نساء وفتيات يبحثن سبل تخطّي الإقصاء والتهميش في المجتمع

تطمح المرأة العربية الفلسطينية في الداخل إلى تعزيز دورها في المجتمع ولعب دور هام، ريادي وقيادي، وبسط قدرتها في تسيير الكثير من الأمور في مختلف المحافل والميادين.

نساء وفتيات يبحثن سبل تخطّي الإقصاء والتهميش في المجتمع

تطمح المرأة العربية الفلسطينية في الداخل إلى تعزيز دورها في المجتمع ولعب دور هام، ريادي وقيادي، وبسط قدرتها في تسيير الكثير من الأمور في مختلف المحافل والميادين.

لا يغفل أحدٌ من النّاس أهميّة دور المرأة في المجتمع، فبدون أن تؤدّي المرأة دورها لا يمكن أن تسير عجلة الحياة، فالمرأة هي نصف المجتمع، وتتجلّى أهميّة المرأة حين تؤدّي رسالتها بالمجتمع بما تحمله من شهادات علميّة تمكّنها من تعليم الأجيال، ودور المرأة حيوي في محاربة الجهل والتّخلف وتنوير المجتمع بالعلوم والمعرفة والثّقافة في كلّ مجالات الحياة.

مجتمع ذكوري وتقييدات

قالت رئيسة مجلس طلاب أم الفحم السابقة، فاطمة محاجنة، في حديثها لموقع 'عرب 48' إنه 'من المعروف أنه بِتنا نعيش اليوم في مجتمعٍ ذكوري بحتْ، فلا يعتبرون أن هناك سلطة إلّا إذا كانت تحت يدِ رجل! وخاصّةً 'مجتمعنا الفحماوي' الذي قيّد الأنثى من المشاركة في العديد من المجالات، ولٰكن لا زال هناك بصيص من الأمل، فالمناصب لم تخلق يوماً للرجال فقط، ولا بدّ من تغيير هذه النظرة، وقد بدأت بنفسي عندما حزتُ على منصب رئيسة مجلس الطلاب البلدي في أم الفحم (لأول مرة في تاريخ أم الفحم فتاة تحصل على هذا المنصب)'.

وأضافت أن 'النساء على مر الزمان لهن تاريخهن ومجدهن، فلا ننسى 'امرأة فرعون' التي تمثّل المجتمع الصالح (فصلاح المجتمع يبدأ من صلاح الأنثى)؛ وعائشة وخديجة وأسماء بنت أبي بكر، رضوان الله عليهن، هذه ليست إلّا قلّة قليلة من النساء الرياديات من الزمن القديم، التي حان الوقت بأن نقتدي بهن'.

وشددت على أنه 'لا بُدّ أن تنهضي عزيزتي، فلكل واحدة منكن صفة مكنونة بداخلها تميزها عن الآخرين، استغليها ولا تكبتيها وباشري التغيير'.

وأشارت إلى أن 'الأنثى رمز القوة والثبات والتغيير طالما حافظت على حدود نفسها ودينها'.

طموح وإرادة

وقالت مها النقيب من مدينة اللد لموقع 'عرب 48' إن 'المرأة مثلها مثل الرجل، حتى تتميز تحتاج لأن تحمل في جعبتها الطموح والإرادة، لكنها تختلف عنه في كم العقبات التي يضعها المجتمع أمامها، فالمرأة تحتاج لأن تكون متمردة من صباحها حتى مسائها، تتمرد، تعترض وتنتقد كل الأمثال والمصطلحات الاجتماعية التي تستعمل في مجتمعنا بشكل يومي ويكون لها الدور المهمش وأحيانا المهين للمرأة. على المرأة أن تتمرد على كل ما يحد من طموحها ويحدد لها أدوارها في الحياة، ومع هذا كله أن تحاول ألا تكون استفزازية... أغلب الوقت. هنالك في مجتمعنا وبحديثنا اليومي الكثير من الرسائل المخفية التي تنسب للرجل صفات سامية، مثل الصدق، الشجاعة، النخوة والوفاء بالعهد، أما كثيرا من الصفات التي تنسب لفطرة المرأة عكس هذه الصفات'.

وأضافت أنه 'كمثال لنهج مجتمعي يهمش ويحد من مكانة المرأة في السنوات الأخيرة ومع انتشار الجهالة التي تتستر وراء لباس ديني إسلامي، بدأت تظهر بمنطقة المركز والجنوب ظاهرة عدم كتابة اسم العروس في دعوة العرس واستبداله بـ' كريمته' في الأشهر الأخيرة وعندما لاحظت الازدياد بانتشار هذا النهج، وتقبل الطبيعي للموضوع على الصبايا أو 'العرائس' دون الرفض أو الشرط أن تكون موجودة، وما يستفزني بهذا التصرف أمران، الأول أنه على سبيل المثال قبل ما يقارب عشرين سنة في دعوة عرس آباء وأمهات العرسان كتب اسم العروس، واليوم هذا التراجع والتخلف تحت 'مظلة الدين'، أما الأمر الثاني أن العروس ممكن أن تضع شروطا على بدلة العرس وأثاث البيت على أن يكون أفخم وأثمن الأثاث، تشترط على من يمكيجها يوم العرس، إلا اسمها تتنازل عنه بهذه البساطة وتقبل أن يشطب'.

وقالت إنه 'في الأشهر الأخيرة قررت أن أعمل بشكل جدي لمحاربة هذا النهج في مجتمعي، فأنا أكتب وأعلق من على صفحتي الفيسبوكية على هذه القضية، أتحدث في كل فرصة وفي كل جلسة اجتماعية للتوعية أن ليس لهذه 'العادة' الحديثة نسبيا أية صلة بالدين الإسلامي، ولو كان الأمر كذلك لما عرفنا أسماء زوجات الرسول ولما كانت سورة قرآنية تحمل اسم امرأة، سورة مريم'.

وأشارت إلى أن 'هناك من يرد علي بأن هذا أمر بسيط وعديم التأثير والأهمية، ويسألني لماذا الأمر يزعجني إلى هذا الحد؟ حتى أن إحدى الأمهات قالت لي يكفي ابنتي الفخر بان اسم والدها مكتوب ولا حاجة لكتابة اسمها، أنا أرد أنه في مجتمع يعتبر اسم المرأة عورة أو حتى داعي للحشمة والستر، لا مكان به لنساء قياديات شريكات بصنع القرار، فكيف ممكن مثلا ترشيح امرأة بحملة انتخابية أي كانت إذا كان اسمها عورة؟!! كيف ممكن أن تنشر صورها إذا اعتبر مجرد كتابة اسمها كأمر غير عادي وطبيعي؟!! في مجتمع يشطب اسم المرأة من دعوة عرسها يسهل عليه شطب اسمها من سجل السكان... الأحياء!'.
وأوضحت أنه 'حتى الآن لا أشعر أنني نجحت في إحداث التغيير العام المطلوب لشطب هذه 'العادة' التي تشطب اسماء النساء، لكن أعدكم أن لا أيأس حتى أصل إلى هدفي'.

تحقيق الذات

بدورها، قالت الناشطة الشبابية، حنين يعقوب، من كفر قرع لموقع 'عرب 48' إنه 'حسب رأيي من حق كل إنسان أن يحقق ذاته، وتحقيق الذات يعتبر في الدرجة الأخيرة من السلم، فالتميز ليس حكرا على النساء وهذا الحق لهن باسم الإنسانية، تميز النساء لم يلمع في هذه الفترة فقط بل عرفت المرأة بنشاطها على مر العصور فالمرأة قادت المعارك وهزت العالم'.

ووجهت للنساء والفتيات كلمة قالت فيها إن 'نصيحتي للنساء بداية أن يعرفن حقوقهن ثم ينطلقن للعلم والعمل وينهلن من ينابيع الثقافة ليزهر العطاء'.

من ناحيتها، قالت الطالبة في الصف الثاني عشر، ابنة قرية كفر قرع، سماء زيد، في حديثها لموقع 'عرب 48' إن 'من حقوق النساء الطبيعية أن يلعبن دورا مهما، كبيرا ومميز في المجتمع، واليوم المساواة بين النساء والرجال مطلوبة ومُطَبقة في الكثير من الدول، ونحن  نعطي دور مهم للنساء في مجتمعنا ليس لأننا تعلمنا هكذا من الغرب، بل على العكس، يجب أن لا ننسى أن ديننا نهى عن وأد الإناث ومنح القيمة المستحقة لهن، ونفس الشيء رسولنا الكريم منح المرأة قيمة ودورا بعد ما سلبت حقوقها في الجاهلية'.

ورأت أن 'دور المرأة ليس فقط كزوجة وأم، بالعكس يجب أن يكون لها دور فاعل في المجتمع مثلها مثل الرجل، وحتى تكوني مميزة يجب أن تكوني قيادية، وعليك أن تسعي لتوسيع آفاقك وأن ترفضي السذاجة، نعم شاركي بأمور تخص المجتمع وعبري عن رأيك بكل المجالات وأوصلي صوتك، وحققي حلمك حتى لو كان مجتمعك ضدك، إصرارك هو المهم'.

تخطي الإقصاء والتهميش

وقالت الناشطة الاجتماعية الفحماوية، حنان أبو جارور، في حديثها لموقع 'عرب 48' إنّ 'بإمكان المرأة لعب أدوار طليعية في بناء المجتمعات ونهضة الحضارات المعاصرة والمساهمة في عملية التنمية البشرية وتحقيق الرِّيادة والتَّقدُم بٱعتبارها وبكلّ جدارةٍ لبِنَة لا غنى عنها في سبيل ردمِ الفجوات وإثبات الحضور القوي والفعّال في ميادين وساحات العلم والتربية والسياسة والخير والمُساهمات المجتمعية. وقد تأتّى للنساء ذلك، حالما أدركت ذاتها وعظمة قوتها في تخطّي دعاوي الإقصاء عن التأثير والتغيير في شتى الميادين كلما وظّفت اهتماماتها وقدراتها العلمية والأكاديمية في مكانٍ يترفـّع عن تفاهةِ برامج الواقع وعمليات التجميل ومطاردة الموضة والجري نحو المادّية الاستهلاكية'.

ورأت أنّها 'القدرة الكامنة في في شُخوص كثيرٍ من النساء، أن تصنع ذاتها من جديد بأن تُنمي قدراتها، عقلها وروحها وتغيِّر نفسها وتُساهم في صناعة جيل فريد وبنّاء وطموح. أن تنمي همتها التي لا ترضى بغير النجاح والتفوق بديلًا والمساهمة في نفع الناس وتسخير الموارد لذلك'.

ووجهت نصيحة للمرأة والفتاة قائلة 'كوني مختلفة!!! أثبتي وجودك عبر التنويع في خبرتك وإمكانيـاتك بحيث تكونين متعددة القدرات. تعلّمي أكثر وأكثر وكوني قارئة نَهِمة، شاركي في مناسبات مهمة وفي أعمال وأنشطة مجتمعية وإنسانية. أدهشي من حولك واستمري بإدهاشهم على الدّوام. تشجعي واحلمي أحلامًا ضخمة عظيمة وٱنطلقي مجبولةً بالإصرار لتحقيقها. وتذكري دائما أنّ الوسائل والظروف تتغير وستتغيّر دائما، ولكن الرغبة والطموح غير مرتبطة بالوسائل الخارجية وإنّما بقناعاتنا الداخلية ودوافعنا الذاتية وبهمتنا وعزيمتنا وإيماننا بجدوى ما نقوم به'.

التعليقات