اللغة العربية بين شغف الطلاب ومأزق التهميش

تمثل اللغة جزءا أساسيا من الهوية الوطنية والقومية للحضارات المختلفة، وبالإشارة إلى اللغة العربية وأهمية الحفاظ عليها خاصة في الداخل الفلسطيني، لما يُشكل الأمر أبعادا وطنية تساهم في بناء الهوية الجماعية،

اللغة العربية بين شغف الطلاب ومأزق التهميش

تمثل اللغة جزءا أساسيا من الهوية الوطنية والقومية للحضارات المختلفة، وبالإشارة إلى اللغة العربية وأهمية الحفاظ عليها خاصة في الداخل الفلسطيني، لما يُشكل الأمر أبعادا وطنية تساهم في بناء الهوية الجماعية، في حين تمس كل محاولة لطمسها أو تشويهها أو حتى تهميشها بأحد أبرز مركبات الهوية الجماعية للمجتمع الفلسطيني.

نسلط الضوء من خلال هذا التقرير على ممارسة وتعلم اللغة العربية عند جيل الشباب في الداخل الفلسطيني، حيث أشارت الأديبة رجاء بكريّة إلى أن 'اللغة العربية تعيش في مأزق دائم لم تتحرك منه، لكن أعتقد أن الكثير من الأدب الجيد الذي ينتج في العالم العربي يستطيع أن يؤثر، في حيث نجد أن الثورة الرقمية المعلوماتية لديها تأثير كبير، لكن الكتاب الجيد يفرض حضوره أينما كان، فنجد أن القارئ السلبي يبحث عنه كي يقرأه'.

شغف الشباب

وتابعت بكرية أنه 'هناك الكثير من الدهشة في الأدب التي قد تمنح الكثير من الرغبة عند الطالب للقراءة، وأؤكد أنه يوجد شغف كبير عند الجيل الجديد للقراءة وملاحقة الكتابات الجديدة. أدعم الكتابات الجديدة، ولكني مع التصفية والمراقبة والشطب والحذف والتجديد والإضافات، فبالإضافة إلى كوني كاتبة أشغل كذلك دور مرشدة لوائية للغة العربية، وما نلحظه من تغيير للمنهاج هو فقط تغيير بالاسم دون التغيير في المضمون وهذا مؤسف'.

يجب دمج النصوص الأدبية اللونية أو الحركية لإدهاش الطالب بالعربية

وذكرت بكرية أنه 'يجب على المعلم أن يبحث عن النص الجيد كي يُعلم الطالب، وأنتقد بشدة منظومة دمج المهارات التي أضافتها وزارة المعارف في موضوع اللغة العربية، ذلك أن دمج المهارات لا يعني الإتيان بنصوص من مجالات مختلفة وتغيير اسم النص أو مرجعية النص، فهذا الأمر لا يعطي شرعية للمهارة، دمج المهارات يعني شرعنة دخول مجالات جديدة للنص كي تثريه وتغنيه لتوجد مساحات جديدة للطالب حتى يحب الأدب. علينا أن ندهش الطالب بالنص، قد يكون نصا لونيا أو حركيا، أن نحتال على النصوص ودمج اللغة والأدب من خلال استغلال الخيال الكبير عند الطالب. أنا مستاءة من الثورة الشكلانية الموجودة في وزارة المعارف التي دخلت تحت منظومة دمج المهارات، لأنها لم تُطبق كما يجب ويوجد مفهوم خاطئ لعملية تفسير هذه التسمية'.

إبداع وتميّز في الكتابات الطلابية

وأشار مدير مدرسة الدكتور هشام أبو رومي، في طمرة، الأستاذ يزيد عواد، إلى أن 'اللغة العربية في مأزق والأسباب لذلك كثيرة، ولكن اهم هذه الاسباب واقع حياتنا في دولة تمارس اللغة العبرية كلغة رسمية، فنجد أن العبرية تطغى على حديثنا، وللأسف فنحن كمواطنين نشارك بهذا الخطأ الذي يضع اللغة في مشكلة كبيرة جدا'.

وأكد أن 'هناك حيز لا بأس به من الطلاب يهتمون باللغة العربية. رغم أنني لست معلم لغة عربية، ولكن تدهشني كتابات الكثير من طلابنا الأمر الذي يرفع من شأن اللغة العربية من حيث مستوى الكتابة والإبداع'.

اللغة العربية السليمة

يتهم الطالب خليل أبو الهيجاء (16 عاما) الأجيال السابقة بما حل بلغتنا العربية من تهميش وتجاهل، وذكر 'نحن جيل الشباب نمارس اللغة التي علمنا إياها أجدادنا، فلو تحدثوا معنا لغة أجنبية لتحدثنا تلك اللغة. كان عليهم أن يمارسوا اللغة العربية الأصيلة بمفرداتها وبجمال المرادفات والتعبير، هي لغة جميلة ومهما أبحرنا فيها نتوق إلى أن نبحر أكثر. أعتقد أننا كشباب نتعطش لقراءة اللغة العربية السليمة وتعلمها، ومحاربة ظاهرة تداخل لغات أجنبية على لغتنا، نحن بحاجة لبرامج تدعم وتعزز لغتنا العربية عند جيل الشباب'.

ويشجع الطالب محمد شحادة في الصف الحادي عشر الزملاء وكافة الطلاب بتعلم اللغة العربية بالرغم من عدم تشجيع المناهج لتعلمها، ويقول 'أستغرب عندما يُنصح الطالب بإختيار مواضيع البجروت المتعلقة بالإنجليزية والرياضيات واللغة العبرية تجاهلا لموضوع اللغة العربية الذي يجب أن يكون موضوعا أساسيا. أنا عاشق للغة العربية وقد أجريت أبحاثا حول أدب بعض الكتاب ومن ضمنهم بحث حول أدب الكاتبة فاطمة ذياب من طمرة، وسأقدم خمس وحدات باللغة العربية، نعم أنا اقرأ أدبا إنجليزيا، ولكني حظيت أن اكون ناطقا بالضاد، فكيف أخسر هذه الهبة بتعلم وممارسة لغتي العربية'.

وذكرت مركزة موضوع اللغة العربية في ثانوية د. هشام أبو رومي بطمرة، د. فاطمة ريان، أنّ "اللغة العربيّة تعيش ضائقة لا يجب أن يُستهان بها! وهذا مرده إلى مرجعيّات وأسباب مختلفة ومتعددة؛ نبدأها بكوننا أقليّة عربيّة تعيش في دولة ثنائية اللغة، وننتقل إلى غزو عالم التكنولوجيا والفيسبوك عالمنا واقتحامه بيوتنا، الأمر الذي أحدث قطيعة بين الفرد والكتاب وكل قضية المطالعة. ولا ننسى دور الأسرة الهام والأساسيّ في تعزيز الانتماء اللّغويّ عند أبنائهم، ولا دور المؤسسات الأكاديميّة في إعداد معلّمين مؤهلين ويتمتعون بكفاءات عالية، ولا دور المدارس وتبنيها خطة عمل جادة ترتقي بمستوى اللغة إلى الأفضل. هذا المزيج كلّه، وللأسف، يعاني من علل مستديمة بحاجة إلى علاج فوريّ حتى نتمكن من انتشال اللغة العربية من المأزق، ولكننا وبالرغم من هذه الظروف الصّعبة المحيطة بنا وبلغتنا، إلّا أننا لا ولن نفقد الأمل من صحوة لُغويّة جادّة تنهض بلساننا العربيّ القويم."

التعليقات