أزمة مقابر بالبلدات العربية والأهالي يتساءلون: أين ندفن موتانا؟!

الأزمة تتفاقم ولا حديث عن حل لها في المؤسسات والدوائر الرسمية الإسرائيلية التي تماطل في تخصيص أراض للمقابر.

أزمة مقابر بالبلدات العربية والأهالي يتساءلون: أين ندفن موتانا؟!

منذ أكثر من 40 عاما وقرية البعنة تعاني من أزمة نقص أماكن لدفن موتاها

من قال معاناة المواطن البسيط تنتهي بانقضاء أجله؟!، فقد عانى في حياته من أزمة الأرض والمسكن والفقر، لتستمر المعاناة بعد مفارقته الحياة في ظل أزمة جديدة وهي نقص الأماكن المخصصة للدفن والتي تجبر العديد منهم على دفن موتاهم في قبور الآباء والأجداد.

أزمة المقابر أو نقص أماكن دفن الموتى مشكلة شائكة ومحرجة تواجه العديد من البلدات العربية في البلاد، فمنذ أكثر من 40 عاما وقرية البعنة في الجليل، على سبيل المثال، تعاني من أزمة نقص أماكن دفن موتاها سواء في المقبرة الإسلامية أوالمسيحية في كنيسة القديسة بربارة.

  أزمة تتفاقم والدوائر الرسمية تتغاضى عنها

الأزمة تتفاقم ولا حديث عن حل لها في المؤسسات والدوائر الرسمية الإسرائيلية التي تماطل في تخصيص أراض للمقابر، وحول هذا يقول محمد علي من قرية دير الأسد: 'رغم أن الأحياء يعانون من أزمة الأرض والمسكن فإن الأموات يعانون منها كذلك، للأسف بتنا نبحث عن مكان مناسب ندفن فيه الميت بسبب عدم وجود أماكن مخصصة لدفن موتانا. نريد دفن الموتى بأسلوب وطريقة محترمة حسب التقاليد  وأصول الدين والإنسانية، لا أن تفتح القبور بفترات متقاربة جدا وفي بعض الأحيان تكون الفترة الزمنية بضعة أشهر'.

ويقول محمود سرحان من قرية نحف إن 'مساحة المقابر كانت تكفي لعدد السكان عندما كان عدد أهل القرية بضع مئات، اليوم الوضع يختلف فعدد سكان القرية يقدر بالآلاف والقضية هذه تستوجب حلولا جذرية'.

الملفت للانتباه أن سياسات التضييق التي تمارسها السلطات الرسمية تطال الأموات أيضا، فمثلا محاولات إدارات السلطات المحلية وأقسام الهندسة لتوفير الحلول الملائمة تعرقلها ما تسمى 'دائرة أراضي إسرائيل ' لأسباب مختلفة وغير مقنعة، فمثلا إدارات مجلس محلي البعنة المتعاقبة قدمت خرائط مفصلة لإقامة مقبرتين، إسلامية ومسيحية، ولم ير هذا المشروع النور بسبب المعوقات التي تضعها الدوائر الحكومية الرسمية.

 مسألة حرجة وفضية مؤلمة

وقال رئيس مجلس البعنة المحلي، عباس تيتي، إن 'إقامة المقبرتين، الإسلامية والمسيحية، مسألة في غاية الأهمية، ولن نسمح لأي سبب بإعاقتها وسنعوض حسب القانون كل من يتضرر من ذلك من أصحاب الأراضي المجاورة رغم أن القانون يفسح لنا المجال لمصادرة بنسبة %35 من مساحة الأرض للصالح العام. يهمنا التفاهم مع أصحاب القسائم المحاذية للمشروع ونشكر تفهمهم وتعاونهم لأن القرية تحتاج مقبرة لدفن أمواتنا فيها بكرامة ووفقا للشرع. حصلنا على الترخيص القانوني مؤخرا وأعددنا الميزانية لتنفيذ المشروع'.

وقال القائم بأعمال رئيس مجلس محلي البعنة، أحمد بدران، إن 'إقامة المقبرة مسألة ملحة جدا في القرية، أين ندفن موتانا?، حصلنا على التراخيص المناسبة لإقامة مقبرة إسلامية وأخرى مسيحية محاذية لها، اجتمعنا مع أصحاب الأراضي المجاورة للمقبرة لاطلاعهم على آخر التطورات والمستجدات لتنفيذ المشروع ولن نأخذ حق أي إنسان.

وأضاف بدران: 'لقد أقر المجلس الميزانية الملائمة لمشروع المقبرة، وأعمل شخصيا على مشروع المقبرة منذ 20 عاما واستطعنا التغلب على العقبات والعراقيل الكثيرة التي واجهناها، سنتعاون جميعا لتنفيذه لأنه مشروع مقدس وهام وقد استطعنا الحصول على 30 موافقة من الجهات المختصة للعمل بشكل قانوني وتحصيل الميزانية له وهذا لم يكن سهلا'.

وقال حسن أسدي من قرية دير الأسد: 'ليس لدينا وقت لنرتاح سواء كنا أحياء أو أموات. نريد أن ندفن موتانا بكرامة وأن تحتضنهم أمهم الأرض لا أن نضيق عليهم قبورهم، هذه قضية موجعة ومحرجة في نفس الوقت'.

أزمة المقابر في البلدات العربية متشابهة وتكاد تكون في كل بلدة وأخرى والأهالي رغم حزنهم على أعزاء لهم فارقوا الحياة يتساءلون بألم وحسرة: أين ندفن موتانا؟!.

التعليقات