في التصويت ولكنهم محرومون من حقوقهم الطبيعية، أمّا بقية الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وغزة، فيتحكم النظام الإسرائيلي بهم وبمصيرهم، ممّا ينتج نظاما مركّبا'.

أمّا إذا كان المجتمع الاسرائيلي فاشي، أم يتجه شيئا فشيئا نحو الفاشية، قال زحالقة، إن “مظاهر الفاشية في المجتمع الاسرائيلي في ازدياد، بالإضافة إلى مظاهر العنصرية ونفسية الكراهية والتفوق على الآخر في المجتمع الاسرائيلي، ما يسمى العنصرية الكولونيالية وليس أمور أخرى'.

وعن العنصرية الدينية في المجتمع الاسرائيلي، قال زحالقة، إن “عنصرية الكيرين كييمت، المتمثلة في سلب الأراضي وتهجير الأهالي، أخطر بكثير من عنصرية الحاخامات في صفد. إضافة لذلك، فالعلمانيون هم الذين أقاموا هذا النظام الكولونيالي'.

أمنون راز: إسرائيل ليست مهتمة بأن تكون أو تبدو دولة ديمقراطية

أما البروفيسور أمنون راز، فقال لـ”عرب ٤٨”، إن “مصطلح الفاشية، ليس المصطلح الصحيح لوصف اسرائيل، ودولة عنصرية ودولة نظام ابرتهايد والعديد من المصطلحات الاخرى، من الممكن أن تفي بالغرض أكثر من مصطلح فاشية'.

وأضاف: “ما يحصل اليوم، هو أن الدولة لم تعد تخفي كونها دولة الشعب اليهودي فقط، بالإضافة إلى أنها لم تعد تظهر أي اهتمام بأن تكون أو تبدو كدولة ديمقراطية'.

وتطرّق راز إلى 'قانون القومية” وقال إن “ما يحصل في هذا القانون هو أن القيادة الاسرائيلية لم تعد تخفي بأن الدولة عبارة عن أداة سلب للحقوق القومية للشعب الفلسطيني، وتبدو إسرائيل اليوم أخطر من أي وقت مضى لكونها لا تشعر بالأمان في هذه الفترة'.

وعن ديمقراطية إسرائيل، قال راز، إن “إسرائيل ليست دولة ديمقراطية بشكل قاطع، هي دولة إثنوقراطية، فاليهود يحتكرون كافة الحقوق التي من المفروض أن تتوفر للجميع. والوضع الذي نعيشه اليوم يعد أصعب من نظام فاشي، وفي حال السؤال عما إذا كانت إسرائيل تتحوّل إلى دولة فاشية، أنا أفضل أن يكون السؤال هل من الممكن أن لا تكون إسرائيل دولة فاشية؟'.

وأضاف: “أن تقول عن إسرائيل دولة ديمقراطية هذه ليست أكثر من نكتة، وفي وقت سابق حاولت إسرائيل أن تظهر كديمقراطية، اليوم لا تريد حتى الظهور بهذه الصفة، وأن لا تكون لك حقوق بتاتاً يبقى أفضل من أن يدّعون بأن لك حقوق لا تحصل عليها كما يحصل مع الشعب الفلسطيني'.

وعما إذا كان المجتمع الاسرائيلي يتجه نحو الفاشية، قال راز، إن “المجتمع الإسرائيلي، أصبح فاشياً، والسؤال كيف من الممكن أن نخرجه من وحل العنصرية المطلقة التي أصبح يحيا بها”.

وأضاف: “الخوف هو السبب الرئيس لهذه العنصرية التي يغرق فيها المجتمع الإسرائيلي، بالإضافة إلى الفكر الصهيوني الذي يحمل العنصرية في داخله، وانعدام الأفق السياسي. والتحريض المستمر من قبل القيادة السياسية والعنف المستشري، كل هذه الأسباب سوياً تؤكد على هذه الفاشية التي غرق فيها المجتمع الإسرائيلي”.

أنطوان شلحت: إسرائيل تسير نحو الفاشية بوتائر سريعة

أما الباحث أنطوان شلحت، فقال لـ”عرب ٤٨”، إنه “ليس من المبالغة القول إن اسرائيل تسير نحو الفاشية بوتائر سريعة منذ عودة بنيامين نتانياهو إلى سدة الحكم سنة ٢٠٠٩. فالعنصرية ومعاداة الليبرالية تتمثل في مجموعة ما يُسمى 'قوانين قومية' وآخرها القانون الذي يعرّف إسرائيل بأنها دولة قومية للشعب اليهودي بصيغه المتعدّدة، وقبله “قانون المواطنة” على سبيل المثال وليس الحصر، وتشكيل حركة فوقية لليمين الإسرائيلية هي حركة 'إم ترتسو' (إذا أردتم)، وإقامة 'مؤسسات قومية' جديدة مثل “معهد الإستراتيجيا الصهيونية” الذي يضم زعماء المستوطنين وكبار الوزراء الإسرائيليين”.

وأضاف:”هناك أيضاً ما يحدث في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي يشترك الكثيرون من صحافييها في الحملة اليمينية ضد العرب والليبراليين اليهود، مثلما حدث قبل عدة أعوام لدى ملاحقة المسؤولين عن (الصندوق الجديد لإسرائيل) الذي يموّل جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني'.

وتابع شلحت، أنه “في الوقت عينه هناك أدوات ليست ظاهرة للعيان وتجري بلورتها على ما يبدو في الخفاء، وهي أدوات أمنية. ولتوضيح جوهر هذه المسألة لا بُد من أن أستعيد جانباً من الجدل الذي جرى ويجري بين أكاديميين إسرائيليين منذ سنة 2010 حول طبيعة النظام الناشئ في إسرائيل، في ضوء الهجمة الممأسسة على المواطنين العرب، ومشاريع القوانين العنصرية التي تتغطى بـ'المصلحة القومية'.

وتطرّق شلحت إلى بعض الأكاديميين الإسرائيليين، وقال: “من بين هؤلاء الأكاديميين عضو الكنيست السابقة وعميدة 'مدرسة الحكم والمجتمع' في الكلية الأكاديمية تل أبيب- يافا، البروفسور نعومي حزان، التي أكدت سنة 2010 أن بالإمكان القول بكل تأكيد بأنه توجد في إسرائيل توجهات فاشية مقلقة، والتعبير المركزي عنها يتمثل أكثر شيء بعدم وجود جدل عام مفتوح وإنما عكس ذلك، إذ إن هناك قوى تعمل طول الوقت على تقليصه، وتدفع نحو الحديث عمن هو وطني أكثر ومن هو وطني أقل. وينعدم أي جدل حول المضامين والأفكار وإنما فقط حول الولاء والإخلاص لإسرائيل. وأضافت حزان في تصريحها: “الدولة تمر بتغيير جوهري، ولا أحد ينتبه إلى ذلك. فحملة انتخابية يكون شعارها 'لا مواطنة من دون ولاء' (حملة حزب أفيغدور ليبرمان إسرائيل بيتنا' خلال انتخابات 2009) هي حملة عنصرية، وعندما تمر حملة كهذه بهدوء نصل بسهولة إلى سن قوانين عنصرية... وعندما تتدهور الأمور لن يتمكن أحد من وقفها، في البداية تمت مهاجمة العرب، ولأنني لست عربية سكتّ. بعد ذلك هاجموا ناشطي حقوق الإنسان، ولأنني لست كذلك سكت!. وبعد ذلك هاجموا الأكاديميين... وهكذا دواليك. في نهاية المطاف ستصل التهجمات إلينا جميعاً، لكن الوقت سيكون متأخراً، ولن يتمكن أحد من النهوض والتحدث ورفع صوته من أجلنا وهذه هي الفاشية بالضبط”.

وتابع شلحت: “تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن المجتمع اليهودي في إسرائيل ضد السلام والديمقراطية والتنوّر عموماً، وأكثر ميلاً نحو التطرف القومي، وتبني المواقف العنصرية، وتأييد التمييز بين اليهود والعرب، ومحاربة حرية التعبير، وملاحقة ليس كل من يحمل فكراً فحسب وإنما أيضاً مجرد رأي تُشتم منه رائحة ليبرالية”.

واختتم شلحت حديثه بالقول: “حتى لو لم يتماش ما تقوم به إسرائيل مع 'معايير الفاشية' فإن ما تفعله لا يقل وحشية عما فعلته الأنظمة الفاشية”.

 

التعليقات