البلدات العربية في الداخل تواجه الهزات الأرضية دون جاهزية

هزة ارضية تحدث في البلاد وتتكرر كل 90 -150 سنة حيث كانت آخر هزة أرضية ضربت البلادعام 1927، وعلى ضوء هذه الحسابات تتزايد الحاجة والدعوات لفحص المباني لتدعيمها، والتشديد على معايير البنا

البلدات العربية في الداخل تواجه الهزات الأرضية دون جاهزية

"كثافة سكانية عالية" (الناصرة- من الأرشيف)

يتزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن الهزات الأرضية والزلازل المحتمل أن تضرب البلاد في كل لحظة، بحسب تقديرات المختصين، وذلك لعدم جاهزية البناء في البلدات العربية من امتصاص ضربة قد تحدث في البلاد الأمر الذي بات يثير قلق الخبراء الذين دعوا إلى إيجاد الحلول وسبل الوقاية في تحصين البناء وتدعيمه بما يتناسب مع معايير الأمن والأمان.

و يقدر المختصون أن هزة ارضية تحدث في البلاد وتتكرر كل 90 -150 سنة حيث كانت آخر هزة أرضية ضربت البلادعام 1927، وعلى ضوء هذه الحسابات تتزايد الحاجة والدعوات لفحص المباني لتدعيمها، والتشديد على معايير البناء وفقا لأسس علمية تأخذ بالحسبان مدى قدرة صمود البناء أمام الهزات الأرضية، وخاصة البناء القديم، والجديد الذي لا يعتمد المعايير المطلوبة في البلدات والمدن العربية.

د.حزان: البناء في البلدات العربية غير جاهز

د. باسم حزان، المتخصص في هندسة التربة وتأسيس المباني، استعرض في حديثه مع عرب 48 تاريخ الهزات الأرضية في فلسطين، والقلق اليوم من عدم جاهزية المباني في البلاد أمام الهزات المحتملة.

وقال: نحن نعتمد حسابات معينة في توقعاتنا، ونتائج الأبحاث العلمية، وتبين وفق هذه الحسابات أن الهزة الأرضية تقع كل 90 إلى 150 عاما، كان آخرها عام 1927، وقبلها في عام 1837، مما يجعلنا نتوقع حدوثها، وفقا لهذه الحسابات".

وحول ما إذا كان العرب أكثر عرضة لأضرار الهزة الأرضية، قال: أعتقد أن هناك مباني مهددة في كل مناطق البلاد، وخاصة ما يسمى بالمباني الجماهيرية المكونة من طبقات، وخاصة ما اقيم قبل العام 1989ولم يتم إعادة إجراء أي تحسينات وتقوية لهذه المباني، ومثلها موجود في البلدات اليهودية.

وحول وضعية المساكن والبيوت في البلدات العربية أضاف أن لا ضمان لسلامة الكثير من المباني حتى الحديثة منها، لأنه، وللأسف، غالبية المهندسين لا يتبعون الأسس والمعايير العلمية لضمان التحصين، وتقوية البناء أمام الهزات الأرضية المحتملة، مثل فحص نوعية الأرض وطبيعة التربة، لأن كل تربة تتصرف بشكل مختلف، وهذا هام جدا، ويحدد مدى قوة البناء ومتطلبات ذلك هندسيا بعد إجراء الفحوصات اللازمة للتربة والأرض.

ولفت د. حزان إلى أن هناك بعض المهندسين بدأ يتزايد لديهم الوعي والاهتمام منذ أواسط التسعينيات من خلال النشاطات والمؤتمرات والمحاضرات التي نقوم بها، لكن الأمر يحتاج أكثر من ذلك.

على السلطات المحلية إدخال مشروع "تاما 38" لتقوية المباني

وحول وضعية البناء القائم في البلدات العربية وما هو المطلوب، قال د. حزان إن المسألة تحتاج إلى مبادرات من المؤسسات والجمعيات لطرح مشاريع لتقوية البناء القائم، كما أن غالبية البناء في وضع صعب في البلدات العربية، لأن البناء يكون غالبا طابقا فوق طابق على نفس الأعمدة التي لم تعد بالأساس لهذا النوع من البناء، كما أنه من الضروري اعتماد الأسس العلمية من خلال المختصين قبل تشييد أي بناء حديث.

 وشدد د. حزان على أهمية إيجاد صيغة لإدخال مشروع "تاما 38" لتقوية المباني، ووالذي يجري العمل بموجبه اليوم في مدن كبيرة مثل حيفا وطبريا وتل أبيب وغيرها.

كما لفت إلى ضرورة إيجاد صيغة يبادر لها المسؤولون العرب تناسب البلدات العربية. وخلص إلى القول إن البناء على أعمدة كما هو متبع هو أمر خطير ومخيف، و يجب قبل البناء التأكد من أن هذه الأعمدة يجب أن تكون قابلة للصمود أمام الهزات الأرضية بعد فحص نوعية التربة وطبيعة الأرض والتقيد بالمعايير.

عناية بنا: تاما تخدم الأغنياء والسوق المفتوح ولا تخدم العرب

عناية بنا، من مركز التخطيط البديل، اعتبرت أن الحل يجب أن يكون مدعوما من الحكومة، ويجب عدم ترك الأمر لجشع السوق الحر لأن تدعيم المباني الذي ترك بين أيدي هذا السوق لا يعمل للفقراء بل للأغنياء، لأنه مشروع تجاري ربحي يقصي الفقراء، وبالتالي فالأمر يحتاج إلى تدخل من الحكومة، وتوفير الميزانيات لذلك.

وأضافت أن الأمر الثاني هو ضعف السلطات المحلية العربية بسبب شح الميزانيات، فهي تهتم بالأساسيات، وليس بمقدورها تمويل مشاريع ضخمة بهذا ىالحجم. وعلى سبيل المثال فإن حي الرام في مدينة الناصرة قائم منذ العام 1980 بكثافة سكانية عالية، ولم يتم إجراء أي فحص للحي. والسلطات المحلية العربية تفتقر للآليات الاقتصادية والآليات الحديثة لمعالجة هذه المشاريع الضخمة التي تحتاج إلى خطة حكومية، بحيث يستلزم تدخل الحكومة وعدم تركها للسوق المفتوح للشركات والمقاولين الذين لامصلحة لهم عند الفقراء والشرائح الضعيفة.

وتابعت أن يوجد في كل بلدة عربية عدد كبير من البناء الذي يحتاج إلى تدعيم وتقوية، وحتى الآن فإن مشروع تاما 38 يعمل من خلال شركات ومقاولين في المدن اليهودية، وفق اتفاقيات تلائم الوسط اليهودي، ولا تلائم البلدات العربية، لكن يجب البحث عن آليات تناسب المجتمع العربي، وهذه مسؤولية المؤسسات والسلطات المحلية في الضغط على الحكومة، وتقديم برنامج يلائم المجتمع العربي.

 وتابعت بنا أن عدم منح تراخيص البناء وتوسيع المسطحات في البلدات العربية يدفع الكثيرين من المواطنين العرب للبناء غير المرخص، وهنا تبرز إشكالية أخرى، وهي أنه في هذه الحالة يتم بناء المنازل تحت ضغط كبير، وبوتيرة سريعة خشية من الملاحقة القانونية، ومن الغرامات والهدم وهذا على حساب نوعية البناء الذي لا يتم غالبا وفق المعايير.

غنايم: الوضع مأساوي ولا حلول سوى الاعتمادعلى أنفسنا

وأكد رئيس اللجنة القطرية ورئيس بلدية سخنين، مازن غنايم، لـ عرب 48 أن الوضع خطير ومزر في مجال البناء في البلدات العربية. وقال: "توجهنا للمسؤولين الحكوميين وطرحنا الأمر مرارا وتكرارا، ولكن المشاريع التي تقدمها الحكومة هي بالأساس جاءت لتخدم المواطن اليهودي، ولا تلائم العرب.

وأضاف "أكدنا مرارا أن تاما 38 لا يناسب المجتمع العربي، لأن العربي لا يستطيع أن يمنح المقاول أو الشركة التي تقوم بالترميم وتدعيم المباني أن يبني بجانبه أو على سطح منزله كمقابل لعمله كما هو متبع في تطبيق تاما بالمدن اليهودية، ناهيك عن أزمة السكن والأرض الخانقة لدى المواطن العربي. والحكومة تعرف ذلك، ولكنها لا تكترث".

وشدد غنايم على أنه "لا حلول سوى الاعتماد على أنفسنا، وكأننا نعيش في حكم ذاتي أمام هذه السياسات العنصرية التي تقصينا ولا تعيرنا الاهتمام".

وأضاف أنه يتوجه إلى السلطات المحلية بأن تعتمد على نفسها، وأن تكون مستعدة قدر الإمكان لمواجهة الطارئ من آثار حروب أو كوارث طبيعية دون التعويل على وزارة الأمن أو الداخلية، مع مواصلة المطالبة والنضال للتعامل معنا كمواطنين متساوين.

التعليقات