ركود تجاري يسبق العيد في سوق الناصرة

أشتكى العديد من المواطنين كما التجار الذين تحدثوا لـ عرب 48 عن الواقع المرير لحال السوق التجاري الذي ينعكس سلبا على الحركة التجارية والحياة العامة بالمدينة.

ركود تجاري يسبق العيد في سوق الناصرة

التحديات التي تواجه التجار على مدار العام تبدو واضحة خلال الأعياد

تُمسكُ بذراعِ أبنائها التي تمتدّ إلى الأشياء والألعاب لملامستها، وتشدّهم للسير في سوق الناصرة القديم، تواصل سيرها ترقب المحال التجارية وسطِ تعالي أصوات الباعة 'تنزيلات بمناسبة رمضان'، 'حملات عشية العيد'.

هذا هو مشهد اعتيادي للعائلات التي تزور السوق القديم في الناصرة. أيام معدودة تفصل السوق عن عيد الفطر، يسعى التجار جاهدين لجذب العائلات وكل من يمر قبالة محالهم والبسطات للتسوق، يعولون على الأيام الأخيرة من شهر رمضان علها تنعش السوق قبيل العيد خاصة وأن المحال التجارية بقيت فارغة من المتسوقين.

هذا الواقع والصعوبات والتحديات التي تواجه التجار على مدار العام تبدو واضحة خلال الأعياد، وباتت  تُشكِّل حالة من اليقين عن الوضع الاقتصادي السيّء في النّاصرة، والركود الاقتصادي والشلل التجاري، إذ اشتكى العديد من المواطنين كما التجار الذين تحدثوا لـ 'عرب 48' عن الواقع المرير لحال السوق التجاري الذي ينعكس سلبا على الحركة التجارية والحياة العامة بالمدينة.

 تحت الصفر

وقال تاجر الأحذية، سليم خليليّة، إنّ 'الإقبال ضعيف جدًا، رغم تواجد محله على الشارع الرئيسي، فالناس 'وضعها تحت الصفر' كما عبرّ، مناشدا التجار، على مساعدة الزبائن، في تخفيض الأسعار لهم كي يتمكنوا من شراء حاجياتهم الأساسيّة لأطفالهم، والسعي للربح القليل وبذلك يتم جذب العائلات وإعادة الحياة التجارية للمدينة والسوق.

 تقشف وأعباء  

وتؤكد المواطنة في مدينة الناصرة، سيرين نجم، صعوبة المعيشة في رمضان وغيرهِ من الأيام العاديّة، وتوصي بأن تعيش العائلة بتقشف وتكتفي بشراء الأشياء والاحتياجات الأساسية ليتسنى لها تدبير أمورها دون أن تغرق بالديون.

وتعتقد أن التوفير والاكتفاء بالأساسيات هي الطريقة الوحيدة كي تضمن العائلة العيش والبقاء وسط صعوبة الأوضاع.

 ورغم صعوبة الأوضاع المعيشية والاقتصادية إلا أنها تعيش على الأمل وتصف الأجواء بشكل عام بالجميلة، قائلة 'للعيد ميزته وبهجته، التي يرافقها  عادات وتقاليد لا نراها إلا في هذه الفترة من السنة، فرغم الأوضاع الاقتصاديّة التي تعكّر صفو أجواء البهجة، بسبب التحضير للمدارس، وموسم الأعراس والأعباء الماديّة، تبقى للعيد بهجته'.

صعوبات ومتطلبات

وتشير عدة إحصائيّات إلى أنّ عدد الأسر العربية التي عاشت تحت خط الفقر خلال عام 2014 بلغ 161 ألف أسرة، وبهذا يشكل المواطنون العرب الفقراء ما نسبته 36.6% من مجمل الأسر الفقيرة، ولا تشمل الإحصائات إلى المواطنين العرب البدو في جنوب البلاد.

هذه الإحصائيات يدعمها المواطن عبد الله صفوري الذي يؤكد أنّ هناك عائلات لا تمتلك ثمن اللحمة، وبالمقابل هناك عائلات تعيش بوضع اقتصادي أفضل، فالناس متفاوتة في مستوى المعيشة، ومن لا يملك المال يستحيل عليه أن يحرم أبنائه من أي شيء يرغبون به، مشيراً إلى الروتين اللاحق بالعيد 'الذي مضى هو ذاته الآتي، لا شيء يتغيّر'.

ومن جهتهِ، يرى صاحب مصحلة للحلويات العربيّة، عامر طه، أنّ رمضان هذه السنة من الناحية التجارية قياسا بالسابق لا بأس بهِ، فهو جيّد رغم الصعوبات، فالناس ما زالت محافظة على رونق العيد من خلال تلك العادات البسيطة في شرائها لكعك العيد، ولكن قد تكون هذه العادات عبء على بعض أصحاب العائلات من حيث توفير الطعام بظل البطالة واتساع الفقر في المجتمع العربي.

تراجع وتفاؤل

ويختلف البائع عُدي أبو رجب، مع طرح جاره عامر طه، ويعتقد أنّ تحضيرات العيد التي كانت ولا زالت في شراء المؤن، والملابس والأحذية، وصنع كعك العيد، إلا أنّ هذه السنة تراجعت مقابل الأعوام المنصرمة، 'فأهل المدينة خرجوا للتسوق خارجها، وتركوا مدينتهم فارغة، ما يسبب الشلل التجاري في المدينة وأسواقها'، مقارنًا بين مدينة القدس، مسقط رأسه، ومدينة الناصرة، التي يقطن بها، بأنّ أجواء العيد في القدس تعج بالحياة.

وبدا المواطن عوني خليل مفعم بالأمل رغم صعوبة الأوضاع ويسعى جاهدا للفرح والبهجة، ويرى أن تحضيرات العيد جيدة، لأنها قادرة على جلب السعادة  للمجتمع العربي الذي يعيش في مآسي مستمرة.

وقال خليل إنه 'لا شك بأن الوضع الاقتصادي الذي نمر به سيء جداً، مع وجود شرائح اجتماعيّة مسحوقة وتحت خط الفقر، وهي عائلات بحاجة للمساعدة، فالعيد هو فرح، ولكن للأسف هناك من لا يملكون ثمن لقمة عيشهم، وهذا يؤثر على الأجواء بشكل عام'.

التعليقات