ترشيحا: بعد السيطرة على الأرض رفض لإسكان العرب

موظفة في شركة لبيع الشقق السكنية تعترف في شريط مسجل بالصوت والصورة: لا نبيع شققا للعرب..

ترشيحا: بعد السيطرة على الأرض رفض لإسكان العرب

في ظل السياسات العنصرية الرسمية الإسرائيلية لتعميق حالة التهميش والإقصاء للمواطنين العرب، وبعد السيطرة على الغالبية الساحقة من الأراضي ومحاصرة البلدات العربية كسياسة منهجية، وعدم توسيع مسطحات البناء ورفض مصادقة الخرائط الهيكلية، إلى جانب آلاف أوامر الهدم وتغريم أصحاب المنازل، يتواصل هذا الكابوس من تكريس العنصرية الرسمية والشعبية لسد الطريق أمام المواطن العربي بإمكانية أن يحظى بسكن لائق كسائر البشر.

بلدة ترشيحا في الجليل الأعلى تواجه عنصرية وحصارا يتخذ المنحى الأخطر بكل ما يتعلق بالأرض والمسكن.

الكابوس العنصري يلاحق إيهاب مزلبط..

إيهاب مزابط من قرية المغار أصلا، ويسكن منذ سنوات في معليا. وهو في الثلاثينات من العمر، وقد عاد من هولندا وهو متزوج من امرأة هولندية، وأب لثلاثة أطفال.

يقول إنه علم مؤخرا أن شركة'جليل ميغوريم للسكن' تعلن عن بيع شقق سكنية في ترشيحا، مما فتح باب الأمل أمام العائلة بسكن إنساني لائق، إلا أن الصدمة كانت أقسى من الغربة، والسكن بالإيجار.

 في استعراضه لحكايته مع مكاتب الشركة، قال مزلبط لـ عــ48ـرب: 'بعد أن عرفت بإعلان الشركة المذكور عن طريق وسائل الإعلام وعلى اليافطات في ترشيحا، توجهت بطبيعة الحال وكمواطن عادي عبر الهاتف، وفي كل مرة كانوا يطلبون ترك عنواني وتفاصيلي. وبعد مماطلة، استمرت لغاية ثلاثة أشهر، توجهت إلى مكاتب الشركة للمبيعات، وأعلمتهم بأني معني بشراء بيت، فأخبروني أن ثمن البيت في الحي المعلن عنه هو مليون ومائتين ألف شيكل، علما أن أقصى الأسعار المعلنة في إعلاناتهم هي 700 ألف شيكل. وبعد أن عدت أدراجي محبطا قرأت إعلان آخر مفاده عرض شقق للبيع مكونة من ثلاث غرف، ولنفس الشركة بمبلغ 650 ألف شيكل، وبعد ذلك كررت العودة لأستفسر في مكاتب الشركة نفسها، فادعوا أن ذلك مجرد خطأ من الموظفة. أما حول هذه البيوت التي استفسرت عنها فقد كرروا الوعود، وقالوا سنعود ونعلمك بالأمر لاحقا، إلا أنهم لم يفعلوا. عدت مع زوجتي مرة أخرى إلا أن المماطلة والتهرب استمرت مرات ومرات، مما عزز الشكوك لدينا بل أصبح الأمر واضحا.

إيهاب يشغل الكاميرا الخفية ليثبت العنصرية

في أعقاب تزايد الشكوك لدى إيهاب، قرر إجراء تحقيق بالأمر، وقال: اتصلت بالقناة العاشرة الإسرائيلية، وأخبرتهم بمشكلتي. وتم إجراء عملية تحقيق مصورة بالكاميرا الخفية بالصوت والصورة داخل مكاتب الشركة، حيث اعترفت الموظفة هناك لمراسلة القناة العاشرة 'أننا لا نبيع شققا للعرب' وهذا الكلام موثق في برنامج 'مغازين' للقناة المذكورة.

 وأضاف مزلبط بعد أن تم توثيق الاعتراف، قررت التوجه إلى القضاء، وأوكلت محاميا من جمعية حقوق الإنسان ضد الشركة المذكورة وتصرفها العنصري، وإبطال صلاحية الشركة بإتمام مشروع البناء.

ويتابع: 'علمت أن الأمر يتم التداول به في مكاتب وزارة الإسكان وما يسمى دائرة أراضي إسرائيل، لأن الشركة خرقت بندا من شروط المناقصة التي تمنع التمييز العنصري في عملية التسويق'.

نخلة: تصرف البلدية لا يختلف عن تصرف الشركات

عضو بلدية معلوت ترشيحا، نخلة طنوس، وهو الضالع بمثل هذه القضايا، استعرض بدوره الأزمة السكنية الخانقة لبلدته ترشيحا، فقال: 'لم يفاجئني التصرف العنصري الذي يواجهه إيهاب، وخاصة أنني كنت على علم بأن العديد من شباب ترشيحا قد توجهوا إلى الشركة المذكورة بغرض شراء بيوت للسكن، وكان واضحا أن هناك مماطلة وتلاعبا في التعامل معهم'.

 وأضاف أنه بدوره، كعضو بلدية سبق وأن أثار الموضوع في جلسة للبلدية قبل شهر، قام بشرح تصرف الشركات وعدم اهتمامها بتوجهات الشباب من ترشيحا، وطالب البلدية بأن تتخذ موقفا تجاه هذه الشركات، لكن رد رئيس البلدية  لم يختلف عن تلك الشركات، حيث جاء فيه 'إننا لا نمتلك الصلاحية لفرض قرار على الشركات لمن تبيع أو لا تبيع، وأنه إذا كان لدى هذه الشركات توجه عنصري، عليكم أن تحضروا أدلة وإثباتات'.

ولفت طنوس إلى أن رئيس البلدية تهرب من الإجابة على أسئلة القناة العاشرة.

وتابع: 'أنا شخصيا توجهت لمركز عدالة، وتم الاتفاق على التوجه للقضاء، لعزل الشركة وسحب صلاحيتها من هذا المشروع، وكذلك تقديم دعوى باسم الشباب الذين رفضوا من الشركة للمطالبة بالتعويض، كما أن القائمة المشتركة في ترشيحا قررت عقد اجتماع شعبي، الأسبوع القادم، وتنظيم مظاهرة ضد هذا التصرف العنصري'.

في المقابل، لفت إلى أن ترشيحا تواجه أزمة خانقة وخطيرة، حيث أن الكثير من الشباب يضطرون إلى السكن بالإيجار، وبعضهم يضطر، تحت هذا الضغط الخانق، إلى السكن خارج ترشيحا، وهذه الأعداد في تزايد مستمر بسبب تزايد أعداد الشباب.

وأشار طنوس إلى أن الحي المذكور هو أصلا كان تابعا لبلدة ترشيحا، وكان اسمه 'غب الدامون'، ولا زال بعض أهالي ترشيحا يملكون بعض الأراضي هناك.

التعليقات