عائلات الصبّار بين مطرقة السلطة وسندان المجتمع

أطلقت جمعية تطوير القيادات والتمكين الجماهيري في المثلّث، حملة تحت عنوان "منّا وفينا" لمساعدة عائلات لم الشمل، وهي عائلات يكون فيها الأب من الأراضي المحتلة عام 1967، والأم من حملة الجنسية الإسرائيلية، أو العكس. واختارت الحملة وصفهم باسم "

عائلات الصبّار بين مطرقة السلطة وسندان المجتمع

أطلقت جمعية تطوير القيادات والتمكين الجماهيري في المثلّث، حملة تحت عنوان 'منّا وفينا' لمساعدة عائلات لم الشمل، وهي عائلات يكون فيها الأب من الأراضي المحتلة عام 1967، والأم من حملة الجنسية الإسرائيلية، أو العكس. واختارت الحملة وصفهم باسم 'عائلات الصبّار' للدلالة على الحدود بين قطع أرض الفلاحين في أراضي 67 و أراضي 48، وظروف حياتهم الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.

تعاني 'عائلات الصبّار'، بداية وأساساً جراء قوانين منع لم الشمل المعروفة بـ'قانون المواطنة'، التي تسنّها إسرائيل وصادق الكنيست الإسرائيلي على تمديدها حتى آذار(مارس) 2015، وتمنع بموجبها الفلسطيني من التزوّج والتواصل وبناء عوائل مع أبناء شعبه في الأراضي المحتلة والدول العربية المختلفة التي تعتبرها إسرائيل 'دول عدو'، إذ تبقى هذه العائلات مفرّقة وتعاني ضائقة مادّية وظروف اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية.

أكثر من 25 ألف عائلة متضرّرة من قوانين منع لم الشمل

وبحسب تقديرات مركز عدالة، فإن هناك تقريباً أكثر من 25 ألف عائلة فلسطينية متضرّرة من قوانين منع لم الشمل الإسرائيلية.

قرب المثلّث من الضفة الغربية والنقب من غزة، جعل غالبية هذه العائلات تتمركز في المثلّث والنقب تحديداً، إذ تشير بعض الإحصائيات بحسب الجمعية أن أكثر من 500 عائلة متضرّرة من قوانين منع لم الشمل تسكن في مدينة أم الفحم وحدها.

وتؤدي المشاكل الاقتصادية الناتجة عن قوانين منع لم الشمل، لمشاكل وصعوبات مجتمعية، إذ مع بقاء معيل واحد للعائلة بعد إبعاد الأب أو الأم بسبب عدم موافقة إسرائيل على بقائه بصورة قانونية في البلاد، تصبح المشاكل الاقتصادية هذه سبباً لمشاكل مجتمعية متمثّلة بصعوبات تواجهها العائلة وأبنائها بالاندماج في المجتمع المحلّي في المدرسة والشارع أيضاً، وهذا ما حذا بالجمعية لإطلاق مبادرة مشروع 'عائلات الصبّار'، حيث تسعى الجمعية لرفع الوعي المجتمعي حول هذه الظاهرة وأهمية احتواء هؤولاء الأبناء ودمجهم في المجتمع المحلي.

بالإضافة إلى هذه المشاكل المجتمعية والاقتصادية التي يعاني منها أبناء 'عائلات الصبّار'، فالأفكار المسبقة والصورة النمطية الموجودة في المجتمع وساهم في وجودها عملاء إسرائيل التي أسكنتهم القرى والمدن العربية، تجعل من معاناتهم أكبر بكثير جراء التعميم والصورة النمطية في المجتمع عن أن القادمين من الضفة الغربية هم عملاء، ويجب رفضهم وعدم التعامل معهم. ووسط هذا التعميم وحالة الفوضى وعدم تفحّص القادمين والخارجين أصبح أبناء 'عائلات الصبّار' يعانون هم أيضاً بسبب أفكار مسبقة لا ذنب لهم فيها.

أبو عصبة- وتد: المشاكل المجتمعية التي واجهناها تكمن في عملية الإقصاء التي تحصل في المجتمع والمدرسة

وقالت مديرة الجمعية، سناء أبو عصبة- وتد لـ'عرب 48' إن 'قرارنا بإطلاق الحملة جاء بعد لقاءات عدة عقدناها مع أمهات لفحص المشاكل المجتمعية، ولاحظنا مدى معاناة هذه العائلات والأمهات التي أزواجهم من الأراضي المحتلة عام 1967، فقرّرنا تسليط الضوء على هذه الظاهرة ورفع الوعي المجتمعي بهدف احتوائهم'.

وأضافت أبو عصبة- وتد أن 'المشاكل المجتمعية التي واجهناها تكمن في عملية الإقصاء التي تحصل في المجتمع والمدرسة ولا أخفى أن المدرّسين شريكين فيها أيضاً بحسب شهادات بعض الأمهات، حيث لا يمنحونهم المجال للاشتراك ولا يدمجونهم في الصفوف التي يدرسون فيها'.

وتابعت أن 'الحملة وخلال عملها لاحظت أن غالبية الطلّاب في صفوف التعليم الخاص هم من أبناء عائلات الصبّار، حيث وجدنا في إحدى الصفوف أن 80% من طلّاب الصف الخاص هم من أبناء هذه العائلات، وهذا غير معقول خاصة أن إحدى الأمهات قالت حرفياً أن ابني جيد في البيت ويشكي من إقصاء في المدرسة كون والده من الضفة'.

وهذا ما وافق معه العاملات الإجتماعيات في المدارس، فقالت أبو عصبة- وتد، إن 'المستشارات وافقن على المقولة وقالوا إن المدرسين نعم يقومون بإقصاء الطلّاب من خلال إخراجهم من الحصص أو عدم إشراكهم ليتفاعلوا مع باقي الطلاب في الصف'.

وعن الحملة وجماعة مساعدة 'عائلات الصبّار'، قالت أبو عصبة- وتد، إن 'عمل الحملة يتركّز على مرافقة الطلّاب في المدارس والأمهات ومساعدتهم في تعليمهم وتمرير المواد اللازمة، بالإضافة إلى حملة افتتحناها بفيديو قصير لرفع الوعي المجتمعي وأهمية احتواء أبناء عائلات الصبّار والخطورة التي يتعرضوا إليها هم والمجتمع ذاته جراء هذا الإقصاء'.

وتطرّقت أبو عصبة- وتد، للمشاكل التي تواجههم، وقالت إن 'الحملة مبنية على طاقات شباب متطوّعين بغالبيتهم من طلّاب الجامعات الذين حصلوا على منحة من جمعية الثقافة العربية، إلّا أننا نواجه مشاكل عدة في تجنيد الموارد وزيادة عدد المتطوّعين إذ نطمح لتجنيد مجموعة من كل مدرسة ثانوية ترافق الطلّاب في مراحل الابتدائية والاعدادية ويقومون بعقد ندوات توعية مجتمعية'.

أبو مخ: ترك الظاهرة بلا علاج من شأنه أن ينتج مشاكل مستقبلية

وفي حديث مع الأستاذ وعضو الحملة، سامح أبو مخ، قال لـ'عرب 48' إن 'هذه العائلات تعيش ظروفاً صعبة للغاية من الناحية الاقتصادية، وتعاني الاقصاء والنبذ والفوقية من المجتمع وأفراده تجاه هذه العائلات وأبنائهم خصوصاً'.

وأضاف أبو مخ أن 'ترك هذه الظاهرة والمشكلة المجتمعية بلا علاج من شأنه أن ينتج شعور بالحقد على المجتمع من قبل هذه الأولاد وبالتالي لجوئهم إلى الجريمة أو المساس بالمجتمع ذاته بالإضافة إلى الضرر النفسي الذي يتعرّضون له الأولاد ذاتهم ويتربّون عليه'.

وتابع أن 'أهداف هذه الحملة التي نعتبرها غاية في الأهمية تتمركز حول مساعدة هذه العائلات على الصعيد الاقتصادي إن أمكن، والاجتماعي بهدف دمجهم في المجتمع بالإضافة إلى التدريسي حيث نطمح لإيصالهم إلى ذات مستوى تدريس أبناء جيلهم في المجتمع بهدف دمجهم'.

سلطاني: علاج الظاهرة يأتي من خلال التنظيم والفحص

وفي تعقيبه على هذه الظاهرة، وافق رئيس الاتحاد القطري للجان أولياء أمور الطلّاب العرب، المحامي فؤاد سلطاني على وجود هذه المشكلة في المجتمع العربي، وقال إن 'هناك مشكلة وجب التطرّق لها والحديث عنها ومعالجتها، ونحن بأمس الحاجة لتنظيم هذه العائلات وفحص خلفياتها ومعرفة الخلفية الاجتماعية'.

وأضاف سلطاني أن 'حل هذه المشكلة يتطلّب تحركاً سريعاً من قبل المجالس المحليّة لفحص إمكانيات وخلفيات هؤولاء الطلّاب، بالإضافة إلى أزمة الاقتظاظ  في المدارس الموجودة في المجتمع العربي عموماً وتحتاج إضافة مدارس لتستوعب أبناء العائلات المتضرّرة من قوانين منع لم الشمل وباقي الأولاد'.

وعن قضية العملاء والأفكار المسبقة، قال سلطاني إن 'الفحص والتنظيم هو الحل لهذه الظاهرة، فأبناء العملاء لا يأتون لوحدهم بل وعائلاتهم ونحن نرفض تحمّل وجودهم بيننا بشكل قاطع، ونرفض بشكل قاطع أن يكونوا بين أبنائنا وفي مدارسنا، وهذا ما نستطيع فرزه من خلال الفحص والتدقيق ومتابعة عائلات هذه الأبناء'.

 

 

التعليقات