أهالي وادي النسناس يرفضون عيد الأعياد: هذا تعايش زائف

قدّم أهالي الحي، في هذا العام، عريضة وقّع عليها قرابة ال 150 شخصاً وقدّموها لبيت الكرمة يحتجّون من خلالها على تنظيم "عيد الأعياد"، ويعتبرونه تمييزاً أكثر ممّا هو رمز للتعايش في المدينة، بالإضافة إلى الضرر الاقتصادي والاجتماعي الذي يلحقه

أهالي وادي النسناس يرفضون عيد الأعياد: هذا تعايش زائف

تزداد معاناة الأهالي في الحي العربي، وادي النسناس، في مدينة حيفا، مع اقتراب موعد تنظيم 'عيد الأعياد' الذي تقيمه بلدية حيفا وبمشاركة 'المركز العربي اليهودي في المدينة- بيت الكرمة'، كرمز للتعايش غير الموجود والزائف فعلياً في المدينة.

وقدّم أهالي الحي، في هذا العام، عريضة وقّع عليها قرابة ال 150 شخصاً وقدّموها لبيت الكرمة يحتجّون من خلالها على تنظيم 'عيد الأعياد'، ويعتبرونه تمييزاً أكثر ممّا هو رمز للتعايش في المدينة، بالإضافة إلى الضرر الاقتصادي والاجتماعي الذي يلحقه هذا المهرجان بالأهالي.

وتقيم بلدية حيفا ومركز الكرمة عيد الأعياد، في الحي منذ 21 عاماً على التوالي، ويأتي الزوار اليهود أساساً من كافة البلدان إلى الحي ليأكلوا الحمص والفلافل ويتجوّلون في الحي. وما يجمع عليه أهالي الحي تقريباً، هو مقولة أن 'التعايش'، لا يتحقق في أسبوعين يتوافدون خلالهم لتذوق الأكل العربي والسياحة، فما يعانيه الحي بشكل عام قبل عيد الأعياد وبعد عيد الأعياد أكبر من أن تختزله البلدية بفعاليات كهذه تهدف أساساً لتبييض صورتها أمام العالم وتصويرها كأنها مدينة التعايش.

وفي حال التجوّل في الحي في هذه الأيام، نلحظ الاستياء الواضح على الأهالي، فالبلدية تضع الحواجز على مداخل ومخارج الحي، بالإضافة إلى النشاطات التي لا تحصل في الحي إلّا مع اقتراب إقامة النشاط، بالإضافة إلى حظر دخول السيارات إلى الحي.

حليم حدّاد: من حقّنا، بعد 21 عاماً أن نقيّم هذا التعايش الذي يدّعونه

وفي حديث مع الناشط الاجتماعي في الحي، حليم حدّاد، قال إن 'بيت الكرمة عقد اجتماعاً منذ أيام قبيل انطلاق الفعاليات للاستماع إلى شكاوى السكّان، ولم يحضر الاجتماع سوى المنظّمين وبعض المستفيدين، ويشكل عدم حضور الناس موقفا من هذا النشاط المقام في الحي'.

وأضاف: 'من حقّنا، بعد 21 عاماً أن نقيّم هذا التعايش الذي يدّعونه، وأين هو هذا التعايش من حي وادي النسناس المهمل؟'.

وتطرّق حدّاد، إلى موضوع استغلال البلدية لنشاط عيد الأعياد، وقال إن 'البلدية تستعملنا نحن كورقة التين التي تغطّي بها عيوبها، وأنا أعلم أن البلدية تحصل على تمويل ألماني على هذا النشاط، إذا فهو لا يعود بالفائدة إلّأ على البلدية، وعلى صورتها أمام العالم كمدينة للتعايش'.

واستذكر حدّاد عندما طلبت بلدية حيفا استضافة البابا، وقال إن 'البلدية حينها عرضت فيلماً عن مدينة حيفا، مدته 20 دقيقة، لم تعرض خلالها كلّها سوى 4 صور عن العرب في مدينة حيفا، صورة لمرأة عربية تخبز طابون، صورة لفنان عربي يعزف على العود لجمهور يهوديّ، صورة لمسلمين ومسيحيين يؤدون صلاتهم، بالإضافة إلى صورة للكشاف الكاثوليكي يرفع علم الطائفة وعلم إسرائيل'.

وتابع متسائلاً: 'هذا هو ما يمثّل العرب في هذه المدينة فقط؟'.

حليم حداد: يغيّرون طريقة حياة الأهالي، ويعتدون على حياتي الشخصية

وعن تأثير عيد الأعياد على على الحياة في وادي النسناس، قال حدّاد: 'يقومون بتغيير طابع الحياة كاملاً في الحي من ناحية المضمون، بهدف إرضاء اليهود الوافدين إلى الحي. يغيّرون طريقة حياة الأهالي، ويعتدون على حياتي الشخصية، وادي النسناس هو حي سكاني وليس منطقة سياحية، وهذا ما تتغاضى عنه بلدية حيفا غير مكترثة لراحة السكان'.

وأضاف: 'إذا كانت البلدية تريد فعلاً تطوير الحي، وإذا كانت فعلاً تريد مصلحة المقيمين فيه كما تدّعي بأن المصالح في الحي تنتعش بسبب عيد الأعياد، فلماذا لا تسمح لنا بإقامة الأكشاك التجارية طيلة العام، ولماذا لا تخفّض الضريبة وتسمح للناس بأن تتطوّر'.

وعلى الرغم من ادعاء البلدية بأن عيد الأعياد يعود بالفائدة الاقتصادية على أصحاب المحال التجارية، إلّا أن هذا ليس سارياً على جميع المحال التجارية، فالمستفيدون من عيد الأعياد هذا هم أصحاب المطاعم فقط، أمّا الباقون فهم متضرّرون اقتصادياً.

عثمان زعبي: عيد الأعياد يضر بي من الجانب الاقتصادي

وهذا ما يؤكده عثمان زعبي، صاحب بقالة لبيع المواد التموينية في سوق وادي النسناس. وقال لـ'عــ48ـرب' إن 'ما أبيعه في متجري هو مواد تموينية ثقيلة، ومع إغلاق مداخل ومخارج وادي النسنان لا يستطيع المستهلك الوصول، بالإضافة إلى أن الوافدين العرب يتجنبون القدوم إلى الواد في عيد الأعياد. في المجمل نعم عيد الأعياد يضر بي من الجانب الاقتصادي'.

وأضاف: 'لماذا علينا أن نستقبل ومنذ 21 عاماً عيد الأعياد في وادي النسناس؟ إذا كان فعلاً تعايشا كما يدّعون، فلماذا لا يتوزع الحمل على اليهود أيضاً؟ لماذا لا يقيمون فعاليات للتعايش في الأحياء اليهودية؟ نشعر وكأننا تحف يأتي اليهود للنظر إلينا. هذا ليس تعايشا، هذا عبارة عن جعلنا أدوات لسياحة اليهود'.

وتابع: 'هم المستفيدون من عيد الأعياد، الأهالي تتذمّر من التفتيش المستمر مع كل دخول وخروج للحي الذي يقطنونه، ولو أرادوا فعلاً مساعدة أهالي الواد، لماذا لا يخفّفون الضرائب الطائلة التي ندفعها؟ بلدية حيفا تسهّل على التجار وأصحاب المحال التجارية في شارع يافا والميناء، ومن جانب آخر ترفع الضرائب على أصحاب المحال في وادي النسناس، وهذا قتل لواد النسناس وليس تطويرا'..

وتطرّق زعبي لحالة الحي، وقال إن 'البلدية تهمّشنا طيلة العام، وتأتي قبيل عيد الأعياد لتنظيف الشوارع وترتيب الحي، وهذه عنصرية لا تعايش، أم أن تنظيف الحي يأتي فقط من أجل اليهود الزائرين'.

د. خالد فوراني: نشعر كأننا في 'سافاري' ويأتون بهدف الفرجة علينا على مدار أكثر من عشرين عاما

أمّا أحد المبادرين في العريضة، الدكتور خالد فوراني، فقال: 'إذا كان الهدف فعلاً هو تسويق التعايش، فلماذا يكون فقط في وادي النسناس؟ يجب أن يتوزع عبء عيد الأعياد على الجميع، فلماذا لا يقومون بمثل هذه النشاطات في الأحياء ذات الأغلبية اليهودية أيضا؟'.

وأضاف أن 'وادي النسناس يعاني من الإهمال على مختلف الأصعدة، فالمساحة الخضراء منعدمة فيه، والنظافة تحظى بهذه العناية الفائقة فقط حين قدوم عيد الأعياد. ألا يحق لنا أن ننعم بهذه النظافة والترتيب والصيانة طيلة العام أم أن أهالي الحي لا يستحقونها؟ لماذا يجددون خط مرور المشاة فقط قبل عيد الأعياد؟ لماذا لا يبقى الاهتمام بسلامة السكان أيضا طوال السنة؟'.

وتابع: 'نشعر كأننا في سافاري، ويأتون بهدف الفرجة علينا على مدار أكثر من عشرين عاما بينما تبقى بيوت كثيرة خاوية ومحلات تجارية خاملة لانعدام مشاريع للازدهار في الحي ولأهل الحي. من المفروض أن تكون هنا رسالة جميلة بل أخلاقية، أين هذه التعددية التي يدّعونها ونحن نرى الحي في هكذا إهمال وتهميش؟ أرأيت مثلا حال الأدراج المحيطة بالحي؟ بالإضافة إلى عدم وضوح إن كان الحي مهيأ في حال وقعت حالة طوارئ صحية في أعقاب الاكتظاظ خلال أيام عيد الأعياد، أو حالة وفاة أو مشكلة ما من الممكن أن تحصل في الحي أثناء عيد الأعياد'.

واختتم حديثه بالقول: 'كيف يكون هذا مشروع تعايش وهو يقتصر على حي واحد فقط طيلة 21 عاما بدلا من تناوبه في الأحياء المختلفة في حيفا؟ مقومات هذا المشروع ليست التقنية فقط بل القانونية والأخلاقية بحاجة لمراجعة جذرية من قبل أصحاب الشأن'.

التعليقات