أهالي الغابسية المهجرة يستعيدون الذاكرة ويصرون على العودة

بمبادرة من لجنة مهجّري قرية الغابسيّة، توافد صباح اليوم السّبت، العشرات من أهالي قرية الغابسيّة المهجّرة في الجليل الغربيّ من شيبهم وشبابهم، وذلك لترسيخ التّواصل مع بلدتهم وتعزيز العلاقات الاجتماعيّة بين أهلها.

أهالي الغابسية المهجرة يستعيدون الذاكرة ويصرون على العودة

بمبادرة من لجنة مهجّري قرية الغابسيّة، توافد صباح اليوم السّبت، العشرات من أهالي قرية الغابسيّة المهجّرة في الجليل الغربيّ من شيبهم وشبابهم، وذلك لترسيخ التّواصل مع بلدتهم وتعزيز العلاقات الاجتماعيّة بين أهلها، في مسعى لنقل الرّواية الفلسطينيّة من جيل إلى جيل، والتّمسّك بحقّ العودة، الذي لا يسري عليه التّقادم.

وبين كفر ياسيف والكابري بالجليل الغربيّ، مسافة فاصلة لا تتجاوز الـ 7  كيلومترات، تتوسّطهما بلدة الغابسيّة المهجّرة، ويمرّ بينهما طريق طويل، بطول الانتظار. وتحيطها عدد من القرى المهجّرة، وقرية شيخ دنّون العامرة بأهلها وبأعداد المهجّرين الذين يصلون قرابة نصف السّكان.

طريق تنضح بمرّ الذّكريات وتحكي محطّات من الوجع والتّشريد والتّهويد ومرارة لا تغيب لحظة عن أهلها.

على جانبي الطّريق مدخل البلدة تنتصب شواهد النّكبة بملامح أهلها. ينتصب الصّبّار على هوامش الطّريق وفي وجدان ونبض الحواكير تتوسّطها أشجار اللوز بحلّة من البياض الزّهريّ والشّواهد النّاطقة التي أبت الطّمس والنّسيان.

داوود: ترسيخ الذّاكرة ومواصلة معركة الوعي

وفي حديث مع أنور داوود، من أبناء الغابسيّة، وهو مقيم في مدينة القدس، أكّد أنّه يتواصل دائمًا مع بلدته، ولم ينقطع عنها وكذلك هم أبناؤه، إذ يهتمّ لنقل الرّواية الحقيقيّة التي تتعرّض للتشويه والطمّس.

وقال داود: 'نحن لا نحتاج لمناسبة من أجل الحفاظ على الذّاكرة وتواصلنا مع بلدتنا. أنا لا زلت أذكر الكثير من ملامح البلدة منذ طفولتي، كما أذكر الزّقاقات والبيوت بحيث بقينا نفلح الأرض حتّى أواخر الستّينات. وأذكر بيت أبو عزيز الذي بقي صامدًا وقائمًا لأواخر السّتّينات'.

وشدّد داوود: 'علينا أن ننقل الرّسالة للجيل الجديد وأن نكثّف من حملة التّوعية لأن المعركة اليوم هي معركة على الوعي والذّاكرة'.

بدر: حراسة الذّاكرة تحتاج عمل دائم وتنظيم أفضل

أما داوود بدر من لجنة مهجّري الغابسيّة، قال: 'هذا النّشاط اليوم يأتي في إطار برنامج منظّم للتواصل الدّائم مع بلدتنا كما نكرّس حالة التّواصل بين الأهالي بالدّاخل والمهجر والشّتات وهذا بعد أن كنّا قد عقدنا اجتماعًا لأهل الغابسيّة مؤخّرًا في عمّان، وأقمنا ورشات عمل على مدار أربعة أيّام وطرحنا اقتراح مشاريع لإحياء البلدة من خلال تواصل أهل الغابسيّة الدّائم وإقامة الفعاليّات على أرض البلدة'.

وشدّد بدر على أهميّة إعادة تنظيم عمل لجان المهجّرين وإقحام دم الشّباب والجيل الجديد، بعيدًا عن زرع الأوهام لحماية الذّاكرة وتأكيد الرّواية التي تستهدف بشكل منهجي.

حمّاد: الذّاكرة ضعيفة لكن الحنين أقوى

أمّا الحاج مرعي حمّاد، الذي استعرض ذاكرة الطّفولة في بلدته رغم سنّه المتقدّم مؤكّدًا أنّه رغم ذاكرته التي أصيبت بالشّرخ، إلّا أنّ ذاكرة التّهجير ومعالم البلدة بزقاقاتها وحاراتها وبيوتها راسخة وعصيّة على النّسيان.

وأضاف حمّاد: 'علينا ألّا ننقطع عن هذا التّواصل رغم تضييق السّلطات. قبل 15 سنة، بعد أن ترك المسجد والمدرسة المحاذية كزرائب للمواشي وللقذارة، قمنا بتنظيف وترميم المكان وكنّا نأتي كلّ يوم جمعة لتأدية الصّلاة، إلّا أنّهم منعونا بالقوّة وأغلقوا المكان'.

وشدّد حمّاد: 'علينا أن نكثّف من عملنا وأن نوسّعه إلى جانب المطالبة بتنفيذ قرار العودة الذي أصدرته المحكمة الإسرائيليّة في العام 1951. ونحتاج إلى تقوية روح الشّباب والنّشاطات الشّعبية وطرح أفكار ووسائل عمل جديدة.

أمّا الشّاب محمود حمّاد، بالصّفّ العاشر الثّانويّ، قال: 'حقيقة أنا تعلّمت رواية البلدة من الآباء والأجداد، وأنا اهتمّ بزيارة البلدة باستمرار'.

اقرأ أيضا: زيارات منتظمة لقرية الغابسية المهجرة

وأضاف: 'بداية، لم نكن نعرف الكثير ولا نكترث، لكن بعد أن أبديت اهتمامًا بالسّماع والوصول إلى البلدة، علمت كم كان الجيل مضلّلاً من خلال الرّواية التي كانوا يعلّمونا إيّاها بالمدارس. واليوم عرفنا أنّ آبائنا وأجدادنا اقتلعوا وشرّدوا من بلدتهم بالقوّة، وأنا مؤمن ولديّ أمل بالعودة واستعادتها واستعادة كامل أراضينا'.

التعليقات