الناصرة: هل أثرت موجة الحر على السياحة الوافدة؟

وفي هذا السياق التقى "عرب 48" مدير قسم السياحة الوافدة في شركة نزارين تورز، علاء عفيفي، الذي أكد على أهمية النّاصرة كمدينة عالميّة دينيّة سياحيّة، معتبرًا إياها محطة رئيسيّة في رحلة الحجاج الأجانب.

الناصرة: هل أثرت موجة الحر على السياحة الوافدة؟

السياحة الوافدة في الناصرة تحتاج رعاية واهتماما من المسؤولين

تتربعُ مدينة الناصرة بين جبال الجليل، يملؤها التاريخ في أكثر من زاوية وشارع وزقاق، إذ لا يمكنك أن تختال بها إلا وأن تلمس رائحة الماضي الممتد على مدار آلاف السنين، ولكن هذه الأهمية لا توفر دائماً بيئة داعمة من الناحية السياحيّة للناصرة، فالمعطيات تتداخل وتتشابك لتشير إلى أنّ الناصرة تشهد تراجعاً في السياحة الوافدة، وهي السياحة التي تأتي من الدول الأجنبيّة لزيارة المدن المحليّة كالناصرة.

تشير المعطيات التي نشرها اتحاد الفنادق في البلاد إلى أن البلاد تشهد أزمة سياحة منذ شهر تموز/يوليو الماضي، وجاء في التقرير أنّ 'عدد الغرف المحجوزة للنوم في النصف الأول من عام 2015 هي أقل بـ 25% مما كانت عليه في الفترة الموازية من عام 2014، وبحسب التقديرات فإن الأشهر الحالية لا تبشر بأي تغيير إيجابي'.
 

 

عراقة المدينة

وفي هذا السياق التقى 'عرب 48' مدير قسم السياحة الوافدة في شركة نزارين تورز، علاء عفيفي، الذي أكد على أهمية مدينة النّاصرة كمدينة عالميّة دينيّة سياحيّة، معتبرًا إياها محطة رئيسيّة في رحلة الحجاج الأجانب، لما فيها من أماكن تراثية، ككنيسة البشارة، جبل القفزة، السوق القديم، عين العذراء، كنيسة الروم الأرثوذكس، وغيرها الكثير، مشيراً إلى أن الناصرة تتمتع بجاذبية سياحيّة في الفنادق والمطاعم والمتاحف، الأمر الذي تفتقده مدن وبلدات أخرى رغم أهميتها الدينيّة.

'في السنة الماضيرة، دخل 3 ملايين شخص إلى البلاد بشكل عام، ويمكنني التخمين أن 70% من الحجاج زاروا الناصرة، ولو حتى لنصف يوم، وهو أمر لم يكن بالسابق، فقد شهدت المدينة تطوراً من ناحية بناء الفنادق وتحسين الخدمات المقدمة للأجانب، وهو ما جعلها تنافس مدينة طبريا من حيث نسبة السائحين الذين ينامون في الفنادق ليوم أو أكثر'.

مواسم الحركة السياحية

 أما مدير فندق سانت جبرئيل، نزار صفوري، يرى أن الحركة السياحيّة في الناصرة تنقسم لمواسم خلال السنة، فهناك فترات تزدهر فيها، وأخرى تنخفض قليلاً، وفترات تغيب نهائيّا، وذلك بسبب أن السياحة في مدينة الناصرة تعتمد على السياحة الدينيّة، فتزدهر في فترة عيد الميلاد ورأس السنة، بالاضافة إلى عيد الفصح.

ومن جهة أخرى، يصف صاحب مطعم روزماري في منطقة العين، غسان توما، منطقة الناصرة بالكنز السياحي، قائلاً إنه 'للأسف، الحركة السياحية منذ فترة حرب غزة، قد قلّت كثيراً وهي غير قوية، لكن هناك سياحة ما زالت قائمة، وما يبحث عنه السائح هو الأماكن القديمة والتاريخيّة، ليجرّب الحياة التقليديّة للسكان الأصليين'.

ويفيد صفوري أن الإحصائيات التي تتعلق بنسبة إشغال الفندق سنوياً تصل إلى 40%، وبشكل كبير من شرق أوروبا، روسيا، بولندا سلوفاكيا، ألمانيا، إيطاليا، ومن جميع أنحاء العالم.

الطابع الشرقي

ويشير صفوري إلى أن فنادق الناصرة تحمل عراقة تاريخيّة، فمثلاً فندق سانت جبرئيل، كان دير للرهبان وقد تحول لفندق للحجاج، وبعد ذلك أصبح مفتوحاً للجميع، وهو يحتوي على 60 غرفة يقدم جميع الخدمات اللازمة والمتنوعة، ومن جهة أخرى مع تطور العصر بقي مهتم بالمحافظة على الطابع الشرقي في الفندق، بشكل لائق، كي يتماشي مع ماهية المكان التاريخي وقيمته، فبالعادة يتردد السائحون على فندق سانت جبرئيل من أجل خوض تجربة هذه الأجواء العريقة والتراثيّة.

وبخصوص الطعام الذي تطلبه الأغلبية من الزائرين الأجانب، يفيد توما أن السائحين يطلبون الطعام التقليدي لأهل المدينة، ولكن في أغلب الأحيان يطلبون المأكولات المعروفة لديهم، وهي تكون بشكل عام مأكولات عالمية، ولكن لديهم حب للتعرف على مأكولات وشراب أهل البلاد.

حاجز أمام السياحة

ومن المشاكل الكثيرة التي يواجهها السائح، بحسب ما أفاد عفيفي، هي عدم وجود مراحيض عموميّة، فالسائح المتواجد نهارًا كاملاً يجد صعوبة في إيجاد خدمات عموميّة له، بالإضافة إلى مشكلة النظافة العامة التي تفتقدها المدينة ويشكو منها السائحون بشكل كبير.

ويتابع أنّ حركة السير في الناصرة تشكل عائقاً أمام وسائل النقل التي يستقلها السياح، وبشكل خاص الباصات، فلا يوجد مكان مخصص لإنزال وإصعاد السائحين في الشوارع العامة والرئيسيّة، مما يصعب هذه العملية، التي يضطر بها السائق أن يعطّل حركة السير وتأخير السيارات المحيطة به، ولذلك يجب تخطيط مواقف باصات يتلاءم من حاجة السائحين، والحركة المروريّة في المدينة.

وفي حين آخر أفادَ توما أنّ السائحين الفردانيين، الذين يأتون للمبيت في الناصرة بدون مجموعة، هم من يترددون على المطاعم، خلال النهار، بعكس العدد الأكبر من مجموعات السائحين الجماعيّة فهم يأتون على عجل، للزيارة السريعة فقط، بسبب وجود برنامج ومسار محدد يمشون بحسبه، مما يؤثر على الحركة السياحيّة بشكل سلبيّ في حين لا تنتفع فيه المدينة اقتصاديًا.

الفترات المناخية التي يزور بها السائحون الناصرة هي فترات باردة، كما يقول صفوري، وبذلك موجة الحر خلال هذه الأيام، لم تؤثر إيجابيًا على السياحة الوافدة إلى الناصرة، كون السائحين في هذه الفترة يترددون على المناطق الجغرافية القريبة من البحر، والمنتجعات السياحيّة وبرك المياه، وهو ما لا يتوفر في الناصرة.

ثروة السوق القديم

يوصي عفيفي بإنشاء متحف عن مدينة الناصرة، أو فعاليات خاصة بالسائحين الأجانب، كي يستفيد السائح وأهل المدينة، فهي تدر أموالا، وتجذب السائحين في آنٍ واحد، وهذا في سياق أن اجتذاب الزائرين ماديًا، كون الكثير منهم يأتي إلى الناصرة دون أن يتسوق ليستفيد منه أهل البلدة اقتصاديّاً.

 ويؤكد عفيفي على ثروة السوق القديم في الناصرة، فهو كنز يستطيع أن يدرّ الأموال إن تم استغلاله بشكل جيد، وبشكل أو بآخر يمكن استغلاله كمتحف، من خلال إعادته كما كان منذ سنوات مضت، فالسوق القديم هو مركز الناصرة التي تحتوي الحياة الحقيقيّة لأهل المدينة.

التعليقات