تحد اقتصادي عربي لمواجهة الفقر أمام حكومة الكوارث

بعد أقل من أسبوع من إصدار مؤسسة التأمين الوطني لإحصائيات

تحد اقتصادي عربي لمواجهة الفقر أمام حكومة الكوارث

بعد أقل من أسبوع من إصدار مؤسسة التأمين الوطني لإحصائيات تقول أن مليون وستمئة وخمسين ألف إسرائيلي يعيشون تحت خط الفقر في عام 2013، أصدرت جمعية 'لتت' تقريرا خاصا بها، يدعي أن حوالي مليون إسرائيلي إضافي، ثلث الدولة، يعيشون تحت خط الفقر. وفي ظل اتساع الفجوة بين المجتمعين العربي واليهودي على المستوى الاقتصادي بسبب التمييز ضد العمال والأسر العربية، من حيث الأجور والفصل على خلفية قومية، والكثير من الأسباب الأخرى يتساءل المواطن العربي ومع إقتراب انتخابات الكنيست، ما هو الأهم، الدفاع والأمن أم الأمن الاقتصادي والاجتماعي؟.

في هذا التقرير نسلط الضوء على إدارة العائلة العربية للشأن الاقتصادي في ظل التحديات التي تواجهها، كذلك إلتقينا في 'عرب 48' المحاضر والمستشار  الاقتصادي د. نايف خالدي من شفاعمرو والذي قال: 'نحن على عتبة انتخابات رابعة خلال ثماني سنوات، لا يعقل أن نعيش في دولة لا يوجد بها استقرار سياسي وأمني، وبما أنه لا يوجد استقرار للوزارات فهذا يتسبب بعدم تنفيذ القرارات التي تُتخذ لسد الفجوة بين الطرفين، وقد تكلفت إسرائيل في الحرب الأخيرة أكثر من ثلاثين مليارد شيقل، وتم تكديس أموال لتطوير الجنوب، بالإضافة لتقليصات على مستوى مخصصات الأطفال، وهنا أحمل نفسي والمواطن مسؤولية كبيرة فنحن من ينتخب الحكومة، فإما نختار حكومة تكدس الأموال لأجل الحروب وبناء المستوطنات وإما أن نختار حكومة لأجل التقليل من نسبة الفقر التي تسود المجتمع الإسرائيلي، هذا هو التحدي بالأساس، نحن نتحمل المسؤولية، لهذا يجب أن ننتخب الحكومة بحكمة'.

'معطيات التقرير البديل لمؤسسة 'لتت' حول الفقر أكثر مصداقية'

وحول الإحصائيات المتباينة التي وردت في تقرير الفقر للتأمين الوطني ومؤسسة 'لتت' ذكر د. خالدي: 'تقرير الفقر البديل أشار إلى أن تقرير التأمين الوطني استند على معطيات من سنة 2013، بينما التقرير البديل استند على معطيات للستة أشهر الأخيرة ويعني هو حديث أكثر، كذلك تقرير التأمين الوطني استند على دخل الفرد، أما التقرير البديل فقد استند على كيفية توزيع أموال الدخل، الفرق الثالث الذي يمنح التقرير البديل مصداقية أكثر فقد تم إجراء بحث شمل 700 عائلة، ومن خلال هذا البحث تم التدقيق في كيفية توزيع الميزانية، بينما تقرير التأمين الوطني استند على أرقام محوسبة، وللأسف تم استثناء العائلات العربية وكذلك المواطنين العرب البدو في النقب من تقارير الفقر، ولم يتم تسجيل الأطفال، تقرير التأمين الوطني كان أكثر محوسب، والتقرير البديل كان ميداني، لهذا نجد بأن نتائج التأمين الوطني التأمين الوطني تشير إلى وجود مليون ونصف مليون فقيرا، بينما التقرير البديل يشير إلى وجود 2.5 مليون فقيرا، عدا عن النتائج التي تشير إلى أن ثلث الأولاد في إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر، بينما التأمين الوطني يتحدث عن 18% فقط، من هنا فإن نتائج التقرير البديل أكثر مصداقية'.

توجد علاقة بين التحصل الأكاديمي ورفع نسبة الفقر

ويشكك المستشار الاقتصادي خالدي في المعطيات التي تشير إلى انخفاض نسبة الفقر، وقال: 'على الصعيد الرسمي يوجد انخفاض في نسبة الفقر، لكن على أرض الواقع المعطيات تختلف جدا من خلال الأبحاث الميدانية، فلا تزال الفجوة تتسع بين الطبقتين الغنية والفقيرة بسبب السياسات الحكومية التي تعمل على عدم جسر هذه الفجوة بين الطبقتين الغنية الفقيرة، ولكن أن تكون حكومة كل سنتين وتعين وزراء جدد، وهذه الحكومات والوزارات تسمى 'كل من ايده اله' لهذا نجد بأن هذه الإستراتيجايت، القرارات، والمشاريع لسد الفجوة بين الطبقتين تذهب هدرا وتبقى في سبات عميق، إذا أردنا سد الفجوة بين اليهود والعرب، يجب أن نتطرق إلى مسألة التحصيل العلمي لدى المواطن، معروف بأنه في إسرائيل من لديه تحصيل علمي ما يعادل عشر سنوات، فإن مستوى دخله يعادل نصف الذي يمتلك تحصيل علمي لمدة ستة عشر عاما وما فوق، يعني دخل العائلة اليهودية أعلى من دخل العربية بنسبة 40%'.

العلم والثقافة لسد الفجوات الاقتصادية بين المجتمعين

وتابع: 'إحصائية أخرى تؤكد أهمية العلم والثقافة لسد الفجوات بين الطرفين، وهي أن معدل سنوات التعليم لدى الأكاديمي العربي هي 10 سنوات، بينما الأكاديمي اليهودي 14 سنة، بما أن الفرق بين الدخلين هو 40% فهذا يدل على أن كل سنة تعليم إضافية تعادل سد الفجوات بـ 10%، صحيح أن الحكومة لم تقم بواجبها كما يجب لكن أعتقد بأن المواطن يجب أن يقوم بواجبه بأن ينهل من العلم ويكون لديه تحصيل علمي، وأن يبحث عن المواضيع التي يجد لها عملا، وليس كما نرى بأن 16 ألف إنسان عربي أكاديي عاطل عن العمل، هنالك الكثير من الهدر للأموال، فلو قمنا بعملية حسابية لتكلفة الأموال لهؤلاء الأكاديميين العاطلين عن العمل لوصلت إلى ما يقارب 2 مليار و400 مليون شيقل وهذه الأموال ذهبت لوزارة الثقافة، كأجر للتعليم للجامعات والكليات ومصاريف يومية من خلال سكن وسفر، وفي نهاية الأمر لم تأت هذه المصاريف ثمارها بالمردود الإيجابي على الأكاديمي، فيجب أن يكون توجيه دراسي لهؤلاء الطلاب، بل أن يُعوضوا بهذه الأموال، وأن تكون سياسة جديدة مغايرة لما تتبع حاليا في الكليات وخاصة كليات تأهيل المعلمين في البلاد'.

دولة يسودها التمييز حتى في أجور العمال

وأوضح د. خالدي بأن هناك 'العديد من المهن المطلوبة في البلاد مثل أن ينقل 9000 نجار محترف، نتحدث عن المهنية الحرفية، أنا لا أقول حتى أكون غني يجب ان أمتلك شهادة علمية فبالأمس كان تقرير بنتائج مفاجئة والتي تشير إلى أن 84 % من أصحاب المصالح يفضلون صاحب الخبرة على صاحب اللقب الأكاديمي، نحن بحاجة للقب الأكاديمي حتى يكون لدينا الأساس، ولكن اذا لم يكن لدينا الخبرة والمعرفة فإن نهاية المطاف ستكون في سوق البطالة وليس في سوق العمل، ومع الأسف نجد بأنه في ظل دولة يسودها التمييز والعنصرية حتى في مرافق العمل وأجور العمال، نجد بأن أكثر وزارة تطالب بالمساواة بالأجور هي وزارة الصناعة والتجارة، ولكنها أكثر وزارة يسودها التمييز العنصري من ناحية استخدام العمال والموظفين العرب'.

الدولة تتعامل برومانسية مع العنصرية ضد العمال العرب

وحول دور المواطن في القضاء على الفقر في البلاد، قال: 'هناك دور للحكومة وهناك دور للمواطن، على الحكومة أن تنتهج إستراتيجيات جديدة لتخفيض نسبة الفقر ومن أجل تشغيل المواطنين العرب، كذلك تطوير البنى التحتية والمناطق الصناعية، إذا كانت إستراتجيات لإزالة هذه النواقص حتما سيكون نهضة تطويرية في المجتمع العربي، هذه الحكومة المسؤولة بشكل مباشر والتي لم تعاقب رئيس سلطة محلية يهودية يفصل عمالا عربا لكونهم عربا، بل يتم محاسبته بشكل رومانسي لكونها دولة عنصرية وليست دستورية ضاعفت من التمييز ضد العرب، فنجد لافتات على مطاعم ومحلات تجارية كُتب عليها 'لا نشغل عربا'.

بناء 120.000 وحدة سكنية للقضاء على الفقر

ويقترح كذلك د. نايف خالدي لحل مشكلة البطالة كإستراتيجية للقضاء على الفقر قائلا: 'من خلال موضوع الإسكان ممكن تشغيل كم هائل من قطاع العمالة العاطلة عن العمل، عندها سيرتفع مستوى الدخل لدى الفرد، بحسب الإحصاءات الأخيرة فإن إسرائيل ينقصها 120.000 وحدة سكنية وفي حالة تم بنائها فإن نسبة البطالة ستنخفض ومستوى الدخل سيرتفع وبهذا سيتقلص الفقر، وهنا يأتي قرار المواطن إما يختار حكومة تكدس أموالها للحروب وبناء المستوطنات أو الاهتمام ببناء مجتمع يحتضن مواطنيه ويضمن كرامتهم'.

تحديات اقتصادية تواجه العائلة العربية

وعن كيفية تدبير العائلة العربية أمورها الاقتصادية في ظل كل هذه التحديات يقول: 'تتحمل العائلة العربية أعباء كثيرة من حيث الالتزمات الملقاة عليها، فمن جانب هي تسعى لتوفير لقمة العيش والحياة الكريمة لأفرادها، ومن ناحية أخرى هي تعاني من تحديات اقتصادية كأية عائلة في البلاد، وأضف إلى ذلك كونها عائلة عربية تتعرض للتميز والعنصرية في مكان العمل ومن حيث الأجور وفرص العمل والميزانيات وتوفير أماكن عمل، فأعتقد بأن تقارير الفقر التي تصدر لا تشمل بعمق وضع العائلات العربية'.

وأضاف: 'تحاول اليوم النساء إيجاد فرص عمل لتساهم في الدعم الإقتصادي للعائلة، وبالطبع عمل الزوجين يساعد أمام التحديات، لكن قضاء الأزواج في العمل خارج البيت لتوفير لقمة عيش وتجاهل الحياة الاجتماعية وتربية الأبناء يتسبب بأزمة اجتماعية كذلك لأبنائنا، نحن نريد التوازن من حيث العمل والبيت، وتقسيم الأدوار بين المرأة والرجل الذين يعملان، ومن جانب آخر نريد فرص عمل، كذلك نبحث عن كيفية تطوير العائلة العربية اقتصاديا، العائلة العربية تعيش في صراع دائم بسبب الأوضاع الإقتصادية'.

تأثير ظاهرة استئجار البيوت على الوضع الاقتصادي للعائلة

ويتطرق خالدي إلى الضائقة السكنية وتأثيرها على الوضع الاقتصادي على الشباب، وقال: 'راتب الشاب العربي تقريبا خمسة آلاف شيقل، ولا تخفى علينا مشكلة الضائقة السكنية، فهو من جانب يريد أن يستأجر بيتا والذي تصل تكلفته لقرابة 2000 شيقل، ومن جانب آخر يريد أن يدفع تكاليف ومصاريف مياه وكهرباء، بهذا يكون معاشه قد صُرف وقد يضطر لأن يحصل على قروض بنكية كي يتمكن من الحفاظ على حياة مستقرة نوعا ما، مع التنازل عن أمور كثيرة تحتاجها العائلة، فالأب الذي لديه طلاب جامعيين ويريد أن يزوج إبنه في ظل التبذير في الأعراس قد يصل لحد اليأس ويتعرض لحالة نفسية سيئة تتسبب له بأمراض كثيرة'.

الحد من الإسراف في الأعراس وظواهر اجتماعية مزيفة

وأضاف: 'بهذا علينا كعائلات عربية أن نساند بعضنا البعض من خلال التنازل عن الكثير من الواجبات التي لا قيمة لها، مثل الاختصار في الأعراس، كذلك التقليل من البرامج المكلفة في المدارس، فنحن لا نريد أن يشعر الطلاب الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة بالنقص في المدارس بسبب الأوضاع الاقتصادية الجيدة للطلاب الآخرين ومقدرتهم على الالتزام بكل التكاليف التي تطلبها المدرسة لبرامج تربوية'.

التعليقات