كفر مندا: قسائم بناء للأغنياء والأهالي في انتظار توسيع المسطّح

تتفاقم أزمة السكن الخانقة في قرية كفر مندا رغم تسويق قسائم البناء وإيداع الخارطة الهيكلية والتي من المتوقع أن يصادق عليها قريبا.

كفر مندا: قسائم بناء للأغنياء والأهالي في انتظار توسيع المسطّح

أزمة سكن في كفر مندا

تتفاقم أزمة السكن الخانقة في قرية كفر مندا رغم تسويق قسائم البناء وإيداع الخارطة الهيكلية والتي من المتوقع أن يصادق عليها قريبا.

ويعاني العشرات من الأزواج الشابة  من أزمة الأرض والمسكن مع ضيق سبل المعيشة والأسعار الباهظة لقسائم البناء التي بقيت حكرا على الأغنياء والتجار على حساب الشرائح الضعيفة. ويتساءل الكثيرون حول الحال والمصير بعد أن تحولت قسائم البناء إلى تجارة مربحة لرؤوس الأموال ووجدوا بها مشاريع ربحية الأمر الذي يثير استياء وأسى الفئات الضعيفة ممن تتعمق أزمتهم يوما بعد يوم دون أن يلوح أي شيء جديد في الأفق.

'عرب 48' رصد في جولته الميدانية بكفر مندا عينات تعكس مشهد الأزمة.

خليل: 'وضع الحي أسوأ من وضع مخيمات اللاجئين والأغنياء لا يرحمونا'

فايز خليل يسكن حي 'عائلة عرابي' في البلدة القديمة وهو عبارة عن زقاق أشبه بأزقة مخيم مهمل استعرض معاناة عائلته جراء أزمة السكن وقال 'إن تباهي السلطات المحلية بالحصول على قسائم بناء من وزارة الإسكان بات مسخرة وإن القول أنها جاءت لتحل أزمة السكن في البلدات العربية هو ضحك على الذقون، نشعر أنها زادت المرارة لدى الفقراء لأنها جاءت لتخدم الأغنياء وتقصي أمثالنا'.

وأضاف قائلا: 'لدي تسعة أبناء، نسكن في بيت واحد، وقد تحمسنا عندما سمعنا عن وجود قسائم بناء وأملنا بحل أزمتنا. بدأ سعر القسيمة بمبلغ 84 ألف شيكل، وبعد أن تقدمنا للمناقصة وصل المبلغ إلى 400 ألف شيكل، ونحن أنا وأبنائي التسعة لم نتمكن من المنافسة أمام الأغنياء الذين رفعوا الأسعار إلى مبالغ مذهلة، لا يمكننا منافستهم وطريقة المناقصة غير عادلة ويجب تغييرها'.

عالم: 'حصلت على شهادة استحقاق لكنني خسرت قسيمة الأرض'

واستعرض يوسف عالم، وهو أب لسبعة أبناء، يعيش في منزل بحالة مزرية، الأوضاع قائلا: 'عندما طرح تسويق القسائم شعرنا بأن الفرج آت وأن هذا المشروع يبعث على الأمل والراحة كغيرنا تماما في كفر مندا. قمت بإتمام كل الإجراءات في الدوائر وحصلت على شهادة استحقاق، لكنني في المناقصة لم أحظ بشيء لأنني وقفت عاجزا أمام أصحاب رؤوس الأموال الذين يدفعون مبالغ باهظة لتحييد الضعفاء أمثالي'.

وأضاف: 'إن الأمر من ذلك هو أن الكثير من هؤلاء المستثمرين حولوها إلى مشاريع تجارية ربحية أي يشترون ويبيعون من أجل الربح وليس هذا فقط بل هناك بعض الشبان ممن يعانون من أزمة قاسية يفكرون بسذاجة للالتحاق بالخدمة العسكرية ظنا منهم أن ذلك يسهل عليهم الحصول على قسيمة بناء، وهذا أمر مؤلم جدا، ناهيك عن أن أحياء الفقر هذه قد تدفع بالشباب نحو الانفلات باتجاه الآفات مثل العنف والمخدرات والانتقال إلى مدن بعيدة بسبب اليأس، وهذا أكثر ما يقلقنا'.

عرابي: 'تقدمت للمناقصة بنصف مليون شيقل والمنافسون أوصلوها إلى 890 ألف شيكل!'

الشاب عبد السلام عرابي عينة أخرى من الحي المكتظ، يعيش مع عشر أسر من عائلته في بناية واحدة ونفس الزقاق. وقال: 'عملنا المستحيل جميعا لتوفير مبلغ لشراء قسيمة بعد أن بدأ أبناؤنا يتعرضون للمعاناة بهذا الحي الخانق لدرجة لم نعد نحتمل، إلى جانب خشيتنا من آثار الازدحام والاحتكاك جراء هذا الاكتظاظ. وكنت سعيدا ومتفائلا عندما تقدمت للمناقصة بـ500 ألف شيكل لقسيمة رقم 141 إلا أن الآخرين أوصلوا المناقصة إلى مبلغ 890 ألف شيكل، وهذا الأمر سبب إحباطا كبيرا للفئات الضعيفة وحالة من اليأس عند المئات من المحتاجين أمثالي من الطبقات الضعيفة، ناهيك عن التلاعب والمحسوبيات من ذوي العلاقات بالدوائر والمؤسسات'.

وحول الخارطة الهيكلية قال: 'حتى لو تم المصادقة عليها فإنها تخدم أصحاب الأراضي وليس من هم بحاجة لقسائم أرض مثلنا'.

زيدان: 'الوزارة تشككت ورفعت يد المجلس عن المناقصات'

واستعرض الناشط سليم زيدان الخلل بآلية المناقصات على القسائم وقال: 'منذ أن تم الموافقة على منح قسائم بناء لكفر مندا والاتفاق مع وزارة الإسكان في العام 2004 كان الخلاف بينهما على صلاحية السلطة المحلية في تقرير أحقية امتلاك القسائم أي أن يكون شريك في تحديد المناقصة من حيث الأسعار ونوعية وشكل البناء بمعنى الرفض أو القبول. وكانت الإدارة في حينه قد رفضت التوقيع إلا أن الإدارة السابقة المنتخبة وقعت على الاتفاق وجرى تسويق 23 قسيمة أرض بالمرحلة الأولى وكانت للمجلس المحلي سلطة عليها حيث عين موظفا لتوزيع القسائم وتحديد القسائم دون منافسة، إلا أن الوزارة تشككت بالأمر بسبب غياب التنافس، وحينها طالبت المجلس برفع اليد عن الموضوع. هذا المشروع وجد أصلا من أجل المحتاجين والضعفاء والمعادلة انقلبت وأصبحت القسائم من حظ الأغنياء بعد إقصاء المحتاجين. أعتقد أنه من الضروري إنهاء المناقصات واستبدالها بطريقة القرعة'.

قدح: 'الخارطة الهيكلية التي ننتظر المصادقة عليها لن تحل الأزمة'

وأكد مهندس المجلس المحلي، عادل قدح، أن الأزمة الخانقة للسكن تشكل عقبة كبيرة أمام الأزواج الشابة، واستعرض الإجراءات والسعي إلى المصادقة على الخارطة الهيكلية المرتقبة، قائلا إن 'الخارطة الهيكلية أودعت في العام 2008 ونحن بانتظار اللمسات الأخيرة للمصادقة عليها في الجلسة القريبة، وتضم الخارطة 736 دونما في حي 'المعاصر' الغربي'.

وأضاف: 'صحيح أن هذه المساحة لا تحل أزمة السكن بقدر ما هي حل جزئي، ولكن نحن بصدد تخطيط آخر لتوسعة جديدة بمساحة 750 دونما من الجهة الشرقية الجنوبية'.

وتابع: 'بعد عملية مسح وجدنا أن 60%-70% ليس لديهم ملكية خاصة وأي توسعة للمسطح لن تفيدهم، وبعد توجهنا للوزارة اتفق على تحرير 110 دونمات مما يسمى بأراضي الدولة في منطقة الجبل وعرضت الخارطة وحصلنا على موافقة وقدمت للجنة اللوائية قبل يومين. نحن بانتظار المصادقة عليها وكل هذه المشاريع في حال صودقت من شأنها أن تحل 70% من الضائقة السكنية، لكن نحن أيضا نعمل لإيجاد حل جذري للأزمة ببناء آلاف وحدات السكن على أراضي الدولة، وهناك وعودات من الوزارة نأمل أن لا تكون مجرد كلام ونحن نعلم أن معركة السكن ليست سهلة'.

التعليقات