هل ستمنح عرابة صفة مدينة...؟!

"الاعتراف بعرابة كمدينة لا يغير حقيقة كونها قرية كبيرة تفتقر لأي ملامح مدينة من حيث المشهد العام والمؤسسات والحياة الثقافية والاقتصادية، فهي عبارة عن أحياء فقر تفتقر للمؤسسات مع غياب للمراكز الثقافية والمسرح والمناطق الصناعية".

هل ستمنح عرابة صفة مدينة...؟!

عرابة مدينة... بين الوهم والحقيقة

ضمن المساعي التي يقوم بها المجلس المحلي في عرابة البطوف لمنح القرية صفة المدينة إلى جانب مدينة سخنين، عقدت في مكتب وزارة الداخلية، الثلاثاء الماضي، جلسة جمعت بين وفد من المجلس المحلي ضم رئيس المجلس علي عاصلة ونائبه أحمد كناعنة ومدراء أقسام المجلس المختلفة، مع لجنة التحقيق التي عيّنت من قبل وزير الداخلية، سيلفان شالوم، وجاء هذا اللقاء بعد الزيارة التي قام بها رئيس المجلس المحلي  قبل ثلاثة أسابيع إلى مكتب الوزير شالوم مطالبا إياه بالعمل على تحويل عرابة إلى مدينة.

وعقدت الجلسة بحضور لجنة التحقيق التي أبدت ردودا إيجابية في العمل على قضية تحويل قرية عرابة إلى مدينة، كما وصفها عاصلة، بعد أن قدم كلمة أمام لجنة التحقيق حول كل المقومات التي تؤهل عرابة أن تكون مدينة، شارحا أيضا أهمية هذه الخطوة لمصلحة عرابة، فيما قام مدراء الأقسام في مجلس محلي عرابة بعرض كل المؤهلات والإمكانيات لتحويل عرابة إلى مدينة وتحدثوا عن أهمية هذه الخطوة التي تنتظرها القرية منذ عدة سنوات، حسبما قالوا.

واعتبر عاصلة أن لجنة التحقيق في وزارة الداخلية أبدت رد فعل إيجابي أثناء الزيارة حيث قررت اللجنة بزيارة لقرية عرابة يوم الخميس الموافق 20.8.2015 لمعاينة أوضاع البلدة ميدانيا وعن كثب ودراسة الخطوات والإمكانيات من أجل تحويل القرية إلى مدينة.

ميزانيات أكثر وخدمات أفضل

وأعرب رئيس المجلس المحلي، علي عاصلة، في حديثه لـ'عرب 48' عن رضاه وتفاؤله من الأجواء الإيجابية التي سادت المداولات بالجلسة، وقال 'عقدنا جلسة مطولة الثلاثاء الماضي، كجلسة أولى مع لجنة التحقيق في الداخلية بلواء الشمال، ولمسنا خلال المداولات وأمام ما طرحناه من مسوغات لمطلبنا أجواء إيجابية، وأنا متفائل. نحن نطالب بحق لنا لأن عرابة استوفت الشروط التي تؤهلها من حيث عدد السكان والإدارة السليمة للمجلس وأقسامه. وما يجعل الأمر جديا هو القرار الأولي الإسراع بإعلان تشكيل لجنة توجيه ونشرها بالصحف لمتابعة الأمر، وعلمنا أيضا أن لدى المسؤولين بالوزارة توجيها من وزير الداخلية بتسريع الأمر'.

وحول أهمية منح عرابة صفة مدينة قال عاصلة 'حقيقة نتطلع لميزانيات أكثر وخدمات أفضل ومشاريع تطوير وحراك اقتصادي وتطوير كافة المجالات التعليمية والثقافية والاقتصادية وتشجيع الاستثمار وإقامة المؤسسات لأن للمدينة حقوق كثيرة وهذا حق لنا نطالب به'.

استحقاقات هامة

وقال رئيس اللجنة الشعبية في عرابة، سامر عاصلة، لـ'عرب 48' إن 'منح عرابة صفة المدينة يتبعها استحقاقات هامة على مستوى التطوير والحاجات المتزايدة لبلدة بلغ عدد سكانها 25 ألف نسمة. حسب رأيي تحويل قرية عرابة إلى مدينة من شأنه أن يساعد في كثير من الأمور الهامة والصعبة وعلى رأسها زيادة الميزانيات من الوزارات المختلفة والذي بدوره يحسن من الخدمات الحياتية المختلفة، وكذلك الأمر بالنسبة لقضية توسيع المسطح ومنطقة نفوذ البلدة وكل ما يتعلق بقضايا مثل تطوير المنطقة الصناعية وتقوية اقتصاد البلدة وتشجيع الاستثمار والبناء، كل هذا بالإضافة إلى الجهد الذي تبذله الإدارة الحالية لتلبية متطلبات الأهالي المتزايدة في البلدة'.

بين التعريف والوهم

وأعربت مقبولة نصار في حديثها لـ'عرب 48' عن معارضتها لمنح عرابة صفة مدينة، وقالت 'إن للمدينة مقومات خاصة وشروط أساسية. مسألة المدينة وتعريفها يشترط مقومات وشروط أساسية من حيث المبنى الإداري والأقسام والقدرة على إعادة هيكلة العمل بما يستجيب لاحتياجات المدينة الحقيقية التي يجب أن تشمل الرؤية وإستراتيجية العمل والتخطيط أي مبنى تنظيمي جديد ومشروع مدينة يستجيب لحياة ثقافية أكاديمية واقتصادية حديثة وعصرية وإقامة المؤسسات والجامعات، وليس مجرد إطلاق تسمية مدينة على أحياء فقر مكتظة'.

وأشارت نصار إلى أن 'هناك نماذج لم تنجح، بل لم ينجح أي نموذج لمدينة عربية، وإن المدينة ليست بعدد السكان الكبير فقط وهذا لا يجعل منا مجتمعا مدنيا. السؤال الأكبر هو أن سخنين وعرابة ودير حنا ستلتحم ببعضها البعض في المستقبل لتكون أكبر مدينة في الشمال وهذا ما يستدعي التفكير به اليوم أكثر وكيف سنتعامل مع هذه الوضعية؟!'.

وتساءلت 'هل لمجلس عرابة القدرة للتعاطي والتعامل في توفير هذه المقومات والتعامل مع هذا التغيير أم أنها لمجرد زيادة ميزانيات للرواتب والوظائف وتوسيع مجالات توظيف لأقسام وهمية'.

وأضافت نصار 'نحن نحتاج إلى مبنى صحي وتخطيط سليم لاستيعاب هذا الانتقال والقدرة على التعامل مع استحقاقاته الكبيرة، ولا أعتقد أن هذا يناسب عرابة بوضعيتها الحالية من أحياء فقر وغياب للحياة الثقافية والبنى التحتية الأساسية. نحن غير مبنيين اجتماعيا وثقافيا لتحويل حياة قروية نموذجية لحياة مدينة. أعتقد أنه يجب تطويره وهو مكسب لنا، وهذا  الخداع الإسرائيلي يكتسب وجهين فإن في ذلك تشريعات جديدة ودعوة للبناء العامودي والمتلاصق ولا يتلاءم مع مبنى لحياة قروية ولا ينطلي علينا وهم توسيع الخدمات لأن ذلك يشترط وجود مبنى مدني ومشاريع ضخمة من مؤسسات وحدائق عامة ومؤسسات أكاديمية وبنى تحتية ثقافية أي الأرضية الأساسية للحياة المدنية، وهذا لا يبنى على الوهم'.

لامبالاة واستهجان

ورأى إسماعيل نعامنة أن 'منح عرابة صفة مدينة خطوة لا تعني الكثيرين بالبلدة'، وقال إن 'الاعتراف بعرابة كمدينة لا يغير حقيقة كونها قرية كبيرة تفتقر لأي ملامح مدينة من حيث المشهد العام والمؤسسات والحياة الثقافية والاقتصادية، فهي عبارة عن أحياء فقر تفتقر للمؤسسات مع غياب للمراكز الثقافية والمسرح والمناطق الصناعية. ولا يمكن بناء حياة مدنية على قاعدة الفقر والاكتظاظ والحصار من حيث مناطق البناء والمسطحات'.

وأضاف 'ألمس من رأي الشارع أن الغالبية غير مكترثة بالأمر ويتحدثون بأن هذه الخطوة لن تجلب إلا زيادة الضرائب لقرية تكبر عددا على مساحة محددة وتعاني الاكتظاظ وغياب لأبسط حياة مدنية ولم تكتسب أي صفة من صفات المدينة مع غياب البنى التحتية'.

 وخلص نعامنة إلى القول إن 'المطلوب رؤية إستراتيجية لنهضة اجتماعية وثقافية في بناء المؤسسات الثقافية والتعليمية وإقامة المراكز والمسارح والمؤسسات الأكاديمية في إطار عمل منهجي للنهوض بأبناء الشبيبة وتفعيل الأطر والمؤسسات بشكل مهني وعصري لمراكمة الإنجازات وتوفير المقومات الأولية لنهضة حقيقية. الميزانيات وحدها لا تكفي، بل نحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير بدليل أنه لم تختلف أي مدينة عربية كثيرا عن واقع قرانا، بل بعض القرى تتمتع بحياة مدنية أفضل بكثير من مدننا في البلاد'.

التعليقات